علم وخبر
قرار”استئناف جزاء بيروت” في إطار ملاحقة محام يتناول مفهوم التزوير واستعمال المزوّر/ناضر كسبار
ناضر كسبار (نقيب المحامين السابق في بيروت):
بحثت محكمة الاستنئاف في بيروت الناظرة في دعاوى الجنح والمؤلفة من القضاة الرئيسة رولا الحسيني والمستشارين غريس طايع وكريستل ملكي مسألة مهمة تتعلق بالتزوير. فاعتبرت انه من الثابت ان ملحق عقد الاستثمار المنظم على نسختين ورد في البند 4 من البند الاول منه عبارة مضافة بخط اليد من قبل المستأنف، واحدة منها وردت فيها “اذا رغب مالك الاثاث” وهي غير موقّعة من المستأنف انما موقعة من المستأنف عليهما، والثانية ورد فيها عبارة “اذا رغب مالك الاساس” وهي موقعة من المستأنف والمستأنف عليهما.
كما اعتبرت المحكمة ان استعمال المزور هو جرم قائم بذاته سندا للمادة 454 من قانون العقوبات عندما يقوم الفاعل بإستعماله وهو عالم بأمره. وان المستأنف استعمل امام القضاء المدني الملحق المزور وهو عالم بأمره في معرض الدعاوى المقامة منه ضد المستأنف عليهما وهو يقع ضمن الفعل الجرمي المعاقب عليه في المادة /454/معطوفة على المادة 471/عقوبات.
وقضت برد الاستئناف.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2024/12/17.
بناء عليه،
أوّلًا:
حيث ان الحكم المستأنف صدر وجاهيا بحق المستأنف المدعى عليه بتاريخ 2021/6/24، وورد الاستئناف بواسطة القاضي المنفرد الجزائي في بيروت بتاربخ 2021/7/6 وسجل تحت رقم 2021/107 وقدم من محام بالاستئناف ويقتضي قبوله شكلا لتوفر شروطه الشكلية.
ثانيا:
حيث ان النيابة العامة الاستئنافية في بيروت والمستأنف عليهما طلبا رد استئناف المدعى عليه وتصديق الحكم المستأنف.
وحيث ان المستأنف المدعى عليه يطلب فسخ الحكم المسـتأنف ورؤية الدعوى انتقالا وتعيين خبير خطوط ومن ثم الحكم بكف التعقبات عنه لعدم وجود جرم، واستطرادا اعلان براءته مما نسب اليه لعدم صحته وعدم قانونيته ورد الدعوى الشخصية.
وحيث تبين ان المستأنف عليهما المدعيان البروفيسور ز. والدكتورة م. تقدما بواسطة وكيلهما بشكوى مباشرة بتاريخ 2010/8/26 امام قاضي التحقيق الاول في بيروت اتخذا فيها صفة الادعاء الشخصي ضد المدعى عليه ق. وضد من يظهره التحقيق فاعلا او مشتركا او متدخلا بجرم التزوير في ملحق لعقد الايجار واستعمال المزور اوردا انهما استأجرا بتاريخ 2007/8/27 من المدعى عليه بواسطة وكيله المحامي ب. صالة في الطابق الارضي من مبنى العقار رقم 679/الرميل كما وقعا بتاريخ 2008/8/28 على ملحق لعقد الايجار تضمن في البند اولا فقرة 4 منه العبارة التالية: تعهد الفريق الثاني (المدعيان) ان يسلم القسم موضوع الاستثمار للفريق الاول (المدعى عليه) في 2009/10/14 مع كامل التجهيزات والاثاث الذي يكون قد وضعه اذا رغب مالك الاثاث، وان المدعى عليه تقدم بواسطة وكيله بعدد من الاجراءات القضائية وابرز مع دعواه الملحق لعقد الايجار حرف فيه الفقرة 4 من البند اولا منه وهي العبارة المكتوبة بخط اليد على الملحق الاصلي اذا رغب مالك الاثاث بعبارة اذا رغب مالك الاساس فغير مضمون العبارة وذلك بقصد الاستيلاء على التجهيزات والمعدات الطبية والمفروشات العائدة ملكيتها لهما، وانه بنتيجة التزوير واستعماله امام محكمة الايجارات تمكن من استصدار القرار بإلقاء الحراسة على الموجودات والمعدات الطبية والتجهيزات والاثاث العائدة ملكيتها لهما، وارفقا مع الشكوى الملحق الوارد فيه عبارة اذا رغب مالك الاثاث، وصورة عن الاستحضار المقدم من المدعى عليه ق. بوكالة المحامي ب. بوجههما امام القاضي المنفرد المدني في بيروت الناظر في دعاوى الاشغال والمسجل تحت رقم اساس 2010/946 والمرفق به ملحق عقد الاستثمار الوارد فيه العبارة المحورة بخط اليد “اذا رغب مالك الاساس”.
