الهيئة العامة للتمييز تبطل قرار نقل دعوى اختطاف الصدر من المحقّق العدلي حمادة/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
أبطلت الهيئة العامة لمحكمة التمييز قرار الغرفة السادسة لمحكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جوزف سماحة والرامي إلى نقل دعوى اختطاف الإمام السيّد موسى الصدر ورفيقيه من يد المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة إلى يد محقّق عدلي آخر يجري تعيينه وفقاً للأصول، وقرّرت إعادة الملفّ إلى الرئيس الأوّل التمييزي القاضي جان فهد بغية إحالته على غرفة أخرى من غرف محكمة التمييز من أجل البتّ في قرار نقل الدعوى.
وكان نجل الإمام الصدر السيّد صدر الدين الصدر قد تقدّم بواسطة وكيليه المحاميين الدكتور علي رحّال وشادي حسين باستحضار بوجه الدولة اللبنانية والمطلوب إدخاله هنيبعل معمّر القذّافي طعناً بقرار الغرفة السادسة لمحكمة التمييز، ضمن إطار مسؤولية الدولة عن أعمال القضاة العدليين.
وبحثت الهيئة العامة لمحكمة التمييز في نقاط قانونية أثيرت من أطراف النزاع، وقدّمت أجوبة وافية عليها، وأكّدت أنّ تجاوز الغرفة السادسة لمحكمة التمييز “حدود الدعوى المقامة أمامها وولوجها نقاطاً تتناول النزاع الأصلي وفصلها فيها بصورة نهائية، لا يمكن تبريره قانوناً بالقول إنّ الفصل في مدى وجود إرتياب مشروع كان يتطلّب البحث في مسائل تتعلّق بأساس النزاع”، معتبرة أنّ هذا العمل ستكون له “إنعكاسات ونتائج قانونية على مسار النزاع الأصلي المطروح أمام المحقّق العدلي”، لأنّ “الفصل نهائياً بمسألة التلازم وبمسألة اختصاص المحقّق العدلي جعلها تتصرّف كمرجع نقض لقرارات المحقّق العدلي، في حين أنّ قرارات هذا الأخير لا تقبل أيّ طريق من طرق الطعن، وخصوصاً أنّه سبق للقذّافي أن تقدّم “أمام المحقّق العدلي بدفع بعدم الاختصاص ولم يبتّه هذا الأخير بعد، فجاءت محكمة التمييز لتفصل هذه النقطة نهائياً في قرارها المشكو منه وتتصرّف بالتالي كمرجع تسلسلي لقرارات المحقّق العدلي”.
وهنا النصّ الحرفي لقرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز:
“الجمهورية اللبنانية
محكمة التمييز
الهيئة العامة
رقم القرار: 2017/11
رقم الأساس: 2016/652
تاريخ القرار: 2017/1/19
المدّعي: صدر الدين موسى الصدر
المدّعى عليها: الدولة اللبنانية
المطلوب إدخاله: هانيبال معمر القذافي
باسم الشعب اللبناني
إنّ الهيئة العامة لدى محكمة التمييز المؤلّفة من الرئيس الأوّل جان داود فهد والرؤساء التمييزين راشد طقوش وجان عيد وميشال طرزي وبركان سعد وغسّان فوّاز وسهير الحركة.
عطفاً على قرارها الصادر بتاريخ 2016/7/19 ،
ولدى التدقيق والمذاكرة،
تبيّن أنّ السيّد موسى الصدر، بوكالة المحاميين الدكتور علي رحال وشادي حسين، قدّم بتاريخ 2016/5/27 ،وضمن إطار مسؤولية الدولة عن أعمال القضاة العدليين،إستحضاراً بوجه المدعى عليها الدولة اللبنانية والمطلوب إدخاله السيّد هانيبال معمر القذافي، وذلك طعناً في القرار رقم 2016/204 الصادر بتاريخ 2016/5/19 عن الغرفة السادسة من محكمة التمييز الناظرة في القضايا الجزائية القاضي بقبول طلب نقل الدعوى في الشكل وقبوله في الأساس ونقل الدعوى من يد المحقّق العدلي القاضي السيّد زاهر حمادة إلى يد محقّق عدلي آخر يجري تعيينه وفقاً للأصول المحدّدة في المادة 360 فقرة 2 عقوبات …
وتبيّن أنّه بتاريخ 2016/10/17 قدّم المطلوب إدخاله، بوكالة المحاميين أكرم عازوري ورنا عازوري، لائحة جوابية أدلى فيها بأنّه موقوف منذ 2015/12/14 ، وأنّه يرمي إلى وضع حدّ لتوقيفه الذي يعتبره تعسفياً وأنّ الهيئة العامة قررّت وقف تنفيذ القرار المشكو منه ما سمح للمحقّق العدلي بمتابعة عمله وهو لم يبتّ بعد في صلاحيته القضائية وفي طلب إخلاء سبيله، وأنّه يخشى من حصول فراغ قضائي يطيل أمد توقيفه، لذلك يطلب استئخار الفصل في هذه الدعوى لحين بتّ المحقّق العدلي في صلاحيته لتحريك الدعوى العامة ضدّه وفي قرار إخلاء سبيله.
كما أدلى بأنّ تصرّف المحقّق العدلي الذي حرّك الدعوى العامة من تلقاء نفسه بسبب خطف المطلوب إدخاله من سوريا إلى لبنان وليس لسبب إجرائي أو معطى موضوعي في الملفّ لم يتحرّ القواعد الإلزامية المتعلقة بالانتظام العام الإجرائي ورفض بحث صلاحياته في تحريك الدعوى العامة وإصدار مذكّرة التوقيف، وهو موجب ملقى عليه عفواً، ولم يردّ على الدفع بانتفاء الصلاحية.
