هل يخضع الصيد جنوبي الليطاني للقرار 1701 أم للسيادة اللبنانية والقوانين المرعية؟/ضياء الدين زيباره
المحامي د. ضياء الدين محمّد زيباره:
يشكو أهالي المنطقة المعروفة بـ “منطقة جنوب الليطاني” من عدم السماح لهم بالصيد في تلك المنطقة. وحُجّة من يتبنّى هذا الرأي أنّها منطقة تخضع للقرار رقم 1701 وأنّ مهمّة قوّات الطوارىء تشمل مراقبة خُلوّ المنطقة من أسلحة الصيد!
في حين أنّه من مراجعة نصّ القرار رقم 1701 وأسبابه الموجبة، يتبيّن بوضوح أنّه لا ينصّ على منع استعمال سلاح الصيد أو حيازته في هذه المنطقة التي تبقى خاضعة لسيادة الدولة والقوانين المرعية بما فيها القانون رقم 580/2004(نظام الصيد البرّي في لبنان).
وعليه، لا بدّ من استعراض نصّ وفقرات القرار رقم 1701 وأسبابه الموجبة لتبيان إن كان ينصّ على عدم السماح بحمل واستعمال سلاح الصيد في تلك المنطقة، أم أنّه يقتصر على عدم حيازة الأسلحة الحربية.
ينصّ القرار في حيثياته على ما يلي:”إنّ مجلس الأمن الدولي وإذ يعبّر عن قلقه البالغ لاستمرار تصعيد العمليات الحربية في لبنان وإسرائيل، وإذ يؤكّد أنّ العنف يجب أن يتوقّف …)
إذا، تنحصر أسباب هذا القرار بتصعيد العمليات الحربية وينحصر مفعوله بوجوب وقف العنف المتأتي عن العمليات الحربية.
كما ورد فيه:
(… 1- يدعو إلى وقف كامل للأعمال الحربية …
2- فور الوقف الكامل للأعمال الحربية، يطلب من الحكومة اللبنانية وقوّة الطوارئ الدولية كما هو مأذون لها في الفقرة الحادية عشرة ، نشر قوّاتهما في كلّ الجنوب …
3- يؤكّد أنّه من الضرورة أن تبسط الحكومة اللبنانية سلطتها على كلّ الأراضي اللبنانية طبقاً لبنود القرارين 1559 (2004) و1680 (2006) ولبنود اتفاق الطائف ذات الصلة ، لممارسة سيادتها بشكل كامل وبما يؤدّي إلى عدم وجود أيّ سلاح بدون موافقة الحكومة اللبنانية وعدم وجود أيّ سلطة غير تلك التي تمارسها الحكومة اللبنانية).
ونصّت الفقرة الثامنة على: (اتخاذ إجراءات أمنية تمنع استئناف العمليات الحربية وخصوصاً إقامة منطقة بين الخطّ الأزرق والليطاني خالية من أيّ مسلّحين أو ممتلكات أو أسلحة غير تلك التي تنشرها في المنطقة، الحكومة اللبنانية وقوّة الطوارئ الدولية المسموح بها طبقاً للفقرة 11) التي نصّت على:(بهدف استكمال وتعزيز عديد ومعدّات ومهمّة وحقل عمليات قوّة الطوارئ الدولية، السماح بزيادة في عددها ليبلغ 15 ألف رجل على الأكثر، ويقرّر أنّ هذه القوّة وإلى جانب تنفيذ تفويضها في القرارين 425 و426 و1978)، عليها أن:
أ – تراقب وقف الأعمال الحربية.
ب – ترافق وتدعم القوّات المسلّحة اللبنانية بالتزامن مع انتشارها في كلّ الجنوب).
إذاً، واضح أنّ الأسباب التي دعت الى صدور هذا القرار وكافة نصوصه تشير إلى العمليات الحربية والعنف، وأنّ الفقرة الوحيدة التي أشارت إلى كلمة “السلاح” أو “المسلّحين” هي الفقرة 8 التي نصّت على “اتخاذ إجراءات أمنية تمنع استئناف العمليات الحربية وخصوصاً إقامة منطقة بين الخطّ الأزرق والليطاني خالية من أيّ مسلّحين أو ممتلكات أو أسلحة”، إذا كلمة “المسلّحين” وردت في سياق عبارة تنصّ على “اتخاذ إجراءات أمنية تمنع استئناف العمليات الحربية”، أيّ أنّ المقصود بالسلاح هو السلاح الحربي فقط، وهذا ما يتأكّد من الفقرة 11 التي أشارت إليها الفقرة 8 حيث نصّت على أنّ مهمّة قوّات الطوارىء أن “تراقب وقف الأعمال الحربية”.
إنّ هذا التفسير للنصّ الواضح والصريح، ينسجم مع أحكام القانون الدولي بشكل عام الذي ينصّ على سيادة الدولة على كامل أراضيها ومع أحكام الدستور اللبناني، وكذلك مع أحكام قانون الأسلحة والذخائر (مرسوم اشتراعي رقم 137 – صادر في 1959/6/12) الذي ميّز بين عدّة أنواع لا سيّما بين الأسلحة الحربية وأسلحة الصيد.
فنصّت المادة الأولى منه:
(المادة 1- تقسم المعدّات الحربية والأسلحة والذخائر والمتفجّرات التي ينصّ عليها هذا المرسوم الاشتراعي إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأوّل – المعدّات والأسلحة والذخائر الحربية، والمعدّة للإستعمال في الحرب البرّية أو البحرية أو الجوّية دون سواها، الداخلة أو التي ستدخل فى سلاح القوّات المسلّحة في كلّ دولة أو التى بطُل استعمالها، إلاّ أنّه يمكن استخدامها عسكرياً ولا تستعمل لغرض آخر.
النوع الثاني – الأسلحة والذخائر غير الحربية).
ونصّت المادة الثانية منه على:( … النوع الثاني- الأسلحة والذخائر غير الحربية.
الفئه الخامسة – الأسلحة والذخائر النارية المعدّة للصيد من جميع العيارات غير المذكورة فى الفئات السابقة، وغير الداخلة ضمن الأسلحة أو الذخائر المشار إليها في النبذتين (ج ) و (د) من الفئة الرابعة، والبنادق ذات الماسورات الملساء.)
نخلص ممّا تقدّم إلى أنّ الصيد في منطقة جنوب الليطاني لا يشمله حظر حيازة الأسلحة الحربية المنصوص عليه في القرار رقم 1701، إنّما يخضع لأحكام نظام الصيد البرّي في لبنان الذي لم يمنع الصيد إلاّ في المدن والقرى ومحلات التنزّه والحدائق العامة والمحميات الطبيعية والأماكن المصنّفة تراثياً، وعلى مسافة لا تقلّ عن 500 متر من محلاّت السكن ودور العبادة والمنشآت العامة والخاصة.
“محكمة” – الخميس في 2020/1/30