وفاة السجين حسّان الضيقة بعدما رفض القضاء إخلاء سبيله لإجراء عملية جراحية عاجلة/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
توفّي السجين الشاب حسّان توفيق الضيقة إثر أزمة صحّية ألّمت به في سجن مستشفى الحياة في بيروت، ولم تنفع كلّ التقارير الطبّية التي قدّمها والده المحامي توفيق علي الضيقة إلى القضاء المختص في جبل لبنان لإخلاء سبيله من أجل إخضاعه لعملية جراحية عاجلة في الظهر بعدما أصيب بالشلل نتيجة تعرّضه للضرب والتعذيب في التحقيقات الأوّلية لدى “فرع المعلومات” في قوى الأمن الداخلي بحسب ما قال والده وأفراد عائلته الذين صدموا بما حدث.
وكان حسّان الضيقة قد أوقف بموجب مذكّرة توقيف وجاهية صادرة عن قاضي التحقيق الأوّل في جبل لبنان نقولا منصور في الأوّل من شهر تشرين الثاني 2018، في ملفّ مخدّرات، وما لبثت صحّته أن تدهورت حتّى أصيب بشلل في إحدى قدميه نتيجة التعذيب في التحقيقات الأوّلية، وهذا الأمر كان يستدعي إجراء عملية جراحية سريعة وطارئة في الظهر على أن تليها فترة نقاهة ومتابعة للعلاج على مدى ستّة شهور بحسب تأكيدات الأطباء المعالجين والذين كشفوا عليه وما دوّنوه في تقاريرهم الطبّية الرسمية التي حملها والده المحامي الضيقة إلى القضاء ولكن من دون أيّة فائدة، ومن دون أن يلقى أذناً صاغية إذ رفضت طلبات إخلاء السبيل مراراً وتكراراً.
واستعيض عن هذه العملية الجراحية بالأدوية المسكّنة وأبر الكورتيزون من دون أن تؤدي المطلوب منها ولم تتحسّن معها صحّة الضيقة، إلى أن خارت قواه ولم يعد جسده يتحمّل مفعول هذه الأبر القويّة حتّى أصيب بأزمة أفقدته حياته وهو في ريعان الشباب.
وقال والد الضحية الضيقة إنّ ابنه تعرّض للضرب خلال مجريات التحقيقات الأوّلية، وأنّه أبلغ النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي غادة عون بهذه الواقعة، غير أنّها لم تصدّقه وألصقت بالشاب الراحل تهمة الكذب، مشيراً إلى أن نجله كان بحاجة ماسة إلى عملية جراحية لم يقبل بها القضاء، كما أنّ قاضي التحقيق الأوّل في جبل لبنان نقولا منصور ورئيس الهيئة الاتهامية القاضي ربيع الحسامي رفضا مراراً إخلاء سبيله من أجل إجراء هذه العملية الجراحية على الرغم من توافر التقارير الطبّية الصحيحة وغير المزوّرة على الإطلاق.
وأضاف الضيقة تحت وقع الصدمة والحسرة على خسارة فلذة كبده :”إبني مات ونعرف من قتله.. إنّهم في “فرع المعلومات”، وغادة عون، ونقولا منصور، وربيع حسامي”!.
وفيما امتنع القضاء عن إخلاء سبيل الشاب الضيقة على الرغم من توافر الأدلّة على حاجته إلى العلاج، إلاّ أنّ هذا القضاء نفسه وفي لبنان، كان قد أخلى سبيل تاجر المخدّرات مهدي م. قبل فترة وجيزة من الزمن وبتقارير طبّية ثبت بالوجه القانوني أنّها مزوّرة وغير صحيحة، وهذا ما شرّع الباب على مصراعيه أمام فتح ملفّ الفساد في القضاء حيث صدر قرار بوقف القاضي الذي أخلى سبيل مهدي عن العمل وإحالته على المحاكمة أمام المجلس التأديبي، فهل يجوز هذا التفاوت في المعاملة تحت سقف القانون؟ وإذا كانت ثمّة تقارير مزوّرة في حالة معيّنة فهل يجوز التعميم؟ وما دام العلم موجوداً فلماذا الخوف من قرار مقرون بالعلم ومفعم بالإثباتات؟ وكيف يترك نجل مستشار وزير قُبض مع ميزانه الحسّاس الخاص بالمخدّرات وهو مدعى عليه بالترويج ولا يتحرّك قلب أحد وإنسانية أحد لإخلاء سبيل مريض لإجراء عملية جراحية إضطرارية حتّى ولو كان من عتاة المتاجرين بالمخدّرات ومن كبار المروّجين وهو أمر لا ينطبق بطبيعة الحال، على الشاب الضيقة؟ وإذا كان ثمّة فساد في مكان ما وملفّ ما فليس بالضرورة أن يطال هذا الفساد كلّ الملفّات والدعاوى وإلاّ نصبح أمام حالة مشابهة للاستنكاف عن إحقاق الحقّ.
هذا ويشيّع الشاب الضيقة إلى مثواه الأخير عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم الأحد في جبّانة بلدته شمسطار في بعلبك، وتقبل التعازي قبل الدفن وبعده في منزل عمّه العميد خليل الضيقة.
“محكمة” – الأحد في 2019/5/12