وبعد أن استعرض مجريات القضيّة أمام المحقّق العدلي ومن ثمّ أمام محكمة التمييز مصدّرة القرار المشكو منه، أدلى بما يلي:
– أن لا مصلحة قانونية مشروعة للمدعي المدني للطعن في القرار المشكو منه لإنتفاء الضرر النهائي الأكيد والمشروع، ذلك أنّ دعوى مسؤولية الدولة هي دعوى تعويضية وتفترض ضرراً أكيداً وحالاً للمدعي من جرّاء حكم خاطىء في نتيجته وليس ضرراً إحتمالياً وعلى علاقة سببية بإهمال خطير ارتكبه القاضي مصدّر الحكم في قيامه بواجباته المهنية، ما يعني وجوب أن يكون للمدعي صفة المتضرّر من القرار المشكو منه ضرراً أكيداً حالاً وغير مشروع، وأنّ القرار المشكو منه قضى فقط بنقل الدعوى من قاضٍ إلى آخر دون النظر في أساس النزاع، فلا يمكن تصوّر أنّ المدعي أصيب بضرر أكيد وواضح ليتقدّم بالدعوى الراهنة، وأنّ ما يرمي إليه المدعي هو فقط إبقاء الدعوى لدى قاضٍ معيّن وأنّ هذه المصلحة هي غير مشروعة وإنّ اعتبار أنّ للمتقاضين مصلحة في أن ينظر قاضٍ محدّد في دعواهم هو أمر مخالف للانتظام العام ولمبدأ تشكيل السلطة القضائية، وأنّ الهيئة العامة عالجت هذه النقطة في قرارها تاريخ 2016/7/19 من زاوية صفة المدعي المدني لتقديم المراجعة إلاّ أنّ الصفة تختلف عن المصلحة، وهو يدلي بالتالي، بانتفاء المصلحة المشروعة للمدعي المدني، إضافة إلى أنّ ما قرّرته الهيئة العامة من أنّ الغرفة الجزائية ليست مرجعاً تسلسلياً مخولّاً قانوناً مراقبة أعمال المحقّق العدلي هو أمر صحيح، لكن ما قضت به المحكمة مصدّرة القرار المشكو منه لا يتمتّع بقوّة القضيّة المُحْكمة تجاه قاضي التحقيق العدلي كسلطة تحقيق، ولا تجاه المجلس العدلي كسلطة حكم، فنتائج قوّة القضيّة المحكمة محصورة في الفقرة الحكمية فقط التي لم تتضمّن أيّ فصل في أيّة نقطة قانونية، وأنّ ما تحقّقت منه محكمة التمييز كان فقط تقييم الأعمال الصادرة عن المحقّق العدلي لتقييم موضوعيته وحياده، وأنّه على فرض أنّ الهئية العامة قبلت الدعوى، فستحكم بالتعويض للمدعي وهذا التعويض سيكون عن نقل الدعوى من محقّق عدلي إلى آخر، في حين أنّ هذا الأمر لا يشكّل ضرراً للمدعي الشخصي الذي ليس له مصلحة مشروعة ومقبولة قانوناً للتمسك في إبقاء القضيّة أمام محقّق عدلي معيّن، وبالتالي وطالما أنّ وجود مصلحة مشروعة يمثّل أحد شروط قبول الدعوى وفقاً لأحكام المادة 9 أ.م.م. فإنّ انتفاءها يؤدّي إلى عدم قبول هذه الدعوى.
– واستطراداً، في وجوب ردّ الدعوى لعدم توافر شرط الخطأ الجسيم في القرار المشكو منه، ذلك أنّ دعوى المداعاة لا تتناول مراقبة المخالفات القانونية التي يمكن أن يتضمّنها القرار، كما لا تتناول مراقبة قانونية قرار غير خاضع أصلاً للمراجعات التسلسلية، فالخطأ القانوني ومخالفة القانون لا يشكّلان سبباً يجيز قبول دعوى مسؤولية الدولة، وأنّ جميع الأخطاء المنسوبة إلى القرار المشكو منه لا تشكّل خطأ جسيماً، بل هي مجرّد أسباب تمييزية تهدف إلى الطعن في قرار محكمة التمييز وهي، على فرض صحّتها، لا ترقى إلى درجة الخطأ الجسيم، وبالنسبة للسبب الذي ارتكزت عليه الهئية العامة لإعلان الجدّية طالما أنّ محكمة التمييز لم تورد في فقرتها الحكمية أيّ حكم بأساس النزاع، فلا تكون قد تجاوزت حدود صلاحياتها،لأنّ قوّة القضيّة المحكمة محصورة بالفقرة الحكمية للقرار دون حيثياته، وأنّ قيام الهيئة العامة بتقييم صوابية الحلّ القانوني لمحكمة التمييز وصوابية اختيارها للنصوص القانونية سيشكّل طعناً تسلسلياً في قرار محكمة التمييز وسيجعل هذه المراجعة بالتالي مراجعة تسلسلية، وأنّه بالنسبة إلى بقيّة الأخطاء المدلى بها والتي لم تستند إليها الهيئة العامة، فإنّ أيّاً منها لا يشكّل أيضاً خطأ جسيماً، وأنّ الأخطاء الجسيمة كلّها تشكّل طعناً في صوابية تعليل قرار محكمة التمييز ولا يمكن تصنيفها من قبيل الخطأ الجسيم.
– وأكثر إستطراداً، في وجوب ردّ الدعوى لعدم تطرّق محكمة التمييز لأساس النزاع ولحسن تطبيقها القانون، ذلك أنّ مخالفات قاضي التحقيق الجسيمة للقانون برّرت الإرتياب المشروع بحياده، وأنّ النقطتين القانونيتين اللتين تناولتهما محكمة التمييز هما أولّاً قانونية قيام قاضي التحقيق العدلي بوضع يده على دعوى جديدة بجرم غير مشمول بالجرائم الأصلية موضوع الإحالة وأنّ الجواب على هاتين النقطتين حتّم النظر في موضوع مرسوم الإحالة وادعاء النيابة العامة بالجرائم الأصلية وتلك موضوع القرار الإتهامي، كما حتّم النظر في مدى كون جرم المادة 408 عقوبات متلازماً مع الجرم المدعى به ، بهدف التحقّق من مدى وجود مخالفات قانونية وجسيمة قام بها المحقّق العدلي تبرّر الإرتياب المشروع، إضافةً إلى ذلك، فإنّ البحث في نقاط قانونية متعلّقة بأساس النزاع على فرض حصوله هو ضروري للتقصّي عن وجود إرتياب بحياد القاضي ولا يشكّل إعادة نظر في أساس النزاع، وأنّه استطراداً، أحسنت محكمة التمييز تطبيق النصوص القانونية المدعى بمخالفتها، فالمبدأ الأوّل الذي استند إليه قرارها هو تقيّد قاضي التحقيق العدلي بالوقائع المحالة إليه بواسطة إدعاء النيابة التمييزية، والمبدأ الثاني الذي استند إليه القرار المذكور هو إمكانية التحقيق بالوقائع المتلازمة مع الوقائع المحالة إلى المحقّق العدلي بواسطة ادعاء النيابة العامة التمييزية، فبحثت بالتالي في مسألة مدى تلازم الجرم المدعى به ، وهو جرم المادة 408 عقوبات، مع الجرائم المدعى بها أمام المحقّق العدلي بمعنى المادة 133 فقرة 2 أ.م.ج.، أمّا المبدأ الثالث، فهو عدم صلاحية قاضي التحقيق لتحريك الدعوى العامة من تلقاء ذاته دون ادعاء النائب العام التمييزي، ذلك أنّ المحقّق العدلي هو مرجع جزائي إستثنائي يضع يده على الدعوى العامة من خلال صدور مرسوم عن مجلس الوزراء بإحالة قضيّة أمامه وبتحريك الدعوى العامة بالنسبة للوقائع المحالة والمتكوّنة بتاريخ صدور المرسوم من قبل النائب العام التمييزي وهو السلطة الوحيدة المخوّلة تحريك الدعوى العامة والادعاء أمام القضاء الاستثنائي أيّ المحقّق العدلي والمجلس العدلي تطبيقاً للمادة 360 أ.م.ج. ، وبالتالي فإنّ أيّ أفعال أو وقائع جرمية لاحقة زمنياً لمرسوم إحالة القضيّة على المجلس العدلي تكون مستثناة من صلاحية المحقّق العدلي والمجلس العدلي ما لم يحرّك النائب العام التمييزي الدعوى العامة مجدّداً بخصوص تلك الوقائع بعد صدور مرسوم بإحالة الوقائع الجديدة على القضاء الاستثنائي، وقد اعتمدت محكمة التمييز المبدأ المذكور في قرارها المشكو منه، كما أنّ المحكمة المذكورة طبّقت هذه المبادىء على جرم المادة 408 عقوبات بالنسبة لعدم صلاحية المحقّق العدلي للتحقيق في جريمة المادة المذكورة بغياب إدعاء النيابة العامة إذ إنّها بحثت في مدى تلازم جرم المادة 408 مع جرم المادة 569 معطوفة على المادتين 213 و 217 منه وجناية المادة 2 من القانون تاريخ 1958/1/11 بمعنى المادة 133 أ.م.ج. فلا تكون قد ارتكبت أيّ خطأ قانوني، وأنّ المحكمة قامت بتشخيص الفعل الذي برّر الشكوك في حياد القاضي زاهر حمادة إزاء السيّد القذّافي واستندت إلى عدم اتخاذ القاضي المذكور أيّ موقف من طعن السيّد القذّافي بعدم اختصاصه ما يثبت إصراره على وضع يده على جريمة المادة 408 عقوبات التي تخرج عن اختصاصه ، وتحريك الدعوى العامة خلافاً للأصول بغياب إدعاء النيابة العامة.
