مدى إمكانية إجراء انتخابات محامي بيروت في ظلّ صدور قانون تعليق المهل الأخير/فؤاد مطر
المحامي فؤاد مطر:
إنطلاقاً من أحكام المواد 35 وما يليها من قانون تنظيم مهنة المحاماة، تعقد الجمعية العامة وهي المرجع الأعلى للمحامين، إجتماعها العادي كلّ سنة في أوّل يوم أحد من شهر تشرين الثاني، ويعتبر اجتماعها وفق أحكام المادة 38 قانونياً إذا حضره أكثر من نصف عدد الناخبين الذين لهم حق الاشتراك في التصويت، فإذا لم يكتمل هذا النصاب، تكرّر الدعوة لاجتماع آخر يعقد في خلال خمسة عشر يوماً، ويكون هذا الاجتماع قانونياً مهما كان عدد الحاضرين.
إزاء ذلك،
وفي ظلّ صدور قانون تعليق المهل رقم 328 المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 2024/12/5 (العدد 49) ، نبدي ملاحظاتنا باختصار كلّي، على الشكل الآتي:
– إنّ عقد الاجتماع في أوّل أحد من شهر تشرين الثاني، وعلى الرغم من عدم إكتمال النصاب المطلوب للبتّ بجدول الأعمال، قد كرّس من جهة أولى، إنطلاق العملية الانتخابية ذات الطبيعة القانونية المركّبة المتتالية المراحل، ومن جهة ثانية وجوب البتّ بباقي الأمور المدرجة على جدول الأعمال ومنها مسألة الموازنة.
إنّ هذا الاجتماع الذي عقد في أوّل يوم أحد من تشرين الثاني من العام 2024، وخلافاً لما كان عليه الحال في ظلّ قانون تعليق المهل السابق رقم 2020/160، يندرج ضمن الاستثناء المنصوص عنه بمقتضى البند ” 4″ من المادة الثانية من قانون تعليق المهل الأخير المنشور بتاريخ 2024/12/5.
بالفعل، نصّت المادة الثانية (البند 4) من قانون تعليق المهل الأخير على ما يأتي:
” … يستثنى من أحكام التعليق:
…. 4 ـ جميع المهل القانونية والمهل المتعلقة بانعقاد الهيئات العامة للنقابات والتعاونيات التي تم عقدها قبل صدور هذا القانون … ”
وبالتالي، فإنّ الاجتماع الاول قد راعى المهلة القانونية المتعلقة بموعد عقد الجمعية العامة كونه قد حصل في أوّل أحد من تشرين الثاني (المادة 35) ، وراعى أيضاً المهلة القانونية لعقد الإجتماع الآخر في خلال خمسة عشر يوماً (المادة 38).
لو لم يحصل هذا الاجتماع أصلاً ، ولو لم تراع بموجبه المهلة القانونية المتعلّقة بموعد عقد الهيئة العامة، ولو ولم يرجىء مجلس النقابة إنعقاد الجمعية الى حين زوال الظروف المانعة لإنعقادها … لما اعتبر ذلك ضمن الاستثناء المنصوص عنها في البند 4 من المادة الثانية من قانون تعليق المهل الأخير .
إن عقد هذا الاجتماع الاول قد حصل كما أشرنا قبل صدور قانون تعليق المهل الاخير، وهو بذلك يندرج ضمن الاستثناء من أحكام التعليق ومن غير الجائز اعتباره وكأنّه لم يكن، وهذا ما يحول بنظرنا دون جواز تطبيق المادة الثالثة من القانون نفسه باعتبار أنّ هذا الاجتماع قد راعى جميع المهل القانونية المتعلقة بمواعيد عقد الجمعية العمومية لاجتماعها السنوي ولانطلاق العملية الانتخابية المتتالية، وإنّ حتمية الدعوة لعقد الاجتماع الثاني لا يعتبر مخالفة لقانون تعليق المهل الأخير، بل تطبيقاً له سنداً للبند (4) من المادة الثانية منه.