وحيث تبين ان قاضي التحقيق في بيروت وبموجب مطالعة فرعية بتاريخ 2011/2/2 من قبل النيابة العامة الاستئنافية في بيروت استمع الى افادة المحامي ب. بصفة شاهد، وثم الاستماع الى افادته بتاريخ 2011/3/3 والذي افاد انه لا يذكر بخط من اضيفت العبارة وربما بخطه وان عبارة اذا رغب مالك الاساس وضعت بناء لطلب الدكتور ز. لتمكين الطبيب ا. من استعادة بارافان كان قد احضره من منزله، كما ادلى ان تلك العبارة تعني إمكانية استعادة د.ر. البارفان العائد له دون سائر الاثاث والتجهيزات التي تبقى من حق المدعى عليه ن. (هذا ما جاء حرفيا في محضر التحقيق) وان عبارة “الاساس” المضافة بخط يده تعني فعليا الاثاث وبعد اطلاعه على اصل عقد ملحق الاستثمار اكد انه برأيه لا يوجد تحوير بل يوجد خطأ مادي فقط في إيراد عبارة “الاثاث” اذ ورد في النسخة الثانية كلمة “اساس” بينما المعنى هو للاولى ولا يذكر سبب وجود توقيع له في احد النسختين وعدم وجوده في النسخة الثانية.
وحيث تبين انه في ذات اليوم من جلسة الاستماع الى الشاهد المحامي ب. تم اجراء مقابلة بينه وبين د. ز. امام قاضي التحقيق وافاد المدعي ان العقد والملحق تم تحضيرهما من المحامي ج. وان العبارة المضافة لا علاقة لها بالبارفان العائدة للدكتور بدليل ان هذا الاخير احضره بعد حوالي خمسة اشهر من توقيع العقد والملحق مضيفا ان عبارة “اذا رغب مالك الاثاث” هي الصحيحة وتعني اذا رغب الاطباء وعرض عليه اصل العقد المبرز من الاستاذ ج. فأكد على التحوير الوارد فيه ومصرا ان العقد الاساسي الصحيح الموقع بينهما هو الذي ابرزه سابقا وافاد الشاهد. ان عبارة “مالك الاثاث تعني فعليا الدكتور ر. اما عبارة مالك الاساس فتعني فعليا من احضر الاثاث وربما لا يكون لها اي معنى بوجود خطأ مادي.
وحيث انه نتيجة الاستماع الى افادة الشاهد طلب قاضي التحقيق في بيروت بتاريخ 2011/3/10 من نقابة المحامين في بيروت اعطاء الاذن بملاحقة المحامي ب.