– أنّه بالنسبة للأخطاء الأخرى المدلى بها ، فإنّه لا وجود لأيّ نصّ قانوني يحظّر تطبيق قواعد نقل الدعوى على المحقّق العدلي، وأنّ المدعي لم يقدّم أيّ دليل على التفاف محكمة التمييز على أصول نقل الدعوى، وأنّه لا وجود لأيّ تناقض بين حيثيات القرار وفقرته الحكمية ولأيّ مخالفة لمبدأ سرّية التحقيق خصوصاً بعد صدور القرار الاتهامي العلني الذي أورد كلّ تفاصيل القضيّة، وطلب بالنتيجة:
– في الطلب الإجرائي: إستئخار بتّ دعوى المسؤولية لحين بتّ المحقّق العدلي في صلاحيته وفي الدفع الشكلي الذي قدّمه المطلوب إدخاله بتاريخ 16/9/2016 وفي طلب إخلاء سبيله ضمن مهلة معقولة.
– وفي الأساس:
1- ردّ الدعوى،
2- الحكم على المدعي بالتعويض نتيجة التعسّف باستعمال حقّه بالتقاضي،
3- تضمين المدعي الرسوم والنفقات كافة،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2016/11/7 قدّم المدعي مذكّرة كرّر فيها أقواله وطلباته السابقة كما طلب ردّ ما جاء في مذكرة المطلوب إدخاله مدلياً بأنّ عائلة الإمام موسى الصدر تقدّمت بطلب خطّي إلى المحقّق العدلي طلبت بموجبه الإستماع إلى هنيبعل القذّافي بصفة شاهد بعدما أوقف بناءً على إشارة النيابة العامة التمييزية، وأنّ المحقّق العدل قرّر إجابة الطلب، وأنّ المادة 362 أ.م.ج. واضحة لناحية صلاحيات المحقّق العدلي في الاستماع إلى أيّ شخص بصفة مدعى عليه دون حاجة لإدعاء النيابة العامة التمييزية، وأنّه يوجد مذكّرة تحرّي دائم حفظت للمحقّق العدلي صلاحية النظر في أيّ طلب أو إدعاء أو معلومة ترد عليه حتّى بعد صدور القرار الإتهامي، وأنّ عائلة الصدر إدّعت بوجه المطلوب إدخاله بتاريخ 2015/12/14 قبل أن تحيل النيابة التمييزية الشكوى، كما أدلى بأنّ الضرر يمكن أن يكون مادياً أو أدبياً والضرر الأدبي يعتد به كالضرر المادي، وأنّه لحق بالمدعي ضرر معنوي وأدبي يتمثّل بالإساءة إلى اسمه وسمعته عبر الإيحاء بأنّه يتدخّل بصورة أو بأخرى بقرارات المحقّق العدلي، كما أنّ القرار المشكو منه ألحق ضرراً جسيماً بالقضيّة عندما كشف عن مجموعة من الوقائع السريّة ومن الأسماء التي ما زالت تشكّل موضوع تحقيق سرّي يقوم به المحقّق العدلي، وأنّ الضرر الأهمّ الذي لحق بالمدعي يتمثّل في الخطأ الجسيم الذي ارتكبه القضاة مصدري القرار المشكو منه من خلال بتّ نقاط أساسية وفصل بعض أوجه النزاع وتنصيب محكمة التمييز نفسها كمرجع تقييمي أو كلسطة للطعن في قرارات المحقّق العدلي، فتكون للمدعي مصلحة قانونية مشروعة للتقدّم بالدعوى الراهنة، كما أدلى بأنّ طلب الاستئخار يشكّل إقراراً ضمنياً بأنّ قواعد نقل الدعوى للإرتياب المشروع لا تطبّق على المحقّق العدلي، وبأنّ الطلب المذكور مردود شكلاً لأنّ شروطه غير متوافرة إذ لا يوجد مسألة إعتراضية بمفهوم المادة 369 أ.م.ج.
وتبيّن أنّه في الجلسة التي انعقدت بتاريخ 2016/11/2 لم تتقدّم المدعى عليها بأيّ جواب على الدعوى وتركت وكيلتها الأمر للهيئة العامة، في حين طلب وكيل المطلوب إدخاله المراجعة برمّتها عملاً بقاعدة الغشّ يفسد كلّ شيء لأنّ الدولة المدعى عليها تتخلّى عن القضاء الذي تمثّله وتتواطأ عليه مع المدعي بحيث تصبح هذه المحاكمة لمصادقة الهيئة العامة على اتفاق جنائي بين الطرفين، المادة 335 عقوبات، وطلب إبلاغ نسخة عن المحضر من هئية التفتيش القضائي ومن هيئة القضايا في وزارة العدل، وطلب ردّ ما ورد في لائحة المدعي الأخيرة وكرّر أقواله وطلباته السابقة، كما صرّح وكيل المدعي بأنّه يرفض الإدلاءات المذكورة، وأنّ مضمون هذا الكلام هو إفتراء بحقّ المدعي الذي يحتفظ بحقّه في الردّ عليه بالطريقة المناسبة، وكرّر أقواله وطلباته، وصرّحت وكيلة المدعى عليها بأنّها ترفض ما جاء على لسان وكيل المطلوب إدخاله، وكرّر الفرقاء أقوالهم وطلباتهم، وصرّحت ممثّلة النيابة العامة التمييزية بأنّها تترك الأمر للهيئة العامة، واختتمت المحاكمة،
بناءً عليه،
أوّلاً: في الشكل
حيث إنّ الهيئة العامة لمحكمة التمييز قد قبلت الدعوى شكلاً في القرار المبدئي الصادر بتاريخ 2016/7/19 .
وحيث إنّ المطلوب إدخاله يدلي بوجوب ردّ الدعوى لعدم توافر شرط الخطأ الجسيم في القرار المشكو منه، ذلك أنّ دعوى المداعاة لا تتناول مراقبة قرار غير خاضع أصلاً للمراجعات التسلسلية.
