مفهوم قرار وقف المحاكمة وعدم تطبيق “الموجبات والعقود” وردّ طلب إخلاء المأجور/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
بحثت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الناظرة في دعاوى الايجارات والمؤلفة من القضاة الرئيس ايمن عوديدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري عدة نقاط قانونية، فاعتبرت ان قرار وقف المحاكمة لحين حدوث طارئ ما هو مؤقت ويزول بحدوث الطارئ. كما اعتبرت المحكمة انه لا يمكن تطبيق قانون الموجبات والعقود في ظل التمديد بقوة القانون للعقد، وقد درج المشترع على تمديد مفاعيل القوانين الاستثنائية.
كما ردّت المحكمة طلب اخلاء المأجور لعدم وجود حكم ابتدائي صادر في الموضوع، خصوصاً وان الطعن الراهن اقتصر على البحث بمدى قانونية قرار وقف التنفيذ.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2017/1/12
ثانياً: في الاساس
حيث ان المستأنفين يطلبون فسخ قرار وقف المحاكمة ورؤية الدعوى انتقالاً واعطاء القرار بان القانون الواجب التطبيق هو قانون الموجبات والعقود والا اعتبار العرف السائد بتمديد القوانين هو الذي يجب ان يطبق وعليه يكون القانون رقم 92/160 هو الواجب التطبيق، وبالنتيجة الحكم على المستأنف عليهم جميعاً باخلاء الشقة موضوع الدعوى، لسقوط حق المستأنف عليه الاول من التمديد لعدم دخوله اصولاً الى هذه الاخيرة ولعدم استفادة المستأنف عليهما الثاني والثالث من التمديد لتركهما المأجور في ظل القانون رقم 92/160 قبل وفاة والدتهما المستأجرة.
وحيث ان المستأنف عليهم يطلبون لهذه الناحية رد الاستئناف لعدم الصحة والقانونية وبالتالي تصديق القرار المستانف لوقوعه في موقعه القانوني السليم.
واستطراداً رد طلب فصل الدعوى في الاساس لعدم تطرق المحكمة الابتدائية في قرارها لاي مسألة تتعلق بهذا الاخير.
وحيث انه، ومن نحوٍ اول، فانه عندما تقرر المحكمة وقف المحاكمة حتى حدوث طارئ ما تحدده في قرارها، يكون هذا القرار مؤقتاً وينتهي مفعوله بحدوث الطارئ الذي اشارت اليه المحكمة في قرارها، ما لم تقرر العودة عن هذا القرار قبل ذلك (المادة /504/ ا.م.م.) وان قرار المحكمة المذكور بوقف المحاكمة لا يتمتع بقوة القضية المقضية.
(راجع: حلمي الحجار- الوسيط في اصول المحاكمات المدنية ج2 ص. 154)
وان قرار وقف المحاكمة امر متروك لتقدير المحكمة الواضعة يدها على الدعوى، وتقديرها هذا لا يقع تحت رقابة محكمة التمييز.
(راجع: مروان كركبي – اصول المحاكمات المدنية والتحكيم ج 2 ص 121 و تمييز مدني تاريخ 1999/9/11 رقم 27، صادر في التمييز 1999 ص 55)
وحيث انه، وفي ضوء ما تقدم فانه للمحكمة ان تقرر من تلقائها وقف السير باجراءات المحاكمة متى رأت ذلك مفيداً تمهيداً للفصل بالنزاع، وان قرارها هذا لا يتمتع بقوة القضية المقضية اذ لا يشكل فصلاً بأي من المسائل المطروحة امامها على بساط البحث سواء كان في الشكل او في الاساس، وبالتالي فان قرارها هذا ليس قراراً نهائياً فاصلاً بالنزاع او باحدى نقاطه وعليه لا تعتبر في قرارها هذا انها استندت الى اسباب قانونية اثارتها من تلقائها دون دعوة الخصوم مقدماً الى تقديم ملاحظاتهم بشأنها، مخالفة بذلك مبدأ الوجاهية المنصوص عنه في المادة /373/ ا.م.م. ذلك ان قرارها المذكور ليس قراراً نهائياً كما هو مبين اعلاه ولا ينال من حقوق اطراف النزاع التي يدلون بتوجبها، اذ ان المقصود بالفقرة الاخيرة من المادة /373/ المذكورة هو الحكم النهائي الفاصل في النزاع او في احدى جهاته وليس القرار الاعدادي كقرار وقف المحاكمة.
(راجع: حلمي حجار. مذكور اعلاه)
ما يقتضي معه رد ادلاءات الجهة المستانفة المخالفة.
