علم وخبر
محكمة استئناف بيروت الناظرة في قضايا الإيجارات تفصل نقاطاً قانونية مهمّة ومبدئية/ناضر كسبار
ناضر كسبار (نقيب المحامين السابق في بيروت):
بحثت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت-الغرفة الحادية عشرة الناظرة في قضايا الايجارات والمؤلفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري، عدة نقاط مهمة ومبدئية، فاعتبرت انه يتعين على المحكمة وفقا للمادة /369/أ.م.م. ان تفصل في النزاع وفق القواعد القانونية التي تطبق عليه، كما يعود لها بحسب المادة /370/أ.م.م. أن تثير من تلقاء نفسها الأسباب القانونية الصرفة أياً كان الاساس القانوني الذي يتذرع به الخصوم، ولكن لا يجوز لها ان تعدل الاساس القانوني عندما يكون الخصوم باتفاقهم الصريح وبشأن حقوق يملكون حرية التصرف بها، قد قيدوه بنقاط قانونية ارادوا حصر المناقشة بها الامر غير الحاصل في النزاع، وبالتالي فإنه يجوز لمحكمة الاستئناف البحث في مضمون الانذار ومدى جدية هذا المضمون لتبيان اثاره بوجه الطرفين، فترد اقوال المستأنف عليه المستأنف مقابلة المخالفة لهذه الوجهة.
كما اعتبرت المحكمة ان طلب المستأجر الرامي الى اعتبار الايفاء المجري من قبله في ما خص اصل البدلات صحيحا، والذي يستفاد منه طلب تعليق تسديد الزيادات القانونية لكونه من فئة المستفيدين من تقديمات الصندوق انما يتعين من اجل اجابته والاخذ به ان يتمتع بحد ادنى من الجدية، ويعود للمحكمة، في اطار بتها بهذا الطلب ان تتحقق من استناده الى اسباب كافة ووافية، حتى اذا تبين لها انه مجرد من اي سند مشروع جاز لها رده لعدم الجدية وعدم الثبوت.
وقضت بقبول الاستئناف الاصلي بشكل جزئي لجهة الاسقاط من حق التمديد، ورده لجهة البدلات المحكوم بها.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2024/11/7.
ثانيا: في الاساس
حيث ان المستأنف وعليه يطلب فسخ الحكم المستأنف المنتهي الى اسقاط حقه بالتمديد القانوني للاجارة المعقودة على القسم رقم23 من البناء القائم على العقار رقم /4155/المصيطبة، مدليا من ناحية بأنه اثبت بواسطة زوجته-الوصية الشرعية عليه- وضع العائلة المادي خلال الجلسة المنعقدة بتاريخ 2020/1/23، فلا يكفي الاستناد الى عدم ابراز افادة صادرة عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لاسقاط حقه خاصة في ضوء إقفال المؤسسة المذكورة وعدم إعطائها اية إفادات في حينها، ومن ناحية ثانية لصحة العروض والايداعات المجراة من قبله لمصلحة المستأنف وعليه تسديداً لبدلات إيجار عامي 2015 و2016 وقد تبلغها بدون تحفظ وبدون ان يتقدم باعتراض او بدعوى اثبات بطلان وفقا للمادتين /823/ و/824/أ.م.م.
وحيث ان المستأنف عليه المستأنف مقابلة يطلب مقابلة من ناحيته فسخ الحكم لجهة اعتباره ان العرض والايداع المجري من قبل المستأنف وعليه بتاريخ 2016/8/12 صحيح، رغم انه موجه الى غيره (المرحوم والده) ما يتخطى مجرد الخطأ المادي، وغير شامل لمجموع البدل المبلغ المطالب به (/2880/د.أ. بدل /30,000/د.أ.) مؤكدا انه لم يوافق عليه وان تبلغه لا يشكل موافقة عليه، لاسيما في ظل عدم قبضه للمبلغ المودع، مشدداً اضافة على ان المستأنف وعليه لم يثبت استفادته من تقديمات الصندوق.
