نقيب المحامين: لم أوقّع العقد مع “غلوب مد” بعدما تنكّرت لضمان أيّ عجز
أعلن نقيب المحامين في بيروت أنطونيو الهاشم أنّ النظام الإستشفائي كبَّدَ النقابة في السنة التعاقدية الأولى خسائر تبلغ حوالي مليونين وخمسمئة ألف دولار أميركي، كاشفاً أنّه لن يوقّع عقداً للسنوات الثلاث الآتية بصورة رضائية وبنتائج غير واضحة لا يقبلها.
وقال الهاشم في بيان أصدره اليوم إنّه “تمَّ وضع الأسس لمشروع حلّ يرتكز على تعديل العقد الحالي لجهة تعديل بوليصة إعادة الضمان (STOP LOSS) كونها أحد المصادر الأساسية للعجز، إضافةً الى زيادة الإشتراكات زيادة غير كبيرة تتناسب مع زيادة نفقات المستشفيات والمختبرات، وضماناً للصندوق التعاوني وتغطية العجز الممكن حصوله وذلك عن فترة الستّ سنوات كاملة، وتعهّدت “غلوب مد” بتغطية أيّ عجز قد يظهر، ووافقت بناء لطلب النقابة وإصرار النقيب المستمرّ، على أن تقوم مالكتا “غلوب مد”، أيّ شركة “أكسا الشرق الأوسط” و”اللبنانية السويسرية للتأمين” بكفالة موجب تسديد أيّ عجز، كفالة تضامنية، غير أنّ “غلوب مد” عادت وتنكّرت لموافقتها وموافقة شركتي التأمين على ضمان أيّ عجز قد يظهر في نهاية السنوات الستّ.
وجاء في بيان الهاشم التالي:
زميلاتي وزملائي،
إلحاقاً ببياناتي السابقة، وإلتزاماً مني بموجب الشفافية المطلقة الذي أخذته على نفسي والذي هو أصلاً حق للمحامين ولجمعيتهم العمومية على نقيب المحامين،
وإلتزاماً بالموجب المُلقى على عاتق نقيب المحامين وعلى مجلس النقابة بالحفاظ على مصلحة المحامين،
أُطلّ على زملائي المحامين من خلال هذا البيان لإطلاعهم على المستجدات في موضوع الإستشفاء، وهو الموضوع الذي شغل ولا يزال يشغل بالي وبال مجلس النقابة، وبال المحامين.
ومنعاً للأقاويل، ووضعاً للأمور في نصابها، أجد نفسي ملزماً بإعادة التذكير بالوقائع السابقة التي أطلعت عليها الزملاء المحامين من خلال بيانات سابقة، وصولاً الى المستجدات التي حصلت منذ البيان الأخير الصادر عني، كل ذلك بعيداً عن الكلام الشعبوي، وبعيداً عن الكلام العام الذي قد يشفي غليل قائله لكنه لا يشفي المحامي المريض إذا ما انهار نظام الإستشفاء.
أمَّا الوقائع التي لا بدّ من تذكرها للإحاطة الكاملة بالوضع فهي التالية:
بتاريخ 15 تشرين الثاني 2015 منحتني الجمعية العمومية في نقابة المحامين في بيروت ثقتها لتولي المسؤولية. ومنذ تلك اللحظة أدركت أنَّ الشرف الذي منح لي تُقابله مسؤولية الحفاظ على مصلحة المحامين بالتعاون الوثيق مع مجلس النقابة المنتخب من قبلكم. وقد طلبت منذ لحظة إنتخابي إطلاعي على النتائج التي كانت متوفرة عن تطبيق نظام الخدمات الطبية والإستشفائية الذي كانت النقابة قد بدأت تطبيقه قبل إنتخابي بحوالي ثمانية أشهر تقريباً وبالتحديد منذ أول نيسان 2015، وهو النظام الذي تديره شركة “غلوب مد ش.م.ل.” بموجب عقد موقّع معها لمدَّة ثلاث سنوات بدأت في أوّل نيسان 2015 وتنتهي في 31 آذار 2018، وقد أعلمتني شركة “غلوب مد” في حينه شفاهة أنَّ الأمور تسير في الطريق الصحيح وأنَّ النتائج المالية إيجابية. لكنني لا أخفي أنَّ المعلومات الحسابية التي كانت متوافرة لدى النقابة كانت مجتزأة وغير دقيقة.
