تعديل شروط التعامل التجاري ولا خضوع لأحكام عقد التوزيع الحصري/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
إعتبرت المحكمة الابتدائية في جبل لبنان الغرفة الثانية والمؤلّفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات وعضوية القاضيين يوسف الحكيم ورلى حسن عثمان أنّ إرادة فريقي الدعوى قد انصرفت منذ البدء إلى تحديد مدّة التعامل بينهما بثلاث سنوات، وأنّ موقف الشركة المدعى عليها بعدم تجديد عقد التوزيع والذي يمكن أن تكون قد ظهرت به على الشركة المدعية أثناء المفاوضات التي سبقت التوقيع على مذكّرة التفاهم المؤقّت، لا يشكّل قانوناً، وسيلة ضغط.
كما اعتبرت المحكمة أنّ المدعية تكون قد وافقت على وضع حدّ للعلاقة القديمة وعلى تغيير صفتها من موزّع حصري إلى بائع، وأنّ مذكّرة التفاهم المؤقّت قد ألغت كلّ العقود السابقة، بحيث يكون الطرفان قد عدّلا بشكل واضح شروط التعامل التجاري بينهما، ولا يعود من الممكن إعتبار علاقتهما خاضعة لأحكام عقد التوزيع الحصري المنتهي بناء لتوافق الارادتين على ذلك.
وممّا جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2003/7/31
ثالثاً: في الأساس:
أ – في المطالبة بإبطال العقد المؤقّت memorandum المبرم بتاريخ 1999/12/16 لعلّة الإكراه والضغط والتهديد بعدم التجديد:
وحيث تطالب الشركة المدعية بإبطال العقد المسمّى مذكّرة التفاهم المؤقّت memorandum on provisional transaction لعلّة الإكراه والتهديد بعدم التجديد، وبحجّة أنّ الاتفاقات المبرمة بين الشركتين جميعها لم تعرض ولم يصادق عليها من قبل مجالس الإدارة ولا الجمعيات العمومية لمساهمتي الشركة المدعية.
وحيث تدلي الشركة المدعى عليها بأنّ الجهة المدعية لم تحدّد ماهية وصور هذا الإكراه ولا الأفعال التي ساهمت في تكوينه، ولا هي أبرزت ما يدلّ على وجود الضغط بعدم التجديد، وبأنّه كان يقتضي بالشركة المدعية أن تدلي بالإبطال عند توقيع المذكّرة ولم يعد مقبولاً منها أن تدلي به بعد أن أقدمت على تنفيذ المذكّرة دون تحفّظ، وبأنّها لم توقف مبيعاتها من السيّارات للشركة المدعية ولم تهدّدها بوقف هذه المبيعات خلال فترات الفراغ التعاقدي لكي يقال بأنّ إبرام مذكّرة التفاهم المؤقّت تمّ من جانب الشركة المدعية بفعل التهديد أو بسببه، وبأنّ عدم المصادقة على الاتفاقيات المبرمة بين الشركتين لا شأن للشركة المدعى عليها به طالما أنّ الأشخاص الذين وقّعوا على العقد والمذكّرة موضوع الدعوى كانوا يتمتّعون بالصلاحية اللازمة للتوقيع عن الشركة.
وحيث يتبيّن من عقد التوزيع المبرم بتاريخ 1995/2/2 أنّه محدّد المدّة بثلاث سنوات تنتهي بتاريخ 1998/3/1
وحيث إنّ إرادة الطرفين قد انصرفت بشكل واضح في بادئ الأمر، إذ لا نزاع بين الطرفين حول صحّة التقاء إرادتهما تلك، إلى تجديد مدّة التعامل بينهما بثلاث سنوات، بحيث كانت الشركة المدعية تفقه بشكل جيّد اللحظة التي سوف ينتهي عندها نشاطها كممثّل تجاري للشركة المدعى عليها، بالإضافة إلى أنّها كانت قد أدخلت مسألة انتهاء هذا التمثيل في حسبانها لدى ابرام عقد التوزيع، الذي تطلب اعتباره دون مدّة محدّدة ومستمرّاً ليحكم علاقتها بالشركة المدعى عليها.
وحيث ثبت من الوقائع، التي لا خلاف بين الخصمين عليها، أنّ هذا العقد قد استمرّ التعامل بموجبه خلال الفترة الممتدة من 1998/3/1 وحتّى 1999/12/16 تاريخ ابرام مذكّرة التفاهم المؤقّت المطعون بصحّتها، على الرغم من انتهاء مدّته التعاقدية.
