بيرم يردّ دفوع حبيش الشكلية: لا حاجة لإذن نقابة المحامين والمجلس النيابي/علي الموسوي
علي الموسوي:
للمرّة الثانية على التوالي تتغيّب النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي غادة عون ووكيلها القانوني عن جلسة التحقيق لدى قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم في الدعوى المقامة منها شخصياً ومن الدولة اللبنانية على النائب هادي حبيش على خلفية تعرّضه لها في 11 كانون الأوّل 2019 في قصر عدل بعبدا بعدما اعتبر أنّها خالفت القانون في ادعائها على رئيسة ومدير عام هيئة إدارة السير والمركبات والآليات(النافعة) هدى سلوم وتوقيفها لها من دون الاستحصال على إذن مسبق من وزيرة الداخلية والبلديات آنذاك ريا حفّار الحسن.
وردّ القاضي بيرم الدفوع الشكلية المقدّمة من حبيش، فاستمهل وكيله المحامي مروان ضاهر لاستئنافها.
وعلمت “محكمة” أنّ قرار بيرم المتعلّق بردّ الدفوع اعتبر أنّ ما بدر من حبيش تجاه عون لا يدخل ضمن عمله كنائب وإنّما كمحام خلال ممارسته لمهنته، ولا يتعلّق بالآراء والأفكار المتصلة بعمله النيابي والمرتبطة بالمواضيع والمصالح الوطنية العامة المكلّف بمعالجتها بحكم ولايته النيابية، وبالتالي فإنّ شروط المادة 39 من الدستور اللبناني غير متوافرة، ممّا يقتضي ردّ ما أثاره حبيش ووكيله لجهة مخالفة ادعاء النيابة العامة الاستئنافية في بيروت لأحكام هذه المادة.
وبشأن الاستحصال على إذن بالملاحقة الجزائية من المجلس النيابي الذي كان في حالة دورة انعقاد عادية بتاريخ حصول الأفعال المدعى بها خصوصاً وأنّ حالة الجرم المشهود غير متوافرة لعدم حصول الملاحقة خلال مهلة 24 ساعة من وقوعها، فقد اعتبر القاضي بيرم أنّ قانون أصول المحاكمات الجزائية سواء في المادة 29 منه التي عدّدت حالات الجريمة المشهودة أو غيرها من المواد، لم يفرض بشكل واضح وصريح وجوب المباشرة بإجراءات الملاحقة خلال مهلة 24 ساعة من وقت حصول الجريمة، كما أنّه لا يوجد أيّ نصّ في القانون السابق ذكره يفيد بفقدان صفة الجريمة المشهودة في حال مباشرة إجراءات الملاحقة القضائية بعد انتهاء مهلة 24 ساعة من وقت حصولها، وبالتالي فإنّ المعيار الوحيد لإعطاء صفة الجريمة المشهودة على أفعال معيّنة هو مطابقة إحدى الحالات المنصوص عليها بصورة حصرية في المادة 29 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على الوقائع الحاصلة.
الجرم المشهود
وإذا لم يذكر قانون أصول المحاكمات الجزائية مدّة معيّنة لمباشرة إجراءات الملاحقة في حال الجريمة المشهودة، إلاّ أنّه من المنطقي والطبيعي أن تكون المهلة الفاصلة بين وقت حصول الفعل الجرمي ووقت المباشرة بإجراءات الملاحقة قصير جدّاً من دون أن يعني ذلك عدم تعدّيها لفترة 24 ساعة، وأنّه يعود للمحاكم تقدير هذه المدّة وفقاً لمعطيات وظروف كلّ قضيّة، وهذا ما استقرّ عليه الاجتهاد والفقه في فرنسا في معرض تفسير المادة 53 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الفرنسي المعدّل بموجب القانون رقم 2004/204 تاريخ 2004/3/9.
وفي حالة وقائع قضيّة حبيش، فإنّ الدولة اللبنانية ممثّلة برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل تقدّمت عند الساعة الثانية عشرة من ظهر يوم 12 كانون الأوّل 2019 بشكوى اتخذت فيها صفة الادعاء الشخصي بحقّ حبيش، كما أنّ القاضي عون تقدّمت بشكوى مماثلة لم يذكر على المحضر ساعة تقديمها لكن من الثابت من رقمها التسلسلي أنّها قدّمت قبل شكوى الدولة اللبنانية، أيّ قبل الساعة الثانية عشرة ظهراً وقبل مرور 24 ساعة على حصول الأفعال المدعى بها، لتكون إدلاءات حبيش لهذه الناحية مستوجبة الردّ لعدم وقوعها في محلّها القانوني.
إذن نقابة المحامين
وبخصوص مخالفة أحكام المادة 79 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، فإنّ حبيش يتبنّى قرار مجلس نقابة المحامين في طرابلس بوجوب الاستحصال على إذن بملاحقته جزائياً من هذا المجلس لانتمائه إلى نقابته بداعي أنّ الأفعال المتذرّع بها من الجهة المدعية لا تشكّل جنحاً مشهودة
ووجد القاضي بيرم أنّ المادة 79 من قانون تنظيم مهنة المحاماة وضعت قيوداً معيّنة على ملاحقة المحامي وفرضت بعض الإجراءات الواجب اتباعها لحصول الملاحقة، إلاّ أنّ هذه القيود والإجراءات تصبح غير واجبة في حالة الجريمة المشهودة، وما يدلّ على هذا الأمر إيراد عبارة”باستثناء حالة الجرم المشهود” في أوّل نصّ المادة 79 المذكورة، ممّا يعني أنّ كلّ ما هو وارد في النصّ لا يطبّق عند حصول جريمة مشهودة بمعزل عمّا إذا كان الجرم ناشئاً عن ممارسة مهنة المحاماة أو بمعرضها أو كان بمناسبة وبسبب آخر غير متعلّق بممارسة مهنة المحاماة، وما دام التعليل السابق توصّل إلى أنّ الأفعال موضوع الادعاء الراهن تدخل ضمن مفهوم الجريمة المشهودة، فلا يكون بالتالي واجباً في هذه الحالة الاستحصال على إذن مسبق من نقابة المحامين في طرابلس لملاحقة حبيش.
وخلص القاضي بيرم إلى ردّ الدفوع المدلى بها في مذكّرة حبيش ومتابعة التحقيقات من النقطة التي آلت إليها وإبلاغ من يلزم.
“محكمة” – الجمعة في 2020/1/24
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.