وحيث ان النزاع الراهن بما اشتمل عليه من دعوى اساسية وتلك المضمومة اليها، تتمحور حول مسألة اولى تتعلق بمدى سقوط حق المستأنف وعليه بالتمديد القانوني لعدم تسديد المبالغ المطالب بها بموجب الانذار المرسل اليه بتاريخ 2016/6/13 من قبل المستأنف عليه المستأنف مقابلة، والمبلغ منه بتاريخ 2016/6/22 بواسطة زوجته الوصية عليه السيدة، (وهو موضوع الدعوى الابتدائية المقدمة من المستأنف عليه المستأنف مقابلة والمسجلة تحت الرقم 2016/1435 تاريخ 2016/8/27) ومسألة ثانية تتعلق بإلزام المستأنف وعليه بتسديد البدلات مع الزيادات المسندة الى قانون الايجارات تاريخ 2014/5/8 (وهو موضوع الدعوى الابتدائية المقامة من المستأنف عليه المستأنف مقابلة المسجلة تحت الرقم 2016/1610 تاريخ 2016/10/27).
وحيث ان الحكم الابتدائي قد انتهى الى:
اولاً: رد طلب المدعى عليه (المستأنف وعليه) وقف المحاكمة المسند الى المادة /58/ من قانون الايجارات الجديد.
ثانيا: بإسقاط حق المدعى عليه (المستأنف وعليه) في التمديد القانوني للاجارة الواقعة على القسم رقم 23 رقم /4155/المصيطبة وبإلزامه بإخلائه وبتسليمه شاغرا وخاليا من اي شاغل الى المدعي (المستأنف عليه – المستأنف مقابلة).
ثالثا: بإلزام المدعى عليه (المسـتأنف وعليه) بأن يدفع للمدعي (المستأنف عليه – المستأنف مقابلة) مبلغ /29,493/د.أ. يمثل قيمة بدلات الايجار المستحقة عن العامين 2015 و2016 للمدعي (المستأنف عليه – المسـتأنف مقابلة) مع الفائدة القانونية من تاريخ إبلاغه الحكم الراهن الى تاريخ الدفع الفعلي.
رابعا: بتغريم المدعى عليه (المستأنف وعليه) مبلغ مليوني ليرة لبنانية سندا للمادة /11/أ.م.م. وبالزامه بأن يدفع للمدعي (المستأنف عليه المستأنف مقابلة) عطلاً وضرراً بقيمة عشرين مليون ليرة لبنانية سندا للمادة /10/ من القانون عينه.
وحيث يتبين انه على اثر صدور قانون الايجارات تاريخ 2014/5/8 ، عمد المؤجر المستأنف عليه المستأنف مقابلة الى تعيين الخبيرين المهندس احمد والسيد صلاح من اجل تحديد بدل المثل اللذين اعدا تقريرهما بتاريخ 2015/11/12، في ما قام المستأجر المستأنف وعليه بتعيين الخبيرين المهندسة اسمهان والسيد فوزي للغاية نفسها واللذين نظما تقريرهما بتاريخ 2016/5/30.
وحيث انه يتبين بالعودة الى اورق الملف ان المالك المستأنف عليه المستأنف مقابلة قد طالب المستأنف عليه بوجوب دفع مبلغ الانذار المرسل اليه بتاريخ 2016/6/13، والمبلغ منه بتاريخ 2016/6/22 والبالغ /29,493/د.أ. ويمثل بدل ايجار عامي 2015 و2016 محتسبا بالاستناد الى التقرير المقابل المنظم بناء لطلب المستأجر بعد ان اوضح “بأن تقديرات التقرير المذكور ضئيلة جدا ومتدنية وسوف يطرح الامر على القضاء المختص لتحديد البدل الذي سوف يعمل به، وبأن المبالغ المطالب بها بموجب التقرير المقابل هي الحد الادنى الذي لا يعقل ان يكون البدل السنوي اقل منه، وانه يحتفظ صراحة بحقه بطلب تحديد البدل النهائي بواسطة القضاء المختص”.
وحيث يتبين ان المستأنف وعليه قد اجرى بتاريخ 2016/8/12 عرضا فعليا وايداعا لمصلحة “السيد ” (وهو والد المستأنف عليه المتوفي) بقيمة /2880/د.أ. يمثل بدلات الايجار الاساسية للعامين 2015 و2016 اوضح فيه انه من المستفيدين من احكام الصندوق.
