متى يبدأ مرور الزمن على دعوى أتعاب المحاماة؟/ ناضر كسبار
بقلم المحامي ناضر كسبار:
بحث رئيس محكمة استئناف جبل لبنان-الغرفة السادسة، الناظر بدعاوى أتعاب المحاماة القاضي صلاح مخيبر مسألة مهمّة تتعلّق بمعرفة تاريخ بدء مرور الزمن على دعوى أتعاب المحاماة، فاعتبر أوّلاً أنّ مرور الزمن هو دفع من دفوع عدم القبول ويمكن الإدلاء به في أيّة مرحلة من مراحل المحاكمة، كما اعتبر ثانياً، أنّ بدء تاريخ مرور الزمن على دعوى الأتعاب تكون عند صدور الحكم النهائي أو العزل. إلاّ أنّ المهلة لا يمكن أن تبدأ في اليوم الذي يصدر فيه الحكم النهائي إذا كان من واجب المحامي تنفيذ الحكم، وهذا ما حصل بالفعل إذ إنّ عمل الوكيل لم ينقطع ولم ينته بصدور الحكم النهائي، بل بعد الإنتهاء من التنفيذ، وبالتالي بعد إيصال الموكّل إلى حقّه كاملاً.
وقضى بردّ الدفع بمرور الزمن.
وممّا جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2002/1/14.
وحيث إنّ المدعى عليه عمر يطلب عدم قبول طلب المدعي المحامي لعلّة انقضاء الحقّ تبعاً لسقوطه بمرور الزمن سنداً إلى احكام المادة 352 موجبات وعقود.
وحيث إن المدعي المحامي، يطلب ردّ الدفع المدلى به لعدم جواز الإدلاء به بعد ختام المحاكمة وبعد البحث في الموضوع والمناقشة في الأساس وبعدم تحقّق شروط المادة 352 موجبات وعقود خاصة بعدما ربطت الوكالة وشملت أساس الحقّ وتنفيذه.
وحيث إنّه بمقتضى المادة 62 محاكمات مدنية، وإنّ مرور الزمن هو دفع من دفوع عدم القبول، وتوقّفت المادة 63 من نفس القانون على أنّه يجوز الإدلاء بدفوع عدم القبول في أيّة حالة كانت عليها المحاكمة، الأمر الذي يغني بأنّه يمكن الإدلاء بهذا الدفع بمذكّرة ويصبح مقبولاً في الشكل. كما قبلت المحكمة المذكّرة وقرّرت فتح المحاكمة وإعادة قيد القضيّة في جدول المرافعات، كما يمكن الإدلاء بهذا الدفع بعد المناقشة في الأساس ولأوّل مرّة أمام محكمة الإستئناف. وتجدر الإشارة إلى أنّ المادة 41 محاكمات مدنية أجازت التدخّل والإدخال حتّى ختام المحاكمة ولو شاء المشترع تحديد تاريخ ختام المحاكمة حتّى يقبل طلب أو دافع مرور الزمن لكان نصّ عليه صراحة كما فعل في المادة 41 المذكورة.
وحيث إنّه من جهة ثانية، ولجهة تطبيق أحكام المادة 352 من قانون الموجبات والعقود، إنّ المادة المذكورة قد نصّت على أنّ حقّ دعوى المحامين ووكلاء الدعاوى من أجل أجورهم وسلفاتهم يسقط بمرور الزمن بعد سنتين وتبتدئ هذه المدّة منذ صدور الحكم النهائي، أو من تاريخ عزلهم من الوكالة”.
وحيث تجدر الإشارة، إبتداء وردّاً على الاجتهاد الذي أدلى به المدعي لجهة عدم جواز الإدلاء بمرور الزمن إذا صدر قرار بتّ بصورة نهائية مبدأ توجب أتعاب المحاماة واقتصر على إحالة الملفّ إلى مجلس نقابة المحامين لتحديدها – إلى أنّه لم يصدر عن المحكمة أيّ قرار يبتّ بصورة نهائية بمبدأ توجب الأتعاب، بحيث يقتضي ردّ هذا السبب.
وحيث تالياً، يقتضي تحديد بدء مهلة مرور الزمن في حالة استصدار المحامي الوكيل قراراً أو حكماَ نهائياَ في الدعوى الموكولة إليه، ومتابعة أعمال الوكالة وإلى ما بعد تنفيذ الحكم المذكور ووفقاً لما تقتضيه واجبات الوكالة، والإتفاق الجاري مع الموكّل بهذا الخصوص.
وحيث من المعلوم من ناحية أولى أنّ أتعاب المحامي الوكيل تستحقّ في تاريخ يختلف عن التاريخ المعيّن في القانون إذا حصل إتفاق على ذلك بينه وبين الموكّل صراحة أو ضمناً، كالاتفاق على تسديد الأتعاب بعد قبض التعويض المحكوم به للموكّل، أو بعد استلام المالك تنفيذ الحكم إسقاط المستأجر من حقّ التمديد القانوني.
وحيث من ناحية ثانية، وإنّ بدء تاريخ مرور الزمن على دعوى الأتعاب تكون عند صدور الحكم النهائي، أو السؤال، إنّما اعتماد تاريخ صدور الحكم النهائي يكون واجباً إذا انتهت مهمّة المحامي الوكيل من صدور هذا الحكم أمّا إذا كان من واجب الوكيل متابعة تنفيذ الحكم، وتابعه بالفعل، فلا يعقل أن يمرّ الزمن على دعوى تحصيل أتعابه منذ تاريخ صدور الحكم النهائي خاصة متى استغرق تنفيذ الحكم سنوات، ذلك أنّ عمل الوكيل لم ينقطع ولم ينته بصدور الحكم النهائي بل بعد الإنتهاء من التنفيذ، وبالتالي بعد إيصال الموكّل إلى حقّه كاملاً.
وحيث وتطيبقاً على الدعوى الحاضرة أنّ وكالة الأستاذ لجهة دعوى ضاهر شملت أساس الحقّ وتنفيذه وهو بعدما قطع مراحل أربع في المحاكمة، أكمل المسيرة بمرحلة خامسة إذ تابع تنفيذ الحكم بتاريخ 1992/8/18 وقبل صدور القرار التمييزي الذي قضى بردّ التمييز المقدّم من ضاهر وذلك بتاريخ 1992/12/23 وقد امتدت مرحلة التنفيذ حتّى تاريخ استلام المدعى عليه مأجوره بتاريخ 1994/4/25، وأنّ المدعى عليه نفسه يقرّ للمدعي بذلك في لائحته الجوابية الأولى حيث يعتبر الوكيل قد استوفى أتعابه والنفقات عن كلّ وكامل الأعمال القانونية والمختلفة.
وحيث إنّه يتبيّن على ما تقدّم أنّ مدّة التقادم تبدأ من تاريخ 1994/4/25 تاريخ واستلام المدعى عليه لمحلاّته بفعل تنفيذ الحكم القاضي بإسقاط حقّ المستأجر في التمديد القانوني وتكون الدعوى المقدّمة بتاريخ 1995/8/10 واردة ضمن المهلة القانونية ويقتضي قبولها وردّ الدفع الموكّل به لعدم قانونيته.
“محكمة” – الإثنين في 2018/02/19