ملاحظات قانونية على قرار قضائي بشأن صلاحية رئيس جمعية المالكين وتأجير القسم المشترك/علي الموسوي
علي الموسوي:
تعليق على قرار محكمة الاستئناف في بيروت الصادر في 2021/7/5 والمنشور في موقع مجلّة “محكمة” الإلكتروني في 8 تموز 2021، بعنوان:“صلاحية رئيس جمعية المالكين وتأجير القسم المشترك وتسديد الدين بالعملة الأجنبية”.
صلاحية رئيس جمعية المالكين وتأجير القسم المشترك وتسديد الدين بالعملة الأجنبية/ناضر كسبار
بتاريخ 5 تموز 2021، أصدرت محكمة الإستئناف المدنية في بيروت – الغرفة الحادية عشرة، والمؤلّفة من القضاة أيمن عويدات رئيسًا وحسام عطالله وكارلا معماري مستشارين، قرارًا يتضح من مضمونه أنّه قد خلص إلى الحكم بالإسقاط من التمديد على الرغم من تضمّن الإنذار المطالبة بالبدلات والنفقات وبعد أن قام بتجزئة المطالبة، معتبرًا أنّ المستأجر لم يعمد إلى الدفع ضمن مهلة الشهرين إلّا بعد انقضاء الآجال الممنوحة له، وكلّف خبيرًا من أجل إجراء المحاسبة توصّلًا إلى معرفة مدى أحقّية تلك المطالبة. وهذا الأمر يستدعي ملاحظات عديدة نفصّلها على الشكل التالي:
إذا صحّ وجوب تكليف خبير لإجراء المحاسبة لمعرفة المبالغ المترتّبة الدفع، فهذا يعني أنّه لم يتبيّن للمحكمة حتّى بعد تاريخ النطق بهذا الحكم، مدى صحّة أو أحقّية المبالغ المُطالب بها.
وفي هذه الحالة بالذات، لا يصحّ الحكم بالإسقاط في وقت يوجد تنازع جدّي بخصوص المبالغ موضوع الدفع، كما أنّه لا يجوز من ناحية أخرى الركون فقط إلى مسالة عدم منازعة المستأجر بالبدلات والزيادات لا سيّما متى علمنا أنّ تلك البدلات تعود لما بعد صدور قانون الإيجارات الحالي الذي لا يزال لغاية تاريخ كتابة هذه السطور موضوع أخذ وردّ أدّى إلى صدور التعديل الأخير الحاصل في العام ٢٠١٧ حيث اختلفت الآراء ومنهم الرأي المستقرّ لهذه المحكمة عبر قرارها الأخير الصادر قبل أقلّ من أسبوع واحد على تاريخ صدور القرار موضوع التعليق الراهن.
ففي قرارها الصادر في 24 حزيران 2021، إعتبرت محكمة الإستئناف نفسها أنّ التنازع موجود بخصوص بدء الإنطلاق في احتساب الزيادات والبدلات المتوجّبة وما إذا كان يجوز تحديد هذا الإنطلاق من العام ٢٠١٤ أم بعد البدء بالعمل بالقانون الأخير الصادر في العام ٢٠١٧، الأمر الذي يوحّد التنازع الأكثر من جدّي.
وهذا يدلّ أكثر فأكثر على حصول التنازع الجدّي بخصوص كيفية احتساب البدلات موضوع المطالبة الراهنة، ولا يكفي فقط الركون إلى مسألة عدم تشكيك المدعى عليه المستأنَف الأصلي بها، أو عدم المناقشة بمدى توجّبها في وقت تركّزَ فيه البحث أساسًا حتّى من قبل هذا الأخير، حول صفة المرسل الحالي للإنذار، فضلًا عن مناقشة طالت بطبيعة الحال، مسألة المبالغ المُطالب بها العائدة لمضمون الإنذار الحالي برمّته، هذا حتّى على فرض اعتبرنا أنّه من الجائز القول بإمكانية افتراض التجزئة في ما خَصّ الإنذار عينه الموجّه لذات المستأجر ومن قبل ذات الشخص مرسل الإنذار.
ولنا أيضًا التعليق على مدى صحّة وصفة أو قانونية مرسل الإنذار في وقت امتنع فيه عن إبراز الوكالات التي بالإرتكاز إليها قام بتوجيه الإنذار موضوع المطالبة الراهنة، هذا من جهة ثانية.
