نظرة على قانون “قيصر” الأمريكي/سلام عبد الصمد
إعداد المحامي الدكتور سلام عبد الصمد:
مع سريان مفعول قانون حماية المدنيين في سوريا، المعروف باسم قانون قيصر الأميركي، ودخوله حيّز التنفيذ، في 17 يونيو (حزيران) 2020، يرى الكثير من المراقبين بأنّه ستكون لهذا القانون انعكاسات كبيرة على الاقتصاد السوري وعلى بيئة الأعمال التي تعدُّ العدّة لمرحلة إعادة إعمار سوريا، بعد بلورة الحلّ السلمي أو التسوية الأميركية – الروسية حيال مستقبل البلد والنظام فيه ودور العملاقين الدوليين فيه.
بدايةً، لماذا سُمي القانون المذكور بـ “قيصر”؟ والسبب أنَّ قيصر هو الإسم الرمزي لمصوّر سوري وثّق عمليات الإعتقال في السجون والمستشفيات السورية في العام 2013.
وفيما تعدّدت القراءات حول هذا القانون الذي أقرّ نهاية العام الماضي، في محاولة لفهم مدى خطورته وخطورة تطبيقه على سوريا والدول المحيطة أو الشركات المستثمرة أو المتعاملة مع النظام السوري، لا بدّ من التوقّف عند مضامينه والمستهدفين منه في الداخل والخارج السوري، والأهداف التي ترمي الولايات المتحدة الأميركية إلى تحقيقها من خلاله.
بحسب الموقع الإلكتروني للكونغرس الأميركي، أُقرّ القانون H.R.31 في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي تحت اسم “قانون قيصر سوريا للحماية المدنية”، قبل أن يوقّعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد أيّام قليلة ليصبح نافذاً اعتباراً من 17 يونيو/حزيران، وتمتد مفاعيله لخمس سنوات من تاريخ بدء التنفيذ، أيّ حتّى عام 2024.
ويُشكّل هذا القانون جزءاً من قانون تفويض الدفاع الوطني (S1790) لعام 2019. تمّ إقراره في مجلس الشيوخ في 17 ديسمبر (كانون الأوّل) 2019، بالتوافق مع مجلس النوّاب أيضاً، ويهدف – وفقاً لمنطوق القانون – إلى معاقبة النظام السوري، على جرائم الحرب التي ارتكبها في حقّ المدنيين السوريين!
ويمنح القانون الرئيس الأميركي الحقّ في وقف العقوبات إذا ارتأى أنّ الأفراد المعنيين بالنزاع انخرطوا في مفاوضات بنّاءة ترمي إلى وقف العنف ضدّ المدنيين. وعلى الرغم من أنّ الهدف الأساسي للقانون هو حماية المدنيين من العنف، إلاّ أنّ معظم مندرجاته تتناول عقوبات إقتصادية ومالية ومصرفية تستهدف بشكل أساسي عملية إعادة إعمار سوريا، بحيث يُبيّن القانون حرص واشنطن على أن تكون لها الكلمة الفصل في هذا المسار!. ويستهدف أيضاً عدداً من الصناعات السورية، من ضمنها كلّ ما يتعلّق بمشاريع البنى التحتية وصيانة الآليات العسكرية وإنتاج الطاقة.
كما يُجيز هذا القانون مراقبة أعمال المصرف المركزي السوري في مجال غسيل الأموال، كما يجيز لوزير الخزانة الأميركية ضمن مهلة 90 يوماً من دخوله حيّز التنفيذ، أن يحدّد ما إذا كانت هناك أسباب معقولة تقود إلى اعتبار أنّ المصرف المركزي المذكور هو مؤسّسة مالية ذات اهتمام رئيسي بتبييض الأموال. وإذا صحّ ذلك، يعود للوزير بالتنسيق مع الهيئات الفيدرالية المعنية فرض الإجراءات العقابية المنصوص عنها في القسم 5318 من القانون الأميركي.
ويتناول القانون “الأشخاص الأجانب الذين ينخرطون في معاملات معيّنة”، بحيث يعطي الرئيس الأميركي الحقّ بفرض العقوبات، بحقّ الأشخاص الأجانب إذا قاموا بتوفير الدعم المالي أو التقني للنظام السوري، أو التعاقد معه أو مع الحكومة السورية أو أيّ من المؤسّسات الرسمية أو الكيانات التي تسيطر عليها الحكومة السورية أو أيّ شخصية سياسية رفيعة المستوى فيها أو أيّ شخص أجنبي متعاقد عسكرياً أو مرتزق أو قوّة شبه عسكرية تعمل داخل سوريا لصالح حكومتها أو نيابة عنها، كما ينطبق على الحكومتين الروسية والإيرانية أو أيّ شخصية تطالها أساساً العقوبات الأميركية، وذلك على خلفية دعم روسيا وإيران لنظام الرئيس بشّار الأسد.
“محكمة” – الأربعاء في 2020/6/17