وحيث ان مجلس نقابة المحامين في بيروت اصدر بتاريخ 2011/4/15 قرارا حجب بموجبه الاذن عن ملاحقة المحامي ب. كون الفعل المنسوب اليه ناشئا عن ممارسة المهنة، مما حدا بالنيابة العامة الاستئنافية في بيروت الى الطعن به امام محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الناظرة في الدعاوى النقابية والتي اصدرت بتاريخ 2016/1/14 قرارا قضى بفسخ قرار مجلس نقابة المحامين في بيروت وقررت اعطاء الاذن بملاحقة المحامي ب. بموضوع الشكوى موضوع النزاع معتبرة في تعليلها لتلك النتيجة ان ايراد كلمة “الاساس” محل “الاثاث” المذكور في الملحق من شأنه القاء الغموض وعدم الوضوح فيم عنى الكلمة المذكورة ويودي الى تغيير الجهة التي لها حق الخيار في كيفية التصرف بالتجهيزات والاثاث، والتعارض الواقع بين النسختين وما ينجم عنه من تحوير على ضوء التصحيح الوارد في النسخة الثانية، وحيث ان قاضي التحقيق في بيروت اصدر بتاريخ 2017/1/23 القرار الظني الذي قضى بمنع المحاكمة عن المدعى عليه ق. لجهة الجنحتين المنصوص عليهما في المادة 471 و471/454 عقوبات وظن بالمدعى عليه المحامي ب. بهذين الجرمين.
وحيث تبين انه تم بتاريخ 2019/2/12 استجواب المدعى عليه في جلسة المحاكمة امام القاضي المنفرد الجزائي في بيروت الذي اكد على اقواله السابقة امام قاضي التحقيق عند الاستماع اليه بصفة شاهد وعلى المقابلة التي حصلت بينه وبين المدعي د. ك. بهذه الصفة، وعلى اقواله عند استجوابه امامه كمدعى عليه بعد اعطاء الاذن بملاحقته من قبل محكمة الاستنئاف المدنية في بيروت الناظرة في الدعاوى النقابية، كما تم في جلسة المحاكمة امام القاضي المنفرد الجزائي في بيروت بتاريخ 2020/1/16 استجواب المدعي د. ز. الذي ادلى ان نسخة ملحق العقد المبرزة من قبله الوارد فيها عبارة “اذا رغب مالك الاثاث” هي النسخة الصحيحة، ولا صحة لما ادلى به المدعى عليه ان التغييرالحاصل هو مجرد خطأ مادي قد وقع فيه واكد ان العبارة الصحيحة هي عبارة “اثاث”.
وحيث تبين من الحكم المبرز من الجهة المدعية بتاريخ 2020/1/23 والصادر بتاريخ 2012/3/20 عن القاضي المنفرد المدني في بيروت الناظر في دعاوى الايجارات لاسيما الصفحة 12 منه ان المدعي فيها ق. بوكالة المحامي ج. طلب في اطار المحاكمة المذكورة تسليمه كامل تجهيزات واثاث المأجور موضوع النزاع عقد الايجار المبرز منه مع استحضار الدعوى مدليا بأن ملحق العقد المذكور ينص على تسليم مالك المأجور كامل التجهيزات واثاث المأجور، “اذا رغب مالك الاساس” كما ورد في الحكم المذكور ان الجهة المدعى عليها ادلت بتزوير عقد الاستثمار كون العبارة الواردة فيه تفيد بتسليم تجهيزات واساس المأجور الى المدعي اذا رغب بذلك مالك “الاثاث” بذلك اي المدعى عليهما.
وحيث ان المادة 453 من قانون العقوبات المعدلة بموجب القانون رقم 2018/81 عرفت التزوير انه تحريف متعمد للحقيقة في الوقائع او البيانات التي يثبتها صك او مخطوط يشكل مستندا بدافع احداث ضرر مادي او معنوي او جتماعي.
وحيث ان المستند المقصود هو كل عمل قانوني يكون له قوة ثبوتية لاثبات حق ما.
وحيث انه من الثابت ان ملحق عقد الاستثمار المنظم على نسختين ورد في البند 4 من البند الاول منه عبارة مضافة بخط اليد من قبل المستأنف، واحدة منها وردت فيها “اذا رغب مالك الاثاث” وهي غير متوقعة من المستأنف انما موقعة من المستأنف عليهما والثانية ورد فيها عبارة “اذا رغب مالك الاساس” وهي موقعة من المستأنف والمستأنف عليهما.
وحيث ان الفعل الجرمي لجرم التزوير وفقا للتعريف الوارد في المادة /453/ عقوبات يكون ثابتا في الدعوى الراهنة، ولا يمكن اعتباره مندرجا ضمن الخطأ المادي.