ومن جهة ثالثة، فليس خافيًا القول إنّه لتحقّق إنتاجية الإنذار، يجب أن يحصل ذلك وفي ما خَصّ القسم المشترك موضوع الاجارة من قبل على الأقلّ ثلاثة أرباع المالكين، أو من قبل رئيس جمعية المالكين، ولكن شرط أن يحوز ذاك الأخير الصفة أو أن يكون بتاريخ توجيه الإنذار حائزًا على الوكالات الدالة على قانونية وأحقّية الإجتماع المفضي وقتذاك إلى انتخابه كمدير أو رئيس للجمعية، فإذا اعترى هذا التمثيل عيب ما طال قانونية التمثيل حقّ عندها للمستأجر المطالبة بإبراز الوكالات الدالة على قانونية الإجتماع الحاصل والمفضية إلى تأكيد قانونية وصفة مرسل الإنذار.
ومن الملاحظ وجود اختلاف بيّن وصريح بين النصوص المتناولة للتسوية المتصلة بإزالة مخالفة ما، وما بين إجارة واقعة على قسم مشترك.
وعلى الرغم ممّا تقدّم، ووجوب السعي في هذه الحالة إلى دراسة ما يقرّره قانون أنظمة البناء والأقسام المشتركة، أو ما قد يرد من استثناءات في نظام الملكية المشتركة في هذا الصدد، قامت المحكمة ومن دون وجه حقّ بخلط النصوص، فارتكزت عن خطأ لربّما غير مقصود، إلى النصوص المتصلة بالمخالفات العقارية الواقعة وبوجوب إمكانية الادعاء رغم وقوعها دون التنبّه للإختلافات الواضحة في هذا الإطار وعلى النحو الموضح أعلاه.
كان يجب ردّ الدعوى سواء لوجود المنازعة المتصلة بالمطالبة، أم لجهة عدم إمكانية تجزئة الإنذار موضوع المطالبة الحالية، أم لجهة مدى أحقّية المطالبة.
وفي ما خَصّ الشخص مرسل الإنذار، فليس لأنّه أشار إلى اجتماع ما، أو لأنّه ادعى بأنّه الرئيس الممثّل للجمعية، بل لأنّه تخلّف ولربّما قصدًا عن إبراز الوكالات اللازمة والتي يجب أن يكون حائزًا لها وبتاريخ يسبق بطبيعة الحال إبلاغ الإنذار، ثم القيام بالإدعاء الحالي وعلى النحو المشروح لهذا الإطار وتبعًا للوقائع الثابتة والأدلّة المعروضة ولا سيّما لوقوع الاجارة على قسم مشترك في وقت لا تصحّ المطالبة إلّا من قبل الحائز على ثلاثة الأرباع الجائزة لإدارة القسم المشترك،
فإنْ حصلت المطالبة من رئيس جمعية المالكين حقَّ للمستأجر التحقّق من مدى صحّة أو قانونية الإجتماع الحاصل والمفضي إلى تكليف مرسل الإنذار بإدارة شؤون العقار أو التذرّع بتمثيل الجمعية، في وقت اعترى برأينا الشكّ الأكيد بخصوص ذلك الإجتماع حيث امتنع مدير الجمعية دون وجه حقّ عن إبراز الوكالات الدالة على ثبوت صفته، ودون وجه حقّ وفي وقت تزامن إرسال الإنذار مع التكليف الحاصل بإدارة شؤون العقار ومن دون إعلام باقي شاغلي ومستأجري العقار أصولًا ولربّما من دون حيازة الوكالات والأسانيد القانونية ذات الصلة، تلك الأسس والأسانيد ومنها وجوب التثبّت من التوكيلات اللازمة التي تخوّل هذا الأخير وتعطيه في هذه الحالة بالذات، الصفة والأحقّية للمطالبة بالبدلات على فرض خلو تلك المطالبة من أيّ تنازع جدّي، أو على فرض إمكانية القول بتجزئة الإنذار أو حتّى على فرض إمكانية القول بتأجير قسم مشترك،
فيما كان يتوجّب على المحكمة أن تسعى إلى دراسة الملكية والنظام المشترك فإن استحال وقوع التأجير على قسم مشترك بات عندها من حقّ الجمعية المؤسّسة على وجه قانوني، الحقّ بإنهاء تلك الاجارة، ولكن ليس بداعي الإسقاط من حقّ التمديد، بل بالإستناد إلى نظام الملكية، ولاستحالة أو عدم قانونية تلك الاجارة التي يجوز ساعتئذٍ الحقّ بالقول بإنهاء التعاقد الجاري بخصوصها، ولكن سندًا لواقع قانوني والأسانيد المدرجة أعلاه، وبالإعتماد على نظام الملكية،
وفي المحصّلة، يصبح القرار الصادر في هذا الإطار في غير موقعه القانوني السليم وذلك للأسباب والشروحات المفصّلة أعلاه والمحكى عنها آنفًا.
“محكمة” – الخميس في 2021/8/12