“محكمة” تتفرّد بنشر حكم القضاء اللبناني على شبكة الاحتيال العراقية على “بنك عودة”/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
أصدرت القاضي المنفرد الجزائي في بيروت رلى صفير حكمها في ملفّ تزوير ثلاثة أشخاص عراقيين إيصالين ونسب صدورهما إلى “بنك عودة” اللبناني من أجل حمله على دفع مبالغ مالية بملايين الدولارات بذريعة أنّها كانت مودعة لديه منذ عهد الرئيس العراقي الأسبق صدّام حسين، حيث كانت ثمّة خطّة استخباراتية تقوم على وضع أموال بأسماء مواطنين عراقيين دون علمهم في مصارف خارج العراق للاستفادة منها لاحقاً خلال نشوب حرب أو أزمات، غير أنّ اكتشاف إدارة “بنك عودة” لحقيقة هذين الإيصالين المفبركين، أوقف عملية الابتزاز والاحتيال الكبرى التي كانت تستهدف الإستيلاء على مبلغ ثمانماية مليون دولار أميركي دون احتساب الفوائد، وهو رقم مهوّل إذا ما تقرّر سحبه في حال جدّيته، من مصرف واحد!.
دعوى مختلفة من أسرة سفير عراقي
وإنْ كان”بنك عودة” هو المعني بهذه الدعوى لتعلّقها به شخصياً، إلاّ أنّها تطال الحركة المصرفية في لبنان برمّته، ذلك أنّ الأمر مرتبط بسمعة المصارف بأكملها والحماية المعطاة لها من الدولة اللبنانية، وهذا ما استدعى تضامن هذه المصارف مع بعضها بعضاً للوقوف في وجه هذا الاستهداف المبرمج.
وليست كلّ الدعاوى المالية المقامة أمام القضاء اللبناني والمختصة بأناس عراقيين تنضح بالمستندات المزوّرة، أو تتصل بعصابات عراقية تريد النيل من هذه المصارف أو بعضها، وفي المعلومات الخاصة بـ”محكمة” أنّ دعوى جدّية مقامة من أسرة سفير عراقي سابق لدى لبنان وأبرزت فيها مستندات أصلية يجري التحقّق منها راهناً، وهي مختلفة كلّياً عن غايات العصابات، بل ترمي إلى ما تراه العائلة حقّاً مشروعاً لها، وهذا رهن جواب المتابعة القضائية سلباً أو إيجاباً، مع التذكير بأنّه تمّ الشروع في تنفيذ قرار قاضي العجلة اللبناني لجهة تكليف خبير بالإطلاع على الحساب المصرفي ومعرفة ما إذا كان يعود لمورّث الجهة المستدعية أم لا، لدى مصرفين لبنانيين نتحفّظ على ذكر اسميهما راهناً، وهذا ما قصدته “محكمة” في الخبر المنشور على صفحتها الإلكترونية في 19 تموز 2018، وبالتالي فإنّ الكلمة الفاصلة في هذا الأمر تعود للقضاء اللبناني الواضع يده على القضيّة الحقيقية.
وتمكّن الأمن العام اللبناني بجهود مديره العام اللواء عبّاس ابراهيم وبالتعاون مع الاستخبارات العراقية من إماطة اللثام عن شبكة احتيال على مصارف لبنانية بينها”بنك عودة” وجرى توقيف بعض أفرادها.
خلاصة حكم صفير
أمّا بشأن الحكم الصادر عن القاضي صفير، فانتهى إلى إدانة ماهر محمّد صالح رشيد البيجي، وفؤاد رسمي محمّد، وسلام هادي الحاجم بجنح المواد 471/213، 454/471/213، و655/ 213 من قانون العقوبات اللبناني وحبس كلّ واحد منهم لمدّة سنتين وتغريمه مبلغ مليون ليرة عن كل من الجرمين الأوّل والثاني، وحبس كلّ واحد من هؤلاء الثلاثة لمدّة سنة وتغريمه بمبلغ خمسماية ألف ليرة عن الجرم الثالث، وإدغام هذه العقوبات المحكوم بها بحيث تنفّذ العقوبة الأشدّ وهي الحبس سنتين مع غرامة مليون ليرة لكلّ واحد منهم.
وألزم الحكم الصادر بمثابة الوجاهي بحقّ البيجي، وغيابياً بحقّ الإثنين الآخرين، بأن يدفع الثلاثة مبلغ ثلاثين مليون ليرة للمدعي الشخصي “بنك عودة” بدل عطل وضرر بالتكافل والتضامن بينهم وعلى أساس التساوي في الحصص، وتدريكهم النفقات كافة.
خطّة الابتزاز والاحتيال
ومختصر واقعات هذه القضيّة أنّ “بنك عودة” تلقّى إنذاراً من ماهر البيجي يطالبه فيه بدفع مبلغ ثمانماية مليون دولار أميركي بداعي أنّه أودع باسمه في حساب مشفّر في العام 2001 وأرفق الإنذار بإيصالين يحتوي أحدهما على عبارة مفادها أنّ أحد مدراء المصرف المدعي فريدي باز استلم من البيجي مبلغ أربعماية مليون دولار أميركي وممهور في أسفله بتوقيعين منسوبين إلى باز والبيجي، والثاني يتضمّن أنّ مدير عام المصرف آنذاك ورئيس مجلس إدارته حالياً سمير حنّا إستلم من البيجي أيضاً المبلغ المالي نفسه، ومهر الإيصال في أسفله بتوقيعين منسوبين إلى حنّا والبيجي.
وعلى الأثر، تقدّم “بنك عودة” بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية اتخذ فيها صفة الادعاء الشخصي ضدّ البيجي وكلّ من يظهره التحقيق بجرائم التزوير واستعمال المزوّر والابتزاز ومحاولة الاحتيال، ثمّ تقدّم باز وحنّا بشكويين منفصلتين ضمّتا لهذه الشكوى.
ولدى استجواب البيجي نفى تزويره للإيصالين مدعياً بأنّه لم يشاهد النسختين الأصليتين كونهما مخبأتين “في حديقة” و”تحت الأرض” في العراق، وأردف أنّه لم يعلم بوجود المبلغ المالي المذكور إلاّ عندما تلقّى اتصالاً هاتفياً من المدعى عليه فؤاد رسمي محمّد المعروف بـ”أبو آية” الذي أخبره بوجود مستندات لدى المدعى عليه الآخر سلام الحاجم تثبت وجود وديعة مصرفية باسم البيجي لدى “بنك عودة”، طالباً منه الانتقال إلى لبنان وتحصيله بداعي أنّ النظام العراقي السابق برئاسة صدّام حسين اعتمد طريقة لإخفاء الأموال عبر إيداعها من قبل رجال المخابرات العراقية في حسابات خاصة خارج العراق باسم أشخاص عراقيين بدون علمهم بغية استردادها لاحقاً في حال نشوب حروب أو أزمات.
وحضر البيجي إلى لبنان مع محمّد والحاجم وعبد الحكيم نعمة وجرى توكيل محام للشروع في الإجراءات القانونية لاستعادة المال، ووقّع البيجي على سند التوكيل بصورة مشابهة لرسم توقيعه الوارد على الإيصالين فاستجاب للطلب وغادر إلى العراق.
وهنا النصّ الحرفي لحكم القاضي رلى صفير:
“محكمة” – الخميس في 2018/08/09
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.