ناضر كسبار لـ”محكمة”: إذا انتخبت نقيباً ستصبح بطاقة المحامي جواز مرور إلى كلّ احترام وتقدير/علي الموسوي
حاوره علي الموسوي:
قلّة هم المحامون الذين يكتبون تعليقاً أو رأياً في قرار أو حكم قضائي فيتناولونه بطريقة علمية مجرّدة بهدف الاستفادة والإفادة، وبغية تسليط الضوء على إيجابياته وسلبياته وثغراته بما ينير الطريق مليّاً أمام الباحثين عن العدالة الحقّة، ومن هؤلاء القلّة يتصدّر المحامي ناضر كسبار هذا الموكب الجميل من المحامين المتمرّسين في إبداء عشقهم للقلم والحبر، وتشهد على ذلك كتاباته في جريدة”الديار” وموقع “محكمة” الإلكتروني وسواهما من المطبوعات ووسائل الإعلام، فضلاً عن مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً”الفايسبوك”.
وقد سبق للمحامين أن جرّبوا كسبار ثلاث مرّات أيّ على مدى تسع سنوات في العمل النقابي، تنقّل خلالها في غير مسؤولية نقابية في مجلس النقابة وأظهر قدرات ونشاطاً مهمّاً يشهد على حبّ عميق لمهنة النبلاء ونقابتهم، فهو عمل مفوّضاً لقصر العدل، ومسؤولاً عن محاضرات التدرّج حتّى باتت شريحة كبيرة من المحامين تعرفه عن قرب وعن كثب وتطرق بابه عند كلّ مسألة شائكة للمساعدة، وهو لا يتوانى عن تقديمها حبّاً وتضامناً، كما أنّه لا يترك مناسبة إجتماعية تتعلّق بزملائه المحامين وعائلاتهم تفوته أو تمرّ من دون أن يقول كلمته فيها، والمثال الأوضح ما يفعله على “الفايسبوك” ومن دون ملل ويلقى استحسان المحامين وإعجابهم.
يحمل ناضر كسبار عناوين كثيرة في جعبته يرغب في تظهيرها بمجرّد وصوله إلى منصب النقيب، وقد عبّر عنها بوضوح في لقاء “محكمة” معه، وكلّها عناوين تهمّ المحامين، بدءاً من “التأمين الصحّي، والشطب الاداري، والعلاقة مع القضاء والقضاة ومع الضابطة العدلية والادارات العامة، وبين المحامين مع بعضهم البعض ومع موكّليهم”، فضلاً عن “مكافحة الهدر، وتفعيل اللجان والمجالس التأديبية ومواكبة القضايا الوطنية والمعيشية والاقتصادية والاجتماعية” وغيرها الكثير من الأمور التي تحتاجها نقابة المحامين في بيروت بعد فترة ركود وجمود لم تلحظهما من قبل بهذا القدر من الاتساع، فماذا يقول المحامي ناضر كسبار لـ“محكمة”؟
• ما هو الهدف من الترشّح للعضوية والنقيب؟ وماذا يمكنك أن تقدّم للنقابة في سنتها الأولى بعد المئوية؟
قد يكون الترشّح لمنصب نقيب، أو لأيّ منصب أو مركز، فيه دافع شخصي لإرضاء الذات، وهذا أمر مشروع. لكنّ الوصول إلى سدّة النقابة يجب أن يترافق مع التخلّي عن حبّ الذات والتفرّغ لما هو أسمى، أيّ تحقيق وتغليب مصلحة النقابة والمحامين.
وعليه، فإنّ هدف الترشّح لمركز عضو مجلس ونقيب محامين يبقى أولّاً وأخيراً خدمة المحامين ودفع النقابة إلى المزيد من العطاء. فالنقابة يجب أن تبقى أمّنا الجامعة وملاذنا الآمن ويجب أن نقدّم لها الغالي والرخيص لتبقى أمّ النقابات، ولتصبح بطاقة المحامي بمثابة جواز المرور إلى كلّ احترام وتقدير.
أمّا بالنسبة للسنة الأولى بعد المئوية، فهي ذكرى مهمّة ومعبّرة للتأمّل والاعتبار، وهي بالنسبة لي تشكّل في الوقت نفسه مناسبة سعيدة، علينا الاحتفال بها، وجرس إنذار علينا التنبّه إليه، والعمل مع كلّ محامٍ ومحامية لاستنهاض النقابة والعودة بها إلى عصرها الذهبي.
