محمّد مازح في “الحدث” اليوم/الياس الخوري
القاضي المتقاعد الياس الخوري:
أمّا وفد انبرى بعض الوزراء ورؤساء الوزراء السابقين للدفاع عن السفيرة الأميركية منتقدين قرار القاضي محمّد مازح، فتقتضي الإشارة أوّلاً إلى أنّ القضاء الفرنسي أصدر حكماً بالسجن خمس سنوات على رئيس الوزراء الفرنسي السابق فرنسوا فيون لأنّه اختلق وظيفة وهمية لزوجته.
والقانون اللبناني مستوحىً بمعظمه من القانون الفرنسي، فهل تجرّأ أحدٌ على محاكمة وزير سابق بعد ما انتهت ولايته ولم يعد يتمتّع بالحصانة القضائية؟ ولو فعل ذلك أحد المسؤولين لما كنّا وصلنا إلى هذا الحدّ من الإنهيار النقدي والإقتصاي والأخلاقي.
ومن ناحية ثانية، في ما يتعلّق بقرار قاضي العجلة، فبصرف النظر عن جرأته وشجاعته التي يجب تهنئته عليهما، فإنّ العديد من القرارات القضائية كانت قد صدرت عن قضاة العجلة ضمن صلاحيتهم قضت بوقف بثّ برنامج تلفزيوني ما كان من شأنه أن يثير النعرات الطائفية أو المسّ بأحد المقامات الدينية. فلماذا يؤخذ عليه منعه من بثّ تصريحات السفيرة الأميركية من قبل القنوات التلفزيونية والتي من شأنها التعرّض للسلامة العامة وتلحق الضرر بالوطن وشعبه؟
وكان الأجدر بالمحطّات التلفزيونية أن تمتنع من تلقاء نفسها عن بثّ تصريح السفيرة الأميركية الذي يعرّض لبنان للفتنة في هذا الظرف العصيب الذي يمرّ به، لو كانت تتمتّع بالحدّ الأدنى من المسؤولية الوطنية، وهو ما يفرضه عليها قانون المطبوعات وقانون الإعلام المرئي والمسموع، إذ تكون المطبوعة أو التلفزيون شريكاً في الجرم المقترف في حال علمها بمضمون التصريح أو نقله عن محطّة تلفزيونية أخرى.
لذلك كان يجب إحترام قرار قاضي العجلة وعدم تداوله ممن يجهل القانون خدمةً لمصالحه وخوفاً على أمواله المودعة والمهرّبة إلى المصارف الأجنبية.
فكفى التطاول على القضاء، ونتمنّى على مجلسه الأعلى الموقّر الدفاع عن القضاء الذي لو فعل لما كان القاضي مازح قد اضطرّ للدفاع عن قراره الذي جاء في محلّه القانوني، وفقاً لخبرتنا المتواضعة في محكمة المطبوعات سابقاً.
“محكمة” – الثلاثاء في 2020/6/30