محكمة التمييز: المحقّق العدلي في قضيّة الصدر حرّك جرم “كتم المعلومات” ضدّ القذّافي خلافاً للأصول/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
هي من المرّات النادرة التي يتعرّض فيها محقّق عدلي لطلب نقل دعوى ينظر فيها، بداعي الإرتياب المشروع الذي يفيد بنظر صاحب العلاقة، إنحيازه بطريقة لا يمكنه معها التعامل بطريقة قانونية وبما تقتضي الأصول القانونية مع مجريات التحقيق والمعطيات المتوافرة في الملفّ، فضلاً عن أسلوب التعاطي معه شخصياً بالخروج عن القواعد والضوابط القانونية التي تحكم عمله في إرساء العدالة.
وبمعنى أدقّ، فإنّ هذا الإرتياب لدى المعني بالملفّ سواء أكان مدعياً أو مدعى عليه، ينمّ عن عدم اطمئنان وشعور بالارتياح للقاضي الواضع يده على القضيّة لأسباب منطقية تفترض زرع الشكّ وانعدام الثقة، وبالتالي الحؤول دون تطبيق القانون، وتحقيق العدالة المتوّخاة.
فقد تقدّم هنيبعل القذّافي بواسطة وكيلته القانونية آنذاك المحامية بشرى الخليل باستدعاء أمام الغرفة السادسة لمحكمة التمييز الجزائية، طلب فيه نقل دعوى إخفاء الإمام السيّد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمّد يعقوب والصحفي عبّاس بدر الدين من المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة إلى محقّق عدلي آخر بسبب “الإرتياب المشروع، وعدم توافر الحرص لديه على حُسْن سير العدالة” من وجهة نظره.
ووافقت محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جوزف سماحة على هذا الاستدعاء، نتيجة طعن القذّافي “في اختصاص المحقّق العدلي لملاحقته بجرم المادة 408 عقوبات، وعدم اتخاذه أيّ موقف من هذا الطلب، ما ينمّ عن إصرار على إبقاء وضع يده على الدعوى التي تخرج عن اختصاصه والتي حرّكها ضدّ هانيبال القذّافي خلافاً للأصول”، معتبرة أنّ المحقّق العدلي يكون”قد تصرّف على نحو يبرّر الشكوك في حياده إزاء المستدعي”.
وسبق للغرفة التمييزية نفسها في عهد هيئتها السابقة برئاسة القاضي رالف رياشي وعضوية المستشارين بركان سعد ومالك صعيبي أن أصدرت في 5 أيلول من العام 2007، قراراً في الاستدعاء المقدّم من أحد ورثة ضحايا جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ممن يطالبون بتعويض مادي، المدعو عدنان الذهبي بواسطة وكيله المحامي محمّد مطر، والرامي إلى ردّ المحقّق العدلي القاضي إلياس عيد، فنقلت الغرفة نفسها الدعوى من يد هذا الأخير، وجرى تعيين القاضي صقر صقر محقّقاً عدلياً وفقاً للآلية والأصول المتبعتين عبر اقتراح وزير العدل وموافقة مجلس القضاء الأعلى الإلزامية على الإسم المطروح.
ولم ينس اللبنانيون “الحكاية” التي ضجّت بها أروقة قصر العدل، وملخّصها أنّ القاضي الياس عيد كان في طريقه إلى إخلاء سبيل الضابطين اللواءين جميل السيّد وعلي الحاج الموقوفين في جريمة 14 شباط 2005، فمنعه النائب العام التمييزي آنذاك سعيد ميرزا، علماً أنّ لا سلطة قانونية عليه، وأنّ تدخّله مخالف للقانون، وإنْ جاء تحت وطأة “مصلحة الدولة العليا” التي تفيد النظام السياسي القابض على زمام السلطة، ولمّا وجد ميرزا القاضي عيد مصرّاً على قراره، إلتفّ عليه بطريقته المعهودة، بأن أوعز لأحد المدعين الشخصيين في جريمة 14 شباط 2005، لتقديم طلب ردّ القاضي عيد، وسارعت محكمة التمييز برئاسة رياشي إلى كفّ يد عيد بانتظار البتّ فيه نهائياً من دون السماح له برؤية الملفّ مجدّداً، وبعد نحو ثلاثة شهور أصدرت قراراً بقبول طلب الردّ، وقام وزير العدل البروفسور إبراهيم نجّار بتعيين القاضي صقر بشكل إعتيادي.
والفارق بين قراري المحكمة نفسها بهيئتيها المختلفتين، أنّ “غرفة رياشي” أصدرت فور تلقّيها الاستدعاء بردّ عيد، قراراً بكفّ يده إلى حين الفصل في الطلب، بينما “غرفة سماحة” لم تفعل ذلك على الإطلاق، وهذا يعني أنّ “غرفة رياشي” إنقادت للرغبة السياسية المندفعة لمنع إخلاء سبيل إثنين من الضبّاط الأربعة، بينما “غرفة سماحة” لم تفعل ذلك على الإطلاق، فلم تكفّ يد القاضي حمادة إلاّ حينما لفظت قرارها النهائي.
وفي الحالة الأولى، لم يستدع الأمر اللجوء إلى الهيئة العامة لمحكمة التمييز لمعرفة رأيها وموقفها ممّا ذهبت إليه “غرفة رياشي”، لأنّ صاحب الاستدعاء نال مراده، وحقّق هدفه، “من الإيعاز الأوّل”، بينما كانت الصورة مغايرة في الحالة الثانية، إذ اضطرّ السيّد صدر الدين الصدر نجل الإمام السيّد موسى الصدر، إلى تقديم استحضار بوجه الدولة اللبنانية والقذّافي معاً طعناً بقرار “غرفة سماحة” ضمن إطار مسؤولية الدولة عن أعمال القضاة العدليين، فأصدرت قراراً قضى بإبطال قرار “غرفة سماحة” وإعادة الملفّ إلى الرئيس الأوّل التمييزي القاضي جان فهد بغية إحالته على غرفة أخرى من غرف محكمة التمييز من أجل البتّ في قرار نقل الدعوى(النصّ الكامل لقرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز منشور حرفياً في “محكمة” – العدد 13- كانون الثاني 2017).
ولأنّ قرار محكمة التمييز الجزائية جاء بناء على الاستدعاء المقدّم من المحامية الخليل، وما تضمّنه من وقائع ومعطيات وحيثيات قانونية مفيدة لأهل الإختصاص، فإنّ “محكمة” تنشر القرارين معاً بسبب فرادتهما وأهمّيتهما، وذلك على الشكل التالي:
استدعاء الخليل:
“أوّلاً: في الوقائع ومبرّرات الطلب:
1- بتاريخ 2015/12/6 تعرّض الموكّل السيّد هانيبال إبن الرئيس الليبي السابق المرحوم معمّر القذّافي للخطف على يد جماعة مسلّحة تمّ تحريره منها بتاريخ 10/12/2015 على يد عناصر من “شعبة المعلومات” في قوى الأمن الداخلي.
2- وبتاريخ 2015/12/14 إرتأى حضرة القاضي زاهر حمادة المحقّق العدلي في قضيّة إخفاء سماحة السيّد موسى الصدر ورفيقيه المحالة على المجلس العدلي بموجب المرسوم الصادر عن مجلس الوزراء برقم 3794 تاريخ 1981/2/4،الإستماع إليه كشاهد في هذه القضيّة ظنّاً منه أنّه كونه إبن الرئيس المرحوم معمّر القذّافي يمكن أن يكون لديه معلومات تفيد التحقيق في هذه القضيّة.
3- علماً طبعاً أنّه كونه إبن الرئيس معمّر القذّافي / المتهم بإخفاء سماحة السيّد موسى الصدر ورفيقيه لا يعني أنّه على علم بهذه القضيّة حيث إنّ إبن المسؤول لا يعني قانوناً أنّه مسؤول.. كما أنّه لا يوجد في القوانين والأعراف ما يفيد عن ضرورة علم إبن المسؤول بملفّات عمل والده حيث إنّ القاعدة أنّ إبن القاضي لا يعلم شيئاً عن ملفّات أبيه القاضي، وإبن المحامي لا يعلم شيئاً عن ملفّات أبيه المحامي.. ومن باب أولى أن لا يعلم إبن الوزير أو الرئيس أو الحاكم أسرار عمل أبيه، ما يرفع بالتالي صفة الشاهد عن الإبن.. أيّ إبن.. في أيّ أمر يتعلّق بأسرار عمل أبيه المسؤول أيّاً كانت مسؤوليته، الأمر الذي ينسحب على موكّلي هانيبال القذافي، خاصة أنّه أصغر أبناء الرئيس معمّر القذافي وأنّه كان بعيداً عن أيّ عمل أو نشاط ، أو دور سياسي رسمي أو غير رسمي حيث كانت إهتماماته تنحو باتجاه النشاطات الرياضية وغيرها من أمور بعيدة أشدّ البعد عن السياسة، ولا تسمح له بالتالي بالإطلاع ولو بالصدفة على أيٍ من أسرار الدولة.
