واقع اتحاد المحامين العرب متأزم جدّاً (5/4)
بقلم المحامي عمر زين:
يتابع الأمين العام لاتحاد المحامين العرب (سابقاً) المحامي عمر زين اطلاع المحامين العرب على الوضع الذي وصل إليه الإتحاد!.
في المكتب الدائم الأخير الذي انعقد في المنامة البحرين في 23-25 آذار 2017 يلاحظ المحامي القارئ للبيان الختامي أموراً عدّة لا يمكن إلاّ الإضاءة عليها لكشف الخلل والوهن في مسيرة الاتحاد خاصة لجهة العمل لتحقيق الأهداف التي جاءت في قانونه الأساسي وقد سجّلت مجموعات من المحامين في عدّة بلدان عربية ملاحظاتها التي تشير إلى الغياب الكلّي عن الأهداف المهنية والوطنية والقومية في كلّ ما يصدر عن الاتحاد، وفي كلّ ما هو ممتنع عن عمله وإصداره، ومن ذلك:
أوّلاً: تغييب كلّي في ما يتعلّق بالشأن المهني ووضع المحاماة العربية، ومدى الحفاظ على استقلال المحاماة والقضاء في كلّ دولة عربية، ودور المحامين ونقاباتهم في تعزيز هذه الاستقلالية ومدى الانخراط في عملية التشريعات الوطنية ووسائل الضغط لصدور قانون تنظيم مهنة موحّد لكلّ الدول العربية، وما هو دور إتحاد المحامين العرب ومعه النقابات، لتعزيز الديمقراطية والحرّيات وحقوق الإنسان فيها، وما يمكن عمله لرفع مستوى المهنة والتمسك بآدابها وتراثها، وما جئنا على ذكره سابقاً، وكذلك بعض المواقف والآراء التي كان للنقباء الكبار دور بارز في صياغتها ومعالجتها وإبداء الاقتراحات الكفيلة للنهوض بالاتحاد من هذه الحالة غير السليمة التي هو فيها حيث كان التأكيد دائماً من جميع النقابات على شعار: “بناء المحامي الناجح هو بناء للوطن والأمّة”.
ثانياً: الكلام عن الواقع العربي والإقليمي والدولي في البيان الختامي جاء نظرياً ووصفياً وإنشائياً ومع التحفّظ لجهة صحّة أو عدم صحّة التحليل.
ولم نتبيّن منه أيّة خطّة للتعاون مع جميع اتحادات المحامين في العالم، وكذلك الاتحادات المهنية العربية والأجنبية ليتفق معها على دور لصالح الوطن والأمّة.
ثالثاً: بدل أن يعتبر الاتحاد بأنّ جامعة الدول العربية بحاجة لإعادة نظر في أنظمتها الحالية ودورها، راح في البيان الختامي يكلّفها بمهمّات على المستوى العربي هي عاجزة عن القيام بها، ولم يعترف بأنّها أصبحت مجمّدة وبدون أيّ مبادرة أو فعل، وهذا أمر يشكّل تغطية على ما حلّ بها لجهة مصادرة قرارها للقوى العاملة ضدّ مصلحة الوطن والأمّة.
رابعاً: يحاول القيّمون على الاتحاد إعطاءه دوراً أكبر من قدرته، فيحشرونه بما يسمّى بلجان للوساطة لفضّ النزاعات العربية وبالكلام فقط، وبدون أيّ فعل، ومثال على ذلك، إتخذّ المكتب قراراً في 25 اذار /مارس 2017 لتشكيل لجان وساطة وحتّى تاريخ 15/8/2017 لم يحصل ذلك، ولم تنظّم الرسائل لأصحاب العلاقة من الملوك والرؤساء كما ذكر، علماً أنّ قرارات سابقة للمكتب الدائم مماثلة، كانت قد اتخذت واصطدمت بعراقيل أساسية، منها رفض استقبال لجان الاتحاد من الجهات الرسمية العربية ذات العلاقة، وكذلك بعدم دفع النقابات لمصاريف من يمثّلها في اللجان، وكان الحريّ الإكتفاء بالرسائل فقط للاستفادة من التجارب السابقة، وعلى أن يتبعها مواقف علنية صارمة من الاتحاد والنقابات.
خامساً: لم يبلّغ المكتب الدائم المحامين كيفية تفعيل دور الاتحاد في المنظّمات الدولية والإقليمية والعربية، فبقي ما ورد في البيان الختامي شعارات فقط دون أيّ فعل أو خطّة.
سادساً: إنّ ضمّ أعضاء منضمّين إلى المكتب الدائم، دون أن تكون كلّ نقابة معنية قد اتخذت قراراً في مجلس نقابتها بترشيح أحدهم، أو دون تزكية من خمسة أعضاء من المكتب الدائم، أو دون ترشيح من الأمين العام وفقاً لما نصّ عليه قانون الاتحاد ونظامه الداخلي، ودون أن يستفسر أو يطلب أحد من أعضاء المكتب الدائم من هي الجهة التي رشّحتهم حيث بقيت مجهولة، ممّا يكون معه إملاء المقاعد الشاغرة قد تمّ بشكل غير قانوني وغير نظامي، علماً أنّ إحدى النقابات بدل أن تسوّي وضعها بإنهاء ولاية خمسة من أعضائها، قامت بالتجديد لهم دون وجه حقّ وبشكل غير قانوني، ولم نسمع أنّ أحداً من أعضاء المكتب الدائم احتج أو اعترض، أو قدّم مذكّرة تؤكّد اعتراضه، أو إجراء مراجعة لدى الجهات المختصة للإبطال.
سابعاً: وآخر الفوضى الإدارية والتي لم نسمع بها من قبل لدى أيّ اتحاد في العالم، وهي إبداء رأي المدعوين من أعضاء المكتب الدائم بإنتاجية الأمين العام، وذلك من خارج الهيكلية النظامية للاتحاد، وهذا أمر غير مسبوق، وإذا كان من الضروري إجراؤه، فموقعه هو اجتماع نظامي للمكتب الدائم، وليس من خلال لقاء هامشي لما حصل في 15/7/2017 حيث الغاية منه أمور أخرى سنتناولها لاحقاً.
مع ذلك كلّه تبقى المطالبة بإجراء حركة إصلاحية شجاعة تعيد الوضع في اتحاد المحامين العرب إلى طبيعته ووقف التصرّفات غير القانونية وغير النظامية بأسرع وقت ممكن مع المساءلة والمحاسبة، أمراً ضرورياً جدّاً ومستعجلاً حيث لا يجوز تعطيل دور أعرق اتحاد عربي.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 20 – آب 2017).