أمير هاشمي يهدّد من سجن رومية بقتل القاضي حمود
كتبت ياسمينة العلي:
وصلت الجرأة بالأمير العراقي عادل محمّد الشريف محمّد الهاشمي ليس إلى انتحال صفة قاض دولي تشمل صلاحياته قارات وبلداناً من الكرة الأرضية وحسب، بل إلى العمل على محاولة تجنيد سجين كان معه في الزنزانة نفسها في سجن رومية المركزي من أجل قتل القاضي عبد الرحيم حمود والنائب والمحامي ميشال الحلو قبل أن يتوفاه الله في حزيران من العام 2014، وآخرين، غير أنّ مخطّطه سرعان ما انكشف بفعل وشاية السجين المُجنّد الذي تخلّى عن مبلغ 400 ألف دولار أميركي كان موضوعاً بتصرّفه لتنفيذ جريمته.
ومع أنّ عادل الهاشمي( والدته الشريفة فاطمة، مواليد العام 1961) إحتجز إدارياً بإشارة النيابة العامة التمييزية في 21 أيّار 2008، وأوقف وجاهياً في 6 آذار 2009، إلاّ أنّ سبيله أخلي في 12 آذار 2010، فاستغلّها مناسبة للفرار من وجه العدالة، ليكون قرينة إضافية على التهمة الموجّهة إليه، من دون أن يهرب من الحكم ولو بصيغة غيابية، فأنزلت به محكمة الجنايات في بيروت والمؤلّفة من القاضي محمّد مظلوم رئيساً منتدباً، والقاضي هاني الحبّال مستشاراً والقاضي جويل عيسى الخوري مستشارة منتدبة، عقوبة الإعدام وخفّضتها إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤبّدة، وجرّدته من حقوقه المدنية ومنعته من التصرّف بأمواله المنقولة وغير المنقولة.
تجنيد السجين
وفي وقائع القضيّة التي شغلت العدلية شهوراً قبل أن يصدر الحكم فيها في 28 كانون الأوّل 2015، أنّ الصداقة توطّدت بين الهاشمي والسجين محمّد أ. الموجود معه في النظارة رقم 359 في المبنى(ب) في سجن رومية المركزي، وصار يثق به ويخبره بكلّ شيء، إلى أن أعيد يوماً من أيّام العام 2008، من جلسة تحقيق لدى قاضي التحقيق في بيروت آنذاك عبد الرحيم حمود، وكان منزعجاً جدّاً وراح يشتم بحجّة أنّ حمود استدعاه للتحقيق أكثر من مرّة من دون أن يحقّق معه، موضحاً له أنّه تقدّم بدعوى ضدّ حمود، وأنّ مداخلات من المحامي ميشال الحلو، وعبدالله الزاخم، ومحمّد حمدون، تحصل للتأثير على القاضي حمود لعدم تخلية سبيله، واستمرّ الحديث بينهما مطوّلاً على ذات الوتيرة، إلى أن أخبره الهاشمي بنيّته قتل الثلاثة حمود والحلو والزاخم، وبأنّه كلّف أشخاصاً يعرفهم بتنفيذ ذلك مقابل مبلغ 400 ألف دولار أميركي عارضاً عليه أن يقوم هو بهذه المهمّة عبر أشخاص يعرفهم بدلاً عن هؤلاء الأشخاص، ورفع سعر الجريمة إلى خمسماية ألف دولار أميركي، أو الحصول على عقار في منطقة كفرحباب في كسروان.
موافقة ومحظور
تظاهر السجين محمّد أ. بالموافقة لتجنّب أيّ مكروه قد يطاله في حال الاعتراض، مقرّراً في نيّته إعلام المراجع الأمنية والقضائية بالموضوع لاستدراكه قبل وقوع المحظور، خصوصاً وأنّ السكوت عن هكذا موضوع دونه محاذير كثيرة.