وحيث يكون قد مرّ على استمرار التعامل بالعقد المذكور زهاء السنتين بعد انتهاء مدّته التعاقدية، الأمر الذي يكون قد أفسح أمام الشركة المدعية المجال الواسع للتفكير ملياً في مصالحها واتخاذ المواقف التي تراها مراعية لهذه المصالح دون أيّة ضغوط تذكر، ودون أن تكون مواقف الشركة المدعى عليها من شروط التعامل بينهما قد شكّلت عليها أيّ ضغط أو تهديد.
وحيث إنّ موقف الشركة المدعى عليها بعدم تجديد عقد التوزيع، على افتراض أنّه من الممكن أن تكون قد ظهرت به على الشركة المدعية أثناء المفاوضات التي سبقت التوقيع على مذكّرة التفاهم المؤقّت وبأنّ التوقيع على المذكّرة المنوّه عنها، لا يمكن بالتالي أن يشكّل قانوناً وسيلة للضغط على الشركة المدعية، كما لا يمكن أن يؤدّي قانوناً إلى إصابة إرادة الشركة المدعية بعيب الإكراه أو الخوف من عدم التجديد الذي كان قد تحقّق فعلاً من خلال مضي أكثر من سنتين على انتهاء عقد التوزيع الذي كان يربطها بالشركة المدعى عليها.
وحيث يتبيّن من صورة خطاب السيّد أنطوان رئيس مجلس ادارة الشركة المدعية الى الجمعية العمومية للمساهمين المنعقدة في مقرّ الشركة بتاريخ 2000/11/23، أنّه استشار محامي الشركة مطوّلاً على الهاتف من اليابان في كانون الأوّل 1999 قبل إمضاء العقد مع شركة “تويوتا” والمقصود هنا هو مذكّرة التفاهم المؤقّت ما يستدلّ منه على أنّ الشركة المدعية قد وقّعت بشخص المفوّضين بالتوقيع عنها وهي مدرجة للموجبات كافة التي تمليها عليها المذكّرة المشار إليها وللتغيير الحاصل في مركزها القانوني في العلاقة بينها وبين الشركة المدعى عليها.
وحيث تكون بالتالي غير ثابتة، تلك العيوب التي تدلي الشركة المدعية بأنّها شابت إرادة كلّ من الشركة المدعية والمفوّضين بالتوقيع عنها.
وحيث إنّ العقدين موضوع الدعوى قد تمّ التوقيع عليهما من قبل مديرين مفوّضين من قبل الشركة بالتوقيع عنها، فيكون إبرامهما قد تمّ صحيحاً بين الطرفين، وتكون أحكامهما ملزمة للشركة المدعية تبعاً لنتائج التفويض المذكور القانونية، بصرف النظر عن مدى ضرورة موافقة مجلس إدارة الشركة عليهما أو عدمه.
وحيث لا يسع الشركة المدعية بالتالي الاحتجاج بعدم مصادقة مجلس إدارتها على العقدين المذكورين، لاسيّما وأنّها عملت بموجبهما في علاقتها والشركة المدعى عليها دون تحفّظ لهذه الجهة. وحيث يقتضي، سنداً لكلّ ما سبق، اعتبار مذكّرة التفاهم المؤقّت صحيحة قائمة بين الطرفين صالحة لكي ترعى ما نشأ بينهما من علاقات تجارية في ظلّها.
ب- في المطالبة باعتبار علاقة الشركتين مستمرّة وفقاً لعقد التوزيع الحصري تاريخ 1995/2/2 وغير محدّدة المدّة:
حيث تطالب الشركة المدعية باعتبار أنّ العلاقة بينها وبين الشركة المدعى عليها مستمرّة على أساس عقد التوزيع الحصري تاريخ 1995/2/2 نظراً للتشابه الحاصل بين أحكام ذلك العقد وبين أحكام مذكّرة التفاهم المؤقّت المبرمة بتاريخ 1999/12/16، ولأنّه لم يثبت أنّ الشركة المدعية ارتضت بإنهاء عقد التوزيع الحصري من خلال التوقيع على مذكّرة التفاهم المؤقّت، بل إنّ التعامل السابق قد استمرّ مع ترتيبات جديدة رأتها “تويوتا” مفيدة لتحسين الأداء ونتائجه المربحة، ولأنّ الشركة المدعى عليها قد أقرّت في لائحتها الجوابية الثانية إقراراً قضائياً باستمرار التعامل بين الطرفين كما في السابق.
وحيث تعارض الشركة المدعى عليها في طلب الشركة المدعية المذكورة بحجّة أنّ الشركة المدعى عليها قد وافقت على أن تكون علاقتها بالشركة المدعى عليها خاضعة للمبادئ والأسس والشروط ولآلية التنفيذ المنصوص عنها جميعاً في مذكّرة التفاهم والمختلفة عن تلك المنصوص عنها في العقد المبرم بتاريخ 1995/2/2 والمنتهي بتاريخ 1998/3/1، وبالتالي تكون قد وافقت على وضع حدّ للعلاقة القديمة وعلى تغيير صفتها من موزّع حصري إلى بائع، وأنّ مذكّرة التفاهم المؤقّت قد ألغت كلّ العقود السابقة، وأنّ العقدين موضوع الدعوى محدّدا المدّة.
