مفهوم تشويه الوقائع ونقض قرار محكمة الجنايات في قضية مقتل رولا يعقوب/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
نقضت محكمة التمييز الجزائية العليا-الغرفة السادسة والمؤلّفة من القضاة الرئيسة سهير حركة والمستشارين فادي العريضي ورولا مسلم قرار محكمة الجنايات في طرابلس، معتبرة ان تشويه الوقائع يتحقق عندما يجري اثبات وقائع او الاستناد إلى أدلة لا وجود لها في الملفّ أو عندما يتمّ تحويرها خلافاً للواقع وكان من شأن ذلك أن يؤثّر في النتيجة.
واعتبرت المحكمة العليا “ان محكمة الجنايات وفي ضوء المعطيات المنوه عنها اعلاه، ولاسيما لجهة تثبّتها من علامات العنف والكدمات الظاهرة على جثة الزوجة واستهجانها لسلوك أيّ زوج يقدم على هذا النوع من الاعتداء في حقّ زوجته، لتعود وتنفي وجود الجوّ الضاغظ والمشحون بين الزوجين تكون قد شوّهت الوقائع”.
وقضت بنقض القرار المطعون فيه واعادة النظر في الدعوى المساقة بحق المتهم اصولاً انطلاقاً من قرار الاتهام.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2019/2/28
ثانياً: في الأساس
في السبب (أ) من استدعاء النيابة العامة الاستنئافية في لبنان الشمالي والسبب الثالث من استدعاء المدعية الشخصية ليلى.
حيث ان المميزة النيابة العامة الاستئنافية تدلي بأن الحكم المطلوب نقضه شوه الوقائع ومضمون تقارير الاطباء الشرعيين ولجنة التحقيقات المهنية في نقابة الاطباء في الشمال ونقابة الاطباء في بيروت واللجنة المتخصصة المكلفة من قبل قاضي التحقيق ومضمون اقوال الاطباء المستمع اليهم امام محكمة الجنايات وافادات الشهود ليخلص الى عدم وجود سبب عنفي للوفاة والى عدم كفاية الدليل ولم يستند مطلقا الى ما ورد في تقرير مكتب الحوادث، ولاسيما افادات الشهود وليد الحسن وفيفي لوسيا الخوري، وميخائيل يعقوب، وبشرى الخوري، وناديا الشاطري، وان تقرير مكتب الحوادث يؤكد ان عصا الشفاطة استعملت لضرب الضحية وقد وجدت مكسورة الى قسمين، قسم بالقرب من الباب الرئيسي لغرفة الجلوس، وبجانبه “كبتول شعر” وقسم في المطبخ، مما يؤكد ان العصا قد طالت رأس او رقبة الضحية.
ان آثار الضرب بعصا الشفاطة على الزند الايمن، والمتمثلة بجلف قائم اللون واضحة في الصور (الرسمين 2 و 6) ومن خلال كشف دورية مكتب الحوادث، وان عدم الاشارة الى تقرير مكتب الحوادث يعتبر تشويهاً. وان تقارير الاطباء الشرعيين واللجان الطبية، يتبين منها وجود كميات قديمة وحديثة العهد على انحاء جسد الضحية كافة، بعض هذه الكدمات تؤكد استعمال جسم صلب كعصا الشفاطة… وان السبب المباشر للوفاة وفقاً للتقارير كافة هو نزيف دماغي حاد، وبقي الجدل قائماً بين الاطباء بالنسبة لحصول انفجار ام الدم في ضوء مكان وجود النزيف.
وان احد اسباب النزيف الدماغي قد يكون انفجار جدار ام الدم الناتج عن ارتفاع شديد في الضغظ الشرياني او اثناء جهد..وان اي تعرض عنفي سابق قد يكون حرض النزف المرضي بشكل غير مباشر.
وانه يتبين من افادات الاطباء كلود سمعان ونبيل صوطو وجورج نقولا المستمع اليهم كشهود امام محكمة الجنايات، ان الضرب او الارتجاج يمكن ان يؤدي الى انفجار ام الدم، وكذلك الحالة النفسية للضحية.
وان الدكتورة كلود سمعان صرحت امام محكمة الجنايات بانه لا يمكن التأكيد ما اذا كان الانزلاق في فقرات الرقبة حاصل قبل او بعد الوفاة، كما اكد الدكتور نبيل صوطو على ضرورة اجراء الصورة الشعاعية الجانبية لمزيد من التقييم.