كما تقدم بتاريخ 2016/8/23 لدى القاضي المنفرد المدني الناظر في قضايا الايجارات، بصفته صاحب الولاية العامة للنظر في المشاكل والنزاعات المتعلقة بقانون الايجارات، بأمر على عريضة تسجل تحت الرقم 2016/1264 ادلى فيه بأنه تعرض لحادث جعله فاقدا للآهلية وتم تعيين زوجته قيمة عليه، وتطرق للتقريرين الاساسي والمقابل والانذار بالدفع، ولفت الى انه ترك عمله في شركة التفريغ اللبنانية الجديدة ش.م.م. منذ عام 2010، وانه بالتالي يستفيد من الصندوق الخاص كون راتبه لا يتجاوز ضعفي الحد الادنى للاجور، طالبا اعطاء القرار بحقه بالحصول على المساهمة من الصندوق الخاص بالايجارات سندا للمواد /3/ و/8/ و/9/ و/10/ من قانون الايجارات الجديد، وبالتالي إمهاله دفع اي زيادة لحين البت باستدعائه.
وحيث ان المستأنف عليه – المستأنف مقابلة قد تقدم بوجه المستأنف اوضح بموجب الدعوى المقامة منه تحت الرقم 2016/1610، انه يوافق على التقرير المنظم من الخبيرين المعينين من المستأنف ويعترف ويقر بمضمونه الذي حدد قيمة المأجور بمبلغ /1,211,580/د.أ.، وبكون بدل المثل يبلغ /60,575/د.أ. سنويا، وخلص في فقرة المطالب الى “اعتبار التقرير المقابل الصادر عن الخبيرين عبدالله واللبان والمنظم بناء لطلب المستأنف (المدعى عليه بداية) قانوني وصحيح ونافذ ويشكل الحد الادنى من البدلات التأجيرية، ومن ثم الحكم على المدعى عليه (المستأنف وعليه) بدفع بدلات ايجار سنتي 2015 و2016 البالغة /29,493/د.أ. مع الفائدة القانونية”…، وقد اعتبر المستأنف وعليه في لائحته ردا على ذلك الاستحضار بأن المستأنف عليه – المستأنف مقابلة قد وافق على التقرير المقابل.
وحيث في ما يتعلق بطلب اسقاط المستأنف وعليه من حقه بالتمديد القانوني، فان الدعوى الرامية الى الاسقاط من حق التمديد تخضع للقانون الذي تحققت في ظله الواقعة المؤدية الى الاسقاط، الي في الحالة الراهنة قانون الايجارات الصادر بتاريخ 2014/5/8 المرسل الانذار بالدفع خلال فترة سريانه.
وحيث ان الفقرة (أ) من المادة /34/ من قانون الايجارات المشار اليه، تنص على انه يسقط الحق بالتمديد ويحكم على صاحبه بالاخلاء اذا لم يدفع ما استحق عليه من بدل الاجارة وذلك خلال شهرين بعد تبلغه بنفسه او بواسطة احد افراد عائلته الراشدين المقيمين معه انذاراً موجها اليه بموجب بطاقة مكشوفة مضمونة مع اشعار بالاستلام او بواسطة الكاتب العدل.
وحيث ان مسألة مدى سقوط حق المستأنف بالتمديد القانوني ترتبط بمدى صحة العرض الفعلي والايداع المجرى من قبل المستأجر ان لناحية توجيهه الى السيد بدلا من المؤجر السيد، او لناحية انحصاره بجزء من المبالغ المطالب بها اساسا بحجة استفادته من احكام صندوق المستأجرين.
وحي ان النزاع الحاضر يقوم على طلبين اساسيين هما من جهة اسقاط حق المستأنف وعليه بالتمديد القانوني وبالتالي اخلائه من المأجور موضوع الدعوى، ومن جهة ثانية الزامه بتسديد البدلات مع زياداتها المفروضة بموجب قانون الايجارات الجديد، بحيث يكون المستأنف وعليه، من خلال مطالبته بفسخ الحكم المستأنف والحكم مجددا باستفادته من التمديد القانوني وعدم اخلائه المأجور موضوع الدعوى والحكم بصحة بدلات الايجار المسددة عن عامي 2015 و2016، قد طرح اساس النزاع برمته امام محكمة الاستئناف، ما يتيح للمحكمة اعادة النظر به بصورة شاملة سواء بالاستناد الى الاسباب والعلل المدلى بها بداية او بالاستناد الى اسباب اخرى طالما انها لا تدخل ضمن اطار الطلبات الجديدة المحظور التمسك بها استئنافا.