وحيث إنّ إدلاءات المطلوب إدخاله المذكورة مستوجبة الردّ، ذلك أنّ القرارات التي يمكن أن تكون موضوعاً لمداعاة الدولة هي فقط القرارات التي تحوز على الصفة المبرمة أيّ غير القابلة لأيّ طريق من طرق الطعن، إضافة إلى أنّ الهيئة العامة عالجت مسألة قابلية القرار المشكو منه للطعن عبر مداعاة الدولة لمسؤوليتها عن أعمال القضاة العدليين في قرارها المبدئي تاريخ 2016/7/19 معتبرةً أنّ “بعض أوجه ما يأخذه المدعي على القرار هو تجاوز حدّ السلطة، ما يفسح المجال لمداعاة الدولة، كما يوفّر للمدعي الصفة للتقدّم بدعوى مسؤولية الدولة عن أعمال القضاة العدليين لما قد يكون لذلك من أثر على النقاط القانونية المثارة في النزاع العالق بينه وبين المطلوب إدخاله، وبهذا تقبل الدعوى شكلاً في الحالة الراهنة وضمن هذه الحدود”.
وحيث إنّه تأسيساً على ما تقدّم ، تكون إدلاءات المطلوب إدخاله مستوجبة الردّ لهذه الجهة،
ثانياً: في طلب إدخال السيّد هنيبال معمّر القذّافي في المحاكمة
حيث إنّ الفقرة من المادة 745 أ.م.م. تنصّ على أنّه يجب إدخال المحكوم لهم في المحاكمة، وحيث يقتضي، سنداً لما تقدم، إدخال السيّد هنيبال معمّر القذّافي في هذه الدعوى كونه المستفيد من القرار المطعون فيه،
ثالثاً: في طلب إبطال الدعوى الراهنة
حيث إنّ وكيل المقرّر إدخاله طلب في جلسة اختتام المحاكمة إبطال المراجعة برمّتها عملاً بقاعدة الغشّ يفسد كلّ شيء، لأنّ الدولة المدعى عليها تتخلّى عن القضاء الذي تمثّله وتتواطأ عليه مع المدعي بحيث تصبح هذه المحاكمة لمصادقة الهيئة العامة على اتفاق جنائي بين الطرفين، المادة 335 عقوبات،على اعتبار أنّ المدعى عليها لم تتقدّم بجواب في هذه الدعوى على الرغم من إبلاغها أوراقها بعد صدور قرار إعلان توافر الجدّية.
وحيث إنّ المادة 752 أ.م.م. تنصّ على أنّه إذا تقرّر قبول الدعوى، يبلّغ القرار إلى المدعى عليها في خلال ثلاثة أيّام، ولها أن تقدّم جواباً خطياً في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ التبليغ، ويبلّغ هذا الجواب للمدعي الذي يحقّ له أن يردّ عليه في مهلة مماثلة، بعد تقديم المدعي ردّه يكون للمدعى عليها تقديم ردّها الأخير في مهلة خمسة عشر يوماً من تبلّغها الردّ، ثمّ تعيّن جلسة للمرافعة وتجري المحاكمة سرّاً، وتبدي النيابة العامة رأيها بصورة خطيّة أو شفهية،
وحيث إنّه يستفاد من صراحة نصّ المادة المذكورة أنّها أوجبت إبلاغ قرار إعلان توافر الجدّيّة من المدعى عليها إلاّ أنّها لم تلزمها بتقديم جوابها إنّما تركت لها حقّ الخيار في تقديم الجواب، وهو أمر ثابت من خلال استخدام المشترع عبارة ” لها أن تقدّم جواباً خطياً”،
وحيث إنّ ما ورد في المادة 725 المذكورة يجد مبرّره أيضاً في واحد من المبادىء الأساسية للتقاضي وهو مبدأ الوجاهية الذي فرض المشترع اللبناني على القاضي وجوب التقيّد به، إذ إنّه لا يجوز إصدار الحكم ضدّ خصم لم يجر سماعه، أو يُمكّن من إبداء دفاعه وفق ما تنصّ عليه المادة 372 أ.م.م.، فالعبرة إذاً هي “لتمكين” الخصم من إبداء دفاعه، أيّ إبلاغه أوراق الدعوى بحث يعود له عندها أن يقدّم جواباً فيها، أو أن لا يقدّم أيّ جواب،
وحيث إنّه إستناداً إلى ما تقدّم، تكون إدلاءات وكيل المقرّر إدخاله في جلسة اختتام المحاكمة مستوجبة الردّ لعدم القانونية.
ثالثاً: في طلب استئخار النظر في هذه الدعوى
حيث إنّ المقرّر إدخاله يطلب استئخار البتّ في هذه الدعوى لحين بتّ المحقّق العدلي في صلاحيته لتحريك الدعوى العامة ضدّه، وفي قرار إخلاء سبيله على اعتبار أنّ الهيئة العامة قرّرت وقف تنفيذ القرار المشكو منه ما سمح للمحقّق العدلي بمتابعة عمله، وهو لم يبتّ بعد في صلاحيته القضائية وفي طلب إخلاء سبيله،
وحيث إنّ المادة 8 أ.م.ج. توجب في فقرتها الثانية على المرجع المدني أن يتوقّف عن النظر في الدعوى المدنية إلى أن تفصل بحكم مبرم دعوى الحقّ العام، كما أنه وفقاً للمادة 504 أ.م.م. يمكن للمحكمة أن تقرّر وقف المحاكمة حتّى الفصل في طارىء معيّن يدخل في صلاحية مرجع قضائي آخر، ولكن يجب أن يكون البتّ في هذا الطارىء ضرورياً للحكم في الدعوى،
وحيث إنّ مداعاة الدولة لمسؤوليتها عن أعمال القضاة العدليين هي مراجعة إستثنائية لا يلجأ إليها إلاّ طعناً في قرارات قضائية مبرمة لا تقبل أيّ طريق من طرق الطعن أو استنفدت بشأنها جميع طرق الطعن وذلك في الحالات المحدّدة حصراً في المادة 741 أ.م.م. ، وهي تتمحور بشكل أساسي حول تحقّق الهيئة العامة من مدى ارتكاب المحكمة المشكو من قرارها الذي اكتسب الصفة المبرمة، خطأ جسيماً، عندما تبنى الدعوى عليه، وبالتالي لا يمكن إعمال مبدأ وقف المحاكمة أو استئخارها أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز إنطلاقاً من الطبيعة القانونية لدعوى المداعاة من جهة أولى ، ومن موضوعها من جهة ثانية.
وحيث إنّه في ضوء ما تقدّم، يكون طلب استئخار بتّ هذه الدعوى مستوجباً الردّ لعدم القانونية، ولا سيّما أنّ الفصل في مسألة صلاحية المحقّق العدلي وبتّ طلب إخلاء السبيل ليسا ضروريين لتفصيل الهيئة العامة في مدى ارتكاب المحكمة مصدرة القرار المشكو منه خطأ جسيماً،
رابعاً: في الدفع بانتفاء مصلحة المدعي للتقدّم بالدعوى الراهنة
حيث إنّ المقرّر إدخاله يدفع في انتفاء المصلحة القانونية المشروعة للمدعي المدني للطعن في القرار المشكو منه وانتفاء الضرر النهائي الأكيد والمشروع، مدلياً بأنّ دعوى مسؤولية الدولة هي دعوى تعويضية وتفترض ضرراً أكيداً وحالاً للمدعي من جرّاء حكم خاطىء في نتيجته، وأن يكون الضرر على علاقة سببية بإهمال خطير ارتكبه القاضي مصدّر الحكم في قيامه بواجباته المهنية، فلا يمكن تصوّر أّن المدعي أصيب بضرر أكيد وواضح ليتقدّم بالدعوى الراهنة، وبالتالي وطالما أنّ وجود مصلحة مشروعة يمثّل أحد شروط قبول الدعوى وفقاً لأحكام المادة 9 أ.م.م. فإنّ انتفاءها يؤدّي إلى عدم قبول هذه الدعوى.
