هذه هي أسباب العجز في ملفّ التأمين الاستشفائي للمحامين
كتب علي الموسوي:
منذ شهور عديدة ونقابة المحامين في بيروت منهمكة بمعالجة ملفّ التأمين الطبّي والإستشفائي نتيجة ما حكي عن وجود فروقات مالية كبيرة قدّرت بملايين الدولارات كانت موضع نقاش مستفيض على صفحات الجرائد وشاشات التلفزة والجمعية العامة العادية للمحامين في 20 تشرين الثاني 2016 خلال انتخاب أربعة أعضاء جدد لمجلس النقابة، كما أنّها كانت قيد المناقشة العلنية في أحاديث المحامين في جلساتهم وسهراتهم وفي الغرف المغلقة، لكنّ أحداً لم يخبر كامل القصّة لعدم إحاطته بكلّ التفاصيل.
وآثرنا في “محكمة” عدم الخوض في غمار هذا الملفّ الشائك نزولاً عند رغبات مسؤولين في النقابة كانوا يسعون بجدّ وإخلاص إلى إيجاد الحلّ الصحيح بعيداً عن الضوضاء، وذلك في سبيل تأمين مصلحة المحامين والنقابة في الدرجة الأولى.
ولكن، إزاء تفشّي ظاهرة الكلام المفيد والمضرّ في آن معاً، كان لا بدّ من التقاط جملة إيضاحات ووضعها بتصرّف المحامين لكي يبنى على الشيء مقتضاه، ولكي تُعرف الحقائق كاملة، خصوصاً بعد قيام مجلس النقابة برئاسة النقيب أنطونيو الهاشم بعقد سلسلة من الإجتماعات الطويلة وعلى مدى ساعات، تخلّلها سماع شهادات عدد لا بأس به من الخبراء الضالعين بعالم التأمين والخدمات الطبّية والاستشفائية، وهم معروفون بحضورهم القوّي في إدارة مستشفيات ذائعة الصيت.
يقول مصدر نقابي معني بهذا الملفّ الموصوف بـ “الشائك” في حديث مع “محكمة”، إنّ مجلس النقابة أنشأ بموجب قرار اتخذه في 5 كانون الأوّل 2014، أيّ منذ ثلاث سنوات، في عهد النقيب جورج جريج، “نظام الخدمات الطبّية والاستشفائية”، وذلك بالاستناد إلى أحكام الفقرة الثانية من المادة 59 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، وأحكام المادتين 7 و8 من القانون رقم 58/66 المتعلّق بإنشاء الصندوق التعاوني، على أن يكون لهذا النظام الخدماتي حساب خاص مستقلّ في نطاق النظام المالي للنقابة باسم “حساب نظام الخدمات الطبّية” تقيّد فيه الواردات والنفقات المختصة به.
ويوضّح هذا المصدر العارف بأنّ النظام الطبّي ليس صندوق تعاضد بالمعنى القانوني، وليس تابعاً للصندوق التعاوني، بل هو نظام خاص ضمن أنظمة النقابة، وله حساب خاص مستقلّ ضمن نظامها المالي.
ودعت النقابة شركات التأمين لتقديم عروضها لإدارة عمل النظام الطبّي، وتوصّلت بعد درس مستفيض لكلّ العروض، إلى إبرام عقد مع صاحبة أفضل العروض بين سائر العارضين وهي شركة “غلوب مد” تتولّى بموجبه هذه الأخيرة إدارة عمل النظام الطبّي، غير أنّه طفا على سطح هذا الملفّ ما لم يكن في الحسبان، إذ بعد السنة الأولى من بدء العمل تبيّن وجود عجز في ميزانية هذا النظام.
ويرى المصدر النقابي المطلع أنّ أسباب هذا العجز تعود إلى ثلاثة عوامل هي:
أولّاً: السبب الرئيسي يتمثّل بوجود خطأ أساسي في تحديد السقف الذي يتحمّله النظام الطبّي، فبدلاً من أن يُحدّد السقف بقيمة الإشتراكات أو دونها، جرى تحديده برقم ثابت لم تبْلُغه قيمة الإشتراكات أصلاً.
ثانياً: تقديمات واسعة من دون استثناءات تقريباً، ممّا أدّى إلى ارتفاع الفاتورة الطبّية.
ثالثاً: عدم زيادة الأقساط، على الرغم من ارتفاع الكلفة.
أمّا معالجة هذا العجز، فتتمثّل بما توصّلت النقابة إليه بالإتفاق مع شركة “غلوب مد” المشغّلة بحيث يجري استهلاكه على سنوات عديدة من دون أن تتحمّل النقابة أيّة أعباء مالية إضافية، مع المحافظة على مستوى الخدمات الطبّية العالية الجودة المقدّمة للمحامين وعائلاتهم، وهذا هو الأمر الأهمّ بالنسبة لهؤلاء.
ويصف النقابي نفسه، النظام الطبّي في نقابة المحامين بأنّه أحد أهمّ انجازات النقابة إنْ لم يكن أهمّها على الإطلاق، ولذلك لا بدّ من إعطائه الرعاية والعناية اللازمتين واللتين يستحقّهما بحيث لا تتسبّب عقصة نحلة بهدم القفير.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 12 – كانون الأوّل 2016).