الحسنية: الإدعاء في قضيّة قبرشمون لا يعطي للقضاء العسكري أيّ صلاحية
قدّم الحزب التقدّمي الاشتراكي مطالعته السياسية والقانونية في حادثة قبرشمون – البساتين التي وقعت في 30 حزيران 2019 واستهدفت موكب الوزير صالح الغريب وسقط فيها مرافقان له وجرحى.
وتناوب على تقديم موقف”الاشتراكي” الوزير وائل أبو فاعور والمحامي نشأت الحسنية، في مؤتمر صحافي حاشد عقد ظهر اليوم في المركز الرئيسي للحزب في وطى المصيطبة في بيروت.
وقال المحامي الحسينية “لقد أبدينا ومنذ اللحظة الأولى كل إيجابية ولم نوفر أي جهد لتمكين الأجهزة الأمنية والقضائية من إجراء تحقيق محايد وشفاف. والجميع يعلم أنه جرى تسليم أشخاص طلب تسليمهم وأعلن عن ذلك في إطار المبادرة التي تولاها اللواء عباس إبراهيم. ولكن هناك من لا يعلم أننا التزمنا ولم نعارض مثول أي شخص طلب استماعه.
للتوضيح: بتاريخ 2019/7/1 أيّ ليلة حصول الحادثة، تم تسليم ثلاثة أشخاص إلى مخابرات الجيش أعيد تسليمهم لفرع المعلومات لإستكمال التحقيق بناء لإشارة النائب العام التمييزي. وبتاريخ 2019/7/5 سلّم شخصان إلى فرع المعلومات بواسطة الأمن العام. وبين هذين التاريخين تم تسليم أربعة أشخاص وجرى الإستماع إليهم إلى ان قرر النائب العام التمييزي تركهم. كما أن فرع المعلومات وإستنادا لإستقصاءاته وللصور والأفلام التي جرى تداولها استمع لما يفوق على الأربعين شخصا من رجال ونساء وشباب كانوا متواجدين في المحلة وقت الحادثة وشاركوا في الإعتراض على زيارة الوزير باسيل وتم تركهم لاحقا. إذن الإيجابية والنية في تسهيل إجراء التحقيقات اللازمة أثبت بالقول والفعل.
في حين أن الطرف الآخر الممسك بالسلطة لم يقدم أي مساهمة إيجابية بل تمسك بشروط تلائم مصلحته وأهدافه السياسية ولم يسمح بسماع أي من المدعى عليهم. وقد أكدنا منذ اللحظة كجهة مدعية ومدعى عليها في آن، أننا سنعطي كل الفرص لتمكين الأجهزة الأمنية من إجراء تحقيق نزيه وشفاف ومحايد لكننا في الوقت نفسه أكد لنا سنراقب وسنمنع أي تدخل سياسي في هذا التحقيق لحرفه عن مساره، وكان ذلك عندما تقدمنا بشكوى ضد الوزير صالح الغريب ومسلحيه أمام النيابة العامة التمييزية بتاريخ 2019/7/2 وأننا وعلى ضوء التحقيقات ونتائجها، نتخذ الموقف القانوني المناسب. والآن بعدما أنجز التحقيق وأحيل إلى القضاء تبيّن لنا أنّ هناك تدخلاً سياسياً سافراً في عمل القضاء وسيره بهدف تجاوز التحقيقات وما كشفته لتحويل المسار القضائي إلى مكان آخر.
قبل أيام كان الملف لا يزال لدى النيابة العامة العسكرية تبين وجود ضغوط سياسية، وقد حذرنا من أن أهداف هذه الضغوط أخذ الملف إلى مكان آخر خلافاً للتحقيق ونتائجه وأن هذه الضغوط تحولت من النيابة العامة العسكرية إلى قاضي التحقيق العسكري الاول لتحويله إلى قاض محدد بعينه وشخصه سمي من الفريق السياسي وهذا ما حصل فعلاً، وبالتالي لم يكن حديثنا حديث أوهام أو أشباح كما سماه الفريق المعني بل مستند إلى وقائع ثابتة. وبعد الإطلاع على الإدعاء والإسناد القانوني تبيّن أن الإدعاء تجاوز التحقيقات وقبل أن أوجز هذه النقاط لا بد من الإشارة أن لا أحد “يحمّلنا جميلة” من أن مفوض الحكومة لم يتسلم الملفّ بل كلف به مفوض الحكومة المعاون.