وحيث إنّ الهيئة العامة اعتبرت في قرارها المبدئي أنّه:”ولئن كانت مسألة نقل الدعوى تتعلّق بتشكيل هيئة المحكمة وليس بأساس النزاع، وبالتالي فإنّ القرارات الفاصلة فيها لا يجوز أن تشكّل، من حيث المبدأ، موضوعاً لمداعاة الدولة لمسؤوليتها عن أعمال القضاة العدليين، إلاّ أنّ الأمر يبقى مقيّداً بشرط عدم تجاوز المحكمة الناظرة في طلب النقل، مسألة انحياز القاضي المطلوب نقل الدعوى من أمامه، إلى بتّ مسائل قانونية مطروحة في الدعوى الأصلية دون أيّ مبرّر، فيكون عندها ثمّة تخطٍّ لأطر وضع اليد على القضيّة، ما يفسح المجال لمداعاة الدولة بشأن المسؤولية الناجمة عن أعمال القضاة العدليين، لأنّ القرار يمسي في هذه الحالة قراراً فاصلاً في بعض أوجه النزاع، وليس مجرّد قرار باتٍ في طلب النقل”.
و”أنّ بعض أوجه ما يأخذه المدعي على القرار هو تجاوز حدّ السلطة ، ما يفسح المجال لمداعاة الدولة، كما يوفّر للمدعي الصفة للتقدّم بدعوى مسؤولية الدولة عن أعمال القضاة العدليين لما يكون لذلك من أثر على النقاط القانونية المثارة في النزاع العالق بينه وبين المطلوب إدخاله، وبهذا تقبل الدعوى شكلاً في الحالة الراهنة وضمن هذه الحدود”.
وحيث إنّه، وطالما أنّ القرار المشكو منه يمكن أن يكون له أثر على النقاط القانونية المثارة في النزاع الأصلي العالق بين المدعي وبين المقرّر إدخاله، فإنّ من شأن ذلك أن يوفّر الصفة للمدعي للتقدّم بدعوى مسؤولية الدولة عن أعمال القضاة العدليين ضمن هذا الإطار، وفق ما جاء في القرار المبدئي المشار اليه أعلاه، ومن بابٍ أولى يوفّر له المصلحة المشروعة لتقديم هذه الدعوى، فالضرر الموفّر للمصلحة يكون ناتجاً عن آثار القرار المشكو منه على النقاط القانونية موضوع النزاع القائم بين المدعي والمقرّر إدخاله ، وذلك ضمن حدود ما يأخذه المدعي على القرار المشكو منه من تجاوز لحدّ السلطة.
وحيث إنّه استناداً إلى ما تقدّم، يكون الدفع المدلى به من المقرّر إدخاله مستوجباً الردّ أيضاً،
خامساً: في الأساس
حيث إنّه، من مراجعة أوراق الملفّ، يتبيّن أنّه بتاريخ 2016/2/16 قدّم المقرّر إدخاله، في وجه الحقّ العام وعائلة الإمام السيّد موسى الصدر وعائلة السيّد عباس بدر الدين والمحقّق العدلي القاضي السيّد زاهر حمادة، طلب نقل الدعوى التي يحقّق فيها هذا الأخير المحالة إلى المجلس العدلي بموجب المرسوم رقم 3794/ تاريخ 1981/2/4والمتعلّقة بإخفاء سماحة السيّد موسى الصدر والشيخ محمّد يعقوب وعبّاس بدر الدين، وأنّه أدلى في طلب نقل الدعوى بما خلاصته: إنّه في 2015/12/14 إرتأى القاضي السيّد زاهر حمادة، المحقّق العدلي في قضيّة إخفاء سماحة السيّد موسى الصدر ورفيقيه، الإستماع إليه كشاهد باعتباره ابن الرئيس المرحوم معمّر القذّافي ويمكن أن يكون لديه معلومات تفيد التحقيق، علماً أنّه الإبن الأصغر لمعمّر القذّافي، المتهم بإخفاء سماحة السيّد الإمام ورفيقيه، وكان بعيداً عن أيّ نشاط أو دور سياسي، ولم يكن مطلعاً على أي من أسرار الدولة الليبية، وأنّ المحقّق العدلي إستمع إليه في 2015/5/14، ثمّ أصدر في حقّه مذكّرة توقيف بجرم كتم معلومات، المنصوص عليه بالمادة 408 عقوبات، مفترضاً أنّ لديه معلومات عن القضيّة، وأنّه حرصاً على سير العدالة وحفاظاً على حقوق الدفاع، تقدّم بمذكّرة طلب فيها من المحقّق العدلي رفع يده عن جريمة كتم المعلومات، لأنّها خارج اختصاصه كمحقّق عدلي، كونها غير متفرّعة عن الجريمة موضوع مرسوم إحالة قضيّة إخفاء سماحة السيّد موسى الصدر ورفيقيه على المجلس العدلي، وتكون جريمة كتم المعلومات، في حال صحّتها، من اختصاص القضاء العدلي، فلم يلق جواباً ، وأنّ المحقّق العدلي القاضي السيّد زاهر حمادة ينتمي إلى الطائفة الشيعية التي يرى أغلب المنتمين إليها في سماحة الإمام موسى الصدر زعيمهم الديني، ويرون في الرئيس الليبي المرحوم معمّر القذّافي الشخص الذي اعتدى على الطائفة الشيعية وأهانها باعتدائه على أكبر رموزها الدينيين، والمحقق العدلي، نظراً لعمره، قد اعتاد على سماع هذا الأمر منذ نعومة أظافره، فتكون محاكمته لإبن المتهم الرئيس بالاعتداء على الطائفة الشيعية بشخص أحد أكبر رموزها الدينية، تفتقد إلى شرط الحيادية، ما يشكّل سبباً أساسياً للإرتياب المشروع في حياده، والتجاوزات القانونية المرتكبة قد عمّقت هذا الشعور لدى المستدعي ، وفي القانون ، طلب سنداً للمادة 340 أ.م.ج. نقل الدعوى من المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة للإرتياب المشروع ولحسن سير العدالة، والطلب إلى المرجع المختص تعيين محقّق عدلي آخر يتمتّع بالحيادية إزاء قضيّة كبيرة وحسّاسة كقضيّة السيّد موسى الصدر، وأدلى بعدّة أسباب مؤيّدة لمطالبه ، منها ما يلي:
• أخذ إفادة لاجىء سياسي في دولة عربية شقيقة من دون اتباع الأصول المفروضة في هذا المجال، ما يشكّل إخلالاً بحسن سير العدالة.
• أخذ إفادة المستدعي في معرض تعرّضه للخطف على يد مجموعة إرهابية مسلّحة،
• مخالفة القانون بتوجيه تهمة كتم معلومات في معرض قضيّة محالة على المجلس العدلي بمرسوم، وبوضع اليد على دعوى ضدّ شخص لم يرد اسمه في عداد المدعى عليهم في الجريمة الأصلية موضوع الإحالة، من دون أن يظهر التحقيق أنّه مسهم فيها (المادة 362 فقرة 2 أ.م.ج.) ولكون جرم كتم المعلومات خارج اختصاصه وصلاحيته كمحقّق عدلي، ويبقى، في حال توافره، من اختصاص القضاء العادي.
