مدى مشروعية إشغال العقار والحكم بالإخلاء/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
بحثت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الغرفة الحادية عشرة الناظرة في دعاوى الايجارات، والمؤلّفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري عدّة نقاط قانونية، فاعتبرت أنّ النزاع يتمحور حول مدى مشروعية إشغال العقار ولا يتعلّق بإثبات الملكية ويكون القاضي المنفرد الناظر في دعاوى الايجارات والإشغال هو صاحب الاختصاص للبتّ بالدعوى.
كما اعتبرت المحكمة بعد دراسة مستفيضة، انه في ظل عدم موافقة المستأنف بوجهه على بقاء المستأنف في العقار موضوع النزاع، فضلاً عن عدم وجود علاقة تأجيرية بينهما، يؤدّي إلى اعتبار إشغال المستأنف غير مشروع مما يوجب اخلاءه، وقضت بتصديق الحكم المستأنف
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2019/4/11
خامساً: في الاساس
حيث ان المستأنف يطلب فسخ الحكم المستأنف لعدة اسباب استئنافية سوف تتم معالجتها تباعاً، رامياً من خلال ذلك الى الحكم مجدداً برد الدعوى واستمرار اشغاله للعقار موضوع النزاع.
وحيث من نحوٍ اول، يطلب المستأنف فسخ الحكم المستأنف لعدم الاختصاص ولمخالفته نص المادة /86/ من قانون اصول المحاكمات المدنية والمادة /204 من القرار رقم /3339/ ولاغفاله ملكيته المستمدة من ملكية مورثه لقطعة الارض المحددة المساحة والمعينة الحدود وبالتالي اعلان عدم اختصاص القاضي المنفرد الناظر في قضايا الايجارات للنظر في الدعوى الراهنة.
وحيث ان المستانف بوجهه غ. يطلب من جهته، رد ادلاءات المستأنف لناحية الاختصاص باعتبار ان الاشغال غير الشرعي يستوجب تدخل القاضي المنفرد لوضع حد له تطبيقاً للفقرة الرابعة من المادة /86/أ.م.م.
وحيث ان النزاع الراهن بين الفريقين يتمحور حول مدى مشروعية اشغال المستأنف للعقار رقم /2215/ من منطقة المصيطبة العقارية، ولا يتعلق بإثبات ملكية او عدم ملكية الاخير لحصة معينة او اسهم في العقار المذكور.
وحيث ان هذا النزاع يدخل وفقاً لماهيته وموضوعه في صلب صلاحية القاضي المنفرد عملاً بأحكام البند الرابع من المادة /86/ من قانون اصول المحاكمات المدنية والذي يجعل هذا الاخير مختصاً للنظر في جميع الدعاوى المتعلقة بالاشغال، وهو يندرج ضمن الدعاوى المناطة بالقاضي المنفرد مصدر الحكم المستأنف عملاً بقرار توزيع الاعمال بين الغرف والاقسام في المحافظة الواحدة، الامر الذي يقتضي معه رد جميع ادلاءات المستأنف المخالفة لهذه الوجهة.
وحيث من نحوٍ ثانٍ، فإن المستأنف يطلب فسخ الحكم المستأنف لاشغاله حصته في العقار بصورة شرعية تبعاً لعقد البيع المنظم لمصلحة مورثه في العام 1931، ولعله تشويهه المستندات وعدم اعتداده بمضمون القرار القطعي الصادر عن محكمة الاستئناف بتاريخ 2/2/1971 والذي قضى بتصديق المصالحة الموقعة بين الجهة المالكة ومورثه والمتضمنة اقراراً بحق الاخير بملكية /1700/ ذراع في العقار موضوع النزاع، ولعدم امكانية اعتبار تحويل ملكية مورثه من قطعة ارض محددة المساحة ومعينة الحدود الى اسهمٍ وفق اتفاقية المصالحة بأنه تنازل عن قطعة الارض المذكورة آنفاً بدليل استمراره بإشغال البناء والقسم من العقار موضوع النزاع لما يفوق النصف قرن دون اي منازعة، ولعلة مخالفته نص المادة /835/ من قانون الموجبات والعقود ولعدم تطرقه الى مسألة تحديد الجزء المباع بالمساحة والحدود، كونه لا يشغل من العقار موضوع النزاع سوى الجزء الذي يعود له.
