ما الفرق بين بدل الإيجار والبدل العادل وبدل المثل؟/ناضر كسبار
بقلم المحامي ناضر كسبار:
قد يسأل المواطن العادي عن الفرق بين بدل الإيجار، والبدل العادل، وبدل المثل، لذلك فإنّنا سوف نقوم بتعريف البدلات الثلاثة تمهيداً لبحث عناصر كلّ واحد منها.
1- فبدل الإيجار هو البدل الذي يتوجّب على المستأجر للمؤجّر سواء أكان البدل متفقاً عليه بموجب عقد موقّع بينهما، أو بموجب قوانين الإيجارات الإستثنائية التي تمدّد العقود وتفرض الزيادات (أو أحياناً التخفيضات) على البدل المتفق عليه أساساً.
2- أمّا البدل العادل في قضايا الإيجارات، فهو البدل الذي يحدّد في حالات معيّنة نصّ عليها القانون. فقد نصّ قانون الإيجارات رقم 160/92 المعدّل والممدّد العمل في المادة 16 الأوّل على ما يأتي:
“تخضع لأحكام البدل العادل على أن لا يتجاوز هذا البدل نسبة مئة بالمئة (%100) من قيمة البدلات بعد احتساب الزيادة المنصوص عليها في هذا القانون التعديلي”:
أ- الأماكن المؤجّرة لشخص طبيعي أو معنوي يكون أو يصبح مالكاً أو حصصاً شائعة في أماكن يزيد نصيبه من مجموع بدلات إيجارها الفعلية عن عشرة أمثال بدل إيجار المأجور الذي يشغله.
لحساب هذه البدلات، يعتبر الزوج والزوجة والأولاد المقيمون مع المستأجر في حكم الشخص الواحد، ولا يحقّ للمالك أن يطلب البدل العادل من مستأجر واحد أو من يحلّ بحكم هذا القانون إلاّ مرّة واحدة.
ب- الإيجارات المعتبرة عنصراً من عناصر المؤسّسة التجارية والتي يجري عليها عقد إدارة حرّة وفقاً لأحكام المرسوم الإشتراعي 11/67 وذلك طيلة فترة الادارة الحرّة.
ت- الإيجارات المعتبرة عنصراً من عناصر المؤسّسة التجارية في حالة التفرّغ عنها أو في حالة بيعها بواسطة الدوائر القضائية.
أمّا نسبة البدل العادل وتقدير قيمة المأجور وغيرها، فقد نصّت عليها المادة 17 من القانون عينه حيث جاء فيها:”يحدّد البدل العادل بنسبة تتراوح بين خمسة وسبعة بالمئة من قيمة المأجور. تقدّر قيمة المأجور بما يصيبه من مجموع كلفة البناء ومن ثمن الأرض.
يقدّر مجموع كلفة البناء بتاريخ الدعوى بعد حسم ما يكون قد تدنّى من قيمته بسبب القدم.
يقدّر ما يصيب المأجور من ثمن الأرض بتاريخ إقامة الدعوى وفقاً لإحدى الحالتين الآتيتين:
1- إذا كان البناء قد استنفذ كامل عامل الاستثمار العام المسموح به في العقار القائم عليه، يوزّع ثمن الأرض على عدد طوابق البناء القانونية.
2- إذا كان البناء لم يستنفذ كامل الإستثمار العام المشار إليه سابقاً تحسب المساحة اللازمة له من الأرض بالإستناد إلى عامل الإسثمار هذا وتقدّر قيمة هذه المساحات وتوزّع على عدد الطوابق.
وفي الحالتين المذكورتين، تراعى أهمّية كلّ من الطوابق بالنظر إلى الطوابق الأخرى وظروفه الخاصة دون أن يتأثّر هذا التقدير بالتحسينات على أنواعها التي يكون المستأجر قد أجراها على نفقته الخاصة”.
3- أمّا بدل المثل، فهو يتناول تقدير بدل إيجار المأجور بالاستناد إلى بدل إيجار مثله على أن تؤخذ بعين الإعتبار عقود إيجار الشيء نفسه المؤجّر في مدة سابقة أو في مدّة تالية أو بالنظر لعقد إيجار أعيان تماثل العين المؤجّرة (السنهوري-الجزء السادس-المجلّد الأوّل ص.171) ويقدّر بدل المثل سنة فسنة.