4- هذا، وكان حضرة المحقّق العدلي قد استمع إليه مباشرةً بعد تحريره من الخاطفين حيث كان قد تعرّض لديهم لتعذيب شديد كان لايزال يعاني من آثاره، فضلاً عن معاناته من رهاب نفسي وإنهيار عصبي كانت معه الأمور مختلطة في عقله حيث كان يظنّ كما صرّح بأنّه “انتقل من فريق خاطف إلى فريق خاطف آخر” علماً أنّه لا يزال حتّى الآن يعاني من الرهاب والهواجس النفسية، وعلماً كذلك أنّه صرّح أمام المحقّق العدلي بأمور كانت قد لُقّنت له من الخاطفين.
5- وبعد الإستماع إليه بتاريخ 2015/12/14 أصدر حضرة المحقّق العدلي مذكّرة توقيف ضدّ السيّد هانيبال القذافي بجرم كتم معلومات المنصوص عنه في المادة 408 / عقوبات مُفتَرِضاً أنّ لديه معلومات بحكم كونه إبن المتهم الرئيسي في القضيّة، وأنّه كتمها عنه، علماً أنّ هذا الإجراء بالإدعاء عليه كشاهد- بالرغم من أنّه مشمول بأحكام الفقرة الأولى من المادة 410 / ع التي لا تلاحق الإبن في جرم كتم المعلومات حول أبيه- هو غير قانوني، كذلك أمر توقيفه.
6- وكان هذا التصرّف الصادر عن حضرة المحقّق العدلي، والمخالف للقوانين اللبنانية مخالفاً أيضاً للقوانين الدولية كون المدعى عليه محمياً باتفاقيات حقوق الإنسان بعد أن كان قد حصل على اللجوء السياسي في الشقيقة سوريا، أضف إلى أنّه في كلّ الأحوال غير جائز ومضرّ بسمعة لبنان، وسمعة القضاء اللبناني، كون أخْذ المخطوف كشاهد في معرض خطفه يظهر للعالم وكأنّه “يشرعن” الخطف ويسبغ صفة الشرعية على فعل جرمي إرهابي يستنفر العالم أجمع من أجل محاربته.
7- وقد تحفّظنا في حينه بموجب مذكّرة رفعناها إلى حضرة المحقّق العدلي على الإستماع إليه كشاهد في الظروف التي تمّ إحضاره فيها أمام حضرته كونها جرت على خلفية عملية الخطف التي تعرّض لها على أيدي المجموعة الإرهابية التي خطفته من الجمهورية العربية السورية التي كانت قد منحته حقّ اللجوء السياسي وفقاً للإتفاقيات الدولية الراعية لحقوق الإنسان ولحقوق اللاجئين الهاربين من بلادهم بسبب الحرب،هذه الإتفاقيات التي تَعتَبِر الدولة المانحة لللجوء هي الدولة الحامية والراعية لللاجئ والمسؤولة عنه وتسبغ عليه حصانة حقوق اللاجئ المنصوص عليها في تلك الإتفاقيات والتي تمنع تعريض حقوقه كإنسان للإنتهاك والخطر.
8- علماً طبعاً أنّ هذه الإتفاقيات تمنع إستغلال وضع السيّد هانيبال القذّافي كلاجئ، وبالتالي كمخطوف لإحضاره أمام أيّة محكمة أو جهة قضائية إلاَّ ضمن شروط خاصة لم يجرِ التقيّد بها في حالة موكّلي، حيث إنّ الإستماع إليه كشاهد يقتضي تقديم طلب إلى الحكومة السورية بالطرق والآليات الرسمية المعتمدة بين الدول، كما يقتضي إجراءات خاصة يجب أن توافق عليها الدولة الحامية أيّ الجمهورية العربية السورية، ومنها معرفة سبب طلبه كشاهد، وما إذا كانت إحتمالات إمتلاكه لمعلومات هامة ذات تأثير في مجرى القضيّة المطلوب فيها كبيرة، وتخييره في القبول وعدمه، حيث بالتالي يكون ما أقدم عليه المجلس العدلي الكريم من الإستماع إليه كشاهد مستفيداً من “واقعة خطفه” هو غير قانوني ومبطل لكلّ ما أسند إليه.
9- مع ذلك، وعلى الفرض الجدلي البحت، أنّ الإستماع إلى موكّلي السيّد هانيبال القذّافي قد جرى وفق إجراءات أصولية وصحيحة، فإنّ تهمة ” كتم المعلومات” التي جاءت سنداً إلى “شهادته” لم تحدّد ما هو الباطل الذي جزم به موكّلي، ولا الحقّ الذي أنكره، كذلك لم تحدّد ماهية المعلومات التي يمكن أن يعلمها، وبحكم ماذا مفترض به أن يعلمها وكَتَمَها، وأين وقع بالذات – وفي أيّ محلّ – وعلى أيّة واقعة أو معلومة “فعل الكتم”؟؟!!.
10- أضف أنّه في كلّ الأحوال، وعلى فرض صحّة علمه بأمور تتعلّق بالتهمة الموجّهة إلى والده، فإنّ هذا الفعل مشمول بأحكام المادة 410 / عقوبات التي تستثني الأصول والفروع وتمنع الملاحقة عنهم بجرم كتم المعلومات كما قلنا آنفاً.
11- أضف كذلك ، وعلى فرض أنّ ” المعلومات المكتومة ” تتعلّق بأحدٍ آخر غير والده أيّ بالسيّد عبد السلام جلود أو غيره، فإنّه يقتضي تحديد المعلومة بالذات المتكتّم عليها، أو المعلومة المفترض بالموكّل بحكم واقع معيّن أن يعرفها وكَتَمَها، وتوضيح السبب الذي جعل المحكمة أو القاضي يتأكّد من أنّ الشاهد مفترض به أن يعرف “وقائع القضيّة” التي يُسأل عنها.
12- فضلاً عن كلّ ذلك، فقد أقدم حضرة المحقّق العدلي على ارتكاب مخالفات أخرى منها أنّه، وبعد أن استمع إليه كشاهد في قضيّة السيّد موسى الصدر ورفيقيه وقرّر أن يوجّه له تهمة كتم المعلومات، إستمع إليه كمدعى عليه دون أن يتلو عليه حقوقه التي تعطيه الحقّ بأن لا يدلي بإفادته كمدعى عليه بدون حضور محامٍ، خاصة أنّني كنت موجودة وأنتظر كمحامية أمام باب حضرة المحقّق العدلي بعد أن كنت قد أبلغته بأنّني محامية عن السيّد القذّافي.
13- على ضوء كلّ ذلك بادرنا إلى رفع عدّة مذكّرات إلى حضرة المحقّق العدلي نشرح له فيها هذه الأمور دون أن نرى منه أذناً صاغية خاصة أنّه ردّ كلّ الطلبات التي تقدّمنا بها منه لإخلاء سبيل موكّلنا الموقوف بتهمة باطلة.
14- ومنذ حوالي ثلاثة أسابيع وفي إطار مراجعاتنا له من أجل تخلية سبيل موكّلنا المخطوف، صرّح لنا حضرة المحقّق العدلي بأنّه يريد أن يأخذ إفادته حول مستندات قرّر أن يعرضها عليه وأنّه ينتظر وصولها من جهةٍ ما!! حيث تبيّن لنا في ما بعد ومن خلال وسائل الإعلام أنّها موجودة في ملفّ الدعوى على السيّد حسن يعقوب لدى قاضي تحقيق بعبدا الرئيس بيتر جرمانوس.
وإنّنا نستغرب أنّها حتّى الآن لم تصل بالرغم من أنّ الموكّل موقوف بانتظار عرضها عليه، علماً أنّها لو كانت مطلوبة من الصين فإنّها مفترض أن تصل خلال ثلاثة أيّام كحدّ أقصى وليس ثلاثة أسابيع.
15– وبناء على كلّ ذلك، وحرصاً على حسن سير العدالة، وحفظاً لحقّ الدفاع المقدّس تقدّمنا من حضرة المحقّق العدلي بمذكّرة طلبنا منه فيها رفع يده عن جريمة كتم المعلومات، لأنّها خارجة عن إختصاصه كمحقّق عدلي كونها غير متفرّعة عن الجريمة موضوع مرسوم الإحالة من مجلس الوزراء الخاص بدعوى إخفاء سماحة السيّد الصدر ورفيقيه، ولكون جريمة كتم المعلومات في حال صحّتها هي من إختصاص القضاء العادي دون أن نتلقّى أيّ جواب منه.
16- وبتاريخ 2016/1/28، وبعد أن لم نتلقّ أيّ جواب من حضرة المحقّق العدلي رفعنا بنفس الموضوع مذكّرة إلى حضرة معالي وزير العدل طلبنا منه فيها إتخاذ موقف من الأمر كونه هو الذي يعيّن المحقّق العدلي ولم نحصل كذلك على جواب خطّي منه، ولكن فهمنا أنّه “غير قادر على اتخاذ موقف”.