وحيث ان المدعية الشخصية تدلي بأن الحكم المطلوب نقضه قد شوه الوقائع والمضمون الواضح للمستندات على النحو التالي:
– الاخذ بإفادتي ابنتي المرحومة رولا واغفل افادات الشهود لوسي ومخايل وجنان وناديا وبشرى ووليد وماري…
– ولم يتطرق الى الادلة الواردة في قرار الاتهام…
– وشوه تقرير لجنة التحقيقات المهنية في نقابة بيروت.
وحيث ان تشويه الوقائع يتحقق عندما يجري اثبات وقائع او الاستناد الى ادلة لا وجود
لها في الملف او عندما يتم تحويرها خلافاً للواقع وكان من شأن ذلك ان يؤثر في النتيجة.
وحيث ان محكمة الجنايات وبعد ان خلصت الى التأكد “بأن الكدمات في جسد
المرحومة رلى يعقوب لا يمكن ان تسبب بالنسبة الى موقعها، نزيفاً سعاتياً في الراس من خلال نتيجة تشريح الرأس الذي اكد عدم وجود اي كدمات اواصابات لا من الناحية الداخلية ولا من الناحية الخارجية…
قد اضافت الى هذا التعليل:”انه لا يمكن القول بأن جواً مشحوناً او ضاغطاً كان سائداً في العلاقة الزوجية على نحو سبب الانفجار الحاصل في شريان ام الدم، لانه لم يثبت في الملف بشكل جازم وجود هذا الجو اصلاً بين المتهم وزوجته، سيما في ظل تأكيد طفلتيهما..ندرة الخلافات الزوجية.
وحيث ان المحكمة اوردت في حكمها المطلوب نقضه الحيثية التالية: “حيث تقتضي الاشارة في هذا المجال الى ان علامات العنف والكدمات الظاهرة على الجثة في اليد وتحت الابط والكف والزند، وعلى الرغم من استهجان المحكمة لسلوك اي زوج يقدم على هذا النوع من الاعتداء بحق زوجته، الا ان هذه الكدمات لا يمكن اعتبارها ذات صلة بالوفاة الحاصلة…”
وحيث امام محكمة الجنايات ورد في اقوال المتهم انه اقدم على ضرب زوجته قبل 3 او 4 ايام بعصا المسح، كما ان التقارير الطبية اكدت وجود كدمات ورضوض على جسد الضحية.
وحيث ان محكمة الجنايات وفي ضوء المعطيات المنوه عنها اعلاه، ولاسيما لجهة تثبتها من علامات العنف والكدمات الظاهرة على جثة الزوجة واستهجانها لسلوك اي زوج يقدم على هذا النوع من الاعتداء في حق زوجته، لتعود وتنفي وجود الجو الضاغظ والمشحون بين الزوجين تكون قد شوهت الوقائع.
وحيث ان من شأن هذا التشويه ان يؤثر في النتيجة التي انتهى اليها الحكم المطعون فيه، فيما لو اخذت المحكمة الوقائع الصحيحة بعين الاعتبار، لجهة مدى توافر الصلة السببية بين الفعل المنسوب الى المتهم والنتيجة الجرمية، ما يشكل سبباً للنقض سنداً للفقرة (ح) من المادة 296 أ.م.ج. فيقتضي قبول استدعاءي التمييز اساساً دونما حاجة للبحث في سائر الاسباب المدلى بها، وإعادة النظر اصولاً في الدعوى المساقة بحق المتهم انطلاقاً من قرار الاتهام، ورد ما زاد او خالف.
لهذه الاسباب
تقرّر المحكمة بالاتفاق:
1- قبول استدعاء في النقض شكلاً.
2- قبولهما أساساً، ونقض الحكم المطعون فيه وإعادة النظر في الدعوى المساقة بحقّ المتهم أصولاً انطلاقاً من قرار الاتهام وتعيين موعد جلسة المحاكمة نهار الأربعاء الواقع فيه 2019/5/8 وابلاغ من يلزم ورد ما زاد او خالف.
قراراً صدر في 28 شباط 2019 في حضور ممثل النيابة العامة التمييزية.
“محكمة” – الخميس في 2019/3/14