وحيث ان المستأنف بوجهه غ. يدفع من جهته بوجوب تصديق الحكم المستأنف لعدم تملك المستأنف ثلاثة ارباع الحصص التي اوجبتها المادة /835/ م.ع. وان هذا الامر يعود له حصراً كونه يملك /2400/ سهم في العقار موضوع النزاع، وبأنه لا يرد على ذلك بأن المستأنف شغل العقار المذكور مدة طويلة من الزمن باعتبار ان هذا الاشغال لا يعطي اي حق للشاغل دون مشوغ شرعي تجاه المالك، وفي مطلق الاحوال لسقوط الحق المكرس في القرار الاستئنافي، تاريخ 1971/12/2، الذي استحصل عليه مورث المستأنف والقاضي بتمليكه /43,359/ سهماً في القعار موضوع النزاع، بمرور الزمن.
وحيث وبالعودة الى مجمل معطيات الملفين الابتدائي والاستئنافي وما ابرز فيهما من مستندات، يتبين ثبوت الوقائع التالية:
– انه بتاريخ 1971/12/2، صدر قرار عن محكمة الاستئناف في بيروت، الناظرة في القضايا العقارية، برقم /1226/ قضى بتصديق المصالحة الموقعة بين الفريق الاول المؤلف من ج. ور. وج. والفريق الثاني المؤلف من ورثة المرحوم ي.، وهم ف. وخ. وا.، والتي تضمنت التزام الفريق الاول بتسجيل /43,359/ سهماً في العقار رقم /2215/ المصيطبة على اسم الفريق الثاني ووفقاً لحصصهم الارثية.
– ان المستانف ن. وشقيقه ر. هما الورثة الشرعيين للمرحوم خ. كما هو ثابت من قرار حصر الارث الصادر عن محكمة بيروت الدرزية، الدرجة الاولى، برقم /45/ تاريخ 2011/5/23، بالاستناد الى صك وصية المرحوم خ. المسجلة امام مشيخة عقل الطائفة الدرزية بتاريخ 1982/3/30 تحت رقم /200/ سجل /11/.
– خلو الافادة العقارية العائدة للعقار موضوع النزاع تاريخ 2017/2/2 ، المرفقة ربطاً باللائحة الجوابية المقدمة من المستأنف بوجهه غدار، من ذكر اسم المستأنف او اسم اي من مورثيه سواء جده المرحوم ي. او والده المرحوم خ. كمال لاي اسهم في العقار المذكور.
وحيث ان حل النزاع المطروح يستوجب الرجوع الى نص المادتين /826/ و /835/ من قانون الموجبات والعقود.
وحيث انه وفقاً للمادة /826/ المذكورة اعلاه، “كل شريك يمكنه استعمال الشي المشترك على نسبة ما له من الحق”، اضف الى انه سنداً للمادة /835/ م.ع.، “ان الاقلية من الشركاء مجبرة على قبول القرارات التي تتخذها الغالبية في ما يختص بإدارة الشيء المشترك وكيفية الانتفاع به. بشرط ان يكون للغالبية ثلاثة ارباع المصالح التي يتكون منها موضوع الشركة”.
وحيث انه وفقاً للوقائع المعروضة اعلاه، لم يثبت من قيود السجل العقاري ملكية المستأنف او مورثه لغالبية ثلاثة ارباع الاسهم في العقار موضوع النزاع، او اقله اسهماً معينة، في حين يملك المستأنف بوجهه كامل اسهم العقار المذكور، الامر الذي يخوله جميع الصلاحيات المعطاة للمالك، بما في ذلك حق ادارة العقار.
