كسبار: ننشد العدالة بجريمة انفجار المرفأ ونرفض اتهام أي بريء ولن نقبل بأن يبرأ مجرم
في الذكرى الأليمة لجريمة انفجار المرفأ، جرى حفل شارك فيه النقيب كسبار وأعضاء مجلس النقابة والمحامون العاملون والمتدرجون وأهالي الضحايا والجرحى. وجرى عرض فيلم مؤثر عن الإنفجار، كما تلا عضو مكتب الإدعاء المحامي شكري حداد تقرير المكتب حول مجريات القضية في لبنان والخارج، وألقت المحامية سيسيل روكز عن أهالي الضحايا كلمة. وقدم الحفل المحامي يوسف لحود عضو مكتب الإدعاء. وكان من اللافت إهتمام النقيب وأعضاء المجلس بأهالي الضحايا حيث جلسوا في الصف الأول من القاعة.
أما النقيب كسبار، أحد جرحى إنفجار المرفأ، فألقى كلمة شدد فيها على وجوب إظهار الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة، رافضاَ إتهام أي بريء، ولكن عدم تبرئة أي مجرم. وقال:
“في ذلك اليوم المشؤوم، يوم الثلاثاء 4 آب 2020، نُحرت ست الدنيا. نُحرت بيروت أم الشرائع ومرضعة القوانين، نُحرت سيدة الحب والجمال والأناقة، نُحرت سيدة العطاء والتضحية والوفاء،
وعلى يد مَن، على يد مجموعات إرهابية، ومجموعات من المستهترين والمستلشقين والمهملين.
فدُمرت عاصمة الشرق وسيدته، العاصمة التي لم تكن تنام قبل أن تسلم الليل للنهار. فدمرت أبنيتها، ومكاتبها، ومؤسساتها ومراكزها التجارية والتربوية والإستشفائية والمهنية والحرفية. وقتل أهلها من أطفال وشباب وصبايا وعجزة. وعُطب الآلاف ممن فقدوا أعضاء من أجسادهم ورُسمت الخرائط على وجوههم وفي إجسامهم، وأنا واحد منهم.
والنتيجة. ممنوع المطالبة بكشف الحقيقة. ومَن يطالب بكشفها كأنه يرتكب جريمة. فمن يمكن أن يرفض تحقيق العدالة غير المجرم؟ جميعنا ننشد العدالة ولا شيء غير العدالة. ونرفض ان يُتهم أي بريء. ولكن لا ولن نقبل بأن يبرأ مجرم.
من هنا، فإننا نطالب جميع المسؤولين في لبنان والخارج بتقديم جميع التسهيلات من أجل تحقيق العدالة والوصول إلى الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة. الحقيقة من أجل الضحايا والجرحى وأهل الضحايا ومن أجل لبنان.
أيها السادة،
العدل أساس الملك، وحيثما وجدت العدالة وجد الوطن. لفتني مَثل حول مدين رفض دفع الدين لدائنه قائلاً له: الحساب يوم الحساب. فأجابه الدائن صدقني اليوم أرخص لك.
نعم … إن يوم الحساب على الأرض أرخص بكثير من تصفيتها يوم القيامة أمام ملك الملوك وجبار السماوات والأرض.
وللفاعلين والمحرضين والمرتكبين والمهملين والمستلشقين نقول: مهما فعلتم. ومهما كابرتم. ومهما تمردتم. ومهما أخفيتم من أدلة. ومهما تهربتم. فإن العدالة السماوية سوف تطالكم. وسوف تكون أقسى عليكم من عدالة الأرض. والكسندرا التي حرمتموها من الحياة ومن طفولتها أخبرت الله بكل شيء، وبأدق التفاصيل.
أيها الأحبة،
منذ اليوم الأول لوقوع الإنفجار كتبت كل من علم بوجود المواد وبمدى خطورتها مسؤول. وكنت أتمنى أن يسلك القضاء طريقاً واضحاً لمعرفة من الذي أدخل المواد ومن الذي فجرّها. كما كُنت أتمنى ان تبقى بعض الجمعيات المستفيدة بعيدة عن إستغلال تلقي الأموال من الخارج والداخل.
أيها السادة،
إن جريمة بهذا الحجم، بحجم الوطن، باتت وكأنها تحتاج لتعيين قاضٍ من هنا وقاضٍ من هناك؟
وهل بات الشغل الشاغل لأهالي الضحايا وللجرحى وللمواطنين، أن يأتي الفرج بتشكيل مجلس قضاء أعلى أو هيئة عامة لمحكمة التمييز أو إعادة السماح للقاضي بوضع يده على الملف؟ وبدلاً من أن تأخذ العدالة مجراها بشكل سليم وعادي، ومن دون أي إنتقام أو تشفي؛ بتنا نفرح لأنه تم الإفراج عن الملف بعد تقديم الطلبات تلو الطلبات؟.
ولكن … لمن يعرقل التحقيق بأي وسيلة من الوسائل نقول: لن نهدأ ولن نستكين قبل أن نكتشف الحقيقة الصحيحة الكاملة. وإلى من أحزن عروس الشرق، وشعبها، نقول: سوف تبقى بيروت مهد الحضارات. وها هي تنهض من مآسيها مثل طائر الفينيق، وتعود إلى وهجها. أما فرحتها فلن تكتمل إلا بعد كشف الحقيقة مهما طال الزمن. والله وليّ التوفيق.
“محكمة” – الخميس في 2023/8/3