أوّلاً: لأن مفوض الحكومة أكد انه يتبع لفريق سياسي وأكد هذا الفريق ذلك ولهذا السبب توقفت إجراءات التحقيق لدى التفتيش القضائي في ملفات تخصه.
ثانياً: إن هذا الإنتماء السياسي، للأسف أننا وصلنا إلى هذ المستوى في القضاء حيث يجب أن يكون القضاء مستقلاً ومحايداً ونزيهاً قد يكون حدا بمفوض الحكومة ولدينا تجربة بقرار إطلاق سراح أحد المتهمين في اغتيال الشهيد علاء بو فراج رغم أنه مطلوب وموقوف لصالح النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان وقاضي التحقيق العسكري الأول في جبل لبنان بعد استدعائه من مفرزة بعبدا القضائية لصالح الشرطة العسكرية – مخابرات الجيش لتنفيذ كتاب معلومات تم إطلاق سراحه بدل إعادته إلى المفرزة ولا يهمنا التبريرات هناك خطأ من قبل المحقق، بل المهم أن هذا الشخص أطلق خلافاً للقانون ولم يتم القبض عليه لاحقا مثل أي متهمين أو مطلوبين بمذكرات عدلية يتبع لفريق سياسي معين.
عدم صلاحية القضاء العسكري: إن الإدعاء والمواد القانونية لا تعطي للقضاء العسكري أي صلاحية للنظر بهذه القضية إستناداً إلى قانون القضاء العسكري الذي هو قانون إستثنائي ويجب عدم التوسع في صلاحياته. فالمادة 24 من قانون القضاء العسكري (الصلاحية النوعية) والمادة 27 منه الصلاحية الشخصية تختلف كلياً عن مواد الإدعاء التي تعطي للقضاء العدلي الجزائي صلاحية النظر، فإن هذه المواد هي من قبيل الجنحة المتلازمة للجناية والعبرة للادعاء بالجناية فيكون الإختصاص للقضاء العدلي الجزائي.
تنحّي قاضي التحقيق: كنا نتمنى ما ترافق مع ضغوط وإشكالية، تعيين قاضي التحقيق العسكري الذي يعزز الشك وعدم الحيادية لفريق من فرقاء الدعوى وهو أشخاص المدعى عليهم أن يقدم قاضي التحقيق تلقائياً بعرض تنحيه لإثبات حيادتيه بدل أن نتقدّم بطلب ردّه، وهذا أمر لم نكن لنريده لولا رغبتنا ان تسير مجريات التحقيق والمحاكمة دون أن يثار حولها أي غبار وقد يؤثر لاحقاً على الحكم في الأساس.
إن مفوض الحكومة قد تجاوز في ادعائه ما أثبته التحقيق الذي أكد الجميع مهنيته وحرفيته، وأننا سنتناول بعض النقاط التي أخذنا علماً بها من وسائل الإعلام وشخصيات سياسية سرّبت إليها ورقة الطلب والتحقيقات لتوظيفها في معركتها السياسية خلافاً لحقيقة التحقيق.
أوّلاً: لجهة الكمين المسلّح: لقد أثبتت التحقيقات أنّ لا كمين ومعروف ان الكمين له تعريفه وشروطه، وأثبت التحقيق عدم توافر ذلك، وأنني بهذا الأمر أكتفي بما قاله النائب العميد شامل روكز وهو ليس من فريق المدعى عليهم السياسي أن ما حصل ليس كميناً.
وإذا لم يكن هناك كمين فكيف يكون القتل متعمّداً والقتل المتعمّد له أسبابه وأركانه وأقلها النية في القتل عن سابق تصور وتصميم، وكل التحقيقات أثبتت أن الحادثة هي بنت ساعتها ولحظتها.
لجهة اعتراض دورية الجيش: لم يتبين في التحقيق ان هناك من اعترض دورية الجيش وقاومها مما اضطرها للانسحاب حفاظاً على الأرواح، بل أن دورية الجيش لاقت كل ترحيب من الاهالي ويعمم طلب آمر الدورية من الاهالي إطفاء الدواليب وفتح الطريق ولاقى تجاوباً إذ باشر الأهالي بفتح الطريق وإطفاء الدواليب وهذا ثابت في الصور والأفلام الموثقة في ملف التحقيق وموجود لدى مفوض الحكومة.
وقد أكد التحقيق أيضاً، أنّ الطريق لم يكن مقطوعاً إلاّ جزئياً وقد استطاع مرافقو الوزير صالح الغريب فتحه وتجاوزه ولو أكملوا طريقهم لما وقع ما وقع بل انهم توقّفوا وأخذوا يطلقون النار بغزارة.