وقد حدّدت محكمة استئناف بيروت التي كانت مؤلّفة من الرئيس جوزف جريصاتي والمستشارين محمّد البابا وعاصم صفي الدين الفرق بين البدل العادل وبدل المثل بقولها: “وحيث إنّه لا يمكن الاعتماد على قواعد تقدير البدل لتعيين بدل المثل، باعتبار أنّ البدل العادل يحدّد تبعاً لتكاليف البناء والأرض ووفقاً لنسبة معيّنة يفترض المشترع أنّها عادلة، في حين أنّ بدل المثل هو القيمة التأجيرية للعقار، تبعاً لاعتبارات مختلفة أهمّها مقارنة المأجور المطلوب تحديد بدله، بغيره من البدلات المشابهة، مع أخذ سائر المميّزات لكلّ منها، بعين الإعتبار”…
أمّا السؤال الأهّم الذي يطرح، فهو الآتي: ما هو تاريخ بدء توجّب بدل المثل؟ وبمعنى آخر، إذا حكم على مستأجر بالإسقاط من حقّ التمديد والإخلاء، فهل يتوجّب عليه بدل إيجار أم بدل المثل؟ ومتى يبدأ بدل المثل؟
1- الحكم الصادر عن القاضي المنفرد المدني في بيروت-الرئيسة ريما شبارو تاريخ 16/8/2001 والذي حفظ حقّ المالك المطالبة ببدل المثل منذ تاريخ تقديم دعوى الإسقاط من حقّ التمديد وحتّى تاريخ الإخلاء الفعلي للمأجور.
2- الحكم الصادر عن القاضي المنفرد المدني في بيروت الرئيس داني شرابيه بتاريخ 26/1/1999 والمنشور في صحيفة الديار.
3- القرار الصادر عن محكمة التمييز العليا بتاريخ 22/1/1998 والتي كانت مؤلّفة من الرئيس حسين زين والمستشارين سيمون معوشي وأليس شبطيني، وممّا جاء فيه:”حفظ حقّ المدعية المستأنف عليها المميّزة بالمطالبة ببدل المثل بعد إعلان إسقاط المدعى عليه من حقّه بالتمديد القانوني، وذلك من تاريخ إقامة الدعوى أيّ بتاريخ 22/9/92 وحتّى الإخلاء الفعلي”.
4- القرار الصادر عن محكمة التمييز العليا بتاريخ 25/10/2000 والمؤلّفة من الرئيس عفيف شمس الدين والمستشارين الياس عبد الله وجورج حيدر والمنشور في مجموعة صادر في التمييز-القرارات المدنية ص. 410 وممّا جاء فيه:
“… حيث إنّ تقدير محكمة الأساس لبدل المثل هي مسألة واقعية لا يقع تحت مراقبة محكمة التمييز…
وحيث يقتضي معرفة ما إذا كان يتوجّب بدل المثل على المستأجر عندما يقضى عليه بالإسقاط من حقّ التمديد…
وحيث عملاً بالنصّ المذكور، فإنّ المستأجر يعتبر شاغلاً دون مسوّغ مشروع عند اكتمال شروط الإسقاط من حقّ التمديد التي باكتمالها تنتهي العلاقة التعاقدية ولا يعود من مجال للعمل بأحكامه المتعلّقة بالبدل، بل يفرض على المستأجر عندها أن يدفع بدلاً عن الإشغال، وليس البدل المحدّد في العقد.
وحيث عملاً بالمادة 559 المنوّه عنها، فإنّ بدل الإشغال يترتّب على المستأجر منذ تاريخ المطالبة به أمام القضاء، أيّ منذ تقديم الإسحضار الابتدائي بتاريخ 10/3/1993.
وحيث إنّ بدل الإشغال هذا ترى تحديده، إستناداً إلى وصف المأجور ومساحته وجميع المعطيات المتوفرة في الملّف بمبلغ مقطوع قدره ثلاثة ملايين ليرة لبنانية سنوياً منذ تاريخ تقديم الاستحضار الابتدائي وحتّى الإخلاء الفعلي”.
يبقى أن نشير أخيراً إلى أنّ عدم البتّ بالدعاوى بالسرعة اللازمة من قبل المحاكم، واستمرارها سنوات وسنوات، تساعد على زيادة المبالغ المتوجّبة كبدل المثل، لأنّ المستأجر يعتقد في معظم الأحيان أنّه على حقّ وأنّ دعواه رابحة لا محالة، فلا يرضخ لمطالب الجهة المدعية المؤجّرة، ويفاجأ بعد عدّة سنوات بفسخ عقد إيجاره والحكم عليه بالإخلاء، مع ما يستتبع ذلك من مطالبة ببدل المثل منذ تاريخ تقديم الدعوى وحتّى تاريخ الإخلاء للمأجور من قبله.
“محكمة” – الخميس في 2018/02/22