مقالات
معالي النقيب فؤاد الخوري في أعلى المناصب/ ناضر كسبار
ناضر كسبار (نقيب المحامين السابق في بيروت):
مَر في لبنان رجالات عظماء، لم يَفهم التاريخ حقهم. من هؤلاء النائب ونائب مجلس الوزراء والوزير ونائب رئيس مجلس الوزراء والنقيب فؤاد الخوري، الذي وصل الى اعلى المناصب التي ممكن ان يصل اليها ارثوذكسي في لبنان. وهو كان قيمة سياسية وعلمية وفكرية وادبية. وقد الف عدة مؤلفات منها: “النيابة في لبنان”، و”سوانح خمسين”.
جاء في كتابه “سوانح خمسين” ان النقيب جان جلخ كان مستقطباً دائرة من المحامين يروي امامهم ملحاً ونوادر كان هدفاً لها اشخاص غائبون من قضاة ومحامين. وبينما هم في غمرة البهجة والاستحسان، نودي على الاستاذ جلخ من قبل المحكمة لحضور جلسة فيها، فهبّ يلبّي النداء. وبعد ان سار مسافة تذكر انه كان يسبر الاغوار ويعجم الاعواد. فخشي ان يناله الزملاء في غيابه بما كان ينال سواه، عاد بعض الخطوات يحدق في وجوه اهل الحلقة قائلا لهم: كل واحد يحكي بأصلو.
ويضيف النقيب خوري: والاستاذ فيليب ضرغام، لكثرة ما كان كل يوم تقريباً يجمع في جعبته احدث الاخبار ولواذع النقد يوزّعها ذات اليمين وذات الشمال ضمن حلقة من الرفاق تحت الشجرة (شجرة العدلية)، أعطي لقب الاذاعة اليومية.
وفي مكان آخر، ينتقد النقيب “خوري الموكلين الذين لا يقولون الحقيقة كاملة لوكيلهم المحامي”. ويقول في هذا المجال: يزعم بعض الناس أنّ المحامين لا يتوخّون الحقيقة في قولهم، وانهم لا يستنكفون عن المرافعة في دعاوى باطلة. ولكن هؤلاء الناقدين ينسون أنّ المحامي لا يعرف من الدعوى إلّا ما يقوله موكّله، وتأكدوا ان ما من موكّل يقول لوكيله ان دعواي كاذبة.
***
رواتب شهرية
ويقول النقيب والوزير السابق فؤاد الخوري في كتابه “النيابة في لبنان” إنّه في العام 1974، وبينما الاضرابات والتظاهرات يزداد عددها يوماً بعد يوم، برز لنواب الامة اهتمام، ولكن في ابتداع شرعة جديدة تؤمّن مورداً مادياً غزيراً لهم ولرؤساء الوزارات ورئيس الجمهورية بعد انفصالهم عن العمل الرسمي ولأسرهم من بعدهم، وهي رواتب شهرية معينة.
ويقول الاستاذ الخوري:”عند طرح هذا المشروع على بساط البحث في مجلس النواب في 27 حزيران 1974 تهافت عليه النواب. وصدقوه جميعا في جلسة قصيرة واحدة، ما عدا اربعة نواب اكارم عارضوه هم: الرئيسان شمعون وكرامي والنائبان شادر ومخيبر”.
ويضيف انه كتب يومها مقالا في جريدة البيرق ومما جاء فيه:
…هي الروح المادية التي طغت في هذه الآونة من العصر، فتبدلت تحت وطأتها مقاييس في المبادئ والقيم من آثاره، نهم مادي عام وغلو في الإيثار الذاتي…
…النيابة في الاصل رسالة تولي من استحقها شرف تمثيل الشعب بإقبالهم على تطويق عنقه بثقة منهم لا تقدّر بثمن…
…من اقوال عمر بن الخطاب: لا تنظروا الى صلاة احد ولا الى صيامه، ولكن انظروا الى ورعه اذا اشرف على الدينار والدرهم.
“وكم تتعثر النفوس في دروب الشهوات، ويخطف بريق المال ابصارا وبصائر…”
***
سلام يصفح
ويضيف النقيب الخوري:
في العام 1972، وبينما كان الرئيس صائب سلام يصعد سلّم مجلس النواب لحضور جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومته، برز من بين الجمهور شاب ناداه بانفعال “يا صائب..يا دكتاتور” وقذفه بإزميل حديدي طوله 33 سنتيمترا ووزنه ثلاثة كيلوغرامات ونصف، فسقط على بعد نصف متر عن الرئيس سلام.
