النقيب كسبار في أوّل زيارة نقابية تاريخية لمحكمة مرجعيون: تعزيز محامي المناطق واجب/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
لا يفوّت النقيب ناضر كسبار مناسبة نقابية أو وطنية أو إعلامية، إلّا ويؤكّد فيها أنّ نقابة المحامين هي عائلته، وأنّ شغله الشاغل صون حقوق المحامي وكرامته وإعلاء شأن المهنة. هذا كان دأبه منذ فوزه للمرّة الأولى بعضوية مجلس النقابة في العام 2006 وبات علامة فارقة في عمله اليومي منذ انتخابه نقيبًا في تشرين الثاني 2021.
وما يُفرح في كلام كسبار أنّه عملي وواقعي وحقيقي وملموس وليس تنظيريًا على الإطلاق، وهو ما يؤكّده إصراره على زيارة مراكز النقابة في المناطق بما فيها تلك التي ربّما غابت عن أسماع نقباء سابقين وليس عن أنظارهم فقط، فلم تكن في جدول أعمالهم مهما حاول ممثّلو النقابة في هذه المراكز”النائية” الدفْع قدمًا إلى إيصال الصوت.
والأمر جدُّ مختلف مع كسبار، فهو لم ينتظر استشارة من هنا، أو همسة من هناك للقيام بما يراه واجبًا تجاه “محامي الأطراف” إنْ صحّت التسمية على غرار “أبناء الأطراف” وعلاقتهم بالدولة، فهبّ من تلقاء نفسه إلى وضع مراكز النقابة المنتشرة على مساحة الوطن وحيث توجد محكمة وعدلية، باستثناء محافظة الشمال التابعة لنقابة طرابلس، ضمن أولوياته مع زيارتها والوقوف على احتياجاتها لتلبيتها قدر المستطاع وضمن قدرات النقابة ولتمتين العلاقة والرابطة العائلية مع المحامين هناك لكي يشعروا بأنّهم “سواسية كأسنان المشط” مع من سمحت له ظروف الحياة بأن يكون قريبًا من دار النقابة الأمّ في بيروت.
ويساند النقيب كسبار في هذه المهمّة الرائدة والمتقدّمة، أعضاء في مجلس النقابة متحمّسون ويؤمنون بضرورة التلاقي مع”محامي الأطراف” في كلّ الأوقات وليس فقط في زمن الإنتخابات النقابية.
التوجّه جنوبًا
وبعد زيارة تاريخية لمدينة بعلبك، وبلدة شحيم في الشوف، حطّ الرحال بالنقيب كسبار في محكمة مرجعيون لكي يكون أوّل نقيب في تاريخ نقابة المحامين في بيروت، يزورها شخصيًا ولا يكتفي بما يصله من أخبار عبر ممثّل النقابة هناك، وهذا يؤكّد أنّ النقيب كسبار ينفّذ ما يعد به ويهتمّ بكلّ المحامين باختلاف مناطقهم وطوائفهم ومشاكلهم.
تأسيس مركز النقابة في مرجعيون
ويعود تأسيس مركز النقابة في محكمة مرجعيون إلى العام 1992 ولم يسبق لأي نقيب أو مجلس نقابة أن زاره حتّى بعد زوال الإحتلال الإسرائيلي وتحرير منطقة “الشريط الحدودي المحتل” في 25 أيّار من العام 2000، إلى أن فعلها النقيب كسبار وبعد يومين من احتفال اللبنانيين بعيد “المقاومة والتحرير” كمناسبة وطنية تعنيهم وتلامس وجدانهم.
ويقع مركز النقابة في بلدة مرجعيون ضمن مبنى السراي الحكومي المؤلّف من طابقين أرضي وأوّل، وتشغل أجنحته العديدة قوى الأمن الداخلي والأمن العام ومحكمة مرجعيون بقاعتها وقلمها ومكتب القاضي المنفرد المعني بالنظرّ بكلّ الدعاوى التي ترده من جزائية ومدنية، بالإضافة إلى مركز النقابة الملاصق للمحكمة والمزدان بالكتب والصور والعلم اللبناني وعلم النقابة.
قصّة العلمين
وللعلمين اللبنانيين الموضوعين ضمن “برواز” واحد تبدو كلوحة فنية مشرقة، قصّة لا بدّ من ذكرها للتاريخ وللعبرة ولكي تروى للأجيال، إذ إنّها تؤكّد تعلّق الإنسان بأرضه وتمسك المحامي بالدفاع عن الحقوق والحرّيات وبأنّ الإرادة الحرّة لا تقهر.
فقد قام أوّل ممثّل للنقابة في مرجعيون إبن بلدة الخيام المحامي حسين ضاوي بتهريب هذين العلمين في سيّارته من المناطق المحرّرة إلى المنطقة المحتلة بعدما دسّهما ضمن ملفّاته من دون أن يلفت الأنظار خلال مروره على المعبر الإسرائيلي – اللحدي الفاصل والذي تقف عليه عناصر من جيش الإحتلال الإسرائيلي وميليشيا أنطوان لحد.