وحيث اضافة الى ما تقدم فان الاحكام القانونية المتعلقة بالانذار بدفع البدل حددت شروطاً شكلية جوهرية من شأن اغفالها رد دعوى الاخلاء، نظراً للآثار الخطيرة المترتبة على الانذار المشار اليه، وقد اوضح الاجتهاد بان المبالغ المبينة في الانذار يقتضي ان تكون واضحة وثابتة وغير منازع فيها جديا.
وحيث انه في هذا الاطار، فإنه يتعين على المحكمة وفقا للمادة /369/أ.م.م. ان تفصل في النزاع وفق القواعد القانونية التي تطبق عليه، كما يعود لها بحسب المادة /370/أ.م.م. ان تثير من تلقاء نفسها الاسباب القانونية الصرفة ايا كان الاساس القانوني الذي يتذرع به الخصوم، ولكن لا يجوز لها ان تعدل الاساس القانوني عندما يكون الخصوم باتفاقهم الصريح وبشأن حقوق يملكون حرية التصرف بها، قد قيدوه بنقاط قانونية ارادوا حصر المناقشة بها الامر الغير حاصل في النزاع، وبالتالي فإنه يجوز لمحكمة الاستنئاف البحث في مضمون الانذار ومدى جدية هذا المضمون لتبيان اثاره بوجه الطرفين، فترد اقوال المستأنف عليه المستأنف مقابلة المخالفة لهذه الوجهة.
وحيث من جهة اولى، فإن ايراد اسم المرسل اليه العرض والايداع على الوجه المبين اعلاه لا يتعدى كونه خطأ ماديا ناجما عن اسقاط اسم المؤجر سهوا وذكر باقي إسمه الثلاثي، وليس من شأنه بحد ذاته ان يجرد معاملة العرض والايداع المجراة بالبدلات الاساسية وضمن المهلة القانونية من مفاعيلها، وان يؤدي الى اسقاط حق المستأجر بالتمديد القانوني لهذا السبب، حتى ولو لم يتمكن المستأنف عليه – المستأنف مقابلة من قبضها، ذلك ان المعاملة المذكورة انما تعرب عن نية المستأجر في إبراء ذمته وتسديد البدل المتوجب عليه لمصلحة المؤجر ضمن المهلة المفروضة، فيبقى تصحيحها لناحية الاسم لتمكين الاخير من استيفائها جائزا ولو بعد انقضاء المهلة المذكورة سواء رضاء او قضاء، الامر الذي يقتضي معه رد الاستئناف المقابل المقدم من المستأنف عليه المستأنف مقابلة لهذه الجهة.
وحيث من جهة اخرى، فإنه للقول بمعذورية المستأجر في عدم مبادرته الى تسديد كامل المبالغ المطالب بها في متن الانذار، فإنه يجب ان يكون الاخير قد قام خلال مهلة شهرين من تبلغه الانذار، بتسديد ما يعتقده بحسن نية وعن حق مستوجبا عليها للمالك.
وحيث بالتالي فان ترتيب نتيجة الاسقاط من حق التمديد يوجب على المحكمة التثبت من توافر هذه الشروط الشكلية الجوهرية في الانذار، لاسيما وان المفعول الناشر للاستئناف يوجب على المحكمة التحقق من شروط الاسقاط من حق التمديد القانوني للقول به.
وحيث انه في هذا الاطار، تقتضي الاشارة الى ان قانون الايجارات الصادر بتاريخ 2014/5/8 قد اثار التباسا كبيرا في ذهن المتقاضين لناحية مدى نفاذه تبعا للطعن به امام المجلس الدستوري وصدور قرار بإبطال بعض مواده، كما ولناحية إدخاله آليات جديدة غير موجودة في قوانين الايجارات السابقة المتعاقبة كصندوق المساعدات واللجان (التي جرى الغاءها في ما بعد) واطر احتساب للبدلات مختلفة (رضاء او من خلال الاستعانة بالخبرة).
وحيث ان المالك المستأنف عليه اوضح في انذاره وجوب دفع بدل ايجار عامي 2015 و2016 محتسبا بالاستناد الى التقرير المقابل المنظم بناء لطلب المستأجر بعد ان عبر صراحة “بأن تقديرات التقرير المذكور ضئيلة جدا ومتدنية وسوف يطرح الامر على القضاء المختص لتحديد البدل الذي سوف يعمل به، وبأن المبالغ المطالب بها بموجب التقرير المقابل هي الحد الادنى الذي لا يعقل ان يكون البدل السنوي اقل منه، وانه يحتفظ صراحة بحقه بطلب تحديد البدل النهائي بواسطة القضاء المختص”، ما يفيد بان بدل المثل المحدد وفق احكام القانون الصادر عام 2014 لم يوافق عليه طرفا النزاع رضائيا بشكل نهائي، ولم يجر تحديده بشكل نهائي ومبرم بين الطرفين قضاء، وبالتالي لا يمكن اعتبار البدل موضوع الانذار المشار اليه مستحقا ومحددا بالشكل القانوني.