وقبض على الشاب، وبعد ان اوقف مدة، تقدم الى رئيس الوزارة عدد كبير من اهالي عشيرة الشاب معتذرين عنه، كما اعتذر هو مقدّراً مزايا رئيس الوزارة وفضله. فصفح عنه.
وفي هذا المجال يقول معالي النقيب فؤاد الخوري:
“…الصفح اسمى درجات الحكم عند الرجال، والعفو شيمة تتحلى بها النفوس الكبيرة.
واثر العفو في المجتمع موصول بتقديره ممن نالوه، فإذا بدا لهم منبعثاً عن ضعف او حذر، فلا يبعد عن ان يغدو عاملا مسهلا لهم تكرار امثال ما اتوه قبل الصفح.
أما إذا حسن تقديره بردهم إياه الى كرم او قدرة من عفا ففي الصفح خير عميم للمجتمع”.
***
الموازنة
وجاء في كتاب “النيابة في البنان” أنّه عند طرح موازنة عام 1969 على البحث في مجلس النواب اللبناني، تعاقب على الكلام ثلاثة وخمسون نائباً منهم السادة إدمون رزق وسليم حيدر ونهاد بويز.
ومما قاله رزق مستشهداً بكتاب لزعيم حزبي كبير:
“…فنحن من اين أتى الخير نتقبله ومن اين صدر الشر نرفضه وننبذه”.
ومما ختم به النائب سليم حيدر:”…إذا كان التقشف من صفات الزهد الحميد، فهو في الدولة عجز ويأس وقصر نظر. يجب التخطيط لسياسة إنماء.
أما النائب نهاد بويز فقد انهى خطابه بكلمة رائعة:
“…ساعدني يا رب لأنْ اقول كلمة الحق في وجه الاقوياء..وان لا اقول الباطل لأكسب تصفيق الضعفاء”.
***
بين السياسة والمحاماة
في كتابه “سوائح خمسين” يقول النقيب فؤاد الخوري ان هناك فرقاً شاسعاً بين جو المحاماة وجو السياسة.
“…ففي المحاماة علم مهيمن يهيب بالمحامي الى استطلاع ذخائر الكتب والقوانين واستنباط النظريات العلمية السديدة في خدمة العدل.
اما في السياسة فاستنباط دسائس ونزال مستعر مستمر بين حاكمين ومعارضين قلما يتقيد هذا النزال عندنا بضوابط عادلة، هدفه في الغالب احتلال مقاعد الحكم وفي النادر المصلحة العامة. ويجدر هنا ذكر ما كان يردده ريمون بوانكاره (احد كبار المحامين والسياسيين) بعد تركه السياسة:
– “المحامي الذي ينصرف الى السياسة يشبه الرجل الذي يميل عن زوجته الجميلة الفاضلة الى خليلة جاهلة مخادعة. ولكن محبته لزوجته تزداد بقدر دوام الهجر والمخادعة”.
ويختم النقيب الخوري:”تربح السياسة دائما من المحاماة بما تجتذبه بالاغراء من فتيانها. اما المحاماة، محاماة العدل والمعرفة والدفاع عن الحق فإنها مع السياسة دائما خاسرة.
***
طباع صارعتها فصرعتني
ونبقى مع كتاب “النيابة في لبنان” لسرد روايتين عن الاستاذين فؤاد بطرس وعبدالله اليافي:”فأثناء البحث في مشروع قانون يتعلق بمجلس الشورى في مجلس النواب في العام 1966، حصلت مشادة كلامية بين النائبين فؤاد بطرس وأديب الفرزلي جاوز هذا الاخير الحد فيها ودعت رئيس المجلس الى التدخل والعودة بهم الى النظام.
وعندما أعطي النائب الفرزلي الكلام ثانية بدأ يعبارة ليت جميع الذين يتناحرون ويتخاصمون ويتحاورون يتقيدون بها. وهي الآتية:
– “دولة الرئيس: بصفتي نائبا وقع بيني وبين الزميل الاستاذ فؤاد بطرس تلك المشادة الكلامية التي لا يمكن ان يستغني عنها ذو طبع،…وإذ بي استرسل بكلمات اتحسس انها لا تنسجم مع ما نسب مني الى الاستاذ فؤاد، الا انها طباع صارعتها مدة فلم اتغلب عليها فصرعتني.
وانني اتمنى جدا ان يكون الاستاذ فؤاد قد نسي الذي قيل بالقدر الذي انا اتحسس انني منشرح الصدر بأن اغسل ذلك الصدأ الذي يلصق بالنفس من هذه الاحداث؟
***
الإرهاب والإبتسام
في العام 1956 وبعد ان شكل الدكتور عبدالله اليافي الوزارة وتلا بيانها توصلا لنيل الثقة بها. صرح الرئيس رشيد كرامي بتأييد سياسة رئيس الوزارة لانطباقها على السياسة التي كانت لوزارته وانه سيعطيها الثقة. مضيفاً:”…اما القول المتعلق بالاحلاف الثنائية فأعتذر عن عدم فهمي ما يراد بهذه الاحلاف”.
فبادره الدكتور اليافي بقوله:”اتأسف ان تبقى مدة رئيس حكومة ولا تفهم هذا…وإذا كان في نفسك شك فأرجوك ان تحتفظ بثقتك لنفسك”.
فأجاب النائب كرامي:”…وبعد سماعي اجوبتك احجب ثقتي عنك”.
وبعد ان تعاقب على الخطابة عدد من النواب، خاطب رئيس الوزارة النائب كرامي قائلاً:
“اريد ان لا يعلق في ذهن الصديق رشيد كرامي ان في الحادث الذي جرى من هنيهة ما يمكن ان يؤثر على صداقتنا”.
فأجابه الرئيس كرامي:”…وبما ان الصديق اليافي فسر هذا الحادث بأنه سوء تفاهم عابر، فإني اعود فأمنحه الثقة”. وبالفعل نالت الحكومة يومها الثقة.
ويعلق النائب والوزير السابق المرحوم فؤاد الخوري على ذلك بقوله:
“بالنسبة لقسوة الكلمة التي لم ترافقها الروية قبل انطلاقها من فم الدكتور اليافي نذكر قولا مأثوراً: الانسان هو المخلوق الوحيد الذي يخلق لنفسه المتاعب بلسانه”.
وقولا آخر:
“ما تريد نيله بالارهاب، يسهل بلوغه بالابتسام”.
***
مقعد مكلل بالغار
وبعد وفاة النائب اميل البستاني في العام 1963 على اثر وقوع طائرته في البحر، وبعد مضي خمسين يوما على تلك الحادثة فازت ابنته ميرنا بالانتخاب لملء مقعده الشاغر. وقد استقبلت بترحيب خطابي من رئيس المجلس ورئيس الوزارة وتسعة من النواب.
ومما جاء في خطاب النائب ادوار حنين:
“…المقعد الذي كان يشغله اميل البستاني يكلل اليوم بالغار، واذا بالورد الذي حرمنا ان نلقيه على قبره يستوي اليوم على كرسيه حيا عابقا بالمرجو من المكارم”.
***
لكل سيف نبوة ولكل جواد كبوة
في العام 1959 وبعد ان تلي في المجلس اقتراح قانون بموضوع موقع من بعض النواب، بينهم النائب نهاد بويز: قال رئيس الحكومة المرحوم رشيد كرامي انها اعدت مشروعاً بالموضوع ذاته فلا ضرورة لبحث هذا الاقتراح الآن. واضاف:”احمد الله ان الزميل الاستاذ نهيد بويز يلتقي معنا على الحق ولا نلتقي معه على غير ذلك”.
على اثر ذلك طلب الاستاذ بويز الرد على كلام الرئيس كرامي فأباه عليه رئيس المجلس.
فاستثار هذا الموقف غيرة النائب جان عزيز واندفع – مقاطعا الرئاسة – في بيان الاحترام المتبادل الذي يجب ان يسود العلائق بين الحكومة والنواب.
فطلب الرئيس من الكاتب عدم تسجيل كلام النائب في المحضر لصدوره منه دون إعطائه حق التكلم.
فضج النواب واعتكر الجو فاضطر الرئيس الى رفع الجلسة.