وفي بداية السنة التعاقدية الثانية، وبالتحديد خلال شهر آيار 2016 بدأت الأرقام النهائية للسنة التعاقدية الأولى تُظهر نتائج سلبية الى حدّ كبير. وإذا كانت الأرقام النهائية لا تظهر إلا بعد إنقضاء حوالي ثلاثة أشهر على انتهاء السنة التعاقدية، فمردّ ذلك الى أنَّ المستشفيات والمختبرات لا تُرسل فواتيرها بصورة فورية، بل تُرسلها في نهاية كلّ شهر وأحياناً في نهاية كلّ فصل.
وسرعان ما تبيَّن أنَّ النظام الإستشفائي الذي إعتمدته النقابة والذي ورثه مجلس النقابة الذي ترأسته، والذي تديره شركة “غلوب مد” تعتوره أخطاء جسيمة وخطيرة. وقد تكون أهمها بوليصة ضمان الخسارة المالية الإجمالية السنوية Stop Loss Policy.
وبالنتيجة تبيَّن أنَّ النظام الإستشفائي كبَّدَ النقابة في السنة التعاقدية الأولى خسائر تبلغ حوالي /2.500.000/ مليونين وخمسمئة ألف دولار أميركي، ولم تتأكّد هذه الأرقام إلّا في صيف 2016.
زميلاتي وزملائي،
لدى ظهور هذه النتائج الصادمة، وبعد دراسات مستفيضة بمعاونة أخصائيين وجدنا أنفسنا أمام خيارات ثلاث:
الأوّل: تطبيق العقد بكافة مفاعيله لمدَّة ثلاث سنوات. وهذا الإقتراح يرتّب على النقابة تحمّل قيمة العجز الناتج عن السنوات الثلاث.
الثاني: فسخ العقد بنهاية السنة التأمينية الثانية وما يمكن أن يترتّب على ذلك من مسؤوليات ونتائج مالية، علماً أنَّ العقد نصّ على حلّ أيّ نزاع بين الشركة والنقابة بالتحكيم المطلق.
الثالث: التفاوض مع شركة “غلوب مد” لإيجاد حلول قد تؤدّي إلى إلغاء العجز الحاصل في الصندوق أو تخفيضه إلى الحدّ الأدنى.
وللخروج بالحلّ الأنسب، عقد مجلس النقابة عدَّة اجتماعات حضرها العدد الأكبر من النقباء السابقين. وقد تمَّت الإستعانة باستشاري متخصّص في التأمين وله خبرة كبيرة أيضاً في عالم المستشفيات كونه عمل لعدَّة سنوات مديراً لأحد أكبر مستشفيات بيروت. وبعد دراسات مستفيضة ومفاوضات متواصلة لمدَّة تزيد على ستّة أشهر، تمَّ وضع الأسس لمشروع حلّ يرتكز على تعديل العقد الحالي بصورة جذرية وبالأخصّ لجهة تعديل بوليصة إعادة الضمان (STOP LOSS) كونها أحد المصادر الأساسية للعجز، إضافةً الى زيادة الإشتراكات زيادة غير كبيرة تتناسب مع زيادة نفقات المستشفيات والمختبرات، والإسراع في دفع فواتير المستشفيات للحصول على حسومات غير قليلة مقابل الدفع النقدي العاجل، وعلى أن يُعمل بالعقد الجديد المعدَّل خلال أربع سنوات (السنة التعاقدية الثالثة، وثلاث سنوات تعاقدية جديدة).