17- وبمحاولاتنا الدؤوبة لمعرفة خلفية تصرّفات حضرة المحقّق العدلي تبيّن لنا أنّه ينتمي بمشاعره السياسية للتيّار السياسي الذي يمثّله دولة الرئيس نبيه برّي.كذلك سمعنا أقوالاً “غير مؤكّدة” إنّه يتمسك بإبقاء موكّلنا قيد التوقيف بناء على طلب الرئيس بري كونه هو المرجع السياسي في ملفّ السيّد موسى الصدر وموضوع اختفائه في ليبيا، الأمر الذي ولّدَ لدينا إرتياباً في مدى موضوعية وحيادية حضرة المحقّق العدلي إزاء هذا الملفّ وإزاء موكّلنا إبن الرئيس الليبي المرحوم معمّر القذّافي.
18- هذا، وقد تبيّن لنا كذلك أنّ حضرة المحقّق العدلي الرئيس زاهر حمادة ينتمي إلى الطائفة الشيعية التي يرى أغلب المنتمين إليها في سماحة السيّد موسى الصدر زعيمهم الديني، كذلك يرون في الرئيس الليبي المرحوم معمّر القذّافي “الشخص الذي اعتدى على الطائفة الشيعية وأهانها بإخفائه لسماحة السيّد الصدر.
19- ولما كان حضرة المحقّق العدلي، ونظراً لعمره (حوالي الأربعين) حيث يكون قد ولد وفتح عينيه على هذه الدنيا وهو يسمع منذ نعومة أظفاره بأنّ الرئيس الليبي قد اعتدى على الطائفة الشيعية(التي ينتمي إليها) باعتدائه على أحد أكبر رموزها الدينيين، بحيث أنّه لا يمكن أن يكون حيادياً في هذا الملفّ الذي ينظر فيه كقاضٍ، وبالتالي فإنّ محاكمته للموكّل الذي هو إبن الشخص الرئيسي “المتهم بالإعتداء” على الطائفة الشيعية بشخص أحد أكبر رموزها الدينية تفتقد إلى أحد الشروط الجوهرية التي يجب أن يتحلّى بها القاضي وهو شرط الحيادية.
20- الأمر الذي شكَّل سبباً أساسياً لارتيابنا المشروع في حياديته، خاصة أنّ أداءه في هذا الملفّ، والتجاوزات القانونية المرتكبة فيه قد عَّمقت شعورنا بالإرتياب في موضوعيته وحياديته.
ثانياً: في القانون:
في وجوب نقل الدعوى ومبرّراته: لمّا كانت المادة /340 من قانون أصول المحاكمات الجزائية قد أعطت الحقّ للمدعى عليه في أن يستدعي نقل الدعوى من مرجع قضائي إلى مرجع قضائي آخر في التحقيق ورفع يده عنها وإحالتها إلى مرجع قضائي آخر من الدرجة نفسها لمتابعة النظر فيها،
ولمّا كانت المادة/340 قد عدّدت الأسباب التي تعطي الحقّ بطلب نقل الدعوى حيث عُدَّ من بين هذه الأسباب سبب الحرص على حسن سير العدالة وسبب الإرتياب المشروع، وحيث إنّ ذهول القاضي عن القانون ومخالفته له، أو الخطأ في تفسيره يناقض القاعدة العامة التي توجب توفر الحرص لديه على حسن سير العدالة،
ولمّا كان الحرص على حسن سير العدالة من المفترض أن يكون في مفهوم القاضي العادل، وفي سلوكه ووجدانه أصل وجوهر،
وحيث إنّ عدم توفّر الحرص على حسن سير العدالة لدى القاضي، وجنوحه نحو التعسّف في استعمال سلطته الإستنسابية من شأنه أن يُفقد المدعى عليه ثقته بعدالة القاضي فيوقع في نفسه الشكّ والريبة ويصبح إرتيابه به مشروعاً،
ولمّا كان حضرة المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة بما أقدم عليه من أخذ إفادة لاجئ سياسي في دولة عربية شقيقة، ومحمي بإتفاقيات دولية دون الأخذ بعين الإعتبار الأصول الواجب إتباعها في هذا الصدد يكون قد أخلًّ بحسن سير العدالة.
ولمّا كان ما أقدم عليه من أخذ إفادة السيّد القذّافي في معرض تعرّضه للخطف على يد مجموعة إرهابية مسلّحة مخالف لمبدأ الحرص على حسن سير العدالة حيث يظهر وكأنه يشرعن الخطف، ويسبغ صفة الشرعية على فعل جرمي إرهابي يستنفر العالم أجمع من أجل محاربته.
ولمّا كان بتوجيهه تهمة “كتم المعلومات” للموكّل في معرض قضيّة محالة للمجلس العدلي بموجب مرسوم من مجلس الوزراء، واحتفاظه بحقّ محاكمته فيها، يكون قد خالف القانون الذي لا يسمح له في إطار الدعاوى المحالة إلى المجلس العدلي بوضع يده على دعوى ضدّ شخص لم يرد إسمه في عداد المدعى عليهم في الجريمة الأصلية موضوع الإحالة إلاّ إذا كان التحقيق قد أظهر أنّه مسهم فيها(المادة 362 الفقرة الثانية أ.ج.)، وبالتالي فإنّ جرم كتم المعلومات خارج عن إختصاصه وصلاحيته كمحقّق عدلي، ويبقى في حال توفّره من إختصاص القضاء العادي، الأمر الذي لم يُظهر حرصاً من حضرة المحقّق العدلي على حسن سير العدالة.
ولمّا كانت المادة 363 أ.ج. قد أعطت للمحقّق العدلي أن يطبّق الأصول المتبعة أمام قاضي التحقيق ومنها المادة 107.
ولمّا كانت الفقرة الرابعة من المادة 107 أ.ج. التي أعطت الحقّ لحضرة قاضي التحقيق بإصدار قرار بتوقيف المدعى عليه، إشترطت أن يكون قرار التوقيف معلّلاً وأن يبيّن فيه الأسباب الواقعية والمادية التي اعتمدها لإصدار قراره على أن يكون التوقيف الإحتياطي الوسيلة الوحيدة للمحافظة على أدلّة الإثبات أو المعالم المادية للجريمة أو للحيولة دون ممارسة الإكراه على الشهود أو على المجني عليهم… إلخ.. وشروط أخرى يظهر منها أنّ التوقيف الإحتياطي ليس هدفاً بذاته، بل هو وسيلة لأهداف أخرى حدّدتها هذه الشروط ويتضح منها الفرق بين قرار التوقيف الإحتياطي الصادر عن قاضي التحقيق الذي تفرضه الظروف الموضوعية المحيطة بالفعل بهدف ضمان حسن سير التحقيق، وبين قرار الحبس الذي يصدر عن قاضي الحكم كعقوبة.
ولمّا كان إعطاء القانون صلاحية التوقيف الإحتياطي لقاضي التحقيق وتَرْك الأمر لتقديره وقناعته الشخصية، لا يعني السماح له بمخالفة النصوص الواضحة والصريحة ، أو التمادي باستعمال هذا الحقّ ، أو إساءة استعمال مذكّرة التوقيف، بحيث تصبح سيفاً مسلّطاً على رقاب العباد بدلاً من استعمالها كضمانة لحقوق المجتمع في الأمن والإستقرار والعيش في طمأنينة، وكوسيلة من أجل سلامة وحسن إدارة التحقيق.
ولمّا كان قاضي التحقيق بذهوله عن فلسفة المشرّع – عند وَضْعه نظام الإجراءات – الهادفة إلى إقامة التوازن ما بين حقّ المجتمع في الأمن والإستقرار وبين حقّ الإنسان في صون كرامته من المساس وتحصينها بقرينة البراءة المفترضة على اعتبار أنّها الأصل والأساس، يكون قد أخلَّ بإحدى أهمّ القواعد الجوهرية المطلوب من القاضي الإلتزام بها وهي الحرص على تأمين حسن سير العدالة والذي يجب أن يكون صفة من صفات القاضي العادل، وأن يدخل في صلب بُنْيته الأخلاقية ووجدانه، وأن يكون مكوّناً أساسياً من مكوّنات شخصيته،
حيث عند توفّر الحرص لدى القاضي على حسن سير العدالة تتوفّر الحماية للمدعى عليه من أيّ نوع من أنواع العنف أو الإكراه، على اعتبار أنّ كلّ شخص بريء إلى أن تثبت إدانته قانوناً بحكم مبرم، لأنّ اعتماد قرينة البراءة كمنطلق لأعمال التحقيق تكون لدى القاضي العادل ثقافة، وسلوك حضاري راقٍ، والتزاماً شفّافاً بحقوق المدعى عليه كإنسان.
ولمّا كان بإصداره قراراً بالتوقيف غير معلّل وغير مبيّنة فيه الأسباب الواقعية والمادية التي اعتمدها لإصداره، يكون قد خالف القواعد والأصول الواجب إعتمادها في التوقيف، وبالتالي أساء إلى سير العدالة،
ولمّا كانت الإستهانة بحبس الناس، وبإهدار إنسانيتهم وكرامتهم وحقّهم بالحرّيّة، وباحتجازهم تعسّفاً وتعريض أعمالهم ومصالحهم للخطر ولخسائر مادية ضخمة، والإضرار بهم معنوياً وعاطفياً وبأسرهم وأطفالهم وعائلاتهم ، يتنافى كلّياً مع مفهوم القاضي العادل الذي يتولّى بقوّة القانون سلطة تقدير وتقرير مصائر الناس، وموازنة حقّ المجتمع من الأمن والإستقرار بحقّ الإنسان في صون كرامته من المساس وتحصينها بقرينة البراءة المفترضة على اعتبار أنّها الأصل والأساس.
