نقابة المحامين ترفض ملاحقة مروان معلوف بـ”رشق سياسيين بالبندورة والحفاضات”
كتب علي الموسوي:
صحيح أنّ هناك محامين يحتمون بالحصانة المعطاة لهم بواسطة نقابتهم فيقومون بأعمال وتصرّفات وسلوكيات لا تتوافق على الإطلاق، مع غايات مهنتهم في سبيل دعم إحقاق الحقّ والوصول إلى عدالة آمنة تفيد المجتمع برمّته، غير أنّ هناك في الضفة المقابلة، محامين يواظبون على رفع شأن رسالتهم القانونية سواء عبر مرافعاتهم في المحاكم، أو حضورهم في ساحات الخدمة العامة، وما يتفرّع عنها من أمور وشؤون تصبّ في خدمة المجتمع والوطن.
وممارسة مهنة المحاماة لا تقتصر على العمل في المحاكم وقصور العدل والمخافر والمفارز والفصائل والسجون وما يتخلّلها من مراجعات وتقديم شكاوى ودعاوى ولوائح واستدعاءات وحضور جلسات تحقيق أوّلي واستنطاقي، بل يتعدّاه إلى ما هو أشمل من ذلك بكثير، ويتعلّق بالمساهمة في الخدمة العامة التي ليست حكراً على طبقة السياسيين، علماً أنّ هناك نسبة كبيرة من السياسيين في لبنان، منذ أن بدأ التداول الواقعي والسليم بالحقوق والقضاء، هم محامون ومن ذوي الروب الأسود.
ولذلك، فإنّ مشاركة محام في اعتصام ما، أو تظاهرة مرخّصة، أو لقاء تضامني، أو حراك مدني، من دون الإتيان على تصرّفات يستشفّ منها فوضى وشغب وإرباك أمني وتعدّيات، هي من صلب عمل المحامي، ومن ضمن مهامه في تأدية خدمة عامة، ويقتضي معه تقدير دوره الرسالي هذا واحترام حرّيّته في إبداء الرأي والتعبير لديه ما دامت لا تخالف القوانين المرعية الإجراء.
وهذا ما أكّده مجلس نقابة المحامين في بيروت في الشكوى المقامة من الحقّ العام على المحامي المتدرّج مروان معلوف، فماذا في تفاصيل الشكوى وقرار النقابة؟.
خلال أحد اعتصامات الحراك المدني في بيروت، جرى رشق صور سياسيين بالبندورة وحفاضات الأطفال، ولكنّ هذا الفعل لم يمرّ على خير، إذ طلب النائب العام الاستئنافي في بيروت زيّاد أبو حيدر ملاحقة الفاعلين بجرائم القيام بأعمال شغب والقدح والذمّ بأشخاص لهم صفة عامة.
ومن بين المطلوب ملاحقتهم المحامي المتدرّج مروان معلوف، فأرسل القاضي أبو حيدر كتاباً بهذا الخصوص إلى نقابة المحامين في بيروت طالباً إعطاء الإذن بملاحقة معلوف الذي استمع إليه مفوّض قصر العدل ناضر كسبار وتوصّل إلى قناعة بأنّه لم يشارك بأيّ عملّ شغب، أو الذم والقدح بأيّ أحد.
ودرس مجلس النقابة ملفّ معلوف واقتنع بأنّ رشق صور السياسيين بالبندورة حفاضات الأطفال لا تشكّل جريمتي القدح والذمّ المختلفتين في مفهومهما عن الحادثة المحكى عنها، وهما لا يتوافران برمي البندورة والحفاضات على صور السياسيين، كما أنّ لجريمة الشغب مفهوماً مغايراً تماماً، بالإضافة إلى أنّ المحامي يساهم في تنفيذ خدمة عامة ويمارس رسالة العدالة ويقتضي إحترام حرّيّة التعبير لديه.
وخلص مجلس نقابة المحامين إلى اعتبار الأفعال المنسوبة إلى معلوف واقعة في معرض ممارسة مهنة المحاماة، ورفض إعطاء الإذن بملاحقته.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 8 – حزيران 2016).