طقّ البيض
وإنفاذاً لمخطّطه، قام “قاضي القضاة العالميين” الهاشمي كما عرّف مراراً عن شخصه الكريم، بتسليم السجين محمّد أ. قصاصات ورقية تتضمّن عناوين سكن وأماكن إقامة الزاخم والحلو وحمدون والقاضي حمود وأرفقها بخطيطة توضيحية، ودوّن تحت الأسماء والعناوين عبارة “طقّ بيض”، وطلب منه الاختيار ما بين المبلغ المالي أو العقار.
وعبارة “طقّ البيض” المستعملة في العراق، تعني التخلّص من شخص ما، أيّ قتله وتصفيته.
وسمع السجين في الغرفة نفسها جوزف ح. ما دار بين الهاشمي ومحمّد أ. من حديث، مؤكّداً أنّ الأوّل استخدم عبارة “شو ما كلّفني بدي اقتلوا”.
ولدى سماع قسم المباحث الجنائية المركزية الهاشمي، قال إنّه تقدّم بادعاء مباشر ضدّ القاضي حمود، وإنّ علاقة تجارية تجمعه بالزاخم الذي تقدّم ضدّه بشكوى بجرم التزوير، وإنّه يعرف المحامي الحلو الذي كان وكيله ثمّ عزله، لعدم قيامه ببعض الإجراءات التي أضرّت بمصالحه بحسب أقواله، وهو ما ذكرته المحكمة في سطور حكمها، وإنّ الحلو تقدّم بحقّه بشكوى بموضوع تزوير واستعمال مزوّر.
كتاب حمود.. و”الأيّام بيناتنا”
وفي سياق التحقيق الأوّلي، ورد إلى النيابة العامة التمييزية بتاريخ 16 أيّار 2008، كتاب من القاضي حمود تبيّن منه أنّه وفي الجلسة المقرّرة بتاريخ 14 نيسان 2008، والمخصّصة للنظر في الدعوى المقامة من المدعي “بنك بيروت ش.م.ل.” بوجه الهاشمي ومحمّد م. وبعد تلاوة الإسناد على الهاشمي بادر إلى الطلب من القاضي حمود التنحّي عن النظر في الملفّ، فأجابه بأنّ لا يوجد سبب يبرّر تنحّيه عن نظر الملفّ، فقام الهاشمي وهو يقسم بالله العظيم بتمرير إصبعه حول الرقبة في إشارة منه بالتهديد بالقتل قائلاً:” الأيّام بيناتنا” وذلك على مرأى ومسمع من الحاضرين ممثّل المدعي ووكيله القانوني وكاتب الضبط وعنصر الأمن المولج بحراسة المتهم لدى مثوله أمام القاضي حمود.
حركات وإيماءات
واعترف الهاشمي خلال سماعه بقيامه ببعض الحركات والإيماءات لدى مثوله أمام القاضي حمود، وهو ما أكّده كاتب الضبط أيضاً.
وخلال مرحلة الاستنطاقي، اعتبر الهاشمي أن لا صلاحية للقضاء اللبناني لملاحقته كونه شخصية محمية دولياً!.
ولم تتمكّن محكمة الجنايات من استجواب عادل الهاشمي صاحب الأسبقيات الجرمية بحسب ما يستدلّ من بيان سجّله العدلي، بسبب فراره، وخلصت إلى تجريمه بجناية التحريض على القتل، وتهديد القاضي بالقتل حمود أثناء قيامه بوظيفته الرسمية وبسببها، فضلاً عن جنحة الذمّ به، وتخفيض عقوبة الإعدام المنزلة به إلى الأشغال الشاقة المؤبّدة، وحبسه ثلاث سنوات مع تغريمه مبلغ مليوني ليرة لبنانية سنداً للمادة 382 من قانون العقوبات، وحبسه سنة واحدة من أجل جنحة المادة 386 من قانون العقوبات، وإدغام هذه العقوبات بحيث لا تنفّذ بحقّه إلاّ العقوبة الجنائية الأشدّ أيّ الأشغال الشاقة المؤبّدة.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 7 – أيّار 2016).