ولمّا كان الإستخفاف بأمر توقيف الناس هو ثقافة بالغة الخطورة وتتعارض بقوّة وعمق مع ما هو مفترض أن يحمله ضمير القاضي ووجدانه، فضلاً عن تعارضها مع القانون نصّاً وروحاً خاصة قانون الأصول الجزائية الجديد الذي تشدّد إلى حدود قصوى – كما بيَّنا – في إصدار مذكّرات التوقيف، وفتح أكثر من باب لعدم التوقيف حتّى مع وقوع الفعل.
ولمّا كان إنتماء المحقّق العدلي إلى الفئة من الشعب اللبناني التي تعتبر الرئيس معمّر القذّافي / المتهم الرئيسي في جريمة إخفاء السيّد موسى الصدر ورفيقيه / عدواً لها ومعتدياً عليها ومنتهكاً لحرمة مقدّساتها ومرتكباً لجريمة إستهدفت رمزاً دينياً من أهمّ رموزها، يحقّق الإرتياب المشروع لدينا في عدالة حضرة المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة وحياديته، خاصة أنّ إجراءات محاكمة الموكّل لديه والأخطاء والمخالفات المرتكبة قد عمّقت الشعور لدينا بالإرتياب المشروع خاصة أنّه لا يزال مصرّاً على توقيفه بالرغم من انتفاء وجود أيّ مبرّر قانوني جدّي لذلك سوى ما نسمعه عن قرار سياسي لدى دولة الرئيس نبيه بري باستمرار توقيف الموكّل كون ملفّ هذه القضيّة مرتبطاً به حزبياً وسياسياً وهو المحرّك الرئيسي بوصفه رئيس حركة أمل لهذه القضيّة.
ولمّا كانت المادة 357 أ.ج. المتعلّقة بالدعاوى المحالة على المجلس العدلي قد نصّت في فقرتها الثانية على تنحية القاضي وردّه دون أن تحدّد أصولاً خاصة لذلك ما يجعل المواد 340 وما يليها تحت الفصل التاسع من قانون الأصول الجزائية هي الناظمة والواجبة التطبيق في الأصول المتبعة لنقل الدعوى أو تنحية أو ردّ القاضي في المجلس العدلي.
وقد سبق لجانبكم الكريم النظر في طلبٍ مشابه لطلبنا في دعوى اغتيال الرئيس الحريري، وهو الطلب الذي عرف باسم عدنان أحمد الذهبي حيث صدر فيه قرار برقم 189 بتاريخ 2007/9/6.
ولمّا كنّا ندلي بكلّ ذلك من باب الحرص على حسن سير العدالة، وعلى حقّ الدفاع المقدّس، وعلى سمعة القضاء اللبناني خاصة أنّ قضيّة السيّد هانيبال القذّافي قد تحوّلت إلى قضيّة رأي عام هي موضوع اهتمام من جميع وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والأجنبية حيث هناك تغطية شبه يومية لتطوّرات هذه القضيّة من كبريات الصحف والفضائيات العالمية / نيويورك تايمز – واشنطن بوست – ب.ب.سي – فرانس 24 وغيرها.
لهـذه الأسـباب، نطلب:
1- إبلاغ هذا الطلب ومرفقاته من حضرة المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة الناظر بملفّ الدعوى المحالة إلى المجلس العدلي بموجب المرسوم رقم 3794 بتاريخ 1981/2/4 بموضوع إخفاء سماحة السيّد موسى الصدر ورفيقيه.
2- إتخاذ القرار بنقل هذه الدعوى من لدى حضرة القاضي الرئيس زاهر حمادة للإرتياب المشروع، وعدم توافر الحرص لديه على حسن سير العدالة، ولجميع الأسباب التي سقناها وأدلينا بها، والطلب إلى المرجع المختص تعيين محقّق عدلي آخر يتمتّع بالحيادية إزاء قضيّة كبيرة وحسّاسة كقضيّة السيّد موسى الصدر ورفيقيه”.
وهنا النصّ الحرفي لقرار محكمة التمييز:
“محكمة التمييز اللبنانية
الغرفة السادسة
رقم الأساس : 2016/366
رقم القرار : 2016/204
في 19 أيّار سنة 2016، إجتمعت هيئة الغرفة السادسة في محكمة التمييـــــز، المؤلّفة من القضاة: الرئيس جوزف سماحة والمستشارين فرنسوا الياس وليلى رعيدي (منتدبين)، وبعدما دقّقت في طلب نقل الدعوى الذي قدّمه هانيبال معمّر القذّافي، والمؤسّس في قلم هذه المحكمة برقم366 تاريخ 2016/2/16 ، تذاكرت هيئة المحكمة بمقتضى القانون، ومن ثمّ، وفي حضور ممثّل النيابة العامة التمييزية القاضي وائل الحسن، وكاتب الضبط السيّد أنور شريم، أصدرت القرار التالي:
باسم الشعب اللبناني
إنّ محكمة التمييز، الغرفة السادسة الناظرة في طلبات نقل الدعاوى،
لدى التدقيق والمذاكرة،
تبيّن أنّ المدعى عليه هانيبال معمّر القذّافي، وكيلته المحامية بشرى الخليل، تقدّم في 2016/2/16 في وجه الحقّ العام وعائلة سماحة الإمام السيّد موسى الصدر، وعائلة السيّد عبّاس بدر الدين، والمحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة، بطلب نقل الدعوى التي يحقّق فيها هذا الأخير والمحالة إلى المجلس العدلي بموجب المرسوم رقم 3794 تاريخ 4/2/1981 والمتعلّقة بإخفاء الإمام السيّد موسى الصدر والشيخ محمّد يعقوب وعبّاس بدر الدين، وعرض الوقائع التالية:
o إنّه في 2015/12/6 تعرّض للخطف على يد مجموعة مسلّحة، وقد حرّره عناصر من “شعبة المعلومات” في 10/12/2015.
o أنّه في 2015/12/14 إرتأى القاضي زاهر حمادة، المحقّق العدلي في قضيّة إخفاء سماحة الإمام السيّد موسى الصدر ورفيقيه، الاستماع إليه كشاهد باعتباره إبن الرئيس المرحوم معمّر القذّافي ويمكن أن يكون لديه معلومات تفيد التحقيق… علماً بأنّه الابن الأصغر لمعمّر القذّافي، المتهم بإخفاء سماحة الإمام ورفيقيه، وكان بعيداً عن أيّ نشاط أو دور سياسي… ولم يكن مطلّعاً على أيّ من أسرار الدولة الليبية.
o أنّ الإستماع إليه حصل مباشرة بعد تحريره من خاطفيه، وكان تعرّض لتعذيب شديد على أيديهم، لا يزال يعاني من آثاره، فضلاً عن معاناته من “رهاب فكري وانهيار عصبي”، وقد اختلطت الأمور في عقله، فكان يظنّ أنّه انتقل من فريق خاطف إلى فريق خاطف آخر… وقد صرّح أمام المحقّق العدلي بأمور لقّنه إيّاها الخاطفون.
o أنّ المحقّق العدلي استمع إليه في 2015/12/14 ثمّ أصدر في حقّه مذكّرة توقيف بجرم كتم معلومات، وهو المنصوص عليه في المادة 408 عقوبات، مفترضاً أنّ لديه معلومات عن القضيّة، كونه إبن المتهم الرئيس فيها، وقد كتمها عنه، وذلك على الرغم من أنّه مشمول بأحكام الفقرة الأولى من المادة 410 عقوبات، التي لا تلاحق الابن بجرم كتم معلومات عن أبيه، فتكون ملاحقته غير قانونية وكذلك توقيفه.. فضلاً عن مخالفة القوانين الدولية، كون المستدعي محمياً باتفاقيات حقوق الإنسان بعدما كان قد استحصل على اللجوء السياسي في سوريا، وفي كلّ الأحوال، هذا الإجراء غير جائز ومضرّ بسمعة لبنان وسمعة القضاء اللبناني، كون أخذ المخطوف كشاهد في معرض خطفه يظهر للعالم وكأنّه يشرعن الخطف.
o أنّه رفع مذكّرة في حينه إلى المحقّق العدلي تحفّظ فيها على الإستماع إليه كشاهد في الظروف التي أحضر فيها أمامه، كون ذلك حصل بعد خطفه من سوريا على يد مجموعة إرهابية، بعد منحه حقّ اللجوء السياسي وفقاً للإتفاقيات الدولية الراعية لحقوق الإنسان ولحقوق اللاجئين الهاربين من بلادهم بسبب الحرب.. والتي تمنع إستغلال وضع المستدعي كلاجىء وكمخطوف لإحضاره أمام أيّ جهة قضائية، إلاّ ضمن شروط خاصة لم يجر التقيّد بها… لأنّ الإستماع إليه كشاهد يوجب تقديم طلب رسمي إلى الحكومة السورية، واتباع إجراءات خاصة يجب أن توافق عليها الدولة السورية.
