ملاحظات نجم على مشروع التشكيلات القضائية: لكسر تكريس المواقع للطوائف والمذاهب
“محكمة”- خاص:
أبدت وزيرة العدل الدكتورة ماري كلود نجم ملاحظاتها على مشروع التعيينات والمناقلات والانتدابات القضائية المرسل إليها من مجلس القضاء الأعلى بموجب المحضر رقم 1059 تاريخ 2020/3/5.
وأرسلت نجم هذه الملاحظات إلى المجلس يوم الإثنين الواقع فيه 2020/3/10 وهنا نصّ الكتاب:
“بالإشارة إلى الموضوع والمرجع أعلاه، وبموجب صلاحياتي كوزيرة للعدل، أوّد بدايةً أن أنوّه بجهود المجلس لإصدار المشروع بما يلائم الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها لبنان، خصوصاً بعد الانتفاضة الشعبية منذ منتصف تشرين الأوّل الماضي، وهي جهود أقدّرها وأحرص على المساهمة من موقعي لإنجاحها لتحقيق أفضل النتائج، كما أنوّه بإسناد المشروع، وللمرّة الأولى إلى أسباب موجبة،
أشارككم السعي لتكون التعيينات والمناقلات والانتدابات وفقاً لمعايير موضوعية، بعيداً عن كلّ استثناء، ممّا يكرّس كما ورد في الأسباب الموجبة للمشروع إستقلالية السلطة القضائية ويعزّز دورها في إرساء حكم القانون ودولة المؤسّسات وضمان حقوق المواطنات والمواطنين وحرّياتهم ومكافحة الفساد والإخلال بالأمن، مع التركيز على ما سيكون لهذا الوضع من أهمّية بالغة في استعادة ثقة اللبنانيين بالسلطة القضائية،
في هذا السياق، تعلمون جيّداً أنّني وقفت مع مجلس القضاء الأعلى في وجه أيّ تدخّل سياسي أو غير سياسي في عملية المناقلات والتعيينات، والتي لم أطالب لا باسم ولا بمركز ولا بموقع تقيّداً بأحكام الفقرة (أ) من المادة الخامسة من القانون رقم 1983/150، إنّما مع إصرار على أن تحترم هذه المناقلات والتعيينات مبدأ الشمولية في تطبيق المعايير الموضوعية التي حدّدها المجلس. أمّا التأكّد من تطبيق هذه المعايير فهو من صلب صلاحياتي كوزيرة للعدل، لا بل من واجبي الوطني.
وبعد الإطلاع على المشروع الذي رفعتم، تبيّن لي أنّ ما ورد فيه بشأن القضاة العدليين لدى المحاكم العسكرية لا يأتلف مع الصيغ والإجراءات التي تنصّ عليها أحكام المادة 13 من القانون رقم 1968/24 المعدّل.
كما تبيّن لي، وهو الأهمّ، بأنّ مبدأ الشمولية الذي يفترض أن يتلازم حكماً مع تحديد المعايير الموضوعية، لم يراعَ بصورة كاملة، على الأخصّ في النيابات العامة ودوائر التحقيق، التي تؤدّي دوراً أساسياً في مكافحة الفساد وردعه، كما ذكرتم في الأسباب الموجبة للمشروع.
أخيراً، بوجه عام ومبدئي، كنت أتطلع إلى أن يكون مشروع التعيينات والمناقلات مناسبة لكسر الممارسات الخاطئة على مدى السنوات الماضية والتي قضت بتكريس المواقع القضائية، على كافة أنواعها ودرجاتها، للطوائف والمذاهب، ما أدّى إلى تحويلها إلى مراكز نفوذ ومحاصصة في مختلف المناطق اللبنانية، ومنع كثيراً من الأحيان وصول القاضي المناسب إلى الموقع المناسب، بغضّ النظر عن انتمائه الطائفي أو المذهبي. وكان من الممكن المحافظة على التوازن الطائفي من دون الاستمرار في هذه الممارسة التي تشكّل مخالفة للمادة 95 من الدستور وتتنافي مع تطلّعات الشعب اللبناني بعد انتفاضة 17 تشرين الأوّل الماضي.
وعليه، وبناء على ما تقدّم،
وعملا بأحكام الفقرة (ب) من المادة الخامسة من القانون رقم 1983/150 المعدّل،
أدعو مجلس القضاء الأعلى إلى عقد اجتماع عند الساعة الثانية والنصف من يوم الأربعاء الواقع 2020/3/11، للنظر في الملاحظات الواردة في كتابي ، مع ثقتي بأنّنا نتطلع معاً إلى صدور تعيينات ومناقلات تحقّق تغييراً جذرياً في الأسس والمبادئ التي تقوم عليها، بهدف تعزيز دور القضاء العدلي، بشقّيه المدني والجزائي في مواجهة التحدّيات الكبرى في هذه المرحلة الاستثنائية من تاريخ وطننا”.
“محكمة” – الخميس في 2020/3/12