ماذا يعني أن تكون مفوّض قصر العدل؟ ناضر كسبار نموذجاً
كتب علي الموسوي:
أن تدخل إلى مكتب مفوّض قصر العدل في نقابة المحامين في بيروت ناضر كسبار، فهذا يعني أنّك داخل إلى مصنع الأخبار التي تعنيك كثيراً كصحفي وتجذبك إليها على الرغم من حرصه الشديد على إحاطة الموضوعات والتحقيقات المتعلّقة بالمحامين بسرّيّة تامة، وعدم مكاشفة الرأي العام إلاّ بما ندر منها والمتصل بالسماح بملاحقة المحامي المسيء إلى نفسه ونقابته وإعطاء الإذن بذلك لوقوع الجرم المرتكب منه خارج إطار ممارسة هذه المهنة الأهمّ في لبنان والعالم، والأرقى على مدار التاريخ.
ويتحلّق محامون كثر في مكتب كسبار للتداول في شؤون المهنة وفي أخبار المحاكم والعباد والبلاد، حتّى ليظنّ الداخل إلى المكتب، نفسَهُ في صالون من كلّ الأفكار والآراء، ولا تهدأ مراجعات المواطنين لتقديم شكوى ولو شفهية بحقّ محام خالف الأصول القانونية والإنسانية في التعاطي منهم، فيقوم كسبار بإجراء اتصال هاتفي معه يعيد الأمور إلى نصابها ويلبّي المحامي المشكو منه بدون أيّ تأخير خشية إحالته تأديبياً ومسلكياً ووضع علامة سوداء في سجّله النقابي لا يمحى بالسهل مع مرور الأيّام كما قد يتوهّم الغافلون عن تجارب من سبقهم وذاق مرارة تصرّفاته الخاطئة.
ويتحدّث المحامون عن إنجازات كسبار وفي طليعتها سرعة البتّ في الشكاوى المقدّمة ضدّ المحامين، وإجراء التحقيقات اللازمة، ووضع تصوّره النهائي بشأنها من أجل عرضها على مجلس النقابة في أوّل اجتماع يعقده، ويكون عادةً، كل يوم جمعة، ليقرّر نتيجتها سواء بإعطاء الإذن بالملاحقة، أو حجبه بناء على المعطيات المتوافرة في الملفّ، وترسل النتيجة في اليوم التالي مباشرة إلى ديوان النقابة لكي تسلك طريقها الصحيح، فإذا كان هنالك إعطاء إذن بالملاحقة على سبيل المثال، شقّ الملفّ دربه نحو الجهة القضائية المعنية بواسطة النيابة العامة الاستئنافية.
ومن زوّار كسبار الزميلة الإعلامية لينا زهر الدين التي أتت تشكو محامياً رفض إعطاءها ملفّاً يخصّها مع علمه بأنّه من حقّ الشخص صاحب العلاقة أن يستلم الملفّات العائدة له وخصوصاً إذا ما كان قد نال أتعابه كاملة، فجرى الإتصال بهذا المحامي وتذكيره بواجباته، ولم تمض سوى خمس دقائق حتّى عاود هو الإتصال بمكتب كسبار طالباً إليه أن توافيه زهر الدين إلى مكتبه لتأخذ ملفّها، وهكذا كان.
كما أنّ هناك محامياً وقّع إتفاقية بقيمة خمسين ألف دولار أميركي مع نسيب مستشار وزير ونائب بيروتي من الأشرفية، ثمّ تراجع عنها ورفض توكيله على الرغم من تخفيض المبلغ إلى عشرين ألف دولار أميركي، ولم يحصل أيّ عمل بينهما، فرفض المحامي تسليم الملفّات لصاحبها، وأصرّ على تقاضي ما اعتبره حقّاً له من دون أن ينجز عملاً واحداً، ووصلت الشكوى إلى كسبار الذي اتصل به واستدعاه إلى مكتبه، فما كان من المحامي إلاّ أن عاود الاتصال من تلقاء نفسه بعد دقائق معدودة عارضاً تسليم الملفّ مع براءة ذمّة وتقسيط مبلغ خمسة آلاف دولار أميركي إذا أمكن وإلاّ فاعتباره كأنّه لم يكن.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 7 – أيّار 2016).