وقد لفت التحقيق إلى مسؤولية موكب الوزير الغريب عن الحادث بالطريقة الإستفزازية التي مر بها نزولاً حيث بدأ بإطلاق النار لترويع المواطنين ولم تكن حينها الطريق مقطوعة ولم يكن هناك سلاح.
وأنه وفي طريق عودته ونتيجة لإستعمال السلاح وإطلاق النار بغزارة على المواطنين وتجمعهم، استدعى من بعض المتواجدين إحضار سلاحهم الذي لم يكن معهم أصلاً بل جرى استقدامه لاحقاً بعد تعرّضهم لإطلاق النار.
في محاولة قتل صالح الغريب: تجاوز مفوض الحكومة التحقيق من أن أحد مطلقي النار كان على مسافة قريبة جدّاً من الوزير الغريب ولو أراد قتله لا سمح الله لتمكّن من ذلك، في حين أن إطلاق النار حصل باتجاه المسلحين الذين كانوا يطلقون النار مباشرة على الأهالي.
والتحقيق أكد أن إصابة سيارة الوزير الغريب هي نتيجة إطلاق النار على الأرض وليس إصابة مباشرة وأن الوزير صالح الغريب الذي يدعي أن الرصاصات اخترقت زجاج سيارته الخلفي هو كلام مزعوم وهذا التخريب مفتعل من قبله لأن كاميرات الفيديو أكدت أن هذا الزجاج كان سليماً لحين مغادرته موقع الحادث، وأنه وبعد وصوله بعيداً عن محلة عين السور التقطت الكاميرات في المكان صورة السيارة وزجاجها سليم وبعد عودته من كفرمتى كان الزجاج مكسوراً وهذا يدل على انه افتعل هذه الواقعة وفبركها لخدمته سياسياً. ونحن نطلب كشف هذه الواقعة المبينة بأكثر من تقرير للأدلة الجنائية من أنه جرى العبث بالسيارة قصداً لفبركة دليل، فماذا فعل الإدعاء بهذه الواقعة التي تشكّل جرماً جزائياً بحدّ ذاتها.
في محاولة قتل الشاب سامو غصن:
لقد أثبتت التحقيقات أن الشاب سامو غصن أصيب في الوقت الذي كان يصدر إطلاق النار من المسلحين التابعين للوزير صالح الغريب وقد استطاع التحقيق الموثق بالصورة والدقيقة والثانية من تحديد هوية هؤلاء الأشخاص فلماذا الإدعاء ضد مجهول ولماذا تجاوز قانون العقوبات الذي ينص على أنه إذا وقع قتل اشترك فيه جماعة ولم يتمكن معرفة الفاعل بالذات عوقب جميع من حاولوا الإيقاع بالمجني عليه.
ولماذا تم تجاوز قانون العقوبات لجهة تشديد العقوبات وفقا للمادة 257 على من تسبب مباشرة بالمشاجرة التي أثبت التحقيق ان من باشر بها هم المسلحون الذين كانوا برفقة الوزير الغريب الذي على ما يبدو، عاد من اجتماعه في شملان بعد إلغاء الزيارة وبنيته الإنتقام، أي أنه حضر لإطلاق النار وترويع المواطنين وإرهابهم فتجاوز الإدعاء العلاقة السببية بين فعل مسلحي الوزير الغريب ونتائج الحادثة وما أدت إليه.
نقطة أخيرة في ما يختص بالتسجيلات الصوتية التي يحاول البعض تضخيمها ووضعها في إطار غير إطار الواقعي والقانوني، نقول ان لا قيمة قانونية لهذه التسجيلات وهي لا تعني قانوناً شيئاً، والعالمين بالقانون يؤكّدون ذلك. وهذه التسجيلات الصوتية كانت جزءاً من التحقيق وتم إستدعاء كل أصحابها للتحقيق وبعد الإطلاع على مضمونها والتدقيق في ظروفها وأسبابها تأكد أن لا خلفية أمنية وقضائية لها وليست إلاّ كلاماً بكلام وأن ما صدر عن مسؤولي الحزب لم يكن إلاّ في إطار تهدئة المواطنين المعترضين وتأكيدهم على الإعتراض المسلّح وخروج الأمر عن السيطرة كان ردّة فعل على فعل بوشر بها نتيجة التحريض المذهبي والطائفي واستعمال السلاح ضدّ المواطنين، فلماذا لم يتمّ مساءلة هؤلاء قضائياً؟.
“محكمة” – الثلاثاء في 2019/8/6