o أنّ تهمة كتم المعلومات التي جاءت سنداً لشهادته، لم تحدّد ما هو الباطل الذي جزم به، ولا الحقّ الذي أنكره.. ولا ماهية المعلومات التي يمكن أن يعلمها.. وبحكم ماذا مفترض به أن يعلمها، وقد كتمها، وأين وقع فعل كتم المعلومات، وعلى أيّ واقعة أو معلومة.
o أنّه في مطلق الأحوال مشمول بأحكام المادة 410 عقوبات… وعلى فرض أنّ المعلومات المكتومة تتعلّق بشخص آخر، كعبد السلام جلود أو غيره، فيقتضي تحديد المعلومة المتكتّم عليها… أو المفترض أن يعرفها ولكنّه كتمها، وتوضيح السبب الذي جعل القاضي يتأكّد من أنّ الشاهد مفترض به معرفة وقائع القضيّة التي يسأل عنها.
o أنّ المحقّق العدلي إرتكب عدّة مخالفات أخرى، منها أنّه بعدما استمع إليه كشاهد… قرّر أن يوجّه له تهمة كتم المعلومات، واستمع إليه كمدعى عليه دون أن يتلو عليه حقوقه، ومنها أنّه يحقّ له أن لا يدلي بإفادته كمدعى عليه بدون حضور محام، وبخاصة أنّ المحامية بشرى الخليل كانت أمام باب المحقّق العدلي وقد أبلغته بأنّها محامية عن القذّافي.
o أنّه جرى تقديم عدّة مذكّرات إلى المحقّق العدلي حيث شرحت له هذه الأمور، فلم يستجب، كما رّد كلّ طلبات إخلاء السبيل… وقد صرّح منذ حوالي 3 أسابيع بأنّه يريد أخذ إفادة المستدعي حول مستندات قرّر عرضها عليه وينتظر وصولها من جهة ما، وقد علم من وسائل الإعلام أنّها في ملفّ الدعوى المساقة ضدّ حسن يعقوب لدى قاضي التحقيق في بعبدا بيتر جرمانوس.
o أنّه حرصاً على حسن سير العدالة… وحفاظاً على حقوق الدفاع، تقدّم بمذكّرة طلب فيها من المحقّق العدلي رفع يده عن جريمة كتم المعلومات لأنّها خارج اختصاصه كمحقّق عدلي، كونها غير متفرّعة عن الجريمة موضوع مرسوم إحالة قضيّة إخفاء سماحة السيّد موسى الصدر ورفيقيه على المجلس العدلي… ولكون جريمة كتم المعلومات، في حال صحّتها، هي من اختصاص القضاء العادي … فلم يلق جواباً.
o أنّه في 2016/1/28 تقدّم بالمذكّرة عينها إلى السيّد وزير العدل وطلب منه اتخاذ موقف من الأمر، كونه هو الذي يعيد المحقّق العدلي، فلم يجب خطيّاً، ولكن فهم منه أنّه غير قادر على اتخاذ موقف.
o أنّه لدى محاولة معرفة خلفية تصرّفات المحقّق العدلي، تبيّن أنّه ينتمي بمشاعره إلى التيّار السياسي الذي يمثّله رئيس مجلس النوّاب الأستاذ نبيه برّي، وأنّ المستدعي قد سمع أقوالاً غير مؤكّدة بأنّ المحقّق العدلي يتمسّك بإبقائه قيد التوقيف بناء على طلب هذا الأخير، كونه المرجع السياسي في ملفّ السيّد موسى الصدر.
o أنّ المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة ينتمي إلى الطائفة الشيعية، التي يرى أغلب المنتمين إليها في سماحة الإمام السيّد موسى الصدر زعيمهم الديني، ويرون في الرئيس الليبي المرحوم معمّر القذّافي الشخص الذي اعتدى على الطائفة الشيعية وأهانها باعتدائه على أكبر رموزها الدينيين… والمحقّق العدلي، نظراً لعمره، قد اعتاد على سماع هذا الأمر منذ نعومة أظافره، فتكون محاكمته لإبن المتهم الرئيس بالإعتداء على الطائفة الشيعية بشخص أحد أكبر رموزها الدينية، تفتقد إلى شرط الحيادية ما يشكّل سبباً أساسياً للإرتياب المشروع في حياديته وبخاصة أنّ أداءه في الملفّ والتجاوزات القانونية المرتكبة، قد عمّقت هذا الشعور لدى المستدعي.
وفي القانون: طلب المستدعي، سنداً للمادة 340 أ.م.ج.، نقل الدعوى من المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة للإرتياب المشروع ولحسن سير العدالة، والطلب إلى المرجع المختص تعيين محقّق عدلي آخر يتمتّع بالحيادية إزاء قضيّة كبيرة وحسّاسة كقضيّة السيّد موسى الصدر، وأدلى بالأسباب المؤيّدة لمطالبه:
1. أخذ إفادة لاجىء سياسي في دولة عربية شقيقة، ومحمي باتفاقيات دولية، من دون إتباع الأصول المفروضة في هذا المجال، ما يشكّل إخلالاً بحسن سير العدالة.
2. أخذ إفادة المستدعي في معرض تعرّضه للخطف على يد مجموعة إرهابية مسلّحة، بحيث يظهر وكأنّ ثمّة شرعنة للخطف والجرم الإرهابي، ما يخالف حسن سير العدالة.
3. مخالفة القانون بتوجيه تهمة كتم معلومات في معرض قضيّة محالة على المجلس العدلي بمرسوم، وبوضع اليد على دعوى ضدّ شخص لم يرد إسمه في عداد المدعى عليهم في الجريمة الأصلية موضوع الإحالة، من دون أن يظهر التحقيق أنّه مسهم فيها(المادة 362 فقرة 2 أ.م. ج.)، ولكون جرم كتم المعلومات خارج اختصاصه وصلاحيته كمحقّق عدلي، ويبقى في حال توافره، من إختصاص القضاء العادي،
4. مخالفة المادة 107 أ.م.ج. بإصدار قرار توقيف غير معلّل ومن دون بيان الأسباب الواقعية والمادية المعتمدة لإصداره… والذهول عن الاجراءات الهادفة إلى إقامة التوازن ما بين حقّ المجتمع في الأمن والاستقرار، وبين حقّ الإنسان في صون كرامته وتحصينها بقرينة البراءة، على نحو يشكّل إخلالاً في أهمّ القواعد الجوهرية المطلوب من القاضي الالتزام بها، وهي تأمين حسن سير العدالة.
5. إنتماء المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة إلى فئة من الشعب اللبناني تعتبر الرئيس معمّر القذّافي، المتهم الرئيس في جريمة إخفاء السيّد موسى الصدر ورفيقيه، عدواً لها ومعتدياً عليها ومنتهكاً حرمة مقدّساتها.
6. الإصرار على توقيف المستدعي بالرغم من انتفاء أيّ مبّرر قانوني جدّي، ونتيجة قرار سياسي، وحزبي من الرئيس نبيه برّي بصفته رئيس حركة أمل.
7. كون المادة 357 فقرة/2 أ.م.ج. نصّت على تنحية القاضي وردّه من دون تحديد أصول خاصة، ما يجعل المادة 340 وما يليها أ.م.ج. هي الواجبة التطبيق لنقل الدعوى أو تنحية، أو ردّ القاضي في المجلس العدلي، وقد سبق لهذه المحكمة أن نظرت في طلب مماثل في دعوى اغتيال الرئيس الحريري، وهو الطلب المعروف باسم عدنان أحمد الذهبي، حيث صدر قرار بقبول طلب النقل، تحت رقم 189 تاريخ 2007/9/6.
وتبيّن أنّ المدعي “زاهي بدر الدين”، وكيله المحامي طارق حجّار(علماً بأنّ وكالته نظّمها زاهر عبّاس بدر الدين)، تقدّم في 2016/3/8 بمذكّرة جوابية طلب فيها ردّ الطلب شكلاً لمخالفته المادة 318 أ.م.ج. ولا سيّما الفقرة(1) منها، والمادة 340 أ.م.ج. اللتين تفرضان إبلاغ جميع فرقاء الدعوى، فيما طلب النقل غير موجّه ضدّ كلّ المدعين، وهم الحقّ العام، وصدر الدين الصدر، وامتثال سليمان، وزهرة يزبك، ونقابة الصحافة، وحسن يعقوب، وعلي يعقوب، وزاهر بدر الدين… واستطراداً، ردّه في الأساس لعدم جدّية أسبابه، كون قضيّة إخفاء الإمام موسى الصدر هي قضيّة وطنية بامتياز وعابرة للطوائف، وحرصاً على هذه القضيّة حتّى لا تضيع في قضايا ومماحكات صغيرة.. ولقانونية الإجراءات التي قام بها المحقّق العدلي، كما طلب إلزام المستدعي بدفع عشرة ملايين ل.ل. كعطل وضرر عملاً بالمادة 343 أ.م.ج. وتضمينه النفقات.