وحيث ان ما يعزز هذه الوجهة هو ان المالك نفسه قد تقدم لاحقا بدعوى تهدف الى الزام المستأجر بدفع بدل المثل المحدد في تقرير هذا الاخير، مطالبا بالاخذ بتقدير قيمة بدل المثل وفق ما هو مبين بالتقرير المشار اليه، بعد موافقته على مضمون التقرير المذكور، وذلك بعد ارساله الانذار موضوع النزاع، فيكون المبلغ المبين في الانذار بتاريخ ارساله الى المستأجر مشتملا على بدل غير محدد نهائيا بشكل قانوني وبالتالي مكتنفا بعدم الجدية لجهة مقداره ومدى استحقاقه وتوجبه.
وحيث كذلك، فإن تمسك المستأنف وعليه بموجب العرض والايداع الفعلي المجري من قبله بكونه من فئة المستفيدين من تقديمات الصندوق (بصرف النظر عن صحة هذا الامر وهو ما سوف يتم التطرق اليه لاحقا) والذي اتبعه، بعد بضعة ايام، بمراجعة امام القاضي المنفرد الناظر بقضايا الايجارات بهذا الخصوص (بغض النظر ايضا عن مدى صحة تلك المراجعة) إنما يشكل عذرا مشروعا يبرر عدم تسديده الزيادات فورا عند المطالبة بها، خاصة انه طلب لاحقا إمهاله لايفائها عند البت باستدعائه.
وحيث انه تبعا لما تقدم، فإن المستأنف يكون معذوراً في عدم إيفاء كافة البدلات المطالب بها بموجب الانذار المرسل اليه، لاسيما في ضوء قيامه بتسديد على الاقل ما يعتبره متوجبا عليه، مما يجرد الانذار من مفاعيله ويحول دون إسقاط حقه بالتمديد القانوني.
وحيث ان الحكم المستأنف بانتهائه الى إسقاط حق المستأنف بالتمديد القانوني يكون إذن واقعا في غير موقعه القانوني الصحيح، الامر الذي يقتضي معه قبول الاستئناف لهذه الجهة وفسخ الحكم المستأنف في بنده الثاني لجهة اسقاط حق المستأنف من التمديد القانوني للاجارة موضوع النزاع، ورؤية الدعوى انتقالا والحكم مجددا برد طلب اسقاط المستأنف من الحق بالتمديد القانوني للاسباب المبينة في متن هذا القرار.
وحيث في ما يتعلق بالدعوى المضمومة الرامية الى المطالبة بتسديد بدلات المثل القانونية، فإن المادة /18/ من قانون 2014 تنص على انه يجري تحديد بدل المثل:
أ- رضاء بالاتفاق في ما بين المؤجر والمستأجر على ان يخضع هذا البدل لقرار اللجنة في حال طلب المستأجر منها الحصول على مساهمة مالية من الصندوق.
ب- اذا لم يجر التوصل الى تحديد بدل المثل رضاء بالاتفاق بين المؤجر والمستأجر خلال الاشهر الثلاثة الاولى التي تلي تاريخ نفاذ هذا القانون، فيكون للمؤجر ان يتبع الاجراءات التالية:
1- يستعين المؤجر بخبيرين من قائمة الخبراء المحليين في المحافظة المسجلين لدى المحاكم، يكون احدهما مهندسا مدنيا او معماريا والثاني ممن يعملون بالتخمين العقاري المسجلين في جدول الخبراء.
يتولى الخبيران وضع تخمين لبدل المثل للمأجور وفق الاصول المنصوص عليها في المادة (19) من هذا القانون.