وبهذا الصدد يقول النائب الوزير السابق النقيب فؤاد الخوري:
قد يبرر رئيس الحكومة حق الكلام عن النائب بويز، في ذلك الوضع، بحسن قصد من الرئيس يرمي الى منع المهاترة.
ولكن رئيس الحكومة ما عرف به من اتزان فكري، ومستوى رفيع في مجالات القول، والحوار، لا يستطاع ان يواجه في ما بدر منه بسوى:
“لكل سيف نبوة ولكن جواد كبوة”
***
سند جديد
ويروي معالي النقيب فؤاد الخوري ان النقيب وديع نعيم الذي تولى وزارتي الداخلية والتربية الوطنية، قد اوكل اليه شخص من آل الصلح تحصيل دين له بموجب سند موقع بإمضاء الرئيس رياض الصلح وسائر ورثة والده. وان الاستاذ نعيم قد ابقى السند الاصلي بحوزته وقدم للمحكمة صورة فوتوكوبية عنه.
ولكن، وفي جلسة المحاكمة، استمهل المحكمة لتقديم السند الاصلي، وفتش في ملفه فلم يجد السند. فقرر حفاظا على سمعته المهنية دفع قيمة السند لصاحبه من امواله الخاصة. فعمد قبل ذلك الى الاتصال بالرئيس رياض الصلح ليخبره. ولكن هذا الاخير قال له: خفف عنك يا اخي فالسند سيكون لديك في الغد. وهذا ما حصل. فقد كتب الرئيس الصلح سنداً جديداً ووقّعه مع الورثة وسلمه للاستاذ نعيم في اليوم التالي لكي يستعمله ضده في المحكمة.
ويقول الاستاذ الخوري: ان النُصُب المرفوع لرياض الصلح في قلب العاصمة اللبنانية لم يقم على مجد رئاسة الوازرة التي تربع في دستها ولا على جهاده الوطني الطويل فحسب. بل قام اولا على امثال هذه الشمائل والمزايا الفريدة التي تظل حديث المجالس ويكتب لها الخلود.
***
إستأنفوا الحكم حالا
يزعم بعض الناس ان المحامين لا يتوخون الحقيقة في قولهم وانهم لا يستنكفون عن المرافعة في دعاوى باطلة، ولكن هؤلاء الناقدين ينسون ان المحامي لا يعرف من الدعوى إلا ما يقوله موكله، وتأكدو ان ما من موكل يقول لوكيله إن دعواي كاذبة.
جاء رجل من طرابلس الى بيروت ووكل محاميا في قضية بعد ان اكد للمحامي انه مظلوم وان الحق، كل الحق في جانبه. وقبل ان يغادر طلب الى المحامي ان يرسل اليه برقية يعلمه فيها بنتيجة الدعوى.
وبعد شهرين ربح المحامي الدعوى، فأرسل الى موكّله البرقية التالية: إنتصر الحق. فما كاد الموكل يتناول هذه البرقية حتى اسرع فأجاب ببرقية: إستأنفوا الحكم حالا!!!
( عن كتاب سوانح خمسين للنقيب فؤاد الخوري)
***
رسالة لا مقدمة
عندما كان النقيب والنائب والوزير فؤاد الخوري على فراش الموت، وكان على وشك إصدار كتابه “على رصيف العمر”، كتب إبنه النقيب والوزير السابق عصام كلمة أسماها رسالة لا مقدمة وهي من اجمل ما كتب.
ومما جاء فيها:
أبي الحبيب،
سألتني ان اكتب مقدمة لكتابك الجديد “على رصيف العمر”، ووجدتني اكتب اليك رسالة.
المقدمات، يا أبي، محاولات للتعرف والتعريف، أما الرسائل فكلمات من القلب الى القلب…
ويا أبي، كلمة اخيرة اوجهها اليك:
أنت اليوم ممدد على سرير المرض والاستشفاء، ووطني اليوم ممدد على صليب العذاب والقهر والقذائف المجنونة، أما انا، إزاءك، ففي غصة وحزن، وفي عتب على نفسي: لم اتعلم منك كفاية القوة على المواجهة والصبر على الشدائد..فبالله عليك، علمني، علمني، ولو بكلمة او نظرة، كيف تكون المقاومة وكيف يكون الانتصار على الحزن والوداع والرحيل.
