مفهوم جرم الذم ومدى تأثير تحقّق الدافع/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
اعتبرت محكمة استئناف بيروت الناظرة في قضايا المطبوعات والتي كانت مؤلّفة من القضاة الرئيس لبيب زوين ومن المستشارين وائل مرتضى وغادة عون أنّ إسناد وقائع معيّنة يستدلّ منها الاعتقاد أنّ المدعي لا يتمتع بالاستقامة المطلوبة في مجال ممارسته لنشاطه المهني ونشرها في المجلّة من شأنها أن تثير الشكّ حول أخلاقياته وتحمل القارئ العادي على الاعتقاد أنّه ليس أهلاً لممارسته وظيفته.
كما اعتبرت المحكمة ان لا تأثير للدافع لتحقق عناصر جريمة الذم بالنسبة لغير الموظّف، بحيث يكتفي لقيام هذا الجرم ان يقدم الفاعل على اسناد وقائع محددة لشخص معين بذاته، وان يكون من شأنها المساس بشرفه واعتباره وان يقوم بالافصاح عنها بطريقة النشر.
وقضت باعتبار عناصر جريمة الذمّ متحقّقة في القضيّة.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 1999/7/12.
1- في جريمة الذمّ
حيث من التدقيق في محتوى المقال المشكو منه يتبيّن أنّه أسند إلى المدعى الكاتب العدل انيس الوقائع التالية:
– اقدامه على تنظيم “وكالة ملغومة” للمدعى عليهما ازدهار واكرم تخولهما بيع املاك العجوز نعمة في قضية الاحتيال على حقوق هذه الاخيرة، وبناء على تقرير طبي مشكوك في صحته.
– انه استدعي للتحقيق وقد اعترف فعلا بتنظيم الوكالة المذكورة.
– ان موقعه في القضية ليس باقل مسؤولية، خاصة وانه اضاف عبارة “حتى اذا ظهر لها فيما بعد قريب لا يحق له التدخل”.
وحيث من الراهن ان اسناد هذه الوقائع للمدعي، والتي يستدل منها، الاعتقاد بأن هذا
الاخير لا يتمتع بالاستقامة المطلوبة في مجال ممارسته لنشاطه المهني، وانه لا يتوخى النزاهة والمصداقية في عمله، فيقوم بتنظيم وكالات مشبوهة مستغلا وظيفته، وان كل ذلك قد استوجب ملاحقته قضائيا والتحقيق منه.
وحيث من الثابت ان نسبة جميع هذه الامور للمدعي، من شأنه بالتأكيد المس بشرفه واعتباره، بالنظر لكونها تثير الشك حول اخلاقياته وتحمل القارئ العادي على الاعتقاد بأنه ليس اهلا لممارسته وظيفته ككاتب عدل، وانه قد يكون متواطئا مع المدعى عليهما وصديقها لهضم حقوق العجوز نعمة.
وحيث اضافة الى انه قد ثبت كذب هذه الوقائع، الا ان مجرد القيام بالافصاح عنها وبنشرها، بالطريقة والاسلوب اللذين نشر فيهما المقال المشكو منه من شأنه بالتاكيد التعرض لسمعة وكرامة المدعي على الوجه المبين اعلاه.
وحيث لا يغير من هذه النتيجة ادلاء المدعى عليها بانها كانت حسنة النية، وان الخطأ ناتج عن عدم خبرتها في الامور القانونية لانه من الثابت قانونا ان لا تأثير للدافع لتحقق عناصر جريمة الذم بالنسبة لغير الموظف، بحيث يكفي لقيام هذا الجرم ان يقدم الفاعل على اسناد وقائع محددة، لشخص معين بذاته، وان يكون من شأنها المساس بشرف واعتبار هذا الاخير، وان يقوم بالافصاح عنها بطريق النشر.
وحيث ان هذه العناصر محققة بوجه المدعى عليها كاتبة المقال، كما سيق بيانه وان فعلها لهذه الجهة يوفر بحقها عناصر جريمة المادة 20 من المرسوم الاشتراعي 77/104 معطوفة على المادة 385 عقوبات.
وحيث إنّ قيام مسؤولية المدعى عليها المذكورة، من شأنه أن يستتبع حتماً تحقّق المسؤولية الجزائية أيضاً بوجه المدير المسؤول في المجلّة سنداً للمادة 26 مطبوعات، والذي يتوجّب عليه الاطلاع على كلّ ما سيجري إعلانه أو نشره في المطبوعة التي يديرها والحؤول بالتالي دون نشر ما يشكّل مسّاً بشرف واعتبار أحدهم.
“محكمة” – الأربعاء في 2018/4/25