مقالات

المقاطعة تصونها القوانين/فؤاد مطر

المحامي فؤاد مطر*:
المقاطعة هي رد فعل إنساني على كل ما يخرج عن المألوف لمعاقبته، وهي وسيلة يقوم بها المواطن تعبيراً عن رفضه لممارسات العدو ولا يملك اي نظام قانوني سلطاناً على أي مواطن ولا يستطيع منعه لأنّه شكل من أشكال المقاومة المدنية المشروعة، ويأتي تعبيراً عن رد فعل شعبي تلجأ اليه الشعوب ضد اعدائها.
ان قانون مقاطعة إسرائيل الصادر في 1955/6/23 يحظر اي تعامل مع العدو الاسرائيلي مهما كانت طبيعته، اي انه في كل الاحوال قد جاء شاملاً عاماً ومطلقاً.
وان المرسوم المتعلق بتنظيم مقاطعة اسرائيل رقم 12562 الصادر بتاريخ 1963/4/19 نص على إدراج اسماء اشخاص او مؤسسات محظر التعامل معها وتدرج على لائحة سوداء.
وفي هذا المجال، يستطيع اي مواطن تقديم طلب للمديرية العامة للاقتصاد والتجارة – مكتب مقاطعة اسرائيل، من أجل الحصول على إفادة عن وضع اي شخص عادي او معنوي، أو عبر رسالة إلكترونية او هاتفية لمعرفة موعد استلام الافادات من مكتب مقاطعة اسرائيل في وزارة الاقتصاد والتجارة، وتطابقها مع مبدأ الحظر، وذلك للملاحقة قضائياً امام المحكمة العسكرية، ومقاطعتها.
ان إجراءات المقاطعة تنطوي على وجهين: احدهما سلبي يهدف الى منع تصدير المنتوجات الى اسرائيل سواء بطريق مباشر او غير مباشر والحيلولة دون وصول الاخيرة الى الاسواق العربية كمشترية او مستثمرة عن طريق بلدان اخرى او اشخاص آخرين، والوجه الاخر الايجابي يهدف الى منع رؤوس الاموال من التدفق الى اسرائيل.
لقد أدخلت المقاطعة بقرار من مكتب المقاطعة ” القائمة السوداء” في مواجهة جميع الشركات المتعاونة مع الكيان الصهيوني، وطبق الحظر على حوالي 175 شركة عالمية ثبت تعاملها مع العدو الاسرائيلي.
وإذا كان البرلمان الالماني قد سبق ان اعلن عام 2019 عن تجريم حركة المقاطعة واعتبارها معادية للسامية، كذلك ما صدر عن حكومة الولايات المتحدة والكونغرس الاميركي وحكومات بريطانيا وكندا واوستراليا وفرنسا، الا ان البرلمان الايرلندي تبنّى مقاطعة منتوجات المستعمرات الاسرائيلية، واكدت
محكمة العدل الاوروبية عام 2019 ضرورة وضع ملصقات على منتوجات المستعمرات الاسرائيلية التي احتلت عام 67، وبالمقابل فقط تبنت عدة مؤسسات وجمعيات وناشطين اجانب مقاطعة اسرائيل، نذكر على سبيل المثال: شبكة الجمعيات البلجيكية التي تضم نحو خمسين جمعية تضم مثقفين ونقابيين، وشاركت في حملة مقاطعة المنتوجات الاسرائيلية، وحملة التضامن الايرلندية، وواكبتها الاحزاب بمختلف اتجاهاتها مما ادى الى تبني البرلمان الايرلندي في تموز عام 2018 مقاطعة البضائع الاسرائيلية بالرغم من معارضة الحكومة.
وسبق ان اعلن المجتمع المدني من قبل ثلاثة آلاف منظمة عام 2001 في جنوب افريقيا مقاطعة اسرائيل ودعا الى تشكيل حركة عالمية في هذا المضمار على غرار تجربتها. وقد شكلت نقطة مهمة في التراكمات النضالية وصولاً الى نداء المقاطعة عام 2005 الذي تضمن:
• إذعان اسرائيل للقانون الدولي الانساني والقانون الدولي وقرارات الامم المتحدة بما فيها القرار 194 الخاص بحق عودة اللاجئين.
• التقيد بقرارات محكمة العدل الدولية.
• مناهضة الظلم، وتحقيق العدالة، والتزام الحقوق الاساسية للانسان.
• مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.
• مناهضة الاستعمار والاحتلال، والتمييز العنصري والارباتهايد، والتطهير العرقي.
• تقرير المصير وتحقيق السلام وايجاد حلول فعالة ومناسبة.
لقد شكلت حركة مقاطعة اسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها BDS وفقاً لتقرير الامم المتحدة عاملاً رئيسياً في انخفاض الاستثمار الاجنبي المباشر في الاقتصاد الاسرائيلي.
لقد اعطت حرب غزة الاخيرة زخماً جديداً للمقاطعة بعد ان اتضحت لكافة الشعوب حقيقة الصراع مع العدو الصهيوني، وهذا ما نشهده في كافة انحاء العالم.
وازاء ذلك لا بدّ من إيجاد بدائل تنويع للمنتوجات المحلية والمتنوعة وتحسينها للمضي نحو مقاطعة كاملة وشاملة للكيان الصهيوني.
* رئيس الجمعية اللبنانية لمواجهة التطبيع.
“محكمة” – الجمعة في 2024/7/5

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!