• بعد سنوات من الخبرة النقابية تترشّح لمنصب النقيب. هل هذه الخبرة قادرة على النهوض بالنقابة بعد سلسلة الخيبات التي عاشتها على أكثر من صعيد؟
كما في كلّ مهنة أو هواية أو مهمّة أو منصب، فإنّ الخبرة هي، بالنسبة لي، أحد أهمّ عناصر النجاح لأيّ نقيب.”سأل مجرّب وما تسأل حكيم”، يقول المثل الشعبي. وكلّ محامٍ يعلم كم هي مهمّة سنين الخبرة التي قضاها في الجامعة والمكتب وأروقة العدليات ليتعلّم أصول المهنة وتفاصيلها الصغيرة والكبيرة. فكم بالأحرى بنقيب محامين مؤتمن على مئات الملفّات التي تؤثّر مباشرةً على حياة المحامين اليومية.
وبالعودة إلى سؤالك، فإنّ الخبرة سمحت لي بالاطلاع عن كثب على المشاكل اليومية التي تعترض المحامين، كما سمحت لي بتكوين تصوّر واضح وعملي للحلول والمقترحات التي من شأنها استنهاض النقابة وتقريب وجهات النظر بين المحامين وتحسين ظروف عملهم. ويبقى أنّ أيّ نقيب، مهما كانت خبرته كبيرة ونواياه صادقة، لا يستطيع النهوض بالنقابة من دون مجلس نقابة نشيط ومتجانس، ومن دون فريق عمل كامل ومحترف، وهو ما سأعمل عليه منذ اليوم الأوّل إذا انتخبت نقيباً.
خدمة النقابة والمحامين
• ما هي النشاطات والأمور التي أنجزتها خلال وجودك في العضوية ثلاث دورات ومن خلال المراكز التي استلمتها؟
لقد أولاني زملائي المحامين شرف انتخابي ثلاث مرّات عضواً في مجلس نقابة المحامين، وقد آليت على نفسي منذ اليوم الأوّل لهذا الانتخاب العمل الدؤوب في خدمتهم وخدمة النقابة. فشاركت مشاركة فعّالة في جميع جلسات مجلس نقابة المحامين والخلوات التي عقدت ولم أغب عن أيّ جلسة، ولم أغب يوماً واحداً عن مكتبي في النقابة طوال السنوات التسع، حيث دأبت على متابعة شؤون وشجون المحامين، ومنها مئات ملفّات أتعاب المحاماة التي تردنا من محكمة الاستئناف ووضعت فيها التقارير وعرضتها في مجلس النقابة. كما حقّقت بمئات الشكاوى المسلكية. وكنت عضواً في المحكمة النقابية وعضواً ثمّ رئيساً للمجلس التأديبي.
أمّا كرئيس لمحاضرات التدرّج، فقد كنت أقوم شخصياً بتحضير المحاضرات والندوات ومتابعتها وإلقاء الكلمات فيها وكانت فترة حافلة بشهادة الجميع لجهة المحاضرات والندوات والمؤتمرات.
ويوم انتخبت مفوّضاً لقصر العدل، تابعت الشؤون اليومية للنقابة وللمحامين وحقّقت في الملفّات الواردة وكتبت القرارات المتعلّقة بها، كما القرارات التي كانت متروكة سابقاً، وتابعت شؤون المحامين في بيروت والمناطق وكنت أزورها دورياً.