أضف إلى ذلك،
– بما أنّ مجلس النقابة قد قرّر”إرجاء” إنعقاد الجمعية العمومية العادية، ولم يقرّر “تعليقها”، كما أنّه قرّر إبقاء الترشيحات المقبولة منه قائمة باعتبار أنّ مهلة الترشيح قد أقفلت، ممّا يعني أنّ ما تقرّر في هذا السياق يندرج ضمن الاستثناء من أحكام التعليق، ما يوجب والحال ما تقدّم، إجراء الانتخابات بعد زوال الظروف المانعة لذلك، وبسبب إقفال باب الترشيحات لدورة تشرين الثاني 2024.
لم يختلف نصّ المادة الثالثة من قانون 2020/160 تاريخ 2020/5/8 عن نصّ المادة الثالثة من قانون رقم 328 المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 2024/12/5، إلاّ أنّ المسألة التي يقتضي التوقف عندها هي أنّه في ظلّ صدور القانون 2020/160 لم تعقد أصلاً الجمعية العامة إجتماعها في أوّل يوم أحد من تشرين الثاني، في حين أنّه وقبل صدور القانون الحالي عقدت جمعية عمومية عادية في أوّل يوم أحد من تشرين الثاني 2024 ولم يكتمل خلالها النصاب القانوني فتقرّر على هذا الأساس، تكرار الدعوة لاجتماع آخر يعقد خلال خمسة عشر يوماً.
ما يعني أنّ إرجاء الانعقاد كان يومها بسبب عدم إكتمال النصاب، وليس لأيّ سبب آخر، فضلاً عن أنّ موعد الإنعقاد القانوني الحتمي للجمعية العمومية قد إنطلق وفقاً للآلية المنصوص عليها في أحكام قانون تنظيم مهنة المحاماة (المواد 35 وما يليها)، مما يعني أيضاً أنّ عقد الجمعية العمومية في أوّل أحد من تشرين الثاني 2024 يشكّل الاستثناء المنصوص عنه بموجب البند ـ 4 ـ من المادة الثانية من قانون تعليق المهل الحالي، وبالتالي، يقتضي إستكمال العملية الانتخابية وفق الأصول وعدم تطبيق المادة الثالثة من القانون المذكور، علماً أن قانون تعليق المهل الحالي لم ينص على أيّ مانع من إجراء الانتخابات. والملفت أنّه نصّ على سبيل المثال في المادة الرابعة منه على أنّه يعود للفرقاء في الاتفاقيات والعقود ان يتنازلوا عن مفعول التعليق شرط ان يكون التنازل صريحاً وخطّياً.
وبالتالي، لو كان التعليق مرتبطاً بالانتظام العام لما أجاز المشترع للفرقاء في العقود- الاتفاقيات، ان يتنازلوا عن مفعول التعليق باعتبار أنّ أيّ بند مخالف للانتظام العام هو بحكم الباطل قانوناً، وأضف الى ذلك أنّ المهل القضائية التي ترك القانون للقاضي أن يقدّرها مستثناة هي أيضاً من احكام التعليق وفق احكام المادة الثانية، ما يؤكّد أنّ أحكام التعليق غير مرتبطة بالانتظام العام.
وإنّ خير دليل على ذلك، البيان الصادر عن وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى بتاريخ 2024/12/5 (منشور في الموقع الإلكتروني لمجلة محكمة) الذي أعلن بموجبه معاودة العمل بصورة طبيعية في المحاكم والدوائر القضائية مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف السائدة في محافظات لبنان الجنوبي والنبطية وبعلبك الهرمل.
إنّ عبارة “معاودة العمل بصورة طبيعية” الواردة في البيان أعلاه تؤكّد زوال الظروف التي أدت الى إرجاء إنعقاد الجمعية العمومية بحسب قرار مجلس نقابة المحامين في بيروت.
وأخيراً، نأمل إجراء الانتخابات قبل انتهاء العام الحالي لأسباب عدّة منها ما أوردناه أعلاه لناحية تفسير القانون حيث نرتكز على أساس صحيح وسليم، أو لناحية ممارسة العملية الديموقراطية السليمة كما اعتادت نقابة المحامين، ووطنياً لكي لا تضاف على الحجج الواهية في عدم انتخاب رئيس للجمهورية.
“محكمة” – الجمعة في 2024/12/6