هكذا “سرقت” الصورة من القاضي سمير عاليه/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
القضاة الزاهدون بالإعلام قلّة.
عندما عيّن القاضي سمير عاليه رئيسًا للغرفة السابعة لمحكمة التمييز الجزائية في العام 2005، وكنت مسؤولًا عن الأخبار القضائية في جريدة “السفير”، إتصلت به طالبًا صورة وموجزًا عن مسيرته لنشرهما أسوة بما اعتدت أن أفعله مع آخرين أصنّفهم عادة “قضاة مستحقّين” وتربطني بهم علاقة صداقة ومودّة.
فاعتذر عاليه للوهلة الأولى، لكنّه إزاء إصراري عليه وإشادتي بموقعه وتميّزه في ظلّ ندرة القضاة المؤلّفين الذين لا يكتفون بما يصدرونه من أحكام وقرارات، بل تراهم يبحرون في سطور القوانين لوضع آرائهم وقراءاتهم فيها لإفادة الآخرين من قضاة ومحامين وحقوقيين منها، لبّى طلبي واقتنع بغايتي، وقد استغرق الأمر وقتًا لا بأس به، إذ كان يحاول أن يظهر في كلامه التعارض بين عمل القاضي والغاية من تحقيق العدالة والنجومية الإعلامية، فيما أنا لا أكفّ عن تبيان وجهة نظري بأنّ من حقّ القاضي المميّز أن يكرّم من خلال نشر قراراته وأحكامه العامرة بالثمار القانونية الناضجة، وعند استلامه موقعًا ما فكيف إذا كان رئاسة محكمة التمييز وقد اعتلى سدّتها دون أن تكون هنالك تشكيلات ومناقلات قضائية معتادة إثر تصنيفها مركزًا شاغرًا بتعيين القاضي سعيد ميرزا نائبًا عامًا لدى محكمة التمييز؟
المهمّ أنّ القاضي عاليه لم يشأ أن يخذلني، لكنّه في المقابل رفض أن أرسل مصوّرًا إلى منزله ليقينه التام بأنّ هذا “الكمين” الصحافي بما يحمل في طيّاته من كثرة “فلاشات” وتغيير الوضعيات وملامح الوجه، يتنافى والرسالة القضائية، وقدّرتُ موقفه، وأرسل إليّ صورة خاصة به وعادية جدًّا ملتقطة له في أحد استديوهات التصوير المعتادة.
ثمّة شخصيات تمرّ في العدليات وكأنّها لم تعبر من هناك، فلا حسّ ولا أثر، بينما سمير عاليه العلّامة في البحث القانوني المجدي، راسخ في ذاكرتها ومستمرّ في تاريخها من خلال ما تركه من إضاءات مشعّة في أحكامه وقراراته وكتبه وشروحاته المفيدة، والقانون ليس وجهة نظر!
رحم الله القاضي سمير عاليه وأسكنه الفسيح من جنانه.
(ملاحظة: الصورة المرفقة بالمقال إلتقطتها “محكمة” للقاضي سمير عاليه خلال اجتماع رابطة قدامى القضاة في عدلية بيروت في 13 كانون الثاني 2018، وهي غير الصورة المحكى عنها في المقال).
“محكمة” – السبت في 2022/9/3