• ما هي أبرز العناوين التي تنوي القيام بها وتنفيذها بعيد انتخابك نقيباً؟
إنّ طموحي إذا ما انتخبت نقيباً للمحامين أكبر من أن يختصر ببضعة عناوين، إلاّ أنّني أستطيع التأكيد أنّني سوف أُولي بعض الملفّات أهمّية خاصة منذ اليوم الأوّل بفعل أهميّتها وتأثيرها المباشر على ظروف عمل المحامين وحياتهم اليومية، وأهمّها:
– التأمين الصحي،
– الشطب الاداري،
– العلاقة مع القضاء والقضاة ومع الضابطة العدلية والادارات العامة، وبين المحامين مع بعضهم البعض ومع موكّليهم،
– التقشّف ومكافحة الهدر،
– تفعيل اللجان والمجالس التأديبية ومواكبة القضايا الوطنية والمعيشية والاقتصادية والاجتماعية،
– تفعيل الاختبارات،
– مواكبة التشريع،
– حلّ المسألة الخلافية مع الكتّاب العدل بما فيه مصلحة النقابة والمحامين،
– تفعيل المعاهد التابعة للنقابة وتطوير برامجها ونشاطاتها،
– بتّ مسائل تتعلّق بصندوق التقاعد وعدم ترك الأمر لاجتهاد المحاكم،
– إيجاد آلية لتجميع المعلومات القانونية في اجتهادات وأحكام وفقه مبوّبة بدقّة ووضعها في خزّان معلوماتي ضخم وضخّها للمحامين عبر مكاتبهم بما يفيد النقابة والمحامين ويضعهم على تواصل يومي مع أيّ تطوّرات قانونية،
– ضبط وحدة النقابة وتحديد لقاءات دورية مع الجمعية العامة لطرح المشاريع والآراء وأخذ الملاحظات والتوجيهات،
– تحصين وتقوية حصانة المحامي مع الموازاة في المحاسبة وتنقية الجسم النقابي،
– إزالة القلق لدى أيّ محام على صحّته واستشفائه مع عائلته، فما عليه سوى إبراز بطاقته فقط حتّى تتأمّن جميع حاجاته الصحيّة،
بالإضافة إلى عشرات الأفكار الموضوعية لضمان مصادر مادية وافرة لتغذية صندوق النقابة وتعزير التقاعد، وتفعيل الجهاز الاداري ومواكبة التطوّر التكنولوجي في التعامل بين المركز الأساسي والمراكز المناطقية للنقابة.
هموم المستقلّين والحزبيين واحدة
• أنت مرشّح مستقلّ ولك حضورك الكبير في صفوف المحامين بحكم قربك منهم ومشاركتك لهم في أفراحهم وأحزانهم، فيما السيطرة في معظم الانتخابات تكون للأحزاب. على مَنْ تعوّل في ترشّحك؟ وهل تكون الكلمة الأخيرة للمستقلّين؟
إنّ التمييز بين المحامين المستقلّين والمحامين الحزبيين هو تصنيفٌ شائع غالباً ما يُستعمل في فترة الانتخابات، إلاّ أنّ التجربة علّمتني أنّه، في أغلب الأحيان، خاطئ ومضلّل. فمن ناحية أولى، هذا التمييز موجود عندنا فقط، فأنا لم أسمع أبداً بتصنيفٍ مماثل في انتخابات نقابة باريس مثلاً. ومن ناحية ثانية، فإنّ غالباً ما ينتخب المحامي المستقلّ مرشّحاً منتمياً لأحد الأحزاب، والمحامي المنتمي لحزب مرشّحاً مستقلاً، وذلك لاعتبارات عدّة، منها الكفاءة والمعرفة الشخصية والقناعة وغيرها.
ومن ناحية ثالثة وأخيرة، فإنّ هموم ومشاكل وتطلّعات المحامين، حزبيين ومستقلّين، واحدة. والكلمة الفصل تعود لهم، واتكالي الأوّل والأخير عليهم.
كسب ثقة المحامين ومحبّتهم
• أين تكمن قوّة ناضر كسبار في هذه المعركة وفي ظلّ المنافسة الحامية على منصب النقيب؟
من الصعب على المرشّح الحديث عن نقاط قوّته، فهي متروكة لتقدير المحامين. أمّا عن العناوين التي أخوض على أساسها الانتخابات، فهي بسيطة ويمكن تلخيصها بثلاث خصال أساسية، وهي نظافة الكفّ التي تحلّيت بها خلال ممارستي لمهامي النقابية، الخبرة التي سبق وتكلّمنا عنها، والحضور الدائم والتضحية بكلّ شيء في سبيل النقابة والمحامين منذ أكثر من عشر سنوات، وهي خصال مكّنتني، في رأيي، من كسب ثقة المحامين ومحبّتهم.
تنقية الجدول والشطب الإداري
• هل تؤيّد تنقية الجدول العام للمحامين؟ وكيف ترى الشطب الإداري؟
نعم أؤيّد تنقية الجدول ضمن آلية واضحة ورصينة يصوّت عليها أعضاء المجلس وتعرض كاملة على المحامين فلا يشعر أحد منهم بالغبن أو بالتجنّي.
