ملحم خلف يستعيد مجد نقابة المحامين وينزل إلى ثكنة الحلو/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
لم ينتظر نقيب المحامين الجديد الدكتور ملحم خلف كثيراً ليستلم مهامه العملانية على أرض الواقع بعيداً عن مكتبه في دارة النقابة في قصر عدل بيروت أو ما سمّاه محامون بـ”الصومعة” في عهد مضى وانقضى، بل قام بأقلّ واجباته القانونية والإنسانية بإعادة إحياء تراث هذه النقابة المؤتمن عليها والمتمثّل بحماية الحرّيات العامة والوقوف إلى جانب الناس.
ففي بادرة مهمّة جدّاً، وفور انتهاء أوّل اجتماع لمجلس النقابة ليل أمس الثلاثاء، وصلت معلومات إلى خلف تتحدّث عن توقيف إثني عشر شخصاً من المتظاهرين في ساحة رياض الصلح، فتوجّه مع عضوي مجلس النقابة إيلي بازرلي وعماد مرتينوس إلى ثكنة الحلو في بيروت للوقوف على أوضاع الموقوفين وما إذا كانت حقوقهم في الدفاع محفوظة، وما إذا كانت المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تتحدّث عن “إلزامات إنسانية” في الدرجة الأولى سواء من حيث الاتصال بالأهل ومقابلة المحامي والمعاينة الطبّية في حال الحاجة إليها، قد نفّذت على أكمل وجه. وهذه الحقوق واجبة ومكرّسة إنسانياً وبحكم القانون وليست منّة من أحد وانتهاكها يعرّض الفاعلين للملاحقة القضائية حتّى ولو كانت أكتافهم مرصّعة بالنجوم والسيوف.
ولم يشأ خلف أن يكون حضوره فولكلورياً وإعلامياً. سأل عن كلّ موقوف وبالأسماء. تحدّث إليهم واحداً واحداً باستثناء واحد منهم كان قد نقل إلى المستشفى لمداواة رأسه من إصابة وتقطيبه. إطمأن إليهم وإلى أنّ حقوقهم محفوظة، وقال بالحرف الواحد أمام الأهالي المنتظرين في الخارج وبصوت مرتفع وعبر الميكروفون ولكي يسمع العالم كلّه وليس السلطة السياسية وحسب: “جيت لهون لانو عندما يكون هناك محام ومعه بطاقة ما في ولا مطرح بيكون مسكّر عليه، والمادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية بتعطي كلّ موقوف حقوق فورية، وكلّ شخص موقوف بدنا نعرف اسمو وصحّته ووضعه وإذا كان موجود أم لا ونحن كمحامين نحرص على ذلك، ونحن نحمل راية حماية الحقوق وهذا أمر أساسي لدينا”.
ملحم خلف في أوّل إطلالة له على الأرض أثبت أنّ نقابة المحامين تستحقّ أن تكون أمّ نقابات المهن الحرّة، وبأنّ عملها لا يقتصر ولا ينحصر ضمن قصور العدل والمحاكم، وأنّ دورها ليس تقديم المراجعات والاستدعاءات والدعاوى والشكاوى من خلال المنتمين إليها وحسب، بل تشمل صلاحياتها مساحة الوطن برمّته، وأنّ نقيب المحامين لا يتكلّ على اقتراحات لجنة المعونة القضائية في انتداب أو تكليف هذا المحامي أو ذاك للمدافعة والمرافعة عن الموقوف وخصوصاً الموقوف نتيجة الحراك الشعبي الذي يعيشه لبنان منذ 17 تشرين الأوّل 2019، بل ينزل بنفسه ليكون المحامي الأوّل عن أيّ موقوف ومن دون التفات إلى طائفته ومذهبه، فهو لبناني في نهاية المطاف.
ما فعله ملحم خلف يستحقّ كل تقدير.. واستعادة لأمجاد كادت تندثر، وخطوة أولى على طريق تصحيح عمل نقابة المحامين بعد سنوات من الترهّل والضعف، ولا بدّ أنّ هناك الكثير من المفاجآت التي يحملها ملحم خلف في جعبته ليرفع من قدر نقابة المحامين ويأمل منه المحامون الكثير من الخير!
“محكمة” – الأربعاء في 2019/11/20