مِلْءُ السَمْعِ عَلِيٌّ/ شعر علي الموسوي
شعر علي يوسف الموسوي:
لا يَمْلَأُ السَمْعَ إلاَّ إسْمُهُ العَلَمُ
مُذْ سَبَّحَ الكَوْنُ بِالآيَاتِ وَالحَرَمُ
لا يَطْرَبُ العَقْلُ إلاَّ في تَفَكُّرِهِ
فَفِيهِ يُخْتَصَرُ الإبْدَاعُ وَالكَلِمُ
لا يَشْبَعُ القَلْبُ مِنْ تِرْدَادِ نَغْمَتِهِ
وَهَلْ يَعيشُ بِلا قِرْطَاسِهِ القَلَمُ؟
لا يَضْجَرُ السَيْفُ مِنْ هَالاتِ حَمْلَتِهِ
حَتَّى الأَعَادي بِذِكْرِ الإسْمِ تَنْهَزِمُ
لَا يَسْأَمُ العَزْمُ مِنْ أَثْقَالِ ضَرْبَتِهِ
حَتَّى الجُنُودُ مِنَ الأَلْقَابِ تَنْقَسِمُ
في عِطْرِها عِبَرٌ.. تَارِيخُها شَغَفٌ
مِنَ البُطُولاتِ لَا يُمْحَى لَهَا عَلَمُ
لَمْ يَنْبُتِ العِزُّ إِلاَّ تَحْتَ رَايَتِها
صَوْلَاتُهُا قَصَصٌ تُحْكَى وَتُرْتَسَمُ
عَنْ غَيْرِ حَيْدَرَةَ الأَزْمَانُ لا تَتَحَ
دَّثُ إِذَا مَسَّها النِسْيَانُ تَنْعَدِمُ
العُرْبُ تُعْرَفُ بِالأَبطال وَالنَسَبِ
إلاَّ العَلِيُّ مَعِ الأَقْدَاسِ يَلْتَئِمُ
أعْطَاهُ رَبُّهُ طُهْرَاً لا يُشَاطِرُهُ
فيهِ المَلَاكُ وَلَا العُرْبُ وَلَا العَجَمُ
هُوَ العَلِيُّ عُقُولُ النَاسِ تَعْرِفُهُ
وَحْيَاً لَها تَنْشُدُ أحْكَامَهُ الأُمَمُ
كُلُّ المَسَارَاتِ تُفْضي نَحْوَ كَعْبَتِهِ
مَجْدَاهُ سَيْفٌ وَعِلْمٌ وَالغِنَى شِيَمُ
هُوَ الأَمِيرُ دُرُوبُ الأَرْضِ تَحْفَظُهُ
في الحَرْبِ هَامَاتُهُا تَخْشَاهُ وَالهِمَمُ
سَارَتْ على هَدْيِهِ الفُرْسَانُ في أَلَقٍ
مَا لَانَ مَرْجِلُها.. لا صَابَهَا السَقَمُ
وَمَا أُحُيْلَاهُ مِنْ سَيْرٍ وَمِنْ سَفَرٍ
يَحْيَا الفَخَارُ بِهِ وَالجُوْدُ يَنْتَظِمُ
غَنَّتْهُ رَوْضُ الهُدَى وَالفِكْرِ وَالأَدَبِ
مُعَلِّماً نَضِرَاً يُفْتَى وَيُحْتَكَمُ
عُمْقُ العِبَارَاتِ يَطْفُو مِنْ فَضَاءَاتِهِ
كَأَنَّهُ السَلْسَبيلُ الوَاثِقُ العِظَمُ
إذَا اعْتَلَى المِنْبَرَ اهْتَزَّتْ رَكَائِزُهُ
بَابُ الخَطَابَةِ مِنْهُ صَارَ يُقْتَحَمُ
وَالسِرُّ هُو.. فُنُونُ الفَهْمِ مُعْجَمُهُ
يُهَنْدِسُ الحَرْفَ حَتَّى يَرْقُصَ النَغَمُ
مَا نَازَلَ اللُغَةَ العَصْمَاءَ وَارْتَعَبَ
السِحْرُ تَقْطُرُ مِنْ أَلْفَاظِهِ النُجُمُ
نَهْجُ البَلاغَةِ مَرْجَانٌ مِنَ العِبَرِ
لا يُحْسِنُ اللفْظَ إلاَّ مَنْ به شِمَمُ
يُجيدُ صَيْدَ المَعَاني مِنْ سَنَا الدُرَرِ
كَمَنْ بِهِ فَرَحُ الأَوْتَارِ يُخْتَتَمُ
مَدِينَةُ العِلْمِ فِيها القَوْلُ يَنْتَعِشُ
الفِعْلُ وَالفَاعِلُ وَالقَصْدُ يَعْتَصِمُ
أُوْلَاهُ عَيْنٌ وَسِلْمُ اللامِ مَعْقِلُهُ
وَاليَاءُ مِسْكُ الخِتَامِ.. قَارِبٌ وَفَمُ
في شَخْصِهِ أَدَبُ الإِسْلاَمِ يُخْتَزَلُ
الحَقُّ مَرْتَعُهُ مُذْ كَانَتِ القِيَمُ
وَالجَهْرُ بِالعَدْلِ مِنْ زَيْنِ شَمَائِلِهِ
حَتَّى اسْتَنار بِهِ الإنْسَانُ وَالحُلُمُ
حُبُّ العَلِيِّ مَعِ الأَلْبَانِ نَرْضَعُهُ
وَكَيْفَ لَا يَعْشَقُ أَطْيَابَهُ النَسَمُ؟
حُبُّ العَلِيِّ يَزيدُ المَرْءَ مَنْزِلَةً
وَالقَلْبُ يَحْيا بِمَنْ يَرْوي وَيَبْتَسِمُ
يَجْري هَوَاهُ سَريعَاً في مَدَى الزَمَنِ
كَأَنَّ عِشْقَهُ يُحْيِى مَنْ بِهِ أَلَمُ
آهٍ مِنَ العِشْقِ نَبْعِ الدِفَءِ وَالأَمَلِ
لَا يَسْلَمُ الحَدَثُ مِنْهُ وَلَا الهَرِمُ
إنِّي عَلَى ذي الهَوَى أَمْشي بِلاَ رُكَبٍ
مَا دَامَ قَلْبي بِهِ يَذْوي وَيَحْتَدِمُ
لَوْ خُيِّرَ العَاقِلُ مَا اخْتَارَ إِلاَّهُ
نِعْمَةً مِنَ اللهِ تَزْدَانُ بِها النِعَمُ
“محكمة” – السبت في 2018/03/31