نقابة المحامين ترفض تطبيق مرسوم التجنيس بالسماح لمجنّسة خوض امتحانات التدرّج
كتب علي الموسوي:
رفض مجلس نقابة المحامين في بيروت السماح لخرّيجة حقوق خوض امتحانات التدرّج بداعي أنّها مجنّسة لبنانياً بموجب المرسوم رقم 5247 الصادر في 20 حزيران 1994، علماً أنّها صارت لبنانية منذ أكثر من عشر سنوات بموجب إخراج القيد الذي تحمله والصادر عن السلطات اللبنانية الرسمية والمصادق عليه من وزارة الداخلية اللبنانية.
وقد فوجئت صاحبة العلاقة بعضو مجلس النقابة اسكندر الياس يخبرها عند دخولها إلى الإمتحان الشفهي بعدم أحقّيتها في التقدّم لامتحانات النقابة بداعي أنّها غير لبنانية ولا يحقّ للمجنّسين خوضها، فامتثلت وخرجت، علماً أنّها حضرت بناء على طلب تقدّمت به أسوة ببقيّة المرشّحين، ودفعت الرسوم المطلوبة منها إيذاناً بقبول طلبها والموافقة على التقدّم للامتحانات، فيما كان في السابق يُمنع المجنّس من إجراء هذه الامتحانات برفض طلبه بمجرّد تقديمه، علماً أنّ الوثيقة الموجودة بحوزته تؤكّد بأنّه لبناني منذ أكثر من عشر سنوات.
وطلبت صاحبة العلاقة من مجلس النقابة إعطاءها كتاباً رسمياً بما حصل بغية الطعن به، غير أنّ المجلس لن يحقّق مبتغاها لئلاّ تصبح سابقة، بينما ما فعله غير مسبوق في كلّ الإدارات والمؤسّسات الرسمية والنقابات العاملة في لبنان.
وهذا الأمر إستدعى نقاشاً حامياً بين المحامين أنفسهم والذين سألوا في جلساتهم” كيف تجيز نقابة مهنية لنفسها تعمل على الأراضي اللبنانية وتخضع للقوانين اللبنانية وتستفيد من المراسيم والقوانين اللبنانية أن ترفض تنفيذ مرسوم صادر عن السلطات اللبنانية الرسمية؟ وألم يجر طوال عمر هذه النقابة الذي بلغ 98 عاماً قبول محامين مجنّسين لبنانياً، فلماذا تُرفض مجازة في الحقوق كانت تبلغ من العمر سنتين عندما نال ذووها الجنسية اللبنانية أسوة بكثير ممن أعطيت لهم، وصار هناك إعتراف رسمي بهم ويمارسون حقوقهم وواجباتهم مثل كلّ “اللبنانيين الأقحاح”؟.
أليس هناك وزراء وقضاة وضبّاط مجنّسون ولكنْ جرى قبولهم والاعتراف بهم وهم يمارسون مهامهم على أنّهم لبنانيون منذ أكثر من عشر سنوات؟ ألا يتقدّم لمباراة الدخول إلى القضاء مجنّسون ويقبل مجلس القضاء الأعلى طلباتهم ويمتحنهم بغضّ النظر عن النتيجة التي ينالونها؟.
إنّ التذرّع بأنّ مرسوم التجنيس الصادر في العام 1994 مطعون فيه، كما نقل عن بعض أعضاء مجلس النقابة، وبالتالي لا يمكن العمل به، غير صحيح على الإطلاق، باعتبار أنّ الدولة اللبنانية التي أصدرته تعمل به وتنفّذه وتسمح للمجنّسين لبنانياً أن يقترعوا وأن يترشّحوا للإنتخابات النيابية بعد انقضاء عشر سنوات على مرسوم تجنيسهم، وتستثنى من ذلك المرأة الأجنبية المتزوجة من لبناني والتي صارت لبنانية بفعل هذا الزواج.
وهذا النصّ واضح وجلي في غير قانون ومرسوم وقرار، وآخر قانون في هذا الخصوص هو القانون رقم 44 الخاص بانتخاب أعضاء مجلس النوّاب والصادر في 17 حزيران 2017 والمنشور في العدد 27 من الجريدة الرسمية الصادرة استثنائياً يوم السبت الواقع فيه 17 حزيران 2017، حيث ورد في مادته الخامسة أنّه” لا يجوز للمجنّس لبنانياً أن يقترع أو أن يترشّح للإنتخابات إلاّ بعد انقضاء عشر سنوات على تنفيذ مرسوم تجنيسه…”، فكيف تطبّق الدولة اللبنانية مرسوماً صريحاً وترفضه نقابة يفترض بها أنّها ساهرة على حسن تطبيق القوانين حتّى ولو كان مُخْتَلفاً عليه لأسباب طائفية؟.
أحد المحامين المعروفين بنبرة أصواتهم العالية سأل بكلّ وضوح:” ألا تستفيد الأحزاب الممثّلة في مجلس نقابة المحامين في بيروت من أصوات المجنّسين في الانتخابات النيابية؟ أم أنّ هناك ضرورة لهذه الأصوات وتحديداً المسيحية منها، تبيح محظور رفض مشاركتها؟!”.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 19 – تموز 2017).