رصدنا تعنيف 227 قاصرًا داخل منازلهم وتعرّض 117 للتحرّش أو الاغتصاب.. فلنعمل لحمايتهم/ أميرة سكر
أميرة سكر (رئيسة الاتحاد لحماية الاحداث في لبنان)
تدهشنا يوميًا التحقيقات التي تظهر تورّط أقرب المقرّبين من الحاضنين والحاضنات ومقدّمي الرعاية وغيرهم من ضعفاء النفوس في العنف المباشر على كافة أشكاله والذي يستهدف أطفالنا وهم إحدى الفئات الهشّة التي ستشكّل لبنة من لبنات الوطن.
ففي خلال العشرين يومًا المنصرمين، تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي أخبارًا مختلفة تظهر حالات لأحداث تشمل اغتصاب وتحرّش وهروب قاصر في سنّ المراهقة من المنزل وعنفًا في حضانة على أطفال لا حول ولا قوّة لهم، واتجارًا وزجًّا في أعمال منافية للحشمة ودعارة وتخلّيًا عن أطفال رضّع وضياع طفل أو غير ذلك مما يشيب له الفكر والتعبير.
وحيث إنّ الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان يعمل يوميًا كجهة مولجة من القانون اللبناني 2002/422 بمتابعة أعماله المنوطة به في حماية الأحداث، فيشكّل خطّ تماس اجتماعيًا مساندًا للطفل ومولجًا من وزارة العدل لمتابعة هذه الملفات ومواكبة القاصرين والقاصرات من كافة الجنسيات على كافة الاراضي اللبنانية، حيث ترده الإخبارات من الوزارات المعنية بحماية الطفولة من صحّة وشؤون وتربية وعدل وداخلية، كما والجمعيات الأهلية التي تتعاقد مع الوزارات أو تلك التي لا تتعاقد مع الوزارات وإنّما تعمل بـ “علم وخبر” من وزارة الداخلية أو عبر منصّات التواصل الاجتماعي من “فيس بوك” و”تويتر” و”انستاغرام” ومجتمع مدني وغيرها، وذلك عبر خطوطه الساخنة في كافة المحافظات.
يعتبر الاتحاد أنّ ما تمّ تسريبه أخيرًا، من حوادث عنف، هو جزء ضئيل مما يقوم به الاتحاد يوميًا، وعلى مدار السنة.
فالمندوبون الاجتماعيون ينشطون بشكل لا يلحظه المجتمع اللبناني دون كلل أو ملل أو تراخ، فهم جنود مجهولون يساندون ويرافقون ويؤازرون ويكتبون التقارير التي تدعم مصلحة القاصرين كما ويتمّ تهديدهم من ذوي القاصرين المنكوبين أصلًا من عائلاتهم ويتهمون بالرشوة وتغيير الوقائع.
وفي هذا السياق، يهمّ الاتحاد لحماية الاحداث في لبنان أن يوضح أنّ هدفه الأسمى، الحفاظ على مصلحة القاصر الفضلى أوّلًا وأخيرًا.
وبالعودة إلى الإشكاليات التي تمّ تناقلها أخيرًا والتي كشفت لعموم الجمهور أنّ العنف تزايد خلال العشرين يومًا الماضية، فإنّ الاتحاد يؤكّد هذه الظاهرة ليس فقط خلال العشرين يومًا، وإنّما منذ بداية العام ٢٠٢٣، فقد رصدت احصائيات الإتحاد الثابتة بالمحاضر العدلية التي نظّمت بحضور مندوبي الاتحاد أمام الضابطة العدلية خلال الستّة أشهر الأولى من العام ٢٠٢٣ والتي شملت ٩٣٩ قاصرًا على الأراضي اللبنانية بين معنّف ومخالف للقانون. وقد بلغ عدد المعنّفين داخل منازلهم ٢٢٧ قاصرًا، كما بلغ عدد القاصرين المعرّضين للتحرّش أو الاغتصاب ١١٧ قاصرًا بالرغم من اعتكاف القضاء خلال هذه الأشهر. وهذه الأرقام توضّح كمّية العنف المستشري على القاصرين والقاصرات.
وفي هذا السياق، نتساءل ما الذي اقترفه القاصر كي يعنّف بهذه الطريقة؟ وكيف يمكن حماية القاصر من أذى سببه الأوّل مقدّم الرعاية بالدرجة الأولى؟
ونظرًا لكون الاحداث من الانتظام العام، وهم مسؤولية كلّ مسؤول في الدولة اللبنانية، فإنّ الاتحاد لحماية الاحداث في لبنان ينصح بضرورة وضع خطّة وطنية متكاملة لحماية ورعاية الأطفال في لبنان في كافة المجالات والقطاعات عبر إنشاء هيئة وطنية متحدة ذات صلاحيات ممتازة لمتابعة قضايا الاحداث ويكون مهامها على سبيل المثال لا الحصر التالي:
١. التشبيك والإشراف على مختلف الدوائر والأقسام الإدارية التي تعنى بالاحداث والتي توجد حاليًا في الوزارات من عدل وتربية وشؤون وصحّة مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة إنشاء وحدة الاحداث في وزارة الداخلية.
٢. إعطاء رقم وطني لكلّ قاصر على الأراضي اللبنانية منذ الولادة أو منذ دخوله إلى الأراضى اللبنانية.
٣. العمل على متابعة تعديل قوانين العقوبات لكلّ من يعتدي أو كلّ من يسيّب الطفل.
٤. تعميم ثقافة حماية الطفل عبر وضع سياسة حماية وطنية شاملة لكلّ عامل مع الطفل في كافة المجالات والأماكن بحيث تشمل المدارس والحضانات والمؤسّسات الرعائية والمخيّمات الصيفية والمستشفيات والمستوصفات والبلديات بحيث يكون مجتمعًا صديقًا للطفل.
٥. وضع معايير تقييمية دوريًا للعاملين مع الأطفال.
٦. وضع خطّ ساخن متخصّص لاستقبال البلاغات والاخبارات وتحويلها للمسار المختص.
٧. مراقبة عمل الجمعيات التي تتابع وتستقبل القاصرين مهما كانت جهة تمويلها أو ترخيصها وذلك عبر معايير ومؤشرات وتقارير علمية موضوعية تضع مصلحة القاصرين فوق أيّ اعتبار.
٨. متابعة ومراقبة برامج تأهيل الاحداث وإصلاحهم وتأديبهم وتعليمهم وإعادة دمجهم في المجتمع.
٩. متابعة وضع القاصر المعرّض للخطر النفسية.
فلنعمل مجتمعين لحماية الأحداث.
“محكمة” – السبت في 2023/8/5