وحيث انه، ومن نحوٍ ثانٍ، فان القرار بوقف المحاكمة الذي تتخذه محكمة الاساس لا يعتبر استنكافاً عن احقاق الحق، طالما من جهة اولى اجازه القانون، ومن جهة ثانية عندما تتوافر اسباب من شأنها اتخاذه، كما هي الحال في النزاع الراهن، اذ درج المشترع على تمديد مفعول قوانين الايجارات الاستثنائية بتواريخ لاحقة لانتهاء مدة صلاحيتها، سيما وانه رتب في هذه القوانين نتائج معلقة على حدوث الواقعة اثناء نفاذ هذه الاخيرة، كما هي الحال عند وفاة المستأجر الاساسي للمأجور الممددة اجارته، حيث يكون لتاريخ الوفاة اثر مباشر لتحديد المستفيدين من التمديد بعد الوفاة، طبقاً لما هو مطروح في الدعوى الحاضرة، وبالتالي لا يمكن في هكذا حالات حيث كان فيها المشرع واضحاً وصريحاً اعتماد المبادئ العامة والعرف والانصاف، بل يقتضي انتظار المرقف القانوني من فترة الفراغ المذكور، وبالمقابل لا يمكن الاستمرار بتطبيق القانون رقم 92/160 في ظل انتهاء مفعوله صراحة بتاريخ 2012/3/31 على واقعة وفاة المستأجرة الاساسية بتاريخ لاحق لهذا الانتهاء وقبل المباشرة بتطبيق قانون الايجارات الاخير المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 2014/6/26 ، ولا يمكن بالتالي توسل العرف لتمديد مفعول القانون رقم 92/160 في ظل غياب ارادة المشترع.
كما لا يصح تطبيق قانون الموجبات والعقود على النزاع الراهن على اساس انه ينص على انتهاء العقد في الاجل المحدد له، وان التعاقد مع المستأجر حاصل لمدة سنة واحدة وقد انتهت منذ مدة طويلة، ذلك لكون عقد الايجار موضوع الدعوى اصبح ممدداً بقوة القانون، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فان المادة /600/ من قانون الموجبات والعقود قد نصت على انه لا ينفسخ عقد الايجار بموت المستأجر ولا بموت المؤجر في حين ان قوانين الايجارات الاستثنائية اجازت الاسقاط من الحق بالتمديد عند وفاة المستأجر الاساسي بالنسبة للورثة عند ثبوت تركهم للمأجور بتاريخ سابق للوفاة.
وحيث بالتالي وفي ضوء ان الاجارة موضوع النزاع هي اجارة ممددة بقوة القانون، وبما ان المشرع درج على تمديد مفعول القوانين الاستثنائية للايجارات ولو حتى بتاريخ لاحق لانتهاء صلاحيتها، وبما انه لا يمكن توسل العرف لتمديد صلاحية قانون معين، كما لا يمكن الاستناد الى المبادئ العامة والانصاف في مواضيع اتخذ منها المشرع موقفاً واضحاً، وبما انه وفي حالتنا الراهنة لا يمكن تطبيق قانون الموجبات والعقود على النزاع الحاضر وفقاً لما هو مبين اعلاه، فان المحكمة ترى تصديق القرار المستأنف ورد ما ادلي به خلافاً، لاسيما وان قانون الايجارات الجديد قد مدد عقود الايجارات القديمة التي مددت في ظل القوانين الاستثنائية.
وحيث انه ومن نحوٍ ثالث يقتضي رد طلب الجهة المستأنفة الرامي الى الحكم على المستأنف عليهم باخلاء المأجور موضوع الدعوى الحاضرة لسقوط حق المستأنف عليه الاول من التمديد لعدم دخوله اصلاً الى المأجور، ولعدم استفادة المستأنف عليهما الثاني والثالث من التمديد لتركهما المأجور قبل وفاة والدتهما، وذلك لعدم وجود حكم ابتدائي صادر في الموضوع وقد طعن به اصولاً امام هذه المحكمة اذ ان الطعن الراهن يقتصر على البحث بمدى قانونية قرار وقف المحاكمة.
وحيث انه، وفي ضوء النتيجة التي توصلت اليها المحكمة يقتضي رد كل ما زاد او خالف اما لانه لقي رداً ضمنياً واما لعدم الجدوى بما في ذلك طلبات العطل والضرر لعدم توافر شروط استحقاقها.
لذلك
تقرّر بالاتفاق:
1- قبول الاستئناف في الشكل.
2- ردّه في الأساس وتصديق القرار المستأنف.
3- ردّ طلب اخلاء المستأنف عليهم من المأجور موضوع الدعوى للأسباب المبيّنة أعلاه.
4- ردّ طلب العطل والضرر.
5- ردّ كلّ ما زاد أو خالف، وإعادة الملفّ الابتدائي إلى مرجعه.
6- مصادرة التأمين وتضمين الجهة المستأنفة النفقات كافة.
قراراً صدر وأفهم علناً في بيروت بتاريخ 2017/1/12
“محكمة” – 2019/2/23