• مخالفة المادة 107 أ.م.ج. بإصدار قرار توقيف غير معلّل.
• كون المادة 357 فقرة /2 أ.م.ج. نصّت على تنحية القاضي وردّه من دون تحديد أصول خاصة، ما يجعل المادة 340 وما يليها أ.م.ج. هي الواجبة التطبيق لنقل الدعوى أو تنحية أو ردّ القاضي في المجلس العدلي.
وحيث إنّ الغرفة السادسة الجزائية من محكمة التمييز قضت في قرارها رقم 2016/204 الصادر بتاريخ 2016/5/19 بقبول طلب نقل الدعوى في الشكل وقبوله في الأساس ونقل الدعوى من يد المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة إلى يد محقّق عدلي آخر يجري تعيينه وفقاً للأصول المحدّدة في المادة 360 فقرة 2 عقوبات.
وحيث إنّ المدعي طعن في القرار المذكور أعلاه أمام هذه الهيئة ونسب إليه الخطأ الجسيم المتمثّل في تكريس محكمة التمييز نفسها مرجع طعن في قرارات المحقّق العدلي غير القابلة لأيّ طريق من طرق المراجعة وفقاً لنص المادة 362 أ.م.ج. وأيضاً الخطأ الجسيم المتمثّل في بتّ نقاط قانونية في معرض النظر بطلب نقل الدعوى للإرتياب المشروع، وقد أدلى في هذا الإطار بأنّ القرار المشكو منه ناقش وبتّ نقاطاً قانونية تدخل في صلب اختصاص المحقّق العدلي، كتفسيره للمادة 133 أ.م.ج. بشأن الجرائم المتلازمة واعتباره أنّ جرم المادة 408 عقوبات يخرج عن اختصاص المحقّق العدلي، ولا سيّما أنّ المحقّق العدلي لم يبتّ الدفع المقدّم من هنيبعل القذافي لهذه الناحية، ما يعني أنّ القرار المشكو منه قد سبقه إلى بتّ نقطة قانونية كمرجع طعن على ما لم يفعله المحقّق العدلي، وأنّ المطلوب إدخاله تقدّم بالدفع الشكلي بعدم الاختصاص بعد استجوابه لا قبله، وذلك خلافاً لنصّ المادة 73 أ.م.ج.، فيكون المحقّق العدلي غير ملزم بأيّ مهلة لبتّ هذا الدفع، كما يدلي بأنّ القرار المشكو منه تطرّق إلى نقاط قانونية تدخل في أساس النزاع، إذ إنّه بتّ بشكل صريح موضوع الجرائم المتلازمة وجرم كتم المعلومات، في حين أنّ محكمة التمييز كانت تنظر فقط بطلب نقل الدعوى للإرتياب المشروع.
وحيث إنّ المقرّر إدخاله يدلي بأنّ ما قرّرته الهيئة العامة من أنّ الغرفة الجزائية ليست مرجعاً تسلسلياً مخوّلاً قانوناً مراقبة أعمال المحقّق العدلي هو أمر صحيح، لكن ما قضت به المحكمة مصدرة القرار المشكو منه لا يتمتّع بقوّة القضيّة المُحكمة تجاه قاضي التحقيق العدلي كسلطة تحقيق، ولا تجاه المجلس العدلي كسلطة حكم، فنتائج قوّة القضيّة المحكمة محصورة في الفقرة الحكمية فقط التي لم تتضمّن أيّ فصل في أيّة نقطة قانونية، وأنّ ما تحقّقت منه محكمة التمييز كان فقط تقييم الأعمال الصادرة عن المحقّق العدلي لتقييم موضوعيته وحياده،
وحيث إنّ المقرّر إدخاله يدلي، استطراداً، بوجوب ردّ الدعوى، لأنّ مداعاة الدولة ولا تتناول مراقبة المخالفات القانونية التي يمكن أن يتضمّنها القرار، ولأنّ جميع الأخطاء المنسوبة إلى القرار المشكو منه لا تشكّل خطأ جسيماً، بل هي مجرّد أسباب تمييزية تهدف إلى الطعن في قرار محكمة التمييز وهي، على فرض صحّتها، لا ترقى إلى درجة الخطأ الجسيم، وبالنسبة للسبب الذي ارتكزت عليه الهيئة العامة لإعلان الجدّية ، يدلي بأنّه طالما أنّ محكمة التمييز لم تورد في فقرتها الحكمية أيّ حكم بأساس النزاع، فلا تكون قد تجاوزت حدود صلاحياتها، لأنّ قوّة القضيّة المحكمة محصورة بالفقرة الحكمية للقرار دون حيثياته، وأنّ قيام الهيئة العامة بتقييم صوابية الحلّ القانوني لمحكمة التمييز، وصوابية اختيارها للنصوص القانونية، سيشكّل طعناً تسلسلياً في قرار محكمة التمييز وسيجعل هذه المراجعة بالتالي، مراجعة تسلسلية،
ويدلي، أكثر استطراداً، بوجوب ردّ الدعوى لعدم تطرّق محكمة التمييز لأساس النزاع ولحسن تطبيقها القانون، ذلك أنّ مخالفات قاضي التحقيق الجسيمة للقانون برّرت الإرتياب المشروع بحياده، وأنّ النقطتين القانونيتين اللتين تناولتهما محكمة التمييز هما: قانونية وضع قاضي التحقيق العدلي يده على الدعوى بغياب وجود إدعاء من النائب العام التمييزي ، وقانونية وضع قاضي التحقيق يده على دعوى جديدة بجرم غير مشمول بالجرائم الأصلية موضوع الإحالة، وأنّ الجواب على هاتين النقطتين حتّم النظر في موضوع مرسوم الإحالة وادعاء النيابة العامة بالجرائم الأصلية وتلك موضوع القرار الإتهامي، كما حتّم النظر في مدى كون جرم المادة 408 عقوبات متلازماً مع الجرم المدعى به،
وحيث إنّ المحكمة مصدرة القرار المشكو منه أوردت في قرارها المشكو منه ما حرفيته:” بما أنّ المستدعي يطلب نقل الدعوى لحسن سير العدالة وللإرتياب المشروع، في ضوء الأسباب التي صار بيانها أعلاه، ولا سيّما مخالفة القانون بتوجيه تهمة كتم معلومات في معرض قضيّة محالة على المجلس العدلي بمرسوم، وبوضع اليد على دعوى ضدّ شخص لم يرد اسمه في عداد المدعى عليهم في الجريمة الأصلية موضوع الإحالة، من دون أن يظهر التحقيق أنّه مسهم فيها (المادة 362 فقرة 2 أ.م.ج) ولكون جرم كتم المعلومات خارج اختصاصه وصلاحيته كمحقّق عدلي، ويبقى في حال توافره، من اختصاص القضاء العادي”.