2- يقوم المؤجر بواسطة الكاتب العدل بإبلاغ تقرير التخمين لبدل المثل الى المستأجر الذي عليه وفي خلال شهرين من تبلغه التقرير إما الموافقة عليه واعتماده في تحديد بدل إيجار المثل او التقدم بتقرير تخمين مقابل عن طرق الاستعانة بخبيرين من قائمة الخبراء المحليين في المحافظة المسجلين لدى المحاكم، يكون احدهما مهندسا مدنيا او معماريا والثاني ممن يعملون بالتخمين العقاري ومسجلين في جدول الخبراء. يتولى الخبيران المعينان من قبل المستأجر وضع تخمين لبدل المثل للمأجور وفق الاصول المنصوص عنها في المادة 19 من هذا القانون.
3- على المستأجر ابلاغ تقرير التخمين الموضوع من قبل الخبيرين المعينين من قبله لإبلاغه الى المالك بواسطة الكاتب العدل خلال مهلة الشهرين الآنفي الذكر تحت طائلة سقوطه حقه في الاعتراض على التخمين المرسل من المالك او حتى الادلاء بمضمون تقرير مقابل.
4- (ملغاة) اذا اختلف التقريران جاز لكل من المؤجر والمستأجر ان يلجأ الى اللجنة المنصوص عليها في المادة 7 من هذا القانون التي يقع المأجور في نطاق اختصاصها وذلك للفصل في النزاع الناشئ عن الاختلاف، على ان يرفق مع طلبه نسخة عن التقريرين ومربوطاتهما بما في ذلك صور وثائق التبليغ.
وحيث انه بحسب اجتهاد هذه المحكمة المستمر، فإن قانون الايجارات الصادر بتاريخ 2014/5/8 قانون قائم وقابل للتنفيذ كون الابطال المقضى به من قبل المجلس الدستوري محصوراً ببعض مواده ولم يشمل كافة احكامه، بحيث تظل باقي نصوصه معمولا بها طالما لم تقم استحالة في تطبيقها، ويبقى هذا القانون ساري المفعول من تاريخ نفاذه ولغاية صدور قانون الايجارات تاريخ 2017/2/28، واما القانون الصادر عام 2017 فيعتبر نافذا من تاريخ صدوره دون اي مفعول رجعي له، في ضوء عدم تضمنه اي نص يفيد ذلك وفق قواعد تفسير القوانين وتطبيقها في الزمان، لاسيما في ظل التعديلات المهمة والجوهرية التي احدثها والتي تنفي عنه صفة القانون التعديلي ذي المفعول الرجعي، فضلا عن ان مضمون القانون نفسه نص على نفاذه من تاريخ نشره في المادة /60/ منه كما تضمن في نصوصه الداخلية بدء تنفيذ احكامه والاجراءات المحددة فيه من تاريخ نفاذه، بحيث نكون امام قانونين مستقلين متتاليين، لكل منهما فترة نفاذه.
– قرار تاريخ 2021/6/24 اساس رقم 2019/162 طبارة ضد جلول
– قرار تاريخ 2020/4/6 اساس رقم 2019/72 نصر ضد عساف.
وحيث انه تبعا لإبطال اللجنة المنشأة بموجب القانون الصادر عام 2014، فإن النص العام يعود للنفاذ بحيث يكون اختصاص النظر بالنزاعات المتعلقة بقيمة الزيادة على بدلات الايجار بين المالكين والمستأجرين وبتحديد بدل المثل الى القاضي المنفرد المدني او محكمة الاستئناف الناظرة بقضايا الايجارات من بعده بوصفهما المرجع القضائي العادي لذلك وفق نص المادة 86 من قانون اصول المحاكمات المدنية.
وحيث في هذا السياق فإن المؤجر من خلال الدعوى المقدمة من قبله تحت الرقم 2016/1610 قد عاد واعتمد بدل المثل الذي جرى تحديده في التقرير المقابل المنظم بناء لطلب المستأجر، بدليل انه طلب اعتباره صحيحا وقانونيا ونافذا، كما ان المستأجر لم ينازع في مقدار بدل المثل المحدد في التقرير المذكور، مما يشكل توافقا من جانب الفريقين على تحديد البدلات التأجيرية المتوجبة، اضافة الى ان المحكمة ترى من مضمون التقرير انه يتوافق والاسعار الرائجة بتاريخ تنظيمه، ما يوجب الاخذ بالتقرير المقابل تاريخ 2016/5/30 المنظم بناء لطلب المستأجر.