وكان يُؤمل من الحلّ المذكور تغطية خسائر السنتين الأولى والثانية، ومنع حصول أي خسائر جديدة، بإعتبار أنَّ التعديلات الجاري درسها يُؤمل منها خلق توازن ثابت بين المقبوضات والمدفوعات وإيجاد وفر يغطّي العجز السابق، مع السهر اليومي والدائم على حسن أداء الخدمات الإستشفائية والطبية بأعلى المستويات.
وضماناً للصندوق التعاوني وتغطية العجز الممكن حصوله وذلك عن فترة الستّ سنوات كاملة، تعهّدت “غلوب مد” بتغطية أيّ عجز قد يظهر، ووافقت بناء لطلب النقابة وإصرار النقيب المستمرّ، على أن تقوم مالكتا “غلوب مد”، أيّ شركة “أكسا الشرق الأوسط” و”اللبنانية السويسرية للتأمين” بكفالة موجب تسديد أيّ عجز، كفالة تضامنية. وقد أبلغتنا “غلوب مد” في حينه شفاهةً بموافقة الشركتين على تقديم هذه الضمانة. فكلّفت عندها مجموعة من الزملاء المحامين بوضع مشروع العقد الجديد. وقد قام الزملاء المذكورون مشكورين بوضع المسودّة النهائية لمشروع العقد.
وبشكل مواز كانت قد بدأت السنة التعاقدية الثالثة وبدأ المحامون في تسديد إشتراكات التأمين.
لكنّني، وأقول ذلك بكلّ صدق ودون أيّ خلفية، فقد صدمت بعد حوالي الشهر على تسليم مشروع العقد إلى “غلوب مد”، إذ أعلمتني هذه الأخيرة أنَّ لديها ملاحظات على العقد (لم نمانع في مناقشتها)، إلّا أنَّ أهمها هو تنكّرها لموافقتها وموافقة شركتي التأمين على ضمان أيّ عجز قد يظهر في نهاية السنوات الستّ، وعن طيلة السنوات المذكورة.
وهنا (وكانت قد بدأت السنة التعاقدية الثالثة، كما أسلفت)، عدنا إلى عقد إجتماعات عدَّة مع “غلوب مد”. وكان إصرار من قبلي ومن قبل مجلس النقابة على التمسك بالإتفاق المذكور أعلاه الذي تضمّن زيادة مقبولة على الإشتراكات، إلاّ أنّ الشركة تملّصت من العرض تاريخ 16/11/2016 وطرحت زيادة مرتفعة لا يسعني قبولها.
بعدها عقدت إجتماعات لم تؤد مع الأسف إلى أيّ نتيجة تراعي مصلحة النقابة حتّى الآن، ولم يعد أمامنا سوى اللجوء الى الوسائل القانونية. فأرسلت إنذاراً رسمياً الى “غلوب مد” تبعته ردود وردود مضادة لن أدخل الآن في تفاصيلها ومحلّها أمام المراجع القانونية المختصة. والنزاع القضائي في بدايته.
وفي النهاية، يهمّ نقيب المحامين من منطلق الشفافية التي يلتزم بها أن يؤكد على الأمور التالية:
• أنَّه لن يتهاون في المحافظة على حقوق النقابة والمحامين وفي إتخاذ أيّ إجراء قانوني من أجل ذلك.
• أنَّه لن يضع نقيب المحامين الجديد ومجلس النقابة الذي ستتجدّد الدماء فيه في تشرين الثاني 2017 أمام أيّ أمر واقع، بتوقيعه عقد للسنوات الثلاث الآتية بصورة رضائية ومختلف عمّا ذكر أعلاه وبنتائج غير واضحة لا يقبلها.
الزميلات والزملاء،
لقد ورثت عبئاً كبيراً، لكن النقابة مسؤولية واستمرار، فلن أنكفئ عن تحمل مسؤولية السعي للوصول الى أفضل النتائج، وكلّي ثقة بأنَّ القوة المعنوية لنقابة المحامين، ومؤازرة جميع المحامين لنقابتهم، ستمكننا من الوصول الى برّ الأمان.
“محكمة” – الأربعاء في 2017/11/1