وتبيّن أنّه في 2016/3/21 تقدّم القاضي زاهر حمادة بجواب على طلب النقل، فطلب ردّه شكلاً، أو أساساً، في ضوء الملاحظات التالية:
o إنّ المحامي بشرى الخليل لم تكن في 2015/12/14 تحوز على وكالة من هانيبال القذّافي، عندما استمع إليه كشاهد، ثمّ استجوبه كمدعى عليه، ووكالتها مؤرّخة في 2015/12/16 .
o إنّه تليت على المدعى عليه هانيبال القذّافي حقوقه، وقد طلب المذكور إستجوابه بدون محام، ولم يتقدّم بأيّ مذكّرة في حينه.
o إنّه على فرض ثبوت صفة المدعى عليه كلاجىء في سوريا، فإنّ هذه الصفة لا تطبّق عليه في لبنان، والاتفاقيات الدولية حول حقق اللاجئين يجب أن تراعى في دولة اللجوء لا في لبنان، ولا مانع من ملاحقة أيّ شخص في لبنان يكون قد ارتكب جرماً وفقاً للصلاحية الإقليمية، بغضّ النظر عن سبب وجوده في لبنان.
o إنّه جرى تحرير المستدعي من خاطفيه على الأراضي اللبنانية واستلمه “فرع المعلومات” حيث أوقف بناء على إشارة النائب العام التمييزي إنفاذاً لإشارة حمراء من الإنتربول الدولي، وقد استمع إليه كشاهد بعدما كان موقوفاً في عهدة الجهاز الأمني اللبناني بناءً على الإشارة المذكورة.
o إنّه أسند إلى المدعى عليه إرتكاب جرم المادة 408 عقوبات بكتمه بعضاً أو كلّ ما يعرفه من وقائع قضيّة إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه، لدى الاستماع إليه بصفة شاهد، وهذا الإسناد لا يستلزم تفصيلاً كما هو حال القرار النهائي.
o إنّ المادة 410 عقوبات لا تمنع الملاحقة، ووالد المدعى عليه قد قتل في ليبيا فلا خطر عليه من قول الحقيقة، ناهيك عن تعدّد مرتكبي جريمة إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه، أركان نظام معمّر القذّافي الذين لا يمتّون إلى المدعى عليه بصلة.
o إنّه في طلب قاضي التحقيق في جبل لبنان تزويده بنسخة عن ملفّ هانيبال القذّافي، الذي أوقف في معرضه حسن يعقوب وآخرين، والتأخير في إيداع نسخة الملفّ المطلوبة خارج عن إرادة المحقّق العدلي، علماً بأنّ تلك الأوراق المطلوبة أودعت الملفّ مؤخّراً.
o إنّ اختصاص المحقّق العدلي وكلّ الطعون التي قدّمها المدعى عليه في مذكّرته المبرزة في ملفّ التحقيق العدلي، تجد مبحثها في ملفّ التحقيق المذكور.
o إنّ انتماء المحقّق العدلي الطائفي، أو مشاعره السياسية وأفكاره، لا دخل لها في مجال عمله القضائي المبني على المناقبية والمصداقية وإحقاق الحقّ وحُسْن تطبيق العدالة بلا ميل أو انحياز.
o إنّ قرار التوقيف جاء معلّلاً ومتوافقاً مع الأصول القانونية والنصوص المرعية الإجراء.
o إنّ المحقّق العدلي لا تنطبق عليه الأصول المنصوص عليها في المادة 340 أ.م.ج. كونه يخضع في تعيينه لأصول خاصة، فلا وجه لنقل الدعوى المحالة أمامه ورفع يده عنها، لعدم وجود مرجع قضائي آخر يوازيه لتحال إليه الدعوى، ما يوجب ردّ طلب النقل شكلاً،
o إنّ طلب النقل يفتقر إلى أيّ إثبات حول الإرتياب المشروع في المحقّق العدلي، وجلّ ما فيه هو الشكوى من استمرار التوقيف، واللجوء إلى طلب النقل هو اجتراح بديل غير قانوني للطعن في قرارات المحقّق العدلي، التي بحكم القانون لا تقبل الطعن.
وتبيّن أنّه في 2016/3/23 تقدّم صدر الدين الصدر، بوساطة وكلائه المحامين خالد الخير، وسعيد علامة، وشادي حسين، بلائحة جوابية أدلى بها بما خلاصته:
• إنّ وكلاء عائلة الإمام الصدر هم الذين طلبوا في 2015/12/12 إلى المحقّق العدلي الإستماع إلى هانيبال القذّافي لاعتقادهم بأنّ لديه معلومات حول الجريمة، والمحقّق العدلي لم يستدعه من تلقاء نفسه.
• إنّ هانيبال القذّافي إرتكب جرائم في حقّ شعبه، على ما صرّح به مدير التحقيقات في مكتب النائب العام الليبي، القاضي “الصديق الصوّر”… وبالتالي لا صحّة للقول إنّه يستحيل أن يكون لديه معلومات عن جريمة إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه.
• إنّ المستدعي لم يحدّد بالأرقام والتواريخ، القوانين الدولية واتفاقيات حقوق الانسان التي يشير إليها، والحديث عن شرعنة الخطف فيه إساءة كبيرة إلى القضاء، وإلى المحقّق العدلي.
• إنّه لا صحّة لما ورد في الاستدعاء من تهجّم على المحقّق العدلي… والمستدعي استعمل عبارات مطّاطة من دون دليل يثبت مزاعمها… وإنّه لا تجاوزات قانونية ولا مبرّر لأيّ ارتياب مشروع.
• إنّ المادة 340 أ.م.ج. لا تطبّق على المحقّقين العدليين ، نظراً لطريقة تعيينهم ولاختصاصهم الحصري بالدعوى المحالة إلى المجلس العدلي… ولعدم وجود قاضي تحقيق آخر يمكن إحالة الدعوى إليه.
• إنّ الأسباب الأخرى المدلى بها للقول بوجود ارتياب مشروع تفتقر إلى الجدّية، والمحقّق العدلي إستجوب المستدعي وفقاً للأصول، وأصدر في حقّه مذكّرة توقيف وجاهية ضمن الصلاحيات القانونية المعطاة له، وردّ طلبات إخلاء السبيل لا يعني أنه منحاز لفريق على حساب آخر، ولا سيّما أنّ الجرم المنسوب إليه هو جناية.
وتبيّن أنّه في 2016/4/6 جرى ضمّ ملفّ الدعوى العالقة أمام المحقّق العدلي إلى ملفّ طلب النقل الراهن، كما جرى إبلاغ طلب النقل إلى فرقاء الدعوى الآخرين كافة، وانقضت المهلة القانونية المعطاة لهم لإبداء موقفهم من الطلب المذكور.
بناء عليه:
أولّاً: في الشكل:
بما أنّ المستدعى في وجههم المذكورين أعلاه قد نازعوا في قانونية طلب نقل دعوى عالقة أمام المحقّق العدلي، وأدلوا بالأسباب القانونية المؤيّدة لموقفهم، في حين أكّد المستدعي على قانونية مثل هذا الطلب، في ضوء أسباب صار بيانها أعلاه، ولوجود سابقة تتمثّل في القرار رقم 189 تاريخ 6/9/2007 الذي أصدرته هذه المحكمة، بهيئتها السابقة.
بما أنّ المادة 340 أ.م.ج. تنصّ على ما يلي:” تتولّى إحدى الغرف الجزائية لدى محكمة التمييز مهمّة الفصل في طلب نقل الدعوى من مرجع قضائي إلى مرجع قضائي آخر. تقرّر رفع يد مرجع قضائي، في التحقيق أو الحكم، عن الدعوى وتحيلها إلى مرجع آخر من الدرجة نفسها لمتابعة النظر فيها إمّا لتعذّر تشكيل المرجع المختص أصلاً، أو لوقف سير التحقيق، أو المحاكمة، أو للمحافظة على السلامة العامة، أو لداعي الحرص على حسن سير العدالة، أو لسبب الإرتياب المشروع.
” للنائب العام التمييزي وحده أن يطلب نقل الدعوى لسبب المحافظة على السلامة العامة.
” إذا كان المرجع القضائي المطلوب رفع يده عن الدعوى هو إحدى غرف التمييز الجزائية فتبتّ الهيئة العامة لمحكمة التمييز في الطلب.
” للنائب العام التمييزي أن يستدعي نقل الدعوى عفواً أو بناء على طلب النائب العام الاستئنافي، أو النائب العام المالي، أو المدعي الشخصي، أو المدعى عليه، أو وزير العدل للأسباب الواردة في الفقرة الأولى.
” يجب أن يبلّغ طلب النقل إلى جميع فرقاء الدعوى. لكلّ منهم أن يجيب عليه خلال عشرة أيّام من إبلاغه إيّاه.
” لا يوقف تقديم الإستدعاء، السير في الدعوى، إلاّ إذا قرّرت محكمة التمييز خلاف ذلك”.
وبما أنّه يتبيّن من صراحة النصّ المذكور أنّه جاء عاماً وشاملاً كلّ المراجع القضائية الواضعة يدها على دعوى مطلوب نقلها، والمحقّق العدلي هو من ضمن هذه المراجع، فيكون مشمولاً بنصّ المادة المذكورة.
