علم وخبر
التفريق بين تضرّر المأجور بسبب الأعمال الحربية وتضرّره بفعل عامل القدم والاستهلاك/ناضر كسبار
ناضر كسبار(نقيب المحامين السابق في بيروت):
بحثت محكمة الاستنئاف المدنية في بيروت – الغرفة الناظرة في دعاوى الايجارات والمؤلّفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين جاد معلوف (منتدب) وكارلا معماري، نقطة دقيقة جداً، وقد تطرح بقوة حالياً ومستقبلاً تتعلق بتضرر المأجور بسبب الاعمال الحربية، وبتضرر المأجور بسبب تعيبه وهلاكه بفعل عامل القدم والاستهلاك.
فاعتبرت ان قانون الايجارات الاستثنائي رقم 92/160 لم يتطرق لا من قريب ولا من بعيد الى مسألة تعيب المأجور وهلاكه بفعل القدم والاستهلاك.
كما اعتبرت المحكمة ان العقد موضوع الدعوى ولئن كان من العقود الممدة، غير انه لا يخضع حكما لقانون الايجارات الاستثنائي وبصورة مطلقة وشاملة وحصرية، وإنما يمسى خاضعا بالنسبة الى الحالات غير الملحوظة في القانون الاخير، لقانون الموجبات والعقود.
كما اعتبرت المحكمة انه طالما لم يأتِ القانون الاستثنائي على ذكر حالة هلاك المأجور لاسباب طبيعية، فإنه لا يمكن اعتبار تلك الحالة مشمولة ضمن نطاق تطبقه، مما يتعين معه العودة الى ما يلحظه القانون العام اي قانون الموجبات والعقود في هذا المجال، فلا مانع بالتالي من التمسك بالمادة /562/ م.ع. وتطبيقها في حال توفر شروطها، فترد اقوال المستأنفين المخالفة لهذه الوجهة.
واعتبرت المحكمة انه بالعودة الى تقرير الخبير عدنان السيد المنظم في 2003/11/18 انه يتضمن الطابقين الارضي والاول من البناء حيث المأجور تشققات وتصدعات كثيرة وكبيرة وان الطابق الارضي (حيث المأجور) ولو كان يبدو احسن حالا من الطابق الاول الا انه يعاني ايضا من مشاكل في الاساسات وفي هيكله الاساسي، وانه بالنظر لطبيعة البناء الانشائية فإنه لا بد من الكلام عن اعادة بناء وليس عن ترميم، وكذلك الامر بالنسبة للاساسات، اي ان البناء الحالي بشكل عام غير قابل للترميم هندسيا ويجب اخلاءه فورا من الشاغلين تقاديا للاضرار التي يمكن ان تحصل في حال سقوطه ويجب هدمه بالكامل بأقصى سرعة ممكنة.
وخلصت المحكمة الى اعتبار الاضرار اللاحقة بالبناء ناتجة عن العوامل الطبيعية الصرفة المرتبطة بقدم العهد. وبالتالثي يعود جائزاً مطالبة المالك بترميمه او إعادة بنائه.
وقضت بتصديق الحكم المستأنف.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2015/11/9.
بناء عليه،
أوّلاً: في الشكل
حيث ان الاستئناف الحاضر ابرز من قبل محام، وارفقت ربطا به صورة طبق الاصل عن الحكم المطعون فيه، ولم يتبين انه ابلغ من المستأنفين فيكون قد ورد ضمن المهلة القانونية، وسددت عنه الرسوم والتأمينات المتوجبة قانونا، فضلا عن إيراد الاسباب الاستئنافية فيه وتحديد الطلبات في خاتمته اصولا، مما يتعين معه قبوله شكلا سيما لاستيفائه سائر شروطه الشكلية المنصوص عليها في المادة /655/ من قانون اصول المحاكمات المدنية.
ثانيا: في الاساس
حيث ان المستأنفين قد تقدموا بالدعوى الحاضرة مدلين بأن المستانف عليه قد طلب إخلاءهم من المأجور الذين كانوا يشغلونه في ملكه بحجة تصدعه وخطر انهياره فيما اتجهت نيته على هدمه وإقامة بناء جديد عليه، طالبين إلزامه بأن يدفع لهم تعويضا عن استرداد المأجور سندا للمادة /8/ و/21/ من القانون رقم 160/92، وإلا لكون المأجور بحكم المسترد سندا للمادة /26/ من القانون عينه معