من يمنع الحقوق عن عناصر الدفاع المدني؟/فاطمة البسّام
فاطمة البسّام*:
ثلاثة عناصر من الدفاع المدني اللبناني استشهدوا قبل أيام أثناء قيامهم بواجبهم الانساني في بلدة فرون الجنوبية، فبعدما انهوا مهمة إخماد الحريق الذي اندلع نتيجة القصف، استهدفتهم مسيّرة اسرائيلية أوقعت عدداً من الجرحى أيضاً.
ليس طمعاً بوظيفة “الدولة”، التي كان لها وزنها قبل الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة، بل حباً بالعمل التطوّعي، فهؤلاء الأشخاص خدموا عشرات السنين من دون مقابل، حتى جاء قرار تثبيتهم قبل عام كلفتة للجهود التي يقومون بها.
ومثل كلّ شي في هذا البلد، يجب أن تمرّ هذه المستحقات التي انتزعها اصحابها في نفق المحسوبيات والبيروقراطية قبل الحصول عليها.
بداية، ينقسم عناصر الدفاع المدني الذين تم تثبيتهم كموظفي دولة إلى فئتين، فئة خامسة وهي الرتبة الأدنى في الوظائف الرسمية، ومعاشهم الشهري 950 ألف ليرة لبنانية، ويتلقون بدل مخاطر عبارة عن 425 ألف ليرة لبنانية أي ما يعادل نصف معاشهم، أمّا موظفو الفئة الرابعة، فمعاشهم حوالي مليون و650 ألف ليرة، بالاضافة إلى بدل المخاطر.
مصدر من الدفاع المدني يعدّد لموقع “لبنان الكبير”، المساعدات التي يحصلون عليها، “حتى نقدر نعيش” على حدّ تعبيره، فالمعاش وحده لا يكفي مصروف يوم، خصوصاً وأنهم ممنوعون من العمل في مؤسسات أخرى، لذلك نرى معظم العناصر يعمل في وظائف حرّة، مثل سائق، عامل توصيل وغيرها.
يوضح المصدر، أن العنصر يحصل على بدل نقل يومي عن كلّ يوم عمل بقيمة 450 ألف ليرة، و8 تنكات بنزين لموظف الفئة الخامسة، و10 تنكات لموظف الفئة الرابعة، ويحصل كلّ صاحب أسرة على ما يسمى تعويضات عائلية، 60 ألف ليرة عن الزوجة، و33 ألف ليرة لكل ولد، وكلّ هذه المساعدات مقرونة بعدد أيام الخدمة الفعلية.
لماذا كلّ هذا الشرح؟ لسبب بسيط وهو التأكيد أن هؤلاء الأفراد على الرغم من تثبيتهم في ملاك الدولة لم يحصلوا على مستحقات تليق بهم وبعملهم الانساني إلاّ أن “الزبدة” تكمن في ما يسمى بـ “بدل المثابرة”.
ماهو “بدل المثابرة”؟ عبارة عن مساعدات شهرية للموظفين أطلق عليها هذا الاسم بهدف “تجميلها”، لتحسين أجورهم، ومكافأتهم على جهودهم ومثابرتهم.
كم يبلغ بدل المثابرة؟ بحسب المصدر، لموظفي الفئة الخامسة، 15 مليون ليرة، وللفئة الرابعة، 17 مليون ليرة، وللحصول عليها يشترط أن يكون العنصر خدم في الشهر 16 يوماً كخدمة فعلية، وإلاّ لا يحصل على شيء، إلاّ أن هناك تفصيلاً بسيطاً وهو أن لا أحد يحصل على بدل المثابرة على الرغم من إقرارها بتاريخ 28/6/2024، ومن أجل صرفها تحتاج الى توقيع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي.
ويشير المصدر إلى أن لا أحد يعلم سبب المماطلة، على الرغم من أن مستحقاتهم كانت من ضمن الموازنة لعام 2024، ويقول: “حاولنا مناشدة وزير الداخلية، لكنه فوجئ بعدم حصولنا عليها، لأنه ظن أن الأمور تمشي في مسارها الصحيح بعد أن وقّع على القرار قبل أشهر”.
يضيف المصدر: “زملاؤنا قتلوا وهني عم بثابروا، من دون ما يقبضوا بدل المثابرة، فهل كتب علينا أن تذهب مستحقاتنا للورثة؟”.
أمّا السؤال الأهم: بعد غياب المعيل ورب الأسرة، ما هو مصير هذه العوائل التي لن تستفيد إلاّ من الراتب الأساسي، أي 950 ألفاً أو مليون و650 ألفاً، لأن بقية المستحقات مقرونة بالخدمة الفعلية داخل المراكز؟
وعلى أمل “أن تحل الأمور”، يثابر هؤلاء في وظائفهم عسى أن تصحح أجورهم.
شقيق العنصر عباس حمود الذي قضى في الغارة الأخيرة، يخبر موقع “لبنان الكبير”، أن أخاه لديه 4 أولاد، ومتطوع في مركز فرون منذ 23 سنة، وبعد تثبيته قبل عام تم تصنيفه ضمن الفئة الخامسة، علماً أنه كان يعمل في شركة لنزع الألغام قبلها، فاندفاعه كان هدفه إنسانياً، علماً أن المعاش كان شبه رمزي.
ويشير الى أن أخاه قتل وهو يدافع عن أرزاق الناس وشجر الزيتون، ولم يتراجع يوماً عن تأدية واجبه على الرغم من الإجحاف في حقوقهم، لا شيء سيعيدهم الى الحياة، إلاّ أن هناك أحياء بحاجة الى أن يحصلوا على حقوقهم.
وفي ضوء ما تقدم، تواصل موقع “لبنان الكبير”، مع المديرية العامة للدفاع المدني، التي أكدت أن المدير العام العميد ريمون خطّار أعطى توجيهاته للمختصين بتحضير الملفات لرفعها الى مجلس الوزراء لتخصيص مساعدة مالية لأهالي الشهداء. كما يجري العمل وفقاً للقانون لضمان استحقاق كل عائلة لمعاش تقاعدي.
أمّا بالنسبة إلى تعويض المثابرة، “فنحن بانتظار صدور مرسوم نقل الاعتماد. علماً أن الادارة قد أعدت الجداول اللازمة، وسيتم صرفها فور إتمام الاجراءات الإدارية المطلوبة”.
وبحسب المديرية، فإن الروتين الاداري هو العامل الرئيسي الذي يعيق سير العمل في الادارة، وحصول العناصر على مستحقاتهم.
* المصدر: موقع لبنان الكبير.
“محكمة” – الجمعة في 2024/9/13