نقابة المحامين: القاضي استكمل مشاهد الإعتداء “السورياليّة” على الزميل حدشيتي باعتقاله
“محكمة” – خاص:
أسئلة كثيرة طرحها مجلس نقابة المحامين في بيروت بخصوص اعتداء عنصرين من قوى الأمن الداخلي على المحامي جيمي حدشيتي وزوجته تنتظر جواباً من المعنيين في القضاء والمسؤولين عن الأمن، وتختصر بسؤال جوهري:”أهو زمن ديكتاتورية الأجهزة الأمنية؟ أهو زمن عدم استقلالية القضاء وبعض القضاة؟ أهو زمن القضاء على العدالة بكسر أحد جناحيها ألاّ وهي المحاماة؟!”
ويتوقّف المحامون يوم غد عن العمل إستنكاراً لهذا الحادث، وينفّذون عند الساعة الثانية عشرة ظهراً وقفة إحتجاجية رمزية بثوب المحاماة داخل قصور العدل في المحافظات كافة.
وأصدر مجلس النقابة بعد اجتماعه الطارئ وبيان الصباح البيان التالي:
“عقد مجلس نقابة المحامين في بيروت إجتماعاً طارئاً، برئاسة نقيب المحامين ملحم خلف، ظهر اليوم الإثنين الواقع في ٢٠٢٠/١/٤، للوقوف عند قضية المحامي الزميل الأستاذ جيمي حدشيتي، وبعد التداول، صدر عن المجلس البيان الآتي:
أوّلاً-هال مجلس نقابة المحامين، المشاهد والأحداث المُروّعة التي رافقت هذه القضية؛ وفي بعض التفاصيل، فقد تبيّن أنّ الزميل المحامي إعتدي عليه وعلى زوجته الإعلامية كلارا جحا أمام أنظار أطفالهما، من قبل القوى الأمنيّة، في منطقة الشيّاح، ونقابة المحامين أخذت علماً بما حصل في اللحظة نفسها، وأصرّت على أنْ تأخذ الأمور مجراها القانوني القضائي الصحيحين لتبيان كامل الحقائق وإحقاقاً للحقوق، ممّا حمل المحامي وزوجته، بكلّ هدوء وحسن نيّة، إلى الإنتقال إلى مخفر الشيّاح لتقديم شكوى فوريّة بحقّ المعتدين، وخلال الإستماع لإفادة المحامي دخل أحد المعتدين عليه وضربه مُجدّداً، أمام أنظار زوجته والمحامي المكلّف من قبل نقابة المحامين وأنظار رؤسائه من القوى الأمنيّة الحاضرة؛ والقاضي المشرف على التحقيقات إستكمل هذه المشاهد “السورياليّة” بإعطاء إشارة باعتقال المحامي واحتجاز حريّته، ونقله إلى مخفر حمانا ليقضي ليلته وراء القضبان، ولم يُترك إلاّ خلال إعداد هذا البيان.
ثانياً- يسأل مجلس نقابة المحامين: “هل يجوز للقوى الأمنية الإعتداء على الناس وفاقاً لمزاجيات أفرادها غير المنضبطة؟!هل يحقّ للقوى الأمنية الإعتداء على محامٍ وإعلاميّة، أيّاً تكن الأسباب وتفاصيل الإشكال، من دون أيّ وجه حقّ؟! هل يحقّ للقوى الأمنية إستكمال إعتدائها بضرب المحامي مجدّداً داخل المخفر وعلى مرأى من ضابط التحقيق؟!
هل تقيّدَ القاضي المُولج بالتحقيقات(فادي عقيقي) بالأصول المنصوص عليها في المادة ٧٩ من قانون تنظيم مهنة المحاماة وسائر النصوص القانونيّة وبالأصول المنصوص عليها في التعاميم الصادرة عن النيابة العامة التمييزيّة المتصلة في آليات الإستماع إلى المحامين؟! هل لقاضٍ، الحقّ بإعطاء إشارة بتوقيف محامٍ، خلافاً للأصول المُتبعة، بفعلِ إعتقالٍ تعسفيًّ وحجز حريّة؟! هل الضابطة العدلية أضحت هي مَن تأمر بعض القضاة؟! والأسئلة تطول!