وحيث ان طلب المستأجر الرامي الى اعتبار الايفاء المجري من قبله في ما خص اصل البدلات صحيحا، والذي يستفاد منه طلب تعليق تسديد الزيادات القانونية لكونه من فئة المستفيديد من تقديمات الصندوق انما يتعين من اجل اجابته والاخذ به ان يتمتع بحد ادنى من الجدية، ويعود للمحكمة، في اطار بتها بهذا الطلب ان تتحقق من استناده الى اسباب كافة ووافية، حتى اذا تبين لها انه مجرد من اي سند مشروع جاز لها رده لعدم الجدية وعدم الثبوت.
وحيث انه يتبين لهذه الجهة، ان المراجعة التي تقدم بها المستأجر تحت الرقم 2016/1264، بموجب امر على عريضة لا تستوفي الشروط المحددة في المادة /7/ من قانون الايجارات للعام 2014 كونها ترمي الى اعلان حقه بالاستفادة من الصندوق وامهاله لدفع البدل الجديد وليس تحديد مقدار هذه الاستفادة وتنفيذها اصولا، لاسيما انه لم يتم ارفاق جدول بإسم اعضاء الفريق المستفيد، وإفادة عمل لكل منهم صادرة عن المرجع الصالح تبين قيمة الاجر او الراتب تبعا لحالة كل منهم كأجير او عامل او موظف، وتصريحا شخصيا بالدخل لكل من اعضاء الفريق المستفيد في حال كان يعمل على حسابه، بل اكتفى بإرفاق استدعائه بالانذار وبتقريري الخبرة اضافة الى افادة تفيد تركه العمل عام 2010، دون التطرق لاي عضو من اعضاء العائلة المقيمين معه في المأجور، ودون ان يحدد بالتالي مجموع المداخيل التي يحققها شاغلو المأجور المذكور، هذا فضلا عن ان المستأنف وعليه لم يقم الدليل على متابعة تلك المراجعة ولم يبين مصيرها وما انتهت اليه.
وحيث انه فضلا عن ذلك، فإن المستأنف وعليه، قد مكن مرارا خلال المرحلة الابتدائية وبموجب عدة قرارات اعدادية ومن خلال الاستماع الى زوجته وهي الوصية الشرعية عليه، من اثبات مداخيل العائلة وتحديدا ابنتيه غير انه امتنع عن ذلك طوال سبع سنوات، ولا يرد على ذلك ان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لم يكن يزوده بالمستندات المذكورة بسبب الاغلاق اذ اتيح له المجال للاستحصال عليها على مدى اشهر ولم يفعل.
وحيث يتبين ان زوجة المستأنف الوصية عليه ادلت اثناء استجوابها من قبل المرجع الابتدائي بتاريخ 2020/1/23، بان المستأنف يقيم في المأجور مع عائلته اي مع زوجته الوصية عليه وابنته بينما ابنته ر. تعمل في دبي وحاليا هي موجود في المأجور كونها تركت عملها في دبي وهي تعمل حاليا في لبنان (اي بتاريخ الاستجواب) ولكنها تنوي العودة الى دبي او السفر الى بلد آخر، وكذلك ابنته م. تحاول البحث عن عمل آخر، وان الابنة ر. تعمل في لبنان ولكن والدتها المستجوبة لا تعلم مقدار دخلها، ما يفيد كتمانها مقدار هذا الدخل.
وحيث يتبين بالتالي ان مدخول المستأنف المحجور عليه وفق اقواله في الملف لا يتعدى ضعفي الحد الادنى بتاريخ تقديم الدعوى، وان ابنته م. المقيمة معه في سكن واحد كانت تتقاضى وفق الافادة المرفقة بالاستحضار الاستئنافي مبلغ /1500//د.أ.، اي ما يزيد اضعافا عن الحد الادنى للاجور في حينه اي عام 2016، اون ابنة المستأنف ر. كانت تعمل في لبنان اثناء فترة تحديد بدل المثل عام 2016.
وحيث نظرا لما تقدم ولكون المستأنف وابنتيه كانوا يتقاضون مدخولا يزيد عن الحد المحدد قانونا للاستفادة من تقديمات الصندوق المنشأ لمساعدة المستأجرين في القانون الصادر عام 2014، فانه يتبين ان ما يدلي به المستأنف لجهة استفادته من الصندوق الخاص المنشأ لمساعدة المستأجرين لا يستند الى اسباب جدية، الامر الذي يقتضي معه اهمال ورد ما يدلي به المستأنف لهذه الجهة.
