الأخبار
مجلس نقابة محامي بيروت ينعى 19 محاميًا استشهدوا في غزة ويقول لرئيسة الاتحاد الدولي للمحامين: لم تصدروا طوال نصف قرن أي بيان إستنكار للإحتلال وارتكاب المجازر
عقد مجلس نقابة المحامين في بيروت جلسته الأسبوعية برئاسة النقيب ناضر كسبار وحضور الأعضاء، وبحث في مختلف الملفات المعروضة أمامه من أوراق واردة، إلى الإعتراضات على أذونات التوكّل، وأمانة الصندوق، ومفوضية قصر العدل، وقضايا التدرج والجدول العام، وملفات الأتعاب التي ترد من المحكمة لإبداء الرأي من قبل المجلس بخصوص تقدير أتعاب المحامين المدعين.
وتطرق المجلس الى ما يجري في غزة، وما أدلت به رئيسة الإتحاد الدولي للمحامين (UIA) السيدة أوريكوليا دو بالاسيو، ووجه الكتاب الآتي:
« حضرة رئيسة الإتحاد الدولي للمحامين UIA السيدة أوريكوليا دو بالاسيو،
حضرة الرئيس المنتخب للإتحاد الدولي للمحامين كارلو ماستيلون،
حضرة أعضاء مكتب الإتحاد الدولي للمحامين،
بعد التحية،
نذكركم بأن المادة 3 فقرة 2 من نظام الإتحاد الدولي للمحامين (والذي شارك لبنان بصياغته منذ عقود عبر ممثلي نقابة بيروت) تنص تحت عنوان: ” الموضوع” ” إنّ الجمعية تهدف بمعزل عن أي إعتبارات سياسية أو طائفية- إلى …”
فتؤكد المادة الآنفة الذكر على الطبيعة غير السياسية للإتحاد المؤسس عملاً بقانون الجمعيات غير الحكومية والتي لا تبغي الربح- تاريخ أول تموز 1901 والمرسوم الصادر بتاريخ 16 آب 1901 الصادر عن الحكومة الفرنسية.
والغايات غير السياسية التي أنشئ من أجلها الإتحاد هي أولاً الدفاع عن المحامين وتطوير التبادل المهني بينهم مع تعدد الثقافات القانونية، ونشر دولة القانون، وتشديد أواصر الصداقة والتعاون بين أعضاء الإتحاد.
أمّا وقد انغمس الإتحاد الدولي للمحامين بموقف سياسي بإصدار رئيسته بياناً مؤرخاً في 2023/10/12 بمقاربة سياسية بحتة، تميّزت بالإزدواجية في المعايير المعتمدة في صياغته.
وقد انعكست هذه الإزدواجية مرة أخرى في البيان الإستدراكي الصادر عن رئيسة الإتحاد المؤرخ في 2023/10/20 الذي ليس إلاّ وليد إعتراض وامتعاض واحتجاج نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس والنقابات العربية والمحامين العرب المنتسبين إلى الإتحاد.
ومن دواعي الأسف والإستغراب، أنه طيلة نصف القرن الماضي، لم يصدر عن الإتحاد الدولي للمحامين أي بيان إستنكار للإحتلال الممنهج للأراضي، خلافاً للمواثيق الدولية والسياسية الإستعمارية الإسرائيلية عبر الترحيل وتهجير المدنيين الفلسطينيين من بلداتهم وهدم منازلهم أو إحتلالها، وتكثيف الإستيطان خلافاً لإتفاقات التسويات السابقة مع الفلسطينيين.
لم نسمع أي بيان إستنكار لدى ارتكاب المجازر في لبنان حتى حين كان الإستهداف لمراكز قوات السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة كما في مجزرة المدنيين في بلدة قانا اللبنانية عام 1996 ومجزرة العام 2006.
لم نسمع أي بيان إستنكار لحصار دام 17 عاماً على قطاع غزة! أو أي إستنكار على قصف المنشأت المدنية ومدرج مطار بيروت الدولي العام 2006!