إنّها مخالفات بالجملة بالغة الخطورة تشير إلى أنّ دولة القانون قد سقطت، وأنّ شريعة الغاب حلّت مكان الدستور والقوانين والأنظمة المرعية الإجراء! وقد سبق لنقابة المحامين وأنذرت مراراً وتكراراً من الوصول إلى هذه اللحظة والوقوع في المحظور! وقد وقع المحظور!
ثالثاً- يستهجن مجلس نقابة المحامين الزمن الذي نحن فيه: أهُوَ زمن قمع الحرّيات؟! أهُوَ زمن تركيب الملفّات؟! أهُوَ زمن ترهيب الناس وتطويع القضاء؟! أهُوَ زمن الترهيب والتخويف والتهويل؟! أهُوَ زمن الدولة البوليسية الامنيّة؟ أهُوَ زمن التسلّط والضرب والتعذيب والإهانة والتطاول؟! أهُوَ زمن التفلّت من المحاسبة والتلطّي بالبذّة العسكرية- المفروض أنْ تكون الحامية – لترويع الناس والأطفال؟! أهو زمن ديكتاتورية الأجهزة الأمنية؟! أهو زمن عدم استقلالية القضاء وبعض القضاة؟! أهو زمن القضاء على العدالة بكسر أحد جناحيها ألاّ وهي المحاماة؟!
كمْ نهيب اليوم بمجلس القضاء الأعلى ورئيسه القاضي سهيل عبود الجدير بكلّ تقدير للتدخّل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من قيم وحسن علاقات وانتظام لعمل المؤسّسات، والمطلوب من قيادات قوى الأمن ضبط تصرّفات عناصرها وإلزامها بالمناقبية حمايةً للناس.
رابعاً- يرفع مجلس نقابة المحامين الصوت عالياً لاسترداد مؤسّسات الدولة من فاسديها مُفسديها، فلن نترك القضاة الأكفاء من أجل قاضٍ نسي أو تناسى قسمه ورسالته، ولن نترك رجال الأمن الأبطال من أجل عنصرٍ نسي أو تناسى أنّ الأرزة تكلّل جبينه فخراً لحماية الناس.
الرسالات تتوالى لنقابة المحامين والمحامين، والرسالة الأخيرة وصلت! إذا المطلوب إسكات المحامين عن قول الحقّ، فلن يسكتوا! وإذا المطلوب إخضاع المحامين لمزاجيات بعض القوى الأمنية وبعض القضاة، فلن يخضعوا! وإذا المطلوب ترويع المحامين باستهدافهم جسديّاً، فلن يخافوا! وإذا المطلوب رضوخ المحامين إزاء إنتهاك كراماتهم، فلن يرضخوا!
وإذا المطلوب إستسلام المحامين أمام الإستنكاف عن تحقيق العدالة في القضايا الكبيرة والصغيرة، فلن يستسلموا!
أمّا إذا المطلوب إستضعاف المحامين في سياق مشروع إنحلال الدولة، فلن يضعفوا! ولن يرضوا بهذا الإنحلال!
خامساً- يعلن مجلس نقابة المحامين، في ظلّ هذا الدرك الذي وصلنا إليه، إلى الإستمرار في التوقّف عن العمل يوم غد الثلاثاء في ٢٠٢١/١/٥، مع دعوتهم الى وقفة إحتجاجية رمزية بثوب المحاماة داخل قصور العدل في المحافظات كافة، وذلك عند الساعة الثانية عشرة ظهراً؛ ويعولّ مجلس نقابة المحامين على دوري وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى لملاقاة نقابة المحامين لتحصين العلاقة بين جناحي العدالة، على أنْ تبقى جلسات مجلس النقابة مفتوحة لمتابعة كلّ التطورات، وللإعلان عن الخطوات المتتالية، إنقاذاً للعدالة والوطن.”
“محكمة”- الإثنين في 2021/1/4