أمّا بالنسبة للشطب الاداري، فإنّ مفهومه المبني على وجوب أن يبقى المحامي على موجب إيحاء الثقة والاحترام، بات يفسّر في بعض الأحيان بشكل خاطئ. فأنا لا أوافق على الإطلاق، على أن يكون هناك شطب إداري بسبب أقوال أو آراء يبديها المحامون حتّى ولو كانت قاسية، ولو كانت تشكّل ذمّاً وقدحاً وتحقيراً بأيّ كان سواء بالنقابة أو بالنقيب أو بأعضاء مجلس النقابة. فهذه الأقوال والآراء معالجتها تكمن في إحالة صاحبها أمام المجلس التأديبي وليس الشطب الاداري، خصوصاً وأنّ هذا الأمر بات كالسيف المسلط على رؤوس المحامين وهذا أمر غير جائز ولا أوافق عليه على الإطلاق.
لجنة لدرس ملفّ التأمين
• لو كنت نقيباً للمحامين وواجهتك مسألة التأمين الاستشفائي، ماذا كنت فعلت؟
مسألة التأمين الاستشفائي في النقابة حسّاسة ودقيقة جدّاً. فحتّى هذه اللحظة، لم يحسم أحد بشكلٍ نهائي وعلمي نقطة سبب العجز وغيرها من النقاط المهمّة والمفصلية. فنحن لا نستطيع زيادة رسم التأمين على المحامين بالطريقة التي حصلت في السنين الماضية من دون تفسير كامل وشفّاف لسبب هذه الزيادة. وقد زاد ذلك في شعور الغبن عند المحامين، خاصةً في ظلّ هذا الجوّ من غياب الثقة في البلد بين المواطنين ومختلف ممثّليهم. وإن كنت شخصياً قد كوّنت انطباعات ورأي واضح عن مكامن الخلل والعجز، إلاّ أنّني أفضّل التأكّد التام قبل إدانة أيّ شخص في ملفّ بهذه الحساسية، لذلك إن انتخبت نقيباً، فسوف أعيّن لجنة برئاسة نقيب سابق مشهود له بمصداقيته وتضمّ أعضاء حاليين وسابقين ومستشارين اختصاصيين وأمنحها أوسع الصلاحيات لدراسة الملفّ بالعمق، وإجراء التحقيقات اللازمة تمهيداً لإجراء المقتضى.
• من يتابع مسيرتك النقابية يدرك اهتمامك بكلّ شاردة وواردة تعني المحامين وحياتهم كيف توفّق بين هذه المتابعات اليومية؟
العمل النقابي شغفٌ حقيقي لديّ، وأنا أستطيع إيلاءه ساعات النهار وحتّى الليل كلّها دون تعب أو ملل. وبكلّ صراحة، أنا أؤمن أنّ من يودّ الدخول بجدّية في العمل النقابي، عليه أن يترك الكثير من الأمور، وأن يتحمّل صحيّاً ومالياً ومهنياً واجتماعياً وحتّى عائلياً، وإلاّ فعمله سيظلّ ناقصاً.
• أنت من المحامين الكتّاب الذين يتابعون إنتاج المحاكم وتكتب تعليقات وقراءات في القرارات والأحكام الصادرة وخصوصاً في ميدان الإيجارات والقضايا النقابية، لماذا لا تجمع هذا الرصيد الكبير في طيّات كتاب، خصوصاً وأنّ المكتبة القانونية بحاجة ماسة لهذه الكتابات؟
بالفعل، لقد لخّصت ونشرت حوالي 12 ألف حكم، وقرار منذ العام 1990، بالإضافة إلى مئات المقالات الحقوقية والتعليقات. وقد آليت على نفسي مشاركتها مع الزملاء المحامين بشتّى الطرق والوسائل الممكنة، عبر نشرها في الصحف المطبوعة في مرحلة أولى، ومؤخّراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي، ورغم الانتقادات العديدة التي تطالها، تشكّل في عصرنا هذا، طريقةً فعّالةً جدّاً لمشاركة المعلومات، وخصوصاً المعلومات القانونية. ويبقى جمع هذه الأحكام والتعليقات في كتب أو مجموعات مطبوعة، هدفاً مهمّاً أرجو أن يسمح لي ضيق الوقت والظرف المادي في تحقيقه.
(نشر هذا الحوار في النسخة الورقية من مجلّة “محكمة” – العدد 45 – أيلول 2019)
“محكمة” – الثلاثاء في 2019/9/10