وبما أنّ طريقة تعيين المحقّق العدلي وطبيعة الصلاحيات والمهمّة التي يتولّاها ليس من شأنها أن تحول دون تطبيق نصّ المادة 340 أ.م.ج. عليه، ذلك أنّه في حال قبول طلب نقل الدعوى التي كلّف المحقّق العدلي بمهمّة التحقيق فيها، ليس ما يمنع تعيين محقّق عدلي آخر وفقاً للأصول المنصوص عليها في المادة 360 فقرة (2) أ.م.ج.
وبما أنّه يتبيّن من أوراق ملفّ الدعوى التي جرى ضمّها إلى دعوى طلب النقل الحالية، المعطيات التالية:
o إنّه في 2008/8/21 صدر قرار الاتهام في قضيّة إخفاء سماحة الإمام السيّد موسى الصدر ورفيقيه تحت رقم 2008/1 مجلس عدلي، وأحيل إلى المجلس العدلي، الذي باشر في إجراءات المحاكمة ولا يزال ينظر في الدعوى.
o إنّ المدعي الشخصي السيّد صدر الدين الصدر تقدّم أمام النائب العام لدى محكمة التمييز، بصفته نائباً عاماً لدى المجلس العدلي، بادعاء إضافي ضدّ صبري سعد عبد الله شادي- ليبي الجنسية ومقيم في لبنان، سنداً للمواد 2013/569 و 217 عقوبات، والمادة 2 من القانون الصادر في 1958/1/11، فأحال النائب العام المذكور الادعاء إلى المحقّق العدلي في 2013/1/18، الذي استجوب المدعى عليه شادي عدّة مرّات في حضور وكيله المحامي باسكال أبو فاضل، وأصدر مذكّرة توقيف وجاهية في حقّه بتاريخ 2013/1/25، ثمّ أصدر قراراً في 2013/3/18 بإخلاء سبيله.
o إنّ المدعي الشخصي السيّد صدر الدين الصدر تقدّم في 2013/10/7 بمذكّرة إلى النائب العام لدى محكمة التمييز، بصفته نائباً عاماً لدى المجلس العدلي، وذكر فيها كامل هوّيّة مدعى عليهم في الدعوى، كان المحقّق العدلي، في قرار الاتهام المذكور أعلاه، قد أصدر في حقّهم مذكّرات تحرّ دائم لبيان كامل هويّاتهم، وهم: أحمد عيسى الأطرش، وعاشور عبد المجيد الفرطاس، وعلي عبد السلام التريكي، وأحمد مسعود صالح الترهوني، وأمجد علي مبروك الرحيبي، إنّ النائب العام لدى محكمة التمييز قد أحال المذكّرة في التاريخ عينه، إلى المحقّق العدلي للإطلاع وإجراء المقتضى.
o إنّ المدعي الشخصي السيّد صدر الدين الصدر تقدّم في 2013/10/8 أمام النائب العام لدى محكمة التمييز، بصفته نائباً عاماً لدى المجلس العدلي، بادعاء إضافي ضدّ عبد الله محمّد عامر السنوسي المقرحي، واللواء عبد الله محمود الحجازي، واللواء فرج محمّد علي أبو غالية، والعميد عبد الحميد سليمان السائح، ومحمود أحمد الفرجاني، وسيف الإسلام معمّر القذّافي، واللواء التهامي خالد، واللواء الريفي علي الشريف، واللواء علي عبد السلام الترهوني، وأحمد الرمضان الصبعي، واللواء بشير سعد أحميد، وكلّ من يظهره التحقيق… بجرم المواد 213/569 و 217 عقوبات والمادة 2 من القانون الصادر في 1958/1/11، وقد ادعى النائب العام لدى محكمة التمييز في 2013/10/8 على المذكورين أمام المحقّق العدلي المعيّن في القضيّة، القاضي سميح الحاج، سنداً للمواد المذكورة آنفاً.
o إنّ المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة، الذي خلّ مكان القاضي سميح الحاج بموجب قرار وزير العدل رقم 804 وتاريخ 2014/5/20، إستمع في 2015/1/24 إلى حسن يعقوب كشاهد على سبيل المعلومات… كما استمع في 2015/2/6 إلى زاهر بدر الدين.. كما استمع في 2015/2/13 إلى علي يعقوب بالصفة عينها.
o إنّه في 2015/12/15 تقدّم السيّد صدر الدين الصدر أمام “النائب العام العدلي” بادعاء شخصي إضافي ضدّ هنيبعل القذّافي سنداً للمواد 219/569 و 222/569 و 408 عقوبات والمادة 2 من قانون 1958/1/11.
o إنّه في 24/12/2015 قدّم زاهر بدر الدين شكوى إلى النيابة العامة التمييزية ضدّ هنيبعل القذّافي ومن يظهره التحقيق بجرم الإشتراك والتدخّل في جريمة خطف الإمام الصدر ورفيقيه وكتم معلومات … جرم المادة 408 عقوبات.
وتبيّن أنّ المدعية والمدعى عليهم المذكورين أعلاه قد أبلغوا أصولاً طلب نقل الدعوى عملاً بأحكام المادة 340 أ.م.ج. في حين أنّ باقي الأشخاص المذكورين في جواب المدعي بدر الدين لا علاقة لهم بالدعوى المطلوب نقلها المتميزة مبدئياً عن الدعوى الأصلية العالقة أمام المجلس العدلي، بدليل أنّ بعض المدعين في الدعوى الأصلية قد استمع إليهم كشهود على سبيل المعلومات في الدعوى موضوع طلب النقل الراهن، وبالتالي لا موجب قانونياً لإبلاغهم طلب النقل.
وبما أنّه في ضوء ما تقدّم عرضه، يتبيّن أنّ طلب نقل الدعوى المنوّه عنها أعلاه، الذي قدّمه المدعى عليه هانيبال معمّر القذّافي بواسطة وكيلته القانونية، متضمّناً الأسباب الموجبة، قد صار إبلاغه إلى النائب العام التمييزي، وإلى المحامي طارق حجّار، وكيل المدعى عليه عبّاس بدر الدين، وإلى المحامي شادي حسين، وكيل المدعى عليه صدر الدين الصدر، وإلى المحقّق العدلي الواضع يده على الدعوى المطلوب نقلها، وإلى المدعى عليهم الآخرين كافة في الملفّ الذي ينظر فيه المحقّق العدلي، عملاً بالمادة 340 أ.م.ج.
وبما أنّ كلّ الشروط الشكلية المطلوبة قانوناً قد توافرت، فيقتضي قبول طلب نقل الدعوى شكلاً وردّ كلّ إدلاء مخالف.
ثانياً: في الأساس:
بما أنّ المستدعي يطلب نقل الدعوى لحسن سير العدالة وللإرتياب المشروع، في ضوء الأسباب التي صار بيانها أعلاه، ولا سيّما مخالفة القانون بتوجيه تهمة كتم معلومات في معرض قضيّة محالة على المجلس العدلي بمرسوم، وبوضع اليد على دعوى ضدّ شخص لم يرد إسمه في عداد المدعى عليهم في الجريمة الأصلية موضوع الإحالة، من دون أن يظهر التحقيق أنّه مسهم فيها(المادة 362 فقرة 2 أ.م.ج.)، ولكون جرم كتم المعلومات خارج اختصاصه وصلاحيته كمحقّق عدلي، ويبقى في حال توافره، من اختصاص القضاء العادي،
وبما أنّ اجتهاد هذه المحكمة قد استقرّ على اعتبار أنّ الإرتياب المشروع في تصرّفات قاض ينظر في دعوى معيّنة يتحقّق في حال إقدام المذكور بتصرّفات، أو إصداره قرارات واتخاذ تدابير تثير الريبة والشكّ في حياده وتدلّ بصورة واضحة على تحيّزه وجنوحه إلى تأييد مصالح أحد فرقاء الدعوى، على حساب باقي الأطراف فيها، ممّا يتعارض ومبادىء العدالة، ويتنافى ورسالة القاضي ومضمون القسم المهني المنصوص عليه في المادة 46 من قانون القضاء العدلي(المرسوم الاشتراعي رقم 83/150).
وبما أنّه، في ضوء ما تقدّم بيانه، يقتضي البحث في ما إذا كانت المآخذ المعروضة في طلب النقل من شأنها أن تشكّل سبباً جدّياً كي يحقّ للمدعى عليه هانيبال معمّر القذّافي الشكّ في حيادية المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة تجاهه، فيبرّر بالتالي رفع يد المحقّق العدلي عن الدعوى المطلوب نقلها.