وحيث يقتضي في المقام الأوّل، التأكيد على أنّ ما تدلي به الشركة المدعية من أنّ الشركة المدعى عليها قد أقرّت قضائياً في إحدى اللوائح التي تقدّمت بها باستمرار التعامل بين الطرفين في ظلّ المذكّرة كما في السابق، هو إدلاء غير صحيح، إذ لا يجوز من ناحية أولى، تجزئة الإقرار عملاً بأحكام المادة /212/ من قانون أصول المحاكمات المدنية، بالإضافة لكون الإقرار الذي أدلت به الشركة المدعى عليها هو إقرار موصوف سنداً لأحكام المادة /213/ من قانون أصول المحاكمات المدنية، إذ جاءت إدلاءات الشركة المدعى عليها كالآتي: اختارت “تويوتا” أهون الشرور واستمرّت بالتعامل مع… ولكنّها وضعت عقداً جديداً تكون أحكامه هي المرعية والواجبة التطبيق خلال فترة الاختبار.
وحيث سنداً لأحكام المادة /213/ المذكورة تكون واقعة الاستمرار في التعامل بين الشركتين، والتي أقرّت بها الشركة ثابتة، وتكون واقعة وجود فترة اختبار لقدرات ومقوّمات الشركة المدعية، التي اضافتها الشركة المدعى عليه ثابتة بدورها إلى حين إثبات الشركة المدعية لعكسها.
وحيث يقتضي بالتالي ردّ ما أدلت به الشركة المدعية لوجود مثل هذا الإقرار، وحيث يتبيّن في المقام الثاني ومن مقارنة عقد التوزيع الذي رعى العلاقة بين الشركتين منذ 1995/3/1 وحتّى 1999/12/16 وبين مذكّرة التفاهم المؤقّت التي رعت تلك العلاقة منذ التاريخ الأخير وحتّى تاريخ إنهاء الشركة المدعى عليها للعلاقة بينها وبين الشركة المدعية، أنّ الإتفاقين يتضمّنان أحكاماً مختلفة لاسيّما لجهة اعتبار أنّ العلاقة بين الطرفين بموجب مذكّرة التفاهم المؤقّت هي علاقة بيع وشراء لمنتوجات الشركة المدعى عليها (البند 3-1 من المذكّرة) ولجهة تحديد فترة اختبار للشركة المدعية يصار في ضوء نتائجها إلى تقييم الشركة المدعى عليها لأعمال الشركة المدعية (البند 6-1 من المذكّرة) وكذلك لجهة ما ينصّ عليه البند 9-3 من المذكّرة من أنّه لا يجوز بأيّ شكل من الأشكال أن يكون المشتري ممثّلاً أو وكيلاً للبائع، الأمر الذي يجعل من مذكّرة التفاهم المؤقّت المبرمة بتاريخ لاحق لعقد التوزيع الحصري إتفاقاً عدّل الأحكام التي ترعى العلاقة التجارية الناشئة بينهما بتلاقي إرادتي الطرفين السليمة كما سبق وتوصّلت إلى ذلك المحكمة.
وحيث ينصّ البند 9-5 من المذكّرة عينها على أنّ ما تتضمّنه يشكّل اتفاقاً كلّياً ما بني الفرقاء الحاضرين ويحلّ محلّ الاتفاقات السابقة كافة، الشفهية منها والخطيّة.
وحيث إنّ إبرام الشركتين لمذكّرة التفاهم المؤقّت المومأ إليها يدلّ صراحة على عدم اتجاه نيّة أيّ منهما إلى تجديد العلاقة بينهما وفقاً للأسس المحدّدة في عقد التوزيع الحصري المنتهي، خلافاً لما تدلي به الشركة المدعية بوجود موافقة ضمنية من قبل الشركة المدعى عليها على مثل ذلك التجديد.
وحيث يتبيّن من كلّ ما سبق أنّ الطرفين قد عدّلا بشكل بين شروط التعامل التجاري بينهما بحيث لم يعد جائزاً اعتبار علاقتهما خاضعة لأحكام عقد التوزيع الحصري المنتهي في 1998/3/1 بناء لتوافق الإرادتين على ذلك.
وحيث يقتضي بالتالي ردّ إدلاءات الشركة المدعية لهذه الناحية كذلك.
“محكمة” – السبت في 2019/9/28