هبة لمكننة عدلية زحلة.. وجريصاتي يقول: فليحترموا سرّية التحقيق ولينتظروا الأحكام
أعلن وزير العدل سليم جريصاتي عن الهبة التي قدّمتها بلدية زحلة ورئيس مجلس إدارة شركة كهرباء زحلة المهندس أسعد نكد، لترميم ومكننة قصر العدل في المدينة، وذلك خلال احتفال أقيم في إحدى قاعات قصر العدل حضره نوّاب البقاع الأوسط والقضاة والمحامون.
وتحدّث في الحفل الرئيس الأوّل لمحاكم الاستئناف القاضي أسامة اللحام، والنائب العام الاستئنافي القاضي منيف بركات، وممثّل نقابة المحامين في زحلة المحامي منير البقاعي، وتولّى القاضي عصام ضاهر التقديم فقال: “قادمٌ إلى زحلةَ من زحلةَ.. من دار السلام ومقلع الرجال وعنفوان الحقّ ممزوجاً بتواضع العلم والمعرفة وقوّة الشرائع والقانون قادمٌ.. فأنّى لضيفٍ أن يستقبل صاحب الدار؟ وكيف لي أن أرحّب بمعالي وزير العدل الأستاذ سليم جريصاتي في قصر عدل زحلةَ وهو إبن زحلةَ وإبنُ قصور العدل؟.
وأضاف ضاهر: “لذا لن أرحّب به.. بل بلسانه أرحّب بكم جميعاً وأهلاً وسهلاً بكم. هامةٌ كبيرةٌ التصقت بها كلّ صور النجاح فتوهّجت في نقابة المحامين، وفي كلَية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، وفي الجامعة الأميركية في بيروت وفي هيئة تحديث القوانين، وفي المجلس الدستوري ووزارة العمل، وصولاً إلى وزارة العدل التي تُعقدُ عليه فيها الآمالُ العظام والمهامُ الجسام.
ولأنّ الظاهرَ يعكسُ الباطنَ، ولأنّ الشكلَ في علم القانون هو المدخلُ إلى الأساس فإنّ جميعَ ما تحتاجُه قصور العدل من تجهيزاتٍ ولوازمَ ومعداتٍ وأبنية هو على درجةٍ كبيرة من التأثير على معايير الجودة التي يقدّمها مرفق العدالة لما تؤمّنه هذه الأشياء من تيسير للعمل وتسهيل له ، وإنْ كانت الخدمة الأساس التي يقدّمها مرفق العدالة وهي إحقاق الحقّ، تبقى على عاتق القضاة والكادر البشري المتصل بهم والمعاون لهم. إلّا أنّ أملنا كبيرٌ بهذه الزيارة التي أتت تحسّساً لهموم كثيرة تعاني منها قصور العدل ومراكز المحاكم في محافظتي البقاع و بعلبك- الهرمل.. معالي وزير العدل الأستاذ سليم جريصاتي ، المنبر لكم”.
واستهلّ جريصاتي كلمته بالقول:”إنّ القضاء يتعرّض لأثقال كثيرة منها عندما يبادر وزير العدل إلى تحريك الدعوة العامة بموجب المادة 14 من قانون أصول المحاكمات الجزائية. أنتم تعرفوننا لأنّكم من لدننا، لا نخاف التحدّيات ولا نخاف أن نلجأ إلى النصوص الزاجرة عندما يتعرّض أحد للظلم. نعم لجأنا إلى تحريك الدعوة العامة أكثر من عشر مرّات. الأثقال الأخرى هي الأثقال السياسية، أيّ هجوم سياسي على القضاء مرفوض، القضاء ليس فقط سلطة دستورية مستقلّة بل هو السلطة الوحيدة التي تلفظ أحكامها باسم الشعب اللبناني، والشعب اللبناني في نظامنا السياسي هو صاحب السيادة ومصدر كلّ السلطات، وإذا كان من تنقية لهذا الجسم أو من شوائب في هذا الجسم فالتنقية هي ذاتية، إنّ القضاء لا وزير عليه ولا سلطة، هو سلطة مستقلّة بكلّ الطرق والمعايير والمفاهيم”.
وأكّد أنّ “هناك نقصاً في ملاك 83 وهنالك مباريات جارية لتعيين قضاة جدد. ونعد بأن لا خوف على عطاءات صندوق التعاضد، وهو حقّ لكم. نعم سوف يكون لكم سلسلة رواتب جديدة عندما يحين الوقت، وقد حان، هذا بالنسبة إلى البشر.
وأضاف جريصاتي: إنّ بلدية زحلة قد تعهّدت لرئيس العدل بشخص رئيسها بأن تقوم بترميم بعض مكاتب القضاة على ما بدأت في مكتب رئيس محكمة الجنايات الذي أهداه مجلس القضاء الأعلى لمدينة زحلة. والخبر الآخر، وقد يكون هو هذا خبر اليوم، أنّ مؤسسة كهرباء زحلة بشخص رئيسها الأستاذ أسعد نكد قد تعهّدت على نفقتها بترميم كلّ أقسام قصر عدل زحلة مهما بلغت الكلفة، بما في ذلك المكننة، وهي في انتظار أن تقوم بتكليف الجهة المخوّلة، سواء كانت خاصة أو رسمية، وزارة الأشغال أو جهة خاصة بإعداد الدراسات عن الأشغال والكلفة”.
وفي موضوع التهجّم السياسي على القضاء، قال وزير العدل: “نحن لا نهاب تهجّماً شخصياً، سلاحنا هو القانون والقضاء، والأحكام التي تصدر عن القضاء، سلاحنا هم القضاة أنفسهم رسل العدالة، هؤلاء الجنود المجهولون الذين تعرفون بعضهم ولا تعرفون أكثرهم، والذين عندما يختارون بأنفسهم مع ضميرهم وعلمهم ويخطّون أحكامهم لا يدخل أحد إليهم، إلى خبرتهم العلمية والفكرية. هذه هي الإستقلالية القضائية وهؤلاء هم جنود ورسل العدالة الذين نجل ونحترم وندافع عنهم بكلّ ما أوتينا من قوّة”.
وأضاف: دعوني أقول بالتهجّم السياسي، سلاحنا هو العدل، إنّ السلاح جميع الناس تحمله، ما كلّ ذوات المخلب السبع. أنصح بعدم تحدينا بقضائنا ولا بإجراءاتنا القضائية، وأن يحترموا سرّية التحقيق وينتظروا الأحكام، “ما يتشاوفوا بحقّ المثول”، بموجب المثول بالشهادة، الأمر إن زاد تأزّماً على من لا يتقيّد بالقانون”.
وختم: “نحن لا نرغب في أيّ معركة تحت عنوان حريّة الإعلام أو الحرّيات العامة، فعلى من تقرأون مزاميركم، على روّاد الحرّية، على عهد عنوانه الإصلاح، أم أنّكم تدافعون عن شبكات مصالح حان وقت وقفها اليوم في مشروع إنهاض الدولة؟ إنهاض الدولة يفترض ركيزة القضاء المستقل، فدولة القانون والمؤسّسات لم تعد شعاراً، وعلى الجميع أن يدرك أنّ في مشروع الدولة أنظمة وقوانين وسلطة قضائية دستورية مستقلّة. وعلى الجميع أن يعتاد من الآن فصاعداً أنّ هناك مساءلة ومحاسبة، وما من خيمة فوق رأس أحد مهما علا شأنه. نعم للبشر، نعم للحجر، نعم لسيادة القانون”.
“محكمة” – الخميس في 2017/12/21