ويا أبي…أنا احبك.
***
لا يعرفون الناقة من الجمل
دخل رجل من اهل الكوفة على بعير له الى دمشق في حال منصرفهم عن واقعة صفين. فتعلق به رجل من اهل دمشق. فقال: هذه ناقتي اخذت مني في صفين. فارتفع امرهما الى معاوية. واقام الدمشقي خمسين رجلا بينة (شهود) يشهدون انها ناقتة، فقضى معاوية على الكوفي وامره بتسليمها اليه. فقال الكوفي: اصلحك الله ايها الامير، إنه جمل وليس بناقة. فقال معاوية هذا حكم قد امضي. ودس الى الكوفي بعد تفرقهم. فأحضره وسأله عن ثمن بعيره ودفع اليه ضعفه وبره واحسن اليه وقال له: ابلغ علياً (علي بن ابي طالب) اني اقابله بمائة الف ما فيهم من يعرف الفرق بين الناقة والجمل. (الانثى والذكر).
***
ليس له من مستشار
قيل للإمام علي ان الحكم في ايام ابي بكر وعمر كان افضل من الحكم في خلافتك. فقال رضي الله عنه، وكان اسرع الناس الى محاسبة نفسه قبل الآخرين:
– لقد كان لأبي بكر وعمر مستشار إسمه علي بن أبي طالب، أما الآن فليس لي من مستشار.
***
الصفح
في دعوى شهيرة جدا في لبنان موضوعها إجرام احد رجال الدين انتقاما، ما قاله المدعي العام الكبير راجي الراعي مخاطبا رجل الدين:
– “لقد اجرمت انتقاما، وكان الجدير بك، وانت رجل الدين، ان تصفح وتغفر فتكون كشجرة الصندل التي تعطر فأس قاطعها”.
***
ضعي اسطولك خارجاً
يروي النقيب الخوري طرفة عن الشيخ الفرد الخازن يوم كان حاكم صلح في جبيل عندما نادى مباشر المحكمة فرقاء إحدى الدعاوى التي كان موعد رؤيتها في ذلك اليوم. دخل المتقاضون فرأى الحاكم إمرأة يبدو على وجهها امارات البساطة حافية الرجلين تحمل حذاءها بين يديها فطرح عليها السؤال الاول الذي يطرح على كل ذي علاقة بالدعوى:
– ما إسمك يا امرأة؟
فأجابته:
– إسمي انكلترا.
فقال لها:
– ضعي اسطولك خارجا يا انكلترا وعودي الينا.
***
حاجبو الثقة
ويضيف النقيب الخوري:
في العام 1953، وبعد ان تشكلت وزارة برئاسة الرئيس صائب سلام وتلاوته بيان حكومته، وعند الاقتراع على الثقة التي نالتها الحكومة بأكثرية ضئيلة إذ بلغ عدد من اولوها الثقة 37 نائبا وعدد حاجبيها 31 نائبا. خاصة وان البيان الحكومي لم يكن على خاطرهم. ومن بين حاجبي الثقة كان النواب: الرئيس شارل حلو، اميل بستاني، وفؤاد الخوري.
ويقول هذا الاخير في كتابه “النيابة في لبنان”:
“…فالنائب شارل حلو، وقد كان مقعده قبلا في المجلس مجاورا لمقعد رئيس الوزارة، ومما خاطبه به:”يعز علي حين ادير عيني افتش في مكانك لا اراك”.
وفي ختام خطابه قال: وهو يصارحه بعدم منحه الثقة:
“…فلا انا مزعوم ولا انت نادم”.
والنائب اميل البستاني، إذ يذكر، وهو يحجب الثقة، ما بينه وبين اعضاء الوزارة، وما لها من علم واخلاق كريمة، يتذكر قول الشاعر:
كفعل جزار اليهود بالبقر برأها من كل عيب وعقر
أما المرحوم فؤاد الخوري، وبعد ان اثنى على ذكاء رئيس الوزارة ودهائه السياسي خاطبه بقوله:
…ولكنك بعدت عن السبيل السوي في تأليف الوزارة، فصح فيك قول الشاعر:
تبغي السلامة لم تسلك مسالكها إن السفينة لا تمشي على اليبس
“محكمة” – الثلاثاء في 2024/11/26