” وبما أنّ اجتهاد هذه المحكمة قد استقرّ على اعتبار أنّ الإرتياب المشروع في تصرّفات قاض ينظر في دعوى معيّنة يتحقّق في حال إقدام المذكور بتصرّفات، أو إصداره قرارات واتخاذ تدابير تثير الريبة والشكّ في حياده وتدلّ بصورة واضحة على تحيّزه وجنوحه إلى تأييد مصالح أحد فرقاء الدعوى ، على حساب باقي الأطراف فيها، ممّا يتعارض ومبادىء العدالة ويتنافى ورسالة القاضي ومضمون القسم المهني المنصوص عليه في المادة 46 من قانون القضاء العدلي (المرسوم الاشتراعي رقم 83/150)”
” وبما أنّه، في ضوء ما تقدّم بيانه، يقتضي البحث في ما إذا كانت المآخذ المعروضة في طلب النقل من شأنها أن تشكّل سبباً جدّياً كي يحقّ للمدعى عليه هانيبال معمّر القذّافي الشكّ في حيادية المحقّق العدلي زاهر حمادة تجاهه، فيبرّر بالتالي، رفع يد المحقّق العدلي عن الدعوى المطلوب نقلها”.
” وبما أنّه لدى مراجعة أوراق ملفّ الدعوى موضوع طلب النقل، يتبيّن أنّه في 2015/12/12 قدّم المحامي شادي حسين، وكيل المدعي السيّد صدر الدين الصدر، طلباً لسماع هنيبعل القذّافي،فقرّر المحقّق العدلي تكليف رئيس فرع المعلومات إحضار المذكور يوم 2015/12/14 لسماعه في الدعوى العالقة أمامه، وقد أحضر هانبيال القذّافي في الموعد المحدّد واستجوب كشاهد على سبيل المعلومات في الساعة 13 والدقيقة 15، ثمّ قرّر المحقّق العدلي في التاريخ عينه استجواب القذّافي كمدعى عليه بجرم كتم معلومات في تحقيق جنائي، الجريمة المنصوص عليها في المادة 408 عقوبات، وقد تمّ استجوابه في الساعة 16 والدقيقة 45 من ” دون محام بناءً على طلبه”، ومن ثمّ عرض المحقّق العدلي الأوراق على النيابة العامة التمييزية للإطلاع وإبداء المطالب بحقّ المدعى عليه هنيبعل القذّافي في ضوء الاستجواب، فأجابت النيابة العامة في 2015/12/14 أنّها لا تطلب شيئاً في الوقت الحاضر، فأصدر المحقّق العدلي مذكّرة توقيف وجاهية في حقّ هنيبعل القذّافي “نظراً لماهية التحقيق”، ” وسنداً للمادة 408 عقوبات”،
” وأنّ هانيبال القذّافي تقدّم في 2015/12/19 ، وفي 2016/11/11 ، ثمّ في 2016/11/21 ، بواسطة وكيلته الأستاذة بشرى الخليل، بمذكّرات أدلى فيها بعدم قانونية التهمة المنسوبة إليه، وفي المذكّرة الأخيرة، طعن في صلاحية المحقّق العدلي لاستجوابه كمدعى عليه سنداً للمادة 408 عقوبات، كون صلاحية المذكور محصورة في الجريمة موضوع الدعوى التي يحقّق فيها، واعتبر أنّ المادة 355 أ.م.ج. حدّدت الطريقة الوحيدة التي يضع فيها المجلس العدلي يده على أيّ دعوى، وهي الإحالة بمرسوم يتخذّ في مجلس الوزراء، فيما المادة 356 حدّدت حصراً الجرائم الممكن إحالة مرتكبيها إلى المجلس العدلي، وقد أكّد المدعى عليه القذّافي أنّ الجريمة المنصوص عليها في المادة 408 عقوبات ليست من ضمن تلك الجرائم، واعتبر أنّ صلاحية النظر فيها تعود للقضاء العدلي العادي، وطلب إبطال كلّ الإجراءات التي قام بها المحقّق العدلي في جريمة كتم المعلومات، ورفع يده عن هذه الجريمة لخروجها عن اختصاصه”.
” وبما أنّ أصول التحقيق في الدعوى المحالة إلى المجلس العدلي ترعاها المواد التالية:” وهنا أورد القرار حرفية المواد 360 و 361 و 363 و 364 أصول محاكمات جزائية.
وبعد ذلك تابعت المحكمة وفقاً لما يلي:
وبما أنّ “صلاحية المحقّق العدلي تنحصر في الجريمة التي أحيلت إلى المجلس العدلي بموجب المرسوم المتخذّ في مجلس الوزراء، وتشمل الوقائع الجرمية المتعلّقة بها، وكلّ من يتبيّن أنّه أسهم فيها، فيعود للمحقّق العدلي استجوابه كمدعى عليه ولو لم يرد اسمه صراحةً في ادعاء النيابة العامة أمامه”.
” وبما أنّ الجرائم المدعى بها أمام المحقّق العدلي في الدعوى المطلوب نقلها، تقتصر على جناية المادة 596 عقوبات، معطوفة على المادتين 213 و 217 منه، وجناية المادة 2 من القانون الصادر في 1958/1/11″.
” وبما أنّ المادة 133 فقرة 2 أ.م.ج. قد حدّدت الجرائم التي تعتبر متلازمة مع أخرى في الحقل الجزائي فنصّت على أنّه…”،
” وبما أنّه في ضوء ما سبق عرضه أعلاه، فإنّ الجريمة المنصوص عليها في المادة 408 عقوبات لا تعتبر في عداد الجرائم المدعى بها أمام المحقّق العدلي في الدعوى موضوع طلب النقل، كما لا يمكن اعتبارها متلازمة معها، وبالتالي لا يحّق لقاضي التحقيق العدلي في دعوى خطف وإخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه، أن يحرّك من تلقاء نفسه دعوى الحقّ العام ضدّ هانيبال القذّافي سنداً لجرم المادة 408 عقوبات، ثمّ يستجوبه مباشرةً كمدعى عليه بالشكل الذي حصل وجرى بيانه أعلاه، وبمعزل عن ادعاء النيابة العامة المختصة، كما لا صلاحية له بصفته محقّقاً عدلياً، للتحقيق في هذه الجريمة، كونها غير متلازمة مع الجريمة الأصلية التي يتابع التحقيق فيها”.
“وبما أنّ المحقّق العدلي لم يسند إلى هانيبال القذّافي جرم الاشتراك أو التدخّل في خطف وإخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه، ولم يستجوبه بسبب هذه الجريمة، كما أنّ النائب العام التمييزي لدى المجلس العدلي لم يدع عليه سنداً للمادة 569 عقوبات أو المادة 2 من القانون تاريخ 1958/1/11 “،
” وبما أنّه في ضوء ما أثاره المدعى عليه هانيبال القذّافي في مذكّراته المنوّه عنها أعلاه، ولا سيّما تلك المقدّمة في 2016/1/16، حيث طعن في اختصاص المحقّق العدلي لملاحقته بجرم المادة 408 عقوبات…، وعدم اتخاذ المحقّق العدلي أيّ موقف من هذا الطلب، ما ينمّ عن إصرار على إبقاء وضع يده على الدعوى المبنية على المادة 408 عقوبات، التي تخرج عن اختصاصه والتي حرّكها ضدّ هانيبال القذّافي خلافاً للأصول، فإنّ المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة يكون قد تصرّف على نحو يبرّر الشكوك في حياده إزاء المستدعي، وبالتالي يوجب قبول طلب رفع يده عن الدعوى المذكورة ونقلها إلى مرجع آخر، دونما حاجة للتطرّق إلى باقي الأسباب المدلى بها لتبرير طلب النقل”،
وحيث إنّه يستفاد ممّا تقدّم أنّ المحكمة مصدّرة القرار المشكو منه، إستندت بشكل أساسي للقول بتوافر عناصر الإرتياب المشروع، إلى موضوع التلازم بين الجرائم ومدى اختصاص المحقّق العدلي للنظر في جرم كتم المعلومات في إطار جرائم مدعى بها أمامه مُسندة إلى المادة 569 عقوبات معطوفة على المادتين 213 و 217 منه وجناية المادة 2 من القانون الصادر في 1958/1/11.