وبما أنّه لدى مراجعة أوراق ملفّ الدعوى موضوع طلب النقل يتبيّن أنّه في 2015/12/12 قدّم المحامي شادي حسين، وكيل المدعي السيّد صدر الدين الصدر، طلباً لسماع هنيبعل القذّافي، فقرّر المحقّق العدلي تكليف رئيس “فرع المعلومات” إحضار المذكور يوم 2015/12/14 لسماعه في الدعوى العالقة أمامه… وقد أحضر هانيبال القذّافي في الموعد المحدّد واستجوب كشاهد على سبيل المعلومات في الساعة 13 والدقيقة 15 … ثمّ قرّر المحقّق العدلي في التاريخ عينه، إستجواب القذّافي كمدعى عليه بجرم كتم معلومات في تحقيق جنائي، الجريمة المنصوص عليها في المادة 408 عقوبات… وقد تمّ استجوابه في الساعة 16 والدقيقة 45 “من دون محام بناء على طلبه”… ومن ثمّ، عرض المحقّق العدلي الأوراق على النيابة العامة التمييزية للإطلاع وإبداء المطالب بحقّ المدعى عليه هنيبعل القذافي في ضوء الاستجواب … فأجابت النيابة العامة في 2015/12/14 أنّها لا تطلب شيئاً في الوقت الحاضر، فأصدر المحقّق العدلي مذكّرة توقف وجاهية في حقّ هنيبعل القذّافي” نظراً لماهية التحقيق”.. وسنداً للمادة 408 عقوبات”.
وإنّ هانيبال القذّافي تقدّم في 2015/12/19 وفي 2016/1/11 ، ثمّ في 2016/1/21 بواسطة وكيلته الأستاذة بشرى الخليل، بمذكّرات أدلى فيها بعدم قانونية التهمة المنسوبة إليه… وفي المذكّرة الأخيرة، طعن في صلاحية المحقّق العدلي لاستجوابه كمدعى عليه سنداً للمادة 408 عقوبات، كون صلاحية المذكور محصورة في الجريمة موضوع الدعوى التي يحقّق فيها، واعتبر أنّ المادة 355 أ.م.ج. حدّدت الطريقة الوحيدة التي يضع فيها المجلس العدلي يده على أيّ دعوى، وهي الإحالة بمرسوم يتخذّ في مجلس الوزراء… فيما المادة 356 حدّدت حصراً الجرائم الممكن إحالة مرتكبيها إلى المجلس العدلي، وقد أكّد المدعى عليه القذّافي أنّ الجريمة المنصوص عليها في المادة 408 عقوبات ليست من ضمن تلك الجرائم، واعتبر أنّ صلاحية النظر فيها تعود للقضاء العدلي العادي… وطلب إبطال كلّ الإجراءات التي قام بها المحقّق العدلي في جريمة كتم المعلومات… ورفع يده عن هذه الجريمة لخروجها عن اختصاصه.
وبما أنّ أصول التحقيق في الدعوى المحالة إلى المجلس العدلي ترعاها المواد التالية التي تنصّ على ما يلي:”المادة 360- يتولّى النائب العام التمييزي، أو من ينيبه عنه من المحامين العامين لدى النيابة العامة التمييزية مهام تحريك الدعوى العامة واستعمالها.
يتولّى التحقيق قاض يعيّنه وزير العدل بناء على موافقة مجلس القضاء الأعلى.
” المادة 361 – يدعي النائب العام التمييزي لدى المحقّق العدلي بالجريمة ويحيل إليه ملفّ التحقيقات.
“المادة 362- للمحقّق العدلي أن يصدر جميع المذكّرات التي يقتضيها التحقيق دون طلب من النيابة العامة. إنّ قراراته في هذا الخصوص لا تقبل أيّ طريق من طرق المراجعة.
يضع يده على الدعوى بصورة موضوعية، إنْ أظهر التحقيق وجود مسهم في الجريمة فيستجوبه بصفة مدعى عليه ولو ل يرد اسمه في عداد من ادعت عليهم النيابة العامة. للنيابة العامة أن تدعي لاحقاً في حقّ شخص أغفلته في ادعائها الأصلي، وعلى المحقّق أن يستجوبه بصفة مدعى عليه.
“المادة 363- مع مراعاة أحكام المادة السابقة، يطبّق المحقّق العدلي الأصول المتبعة أمام قاضي التحقيق ما خلا منها مدّة التوقيف المنصوص عليها في المادة 108 من هذا القانون.
للنائب العام التمييزي أن يطلع على ملفّ الدعوى، وأن يبدي ما يراه من مطالعة أو طلب. للمتضرّر أن يقيم دعواه الشخصية تبعاً للدعوى العامة.
“المادة 364 – بعد اكتمال التحقيقات، تبدي النيابة العامة التمييزية المطالعة في الأساس. يقرّر المحقّق العدلي، بنتيجة تدقيقه في التحقيقات وأوراق الدعوى، إمّا منع المحاكمة عن المدعى عليه، وإمّا اتهامه وإحالته على المجلس العدلي..”.
وبما أنّه يتبدّى من النصوص المنوّه عنها أعلاه، أنّ صلاحية المحقّق العدلي تنحصر في الجريمة التي أحيلت إلى المجلس العدلي بموجب المرسوم المتخذّ في مجلس الوزراء، وتشمل الوقائع الجرمية المتعلّقة بها، وكلّ من يتبيّن أنّه أسهم فيها، فيعود للمحقّق العدلي إستجوابه كمدعى عليه ولو لم يرد اسمه صراحةً في ادعاء النيابة العامة أمامه.
وبما أنّ الجرائم المدعى بها أمام المحقّق العدلي في الدعوى المطلوب نقلها، تقتصر على جناية المادة 569 عقوبات، معطوفة على المادتين 213 و 217 منه، وجناية المادة 2 من القانون الصادر في 11/1/1958.
وبما أنّ المادة 133 فقرة 2 أ.م.ج. قد حدّدت الجرائم التي تعتبر متلازمة مع أخرى في الحقل الجزائي، فنصّت على أنّه:”تكون الجرائم متلازمة:
أ- إذا ارتكبها عدّة أشخاص مجتمعين في آن واحد.
ب- إذا ارتكبها أشخاص متعدّدون في أوقات وأماكن مختلفة تنفيذاً لاتفاق بينهم.
ج- إذا كان بعضها تهيئة للبعض الآخر، أو تمهيداً لوقوعه، أو تسهيلاً، أو تنفيذاً له، أو لإخفاء نتائجه الجرمية، أو لإبقاء منفّذيها دون ملاحقة.
د- إذا اشترك عدّة أشخاص في إخفاء الأشياء الناتجة عن الجريمة كلّياً أو جزئياً،
وبما أنّه في ضوء ما سبق عرضه أعلاه ، فإنّ الجريمة المنصوص عليها في المادة 408 عقوبات لا تعتبر في عداد الجرائم المدعى بها أمام المحقّق العدلي في الدعوى موضوع طلب النقل، كما لا يمكن اعتبارها متلازمةً معها، وبالتالي لا يحقّ لقاضي التحقيق العدلي في دعوى خطف وإخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه، أن يحرّك من تلقاء نفسه دعوى الحقّ العام ضدّ هانيبال القذّافي سنداً لجرم المادة 408 عقوبات، ثمّ يستجوبه مباشرة كمدعى عليه بالشكل الذي حصل وجرى بيانه أعلاه، بمعزل عن ادعاء النيابة العامة المختصة، كما لا صلاحية له بصفته محقّقاً عدلياً للتحقيق في هذه الجريمة، كونها غير متلازمة مع الجريمة الأصلية التي يتابع التحقيق فيها.
وبما أنّ المحقّق العدلي لم يسند إلى هانيبال القذافي جرم الإشتراك، أو التدخّل في خطف وإخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه، ولم يستجوبه بسبب هذه الجريمة، كما أنّ النائب العام التمييزي لدى المجلس العدلي لم يدع عليه سنداً للمادة 569 عقوبات، أو المادة 2 من القانون تاريخ 1958/1/11.
وبما أنّه في ضوء ما أثاره المدعى عليه هانيبال القذّافي في مذكّراته المنوّه عنها أعلاه ولاسيّما تلك المقدّمة في 2016/1/2016 ، حيث طعن في اختصاص المحقّق العدلي لملاحقته بجرم المادة 408 عقوبات.. وعدم اتخاذ المحقّق العدلي أيّ موقف من هذا الطلب، ما ينمّ عن إصرار على إبقاء وضع يده على الدعوى المبنية على المادة 408 عقوبات، التي تخرج عن اختصاصه والتي حرّكها ضدّ هانيبال القذّافي خلافاً للأصول، فإنّ المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة يكون قد تصرّف على نحو يبرّر الشكوك في حياده إزاء المستدعي، وبالتالي يوجب قبول طلب رفع يده عن الدعوى المذكورة، ونقلها إلى مرجع آخر، دونما حاجةٌ للتطرّق إلى باقي الأسباب المدلى بها لتبرير طلب النقل.
لهذه الأسباب:
تقرّر المحكمة:
1) قبول طلب نقل الدعوى شكلاً، وردّ كلّ إدلاء مخالف.
2) قبوله في الأساس، ونقل الدعوى المنوّه عنها أعلاه من يد المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة إلى يد محقّق عدلي آخر يجري تعيينه وفقاً للأصول المحدّدة في المادة 360 فقرة 2 عقوبات.
3) ردّ كلّ ما زاد أو خالف،
4) إيداع الملفّ جانب النيابة العامة التمييزية لإجراء المقتضى القانوني في ضوء مضمون هذا القرار،
5) تعليق النفقات القانونية،
6) إبلاغ من يلزم.
قراراً صدر في 2016/5/19 في حضور ممثّل النيابة العامة التمييزية”.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 15 – آذار 2017).