وحيث ان العقد غير المخالف للنظام العام وفقا للقاعدة الكلية هو شريعة المتعاقدين وهو يدخل ضمن الاعمال القانونية كمصدر للموجبات لا يجوز المس به الا ضمن الاصول المتبعة عند انشائه عندما يكون الامر خارج اي نزاع قضائي، وذلك تحصيناً لإرادة الفرقاء.
وحيث ان ملحق العقد الواردة فيه عبارة “مالك الاساس” ظهر الى حيز الوجود عند ابرازه من المستأنف المدعى عليه بوكالته عن مالك المأجور الذي كان يشغله المستأنف عليهما بغية تعزيز طلبه امام القاضي االمنفرد المدني في بيروت الناظر في دعاوى الايجارات الآيل الى فرض الحراسة القضائية على الموجودات والاثاث داخل المأجور وتسليمه تلك الموجودات والتجهيزات، كما ابرازه له امام قاضي الامور المستعجلة في بيروت، وهو يشكل حجة على حامله كونه المستفيد الوحيد منه.
وحيث ان كل تلك الادلة والمعطيات والمستندات المبرزة في الملف فيها من الاثبات القاطع ان المستأنف المدعى عليه ارتكب فعل التزوير بمستند خاص وفقا للتعريف الوارد في المادة 453/عقوبات المعدلة والمعاقب عليه بمقتضى المادة /471/عقوبات، وان الاستعانة بالخبرة الفنية وفقا لما يطالب به المستأنف المدعى عليه لن يؤدي الى استكمال وسائل الاثبات التي من شأنها نقض ما اعترف به امام قاضي التحقيق في بيروت عند الاستماع اليه كشاهد والذي عاد واكد على افادته هذه في جلسة المحاكمة المنعقدة امام القاضي المنفرد الجزائي في بيروت بتاريخ 2019/2/12.
وحيث انه من الثابت ان المستأنف المدعى عليه استعمل امام القضاء وخلافا لما ادلى به في معرض استئنافه ملحق عقد الاستثمار الذي قام بتحوير البند 4 من البند اولا منه للحصول على قرار بتاريخ 2010/6/24 من القاضي المنفرد المدني في بيروت الناظر في دعاوى الايجارات قضى بتكليف كاتب المحكمة بإجراء جردة على موجودات المؤسسة وتعيين المدعى عليه الدكتور ز. حارسا قضائيا عليها، هذا فضلا عن طلبه بإلزام المدعى عليهما تسلميه المأجور مع كامل التجهيزات و الاثاث تحت طائلة غرامة اكراهية.
وحيث ان استعمال المزور هو جرم قائم بذاته سندا للمادة 454 من قانون العقوبات عندما يقوم الفاعل بإستعماله وهو عالم بأمره.
وحيث ان المستأنف استعمل امام القضاء المدني الملحق المزور وهو عالم بأمره في معرض الدعاوى المقامة منه ضد المستأنف عليهما وهو يقع ضمن الفعل الجرمي المعاقب عليه في المادة /454/معطوفة على المادة 471/عقوبات.
وحيث يقتضي على ضوء كل ما تقدم، رد الاستئناف المقدم من المستأنف المدعى عليه وتصديق الحكم المستأنف برمته، ورد طلبه الرامي الى تعيين خبير لعدم الجدوى.
وحيث يقتضي تبعا لذلك رد كافة الاسباب والمطالب الزائدة او المخالفة.
لذلك
تقرر المحكمة بالاجماع:
1- قبول الاستئناف شكلا.
2- رد استئناف المدعى عليه المحامي ب. في الاساس، وتصديق الحكم المستأنف برمته.
3- رد كل الاسباب والمطالب الزائدة او المخالفة لاسيما طلب المستأنف المدعى عليه تعيين خبير لعدم الجدوى منه.
4- تضمين المستأنف المدعى عليه كافة الرسوم والمصاريف.
قرارا صدر وافهم في بيروت وجاهيا في غير موعده بحق كل من المستأنف والمستأنف عليهما وافهم علنا بحضور ممثل النيابة العامة الاستئنافية في بيروت بتاريخ 2024/12/17.
“محكمة ” – الاثنين في 2025/2/3