وحيث انه وعلى فرض عدم سقوط الحق المكرس لمورث المستأنف بموجب القرار الاستئنافي المشار اليه اعلاه، فإن ما يعود للمستأنف من حصة في العقار موضوع النزاع، في حال تنفيذه، لا يتخطى /7,2265/ سهماً، كونه يرث مناصفةً مع شقيقه ر. حصة مورثهما البالغة /14,453/ سهماً بعد حسم حصص اشقاء الاخير، الامر الذي لا يخول المستأنف الاشغال، في ما لو تم التسجيل على اسمه، نظراً لضآلة حصته، ما لم يستحصل على موافقة مالكي ثلاثة ارباع الاسهم الذين يعود لهم حق ادارة العقار والانتفاع به.
وحيث لا يرد على ذلك، استمرار مورث المستأنف بإشغال العقار موضوع النزاع لما يفوق النصف قرن دون اي منازعة، طالما انه يترتب على الشاغل غير المالك، وان طال امد اشغاله، ان يثبت صحة اشغاله للعقار والا اتصف هذا الاشغال بالتعدي الواضح.
وحيث من الثابت عدم موافقة المستأنف بوجهه على بقاء المستأنف في العقار موضوع النزاع، فضلاً عن عدم وجود اي علاقة تأجيرية بينهما، فيكون اشغال المستأنف غير مشروع مما يوجب معه بالتالي اخلاءه، ورد جميع ادلاءات المستانف المخالفة، بما في ذلك رد طلب هذا الاخير استئخار البت بالدعوى الراهنة لحين صدور حكم عن الغرفة الابتدائية في بيروت الناظرة في القضايا العقارية في الدعوى المسجلة تحت الرقم 2012/493، الرامية الى إبطال عملية تسجيل عقد البيع الممسوح الموقع بين آل ع. وم. من جهة، والمستانف بوجهه من جهة اخرى، والجاري على /364,104/ سهماً من العقار لعدم تأثيرها على نتيجة الدعوى الراهنة، مما يوجب معه تصديق الحكم المستأنف في النتيجة التي توصل اليها.
وحيث يقتضي ايضاً رد طلب المستأنف ادخال جميع الاشخاص الممثلين في المحاكمة التي صدر بنتيجتها القرار الاستئنافي تاريخ 1971/12/12، تحديداً ورثة المرحوم ن.ع. وهم ج. وج. ور. زوجة السيد ب.، في ظل التعليل المبسوط اعلاه وتبعاً لعدم تحديد المستانف مطالبه بوجه المطلوب ادخالهم اصولاً، فيكون بالتالي طلب الادخال مفتقراً لشروطه الشكلية ومردوداً لهذه الناحية.
وحيث بنتيجة الحل المساق، تغدو سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة مستوجبة الرد إما لكونها لاقت رداً ضمنياً او لعدم تأثيرها على النزاع، بما في ذلك طلب المستأنف بوجهه الرامي الى الحكم على المستأنف بالعطل والضرر لانتفاء ثبوت نية الاخير.
لذلك
تقرر بالاجماع:
1- قبول الاستئناف شكلاً.
2- اخراج المستأنف بوجههم السادة ج. ون. وا. وم. من المحاكمة لعدم الصفة، وحصر الخصومة بين المستأنف والمستأنف بوجهه م.
3- ردّ الاستئناف اساساً وتصديق الحكم المستأنف رقم 2015/990 تاريخ 2015/11/30 برمته في النتيجة التي توصل اليها.
4- رد سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة بما في ذلك طلب فتح المحاكمة وطلب الاستئخار وطلبات الادخال، وطلب العطل والضرر المقدم من المستأنف بوجهه.
5- مصادرة التأمين الاستئنافي، وتضمين المستانف الرسوم والنفقات القانونية.
قراراً صدر وافهم علناً في بيروت بتاريخ 2019/4/11.
“محكمة” – الجمعة في 2019/4/19