وأكثر بعد لم يأت الإتحاد الدولي للمحامين على ذكر القرارات الدولية ذات الصلة، وأهمها حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ارضهم عملاً بالقرار الدولي 194 الصادر بتاريخ 1948/12/11، الذي تبنته الأمم المتحدة الذي تقرّر فيه ” وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم …” وسائر القرارات الدولية المتصلة بالنزاع العربي- الإسرائيلي. ولبنان كان أول المتضررين من تهجير الشعب الفلسطيني الشقيق، إلى أراضيه. وكل ذلك كان خلافاً لمبادئ القانون الدولي وخلافاً لقرارات الأمم المتحدة التي خالفتها إسرائيل، وتستمر بمخالفة القانون الدولي بهذا الخصوص عبر العدوان المتكرّر على أرض وشعب فلسطين ولبنان على حد سواء.
فالبيان الإستدراكي للإتحاد بتاريخ 2023/10/20، جاء خجولاً معتمداً إزدواجية المعايير ولم يستعمل العبارات والأوصاف القانونية الحقيقية لواقع المجازر المقترفة بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث تطبّق سياسة الأرض المحروقة، وعقاب جماعي، خلافاً لميثاق اللأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان للأمم المتحدة والذي شارك لبنان بوضع ميثاقها بشخص نقيب سابق لمحامين بيروت هو الوزير وديع نعيم (رئيس وفد لبنان لإنشاء الأمم المتحدة). حتى أن الإتحاد كان متقاعساً عن أداء واجبه الأساسي في الدفاع عن المحامين، حيث لم نسمع يوماً بيان إستنكار لقمع المحامين الفلسطينيين، وتهديدهم وحرمانهم من حقهم في أداء رسالتهم المقدسة في فلسطين المحتلة. وإننا ننعي لكم عدداً من زملائنا الفلسطينيين وقد سقطوا خلال مجازر قطاع غزة وهم لغاية تاريخه 19 محام ومحامية وهم: محمد البابا، إلهام رزق محمد الحطاب، مصعب حميد، أحمد عمّار، إحسان ابو الملا، ساجي الأغا، محمد النجّار، إسماعيل غلاييني، عمر أبو سعادة، فرح النجار، أحمد ابو الهوي، محمد شاهين، بلال أبو هربيد، حمادة مخيمر، أياد قشطه، إسلام أبو معيلق، عماد الخطيب، جمال الخيري، وميرفت ابو شحادة.
أما بما خص حرية التعبير وحرية الصحافة، فلم يشجب الإتحاد الدولي للمحامين UIA جرائم تعرض الصحافيين اللبنانيين للقتل المباشر، إبان قيامهم برسالتهم الإعلامية أكان في فلسطين أو لبنان. فالشهيدة شيرين ابو عاقلة والشهيد عصام عبدالله خير دليل.
إننا ندعو الرئيس المنتخب للإتحاد الدولي للمحامين كارلو ماستلون والذي اعتاد زيارة لبنان في السابق وزيارة نقابة بيروت، ان يعيد الأمور إلى نصابها القانوني، وتوحيد المعايير في المقاربات، عملاً بنظام الإتحاد الدولي للمحامين وإبعاده عن السياسة وتنفيذ وصية الأباء المؤسسين للإتحاد UIA ألا وهي الدفاع عن حق الدفاع!.
أيها السادة،
ستبقى نقابة محامي بيروت الحصن وخط الدفاع الأول عن الحق والعدالة واحترام حقوق الإنسان وحق الشعوب بتقرير مصيرها، ونبذ التمييز العنصري. لن تستقيم الأمور في الشرق الأوسط إلاّ إذا طبقت القرارات الأممية الدولية للوصول إلى السلام العادل والشامل وإقامة دولة فلسطينية بسيادة كاملة وعودة اللاجئين إليها.»
“محكمة” – الجمعة في 2023/10/27