وبدعوة من ضاوي نفسه، رفع المحامون هناك وهم يرتدون الزيّ الخاص بهم، هذين العلمين للمرّة الأولى في 11 تشرين الثاني من العام 1998وذلك عشية الإحتفال بذكرى عيد الإستقلال عن الانتداب الفرنسي الذي تحقّق في العام 1943. فقد تحلّقوا حول بعضهم في الغرفة وأنشدوا النشيد الوطني بصوت جهوري ونبرة عالية وتردّد الصدى في أرجاء السراي وسط ذهول الإسرائيلي وعملائه الذين أسرعوا بأسلحتهم الرشّاشة للوقوف على هذا “الإنقلاب” ليتفاجأوا بالمحامين متحلّقين حول بعضهم ومتسلّحين بحقّهم في الوجود وبإرادة صلبة ويرفعون العلم اللبناني الذي كان ممنوعًا على أحد رفعه في تلك البقعة من أرض الوطن.
كسبار والوفد المرافق
قرابة الساعة الثانية عشرة والنصف من ظهر يوم الجمعة الواقع فيه 27 أيّار 2022، وصل إلى مبنى السراي النقيب كسبار والوفد المرافق والمؤلّف من أمين سرّ مجلس النقابة سعد الدين الخطيب، ومفوّض قصر العدل عماد مرتينوس، وفادي المصري، ووجيه مسعد واسكندر نجّار، وأمينة سرّ لجنة إدارة صندوق التقاعد سعاد شعيب، وعضو اللجنة ميلاد حكيم، وعضوي مجلس النقابة السابقين حسين زبيب واسكندر الياس، وممثّل النقابة في مركزي بعلبك والهرمل حسن المقداد، ورئيسة لجنة المرأة في النقابة أسماء داغر حمادة، والمحامية ماغي وزنة ورئيس تحرير مجلّة “محكمة” علي الموسوي.
وكان في استقبال كسبار والوفد المرافق ممثّل النقابة في مرجعيون مازن ضاوي والمحامون خليل ادريس، غسان شيت، جعفر الشحيمي، سكنة ارسلان، جعفر ظاهر، فاديا شديد، طعمة مكروس، سامر زويهد، مالك راشد، رجا الياس، رجا نصار، الياس كسرواني، حسن شيت، رؤيا أبو قنصور، مريم روماني، زهر أبو سعد.
وبعد استراحة قصيرة، جال كسبار والوافد المرافق في مركز النقابة وقاعة المحكمة وأسهب المحامي خليل إدريس والمحامي مازن ضاوي في سرد قصّة العلمين المذكورة آنفًا والتي تنشر للمرّة الأولى.
أوّل اجتماع لمجلس النقابة في مرجعيون
وعقد مجلس النقابة في مركز النقابة اجتماعًا برئاسة كسبار وحضور الأعضاء الخطيب، ومرتينوس، ومسعد، والمصري، ونجّار.
وفي كلمته أمام المحامين المحتفلين بحضوره إليهم والوفد المرافق، قال النقيب كسبار:” عندما نريد أن نتكلم على بلد مزدهر فيجب أن تكون المناطق معزّزة ومكتملة الأوصاف كما يقولون، ففي طريقنا إلى مركز النقابة هنا شاهدنا المساحات الشاسعة والواسعة من الأراضي التي تحتاج حكمًا إلى خطط إنمائية من مستشفيات ومدارس وجامعات ومنازل لتعزيز الإستقرار فيها.
تعزيز المحاكم ومراكز النقابة
وأضاف كسبار:”بقدر اهتمامنا بالمحاكم القريبة من دارة النقابة في بيروت وجبل لبنان، فإنّه يتوجّب تعزيز المحاكم ومراكز النقابة في المناطق ولا ينقصها أيّ شيء كونها تستحق ذلكّ”، داعيًا إلى ضرورة سير القضايا والدعاوى بانتظام وإسقاط حجج البعض بأنّ المحاكم بعيدة فالواجب يحتّم إعطاء كلّ المناطق حقّها مع تشجيع المحامين على البقاء في مناطقهم وأراضيهم وعدم الإضطرار إلى النزول إلى بيروت للعمل، وانطلاقًا من ذلك زرنا مدينة بعلبك، وبلدة شحيم وسنزور النبطية وصور والهرمل وبقيّة المناطق”.
وتابع كسبار: إنّ أيّ تقصير في أيّة منطقة يتحمّلها مندوب النقابة في المنطقة لأنّنا في مركز النقابة الأمّ نبادر فورًا وبمجرّد وصول أيّ طلب ضروري ومهمّ تحتاجه هذه المنطقة أو تلك، ننفّذه وهذا ما كنت أقوم به وأستمرّ به وبشهادة أعضاء مجلس النقابة الحاليين والسابقين ولم أسمع يومًا أيّ اعتراض داخل مجلس النقابة منذ دخولي إليه في العام 2006 كعضو، على تلبية متطلّبات مركز النقابة هنا أو هناك”، مؤكّدًا أنّه”على أتمّ الإستعداد لتوفير أيّ أمر يطلبه المحامون في المناطق ويكونون بحاجة ماسة إليه”.
وسبقت كلمة النقيب كسبار، كلمة ترحيبية موجزة من ممثّل النقابة المحامي مازن ضاوي الذي عُيّن في هذه المسؤولية النقابية للمرّة الأولى في عهد النقيب نهاد جبر في العام 2011 خلفًا لوالده المحامي حسين ضاوي الذي كان أوّل ممثّل للنقابة في مرجعيون وحاصبيا. وقام ضاوي ومحامي المنطقة بواجب الضيافة على أكمل وجه شاكرين النقيب كسبار وأعضاء مجلس النقابة على هذه الزيارة التاريخية واللفتة الوجدانية بما تحمله في طيّاتها من مسؤولية واهتمام وحبّ للنقابة ومحبّة للمحامين.
“محكمة” – السبت في 2022/5/28