هل يمكن للحكومة الحالية تعيين قائد جديد للجيش؟/فرانسوا ضاهر
القاضي السابق والمحامي فرانسوا ضاهر:
عندما لم ينص قانون الدفاع الوطني على من يتولى قيادة المؤسسة العسكرية في حال شغور منصب القائد فيها،
وعندما يكون ملء الشغور في قيادة تلك المؤسسة أمراً يرتبط بحسن سير عملها وانتظام إداراتها واحترام التراتبية العسكرية فيها وحق الإمرة في وحداتها العملانية وتدعيم فاعلية قيامها بمهامها،
تكون الحكومة الحالية، المعتبرة مستقيلة والتي تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً، ذات صفة لتعيين قائد جديد للجيش اللبناني. ذلك أن صلاحياتها التي تقتصر على تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق (2/64 دستور) في الظروف العادية، إنما تتوسّع لتشمل التعيينات في الفئة الأولى في الدولة وغير ذلك، كلما طالت فترة الفراغ الرئاسي، كما هي الوضعية الراهنة.
ولا يردّ على ما تقدّم، بأنّ هذا التعيين يرتبط مباشرةً بشخص رئيس الجمهورية الجديد الذي يعود له الدور الأكبر في إتمامه، إثر إنتخابه، كما يقول بعض الدستوريين، ذلك أنه، وفقاً لأحكام الدستور (٦٥ و 1/53 و2/56 دستور) الواضحة والناطقة، لا يرتبط هذا التعيين بشخص الرئيس تحديداً وحصراً، بل يُستأنس برأيه، حوله. حتى أنه يمكن أن يتمّ خلافاً لرأيه كليّاً. وإن هذا الواقع الدستوري، لا يحول دون أن يكون الرئيس، رئيساً للمجلس الأعلى للدفاع وقائداً أعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء (1/49 دستور).
كما ولا يردّ على ما تقدّم أيضاً، بأنّ الحكومة الحالية لا تتمثّل فيها أحزاب المعارضة، فيكون تعيين القائد الجديد للجيش واقعاً ضمن خيار القوى السياسية المشاركة فيها دون سواها. ذلك أنّ تلك الأحزاب عندما رفضت المشاركة في تلك الحكومة تكون قد فوّضت ضمناً القوى التي تتألف منها، إدارة البلاد، وتكون بالتالي قد استبدلت معارضتها لأعمالها من داخل مجلس الوزراء الى خارجه، عن طريق الرقابة (المبدئية) التي يمارسها المجلس النيابي على تلك الأعمال.
لذا، يكون تعيين قائد جديد للجيش من قبل الحكومة الحالية، المعتبرة مستقيلة والتي تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً، تعييناً قانونياً سليماً وواقعاً ضمن الملاءمة السياسية في آن.
وفي المحصّلة : Dura Lex Sed Lex ومعناه “القانون قاس لكنّه القانون”.
أمّا الدولة فلا تبنى إلّا بحسن تطبيق أحكام الدستور. والصلاحيات الدستورية لا تُبتدع بالفذلكات والتفسيرات والممارسات الخاطئة، بل بأن يولّى رجالات دولة المهام العامة، حتى يتكوكب الجميع حولهم لتفويضهم بأرفع الصلاحيات.
“محكمة” – الخميس في 2023/12/7