وحيث إنّه من البيّن من مضمون القرار المشكو منه أنّ المحكمة مصدّرته، وبعد استعراضها كامل مجريات المحاكمة منذ تقديم المحامي شادي حسين طلباً لسماع المقرّر إدخاله، إنتقلت إلى معالجة مسألة صلاحية المحقّق العدلي، ومن ثمّ مسألة مدى تلازم جريمة المادة 408 عقوبات مع الجرائم المدعى بها أمام المحقّق العدلي لتفصل نهائياً في هاتين المسألتين وتعتبر بصورة واضحة أنّ جريمة المادة 408 لا تعتبر في عداد الجرائم المدعى بها أمام المحقّق العدلي وليست متلازمة معها، وأنّ لا صلاحية للمحقّق العدلي أن يحرّك دعوى الحقّ العام من تلقاء نفسه، وأنّ لا صلاحية له للتحقيق في هذه الجريمة كونها غير متلازمة مع الجريمة الأصلية، ولتعتبر بعدها أنّ عدم اتخاذ المحقّق العدلي أيّ موقف من طعن المقرّر إدخاله باختصاصه لملاحقته في جرم المادة 408 عقوبات ينمّ عن إصراره على إبقاء يده على الدعوى المبنية على المادة المذكورة والتي تخرج عن اختصاصه، ولتقرّر بالتالي، أنّ المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة قد تصرّف على نحو يبرّر الشكّ في حياده ما يوجب نقل الدعوى من يده إلى يد محقّق عدلي آخر،
وحيث إنّه من الثابت أنّ موضوع الدعوى التي كانت مطروحة أمام المحكمة مصدّرة القرار المشكو منه يقتصر فقط على طلب نقل الدعوى للإرتياب المشروع بحياد المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة ، وأنّ الفصل في مسألة مدى وجود إرتياب مشروع أو عدمه، لا يوجب تجاوز حدود الموضوع المطروح أمامها للبحث في أساس النزاع الأصلي والفصل نهائياً في نقاط قانونية لم يتخذّ المحقّق العدلي بعد، أيّ قرار بشأنها، وبالتحديد نقطة التلازم ونقطة الصلاحية.
وحيث إنّه، خلافاً لإدلاءات المقرّر إدخاله، فإنّ تجاوز المحكمة حدود الدعوى المقامة أمامها وولوجها نقاطاً تتناول النزاع الأصلي وفصلها فيها بصورة نهائية، لا يمكن تبريره قانوناً بالقول إنّ الفصل في مدى وجود إرتياب مشروع كان يتطلّب البحث في مسائل تتعلّق بأساس النزاع.
وحيث إنّه إضافة إلى ما تقدّم، فإنّ قيام المحكمة مصدّرة القرار المشكو منه بالبحث في نقاط قانونية متعلّقة بالنزاع الأصلي بين المدعي والمقرّر إدخاله، وقيامها بالبتّ بها بصورة نهائية ستكون لهما دون شكّ إنعكاسات ونتائج قانونية على مسار النزاع الأصلي المطروح أمام المحقّق العدلي، إذ إنّه بصرف النظر عن مسألة القضيّة المحكمة التي يدلي بها المقرّر إدخاله والتي لم تتناولها الهيئة العامة في قرارها المبدئي، فإنّ قيام المحكمة مصدّرة القرار المشكو منه بالفصل نهائياً بمسألة التلازم وبمسألة اختصاص المحقّق العدلي جعلها تتصرّف كمرجع نقض لقرارات المحقّق العدلي، في حين أنّ قرارات هذا الأخير لا تقبل أيّ طريق من طرق الطعن وفقاً لأحكام المادة 362 أ.م.ج. ولا سيّما أنّ المقرّر إدخاله قد تقدّم أمام المحقّق العدلي بدفع بعدم الاختصاص ولم يبتّه هذا الأخير بعد، فجاءت محكمة التمييز لتفصل هذه النقطة نهائياً في قرارها المشكو منه وتتصرّف بالتالي، كمرجع تسلسلي لقرارات المحقّق العدلي.
وحيث إنّه تأسيساً على ما ورد بيانه، كان يتعيّن على المحكمة مصدّرة القرار المشكو منه أن تتقيّد بموضوع الدعوى المقامة أمامها، وأن تقتصر على البحث في مدى وجود إرتياب يبرّر نقل الدعوى من يد المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة إلى يد محقّق عدلي آخر دون أن تتطرّق إلى نقاط تتناول دفعاً شكلياً عالقاً أمام المحقّق العدلي وتفصله بشكل نهائي في ظلّ غياب أيّ مبرّر قانوني، لما في الأمر من تجاوز لحدّ السلطة ولموضوع النزاع المطروح أمامها الذي أمسى قراراً فاصلاً في بعض أوجه النزاع، وليس قراراً فاصلاً في طلب نقل الدعوى، وأنّ محكمة التمييز بإغفالها هذا الأمر، تكون قد ارتكبت خطأ جسيماً بمفهوم البند الرابع من المادة 741 أ.م.م. ما يقتضي معه إبطال القرار المشكو منه الصادر عن الغرفة السادسة لمحكمة التمييز الجزائية بالرقم 204/2016 تاريخ 19/5/2016 وإعادة الدعوى إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدوره ، وإحالة الملفّ الحاضر إلى الرئيس الأوّل التمييزي لإحالته إلى غرفة أخرى من غرف محكمة التمييز،
وحيث إنّه يقتضي تضمين المدعى عليها والمقرّر إدخاله النفقات،
وحيث إنّ الهيئة لا ترى ما يبرّر الحكم بتعويض للجهة المدعية،
وحيث إنّه في ضوء النتيجة التي توصّلت إليها هذه الهيئة، لا يعود ثمّة حاجة للبحث في الأسباب الزائدة أو المخالفة، ويقتضي ردّها،
لذلك، وعطفاً على القرار الصادر عن هذه الهيئة في تاريخ 2016/7/19 ،
تقرّر الهيئة بالإجماع:
أولّاً: إدخال السيّد هانيبال معمّر القذّافي في المحاكمة.
ثانياً: ردّ طلب إبطال الدعوى الراهنة.
ثالثاً: ردّ طلب استئخار النظر في هذه الدعوى.
رابعاً: ردّ الدفع بانتفاء مصلحة المدعي للتقدّم في هذه الدعوى.
خامساً: إبطال القرار المشكو منه الصادر عن الغرفة السادسة من محكمة التمييز الجزائية بالرقم 2016/204 تاريخ 2016/5/19 وإعادة الدعوى إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدوره ، وإحالة الملفّ الحاضر إلى الرئيس الأوّل التمييزي لإحالته إلى غرفة أخرى من غرف محكمة التمييز.
سادساً: تضمين المدعى عليها والمقرّر إدخاله النفقات القانونية.
قراراً صدر بتاريخ 2017/1/19 “.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 14 – شباط 2017).