ماذا يحصل؟!/فريال الأسمر
المحامية فريال الأسمر:
تجمّع عدد من الأشخاص لنصرة بعض القضاة.
تجمّع عدد من الأشخاص لمهاجمة بعض القضاة.
ظاهرة جديدة خطيرة تترافق مع الإنحدار الذي نواجهه في بلدنا، والذي يشمل كلّ القطاعات على أوجه اختلافها.
فأصبح التشهير بالقاضي سلعة يستخدمها البعض بهدف التأثير عليهم معنويًا لاتخاذ قرار أو عدم اتخاذه، وللأسف لا خطوات تنفّذ لدرء هذه المشكلة.
هناك اشمئزاز وتأفّف، وأصوات تندّد بما يحصل، فهذا الركن الأساسي في وطننا هو العامود الذي ينبغي أن نحافظ عليه ونمنع الإقتراب منه أو المسّ به فمتى سقط القضاء سقط كلّ شيء.
فهل ننسى عبارة رئيس وزراء لدولة عريقة مثل دولة بريطانيا حين قال “حين علمت بأنّ قضاء الدولة البريطانية بخير أدركت أنّ بريطانيا باتت بألف خير”؟
يجب أن ندرك معنى السلطة القضائية والقضاء بشكل عام للدولة وأفرادها، فمنصب القاضي ليس بالأمر المريح أو السهل، فهو يحمل همومًا وأعباء لا تطيق الجبال على حمله.
لقد أفرد المشرع سبل وطرق الطعن القانونية بقرارات وأحكام القضاة لدرجات أعلى تتمتّع بزيادة خبرة قضائية، أو تتمايز بتخصّص في موضوع القضية، وتلك هي محاكم الإستئناف والتمييز.
هذه هي ضمانات المتقاضين والسبل اللازمة للطعن بقرارات القضاة، لا التشهير والعبث بكراماتهم ومصداقيتهم.
بل أكثر من ذلك فهناك التفتيش القضائي الذي يمارس سلطة الرقابة على القضاة.
فلماذا نسعى إلى هدم هذا الركن؟ لماذا نتخلّى عن وجوه الحضارة؟ عن شرعية القوانين؟ عن الإلتزام بأحكام القانون؟
وأخيرًا، وبرغم كلّ ما يحصل، وبرغم الظرف المادي الذي يرزح تحته القاضي ولا يتأفّف ولا يكلّ ولا يملّ، ويوجد في المحكمة ويتابع ملفّاته ويصدر أحكامه، ألا يستحقّ منا الإحترام؟
ولا نستطيع إلّا أن نقول لدينا قضاة تُرفع لهم القبّعة دون ذكر أسماء، ويستحقّون مراكزهم ويقومون بأعمالهم على أكمل وجه، ويلتزمون الحقّ والعدالة.
“محكمة” – الخميس في 2021/12/2