لوضع حدّ لجرائم خطف الفقراء والأغنياء على حدّ سواء
كتبت ياسمينة العلي:
أمّا وأنّ المواطن سعد ريشا عاد إلى منزله في بلدة قب الياس في قضاء زحلة البقاعية، بعد “تحريره” من أيدي خاطفيه “المجهولين المعروفين”، وبعد استنفار الدولة بأمّها وأبيها، لاستعادته من الخاطفين وهو حقّ لكلّ مواطن في أن ترعى الدولة حقوقه في ظلّ التزامه بواجباته، إلاّ أنّ الدولة تتعاطى بمكيالين في جرائم الخطف المستنكرة والمدانة من أيّة جهة أتت ولأيّ طائفة انتمى الخاطفون الخارجون بهذا التصرّف على القانون.
فلدى النيابات العامة في غير محافظة ومنطقة، الكثير الكثير من البلاغات التي تتحدّث عن حصول جرائم خطف ضحاياها من الفقراء، ومع ذلك لا أحد يتحرّك لإنقاذهم كما حدث مع المواطن ريشا الذي ينتمي إلى طبقة الأغنياء بحسب ما يستشفّ من معلومات تداولها أهالي قريته، فلماذا هذا التمييز؟ وهل تريد الدولة أن تقول إنّها فقط للأثرياء، بينما يتوجّب على الفقراء أن يموتوا ولو كانوا مخطوفين؟!.
سؤال آخر على الهامش، أليس قطع الطرقات وتهديد سلامة العابرين جريمة تستحقّ العقاب حتّى ولو كانت ردّة فعل على حادثة معيّنة؟ ولماذا تسطّر “وثائق الاتصال”على من يطلق الرصاص في الهواء في مناسبات مختلفة مثل إطلاق موقوف، ولادة، سنينية طفل، زواج، وفاة، على أن تجري محاكمته لاحقاً أمام المحكمة العسكرية الدائمة، فيما لا نرى مثل هذه الوثائق بحقّ قاطعي الطرقات في مناسبات مختلفة أيضاً؟.
في الحالين هناك تعرّض للسلامة العامة ولأمن المواطنين، فمتى تستيقظ الدولة من غفوة التمييز بين أبنائها؟.
وتجدر الإشارة إلى أنّ مسلّحين خطفوا سعد ريشا من أمام “سنتر ريشا” الذي يملكه مع شقيقه في محلّة شتورا، يوم الأربعاء الواقع فيه 18 كانون الثاني 2017، والتقطت كاميرات المراقبة كيفية حدوث العملية في وضح النهار، ثمّ استنفرت الدولة بكلّ مرجعياتها وأجهزتها لإطلاق سراحه الذي تمّ بعد أربعة أيّام، بفعل وساطة قام بها ممثّل الرئيس نبيه برّي، المسؤول في حركة “أمل” بسّام طليس بالتعاون مع مسؤول استخبارات الجيش اللبناني في البقاع العميد علي عواركة، على أمل أن تجري محاكمة الخاطفين وجاهياً مهما كانت الذرائع والتبريرات، وليس غيابياً، بغية وضع حدّ لكلّ من يفكّر بالاعتداء على حرّيّة الآخر بأنّ مصيره السجن والعقوبة المشدّدة.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 14- شباط 2017).