وحيث انه وفق ما تقدم يقتضي الاخذ بتحديد بدل المثل المقدر من الخبيرين عبدالله واللبان المؤرخ في 2016/5/30 بمبلغ /60979/د.أ. سنويا يسري من تاريخ نفاذ القانون الصادر عام 2014 وحتى بدء سريان القانون رقم 2017/2، باعتبار ان بدل المثل المحدد في القانون رقم 2017/2 لم يجر الالتزام باصول تحديده المبينة في القانون المذكور النافذ من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وفق ما صار بيانه في ما سبق.
وحيث لهذه الجهة فانه يتبين انه يتوجب على المستأجر تسديد نسبة 15% من قيمة بدل المثل للمأجور موضوع النزاع عن سنة 2015 اي مبلغ /10,311/د.أ. وما نسبته 30% عن بدل المثل لسنة 2016 اي مبلغ /19,182/د.أ. ، بالعملة الاميركية او بالعملة اللبنانية وفق السعر الرائج في السوق الحرة.
وحيث بالتالي فانه يتوجب على الجهة المستأنفة ان تسدد للمستأنف عليه مبلغ /29,493/د.أ.، كبدل مستحق عن عامي 2016 و2015، وفق ما هو مبين في الحكم المستأنف، وبالتالي تصديق البند الثالث من الحكم المستأنف.
وحيث انه لم يتبين ان المستأنف قد عمد الى اجراء تصحيح اسم المستأنف عليه في الايداع الحاصل منه للجزء من البدل لدى الكاتب العدل، كما لا يمكن لهذه المحكمة اجراء التصحيح لهذه الجهة كونه لم يطلب منها، بحيث لا يمكن حسم هذا الجزء من المبلغ المتوجب بذمته.
وحيث نظرا لما ادى اليه الطعن الراهن، فان المحكمة لا ترى ما يوجب الحكم على المستأنف في المرحلة الابتدائية باي غرامة او تعويض لعدم ثبوت سوء النية والتعسف باستعمال حق الدفاع، وكنتيجة حتمية لفسخ البند الثاني، ما يوجب فسخ البند الرابع من الحكم المستأنف.
وحيث كذلك فانه بنتيجة ما اثبتته المحكمة يقتضي رد الاستئناف التبعي المقدم من المستانف عليه في الاساس.
وحيث بنتيجة الحلول المعتمدة من المحكمة، تغدو سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة مستوجبة الرد إما لكونها لاقت ردا ضمنيا او لعدم تأثيرها على النزاع.
لذلك
تقرر بالاجماع:
اولا: قبول الاستئناف الاصلي والاستئناف التبعي شكلا.
ثانيا: قبول الاستئناف الاصلي اساسا بشكل جزئي لجهة اسقاط حق المستأنف من التمديد القانوني للاجارة موضوع النزاع وفسخ البند الثاني من الحكم المستأنف، ورؤية الدعوى انتقالا والحكم مجددا برد طلب اسقاط المستأنف من الحق بالتمديد القانوني للاسباب المبينة في متن القرار، وكذلك فسخ البند الرابع من الحكم المذكور ورؤية النزاع مجددا لهذه الجهة ورد مسألة تغريم المستأنف والزامه بالعطل والضرر للمستأنف عليه في المرحلة الابتدائية.
ثالثا: رد الاستئناف الاصلي في الاساس لجهة البدل المحكوم به بداية وتصديق البند الثالث من الحكم المستأنف وبالتالي الزام المستأنف بان يسدد للمستأنف عليه مبلغ /29,493/د.أ. بالعملة الاميركية او بالعملة اللبنانية وفق السعر الرائج بالسوق الحرة ، باعتبار ان بدل الايجار حدد اصولا وفق قانون الايجارات الصادر عام 2014 النافذ لغاية تاريخ نشر القانون رقم 2/2017 تاريخ 2017/2/28.
رابعا: رد الاستئناف التبعي، ورد سائر ما اثير من اسباب ومطالب لعدم الفائدة او لكونها لاقت ردا ضمنيا.
خامسا: تضمين المستأنف والمستأنف عليه رسوم ومصاريف الاستئناف الاصلي مناصفة بينهما وتضمين المستأنف عليه رسوم ومصاريف الاستئناف التبعي.
قراراً صدر وافهم علنا في بيروت بتاريخ 2024/11/7.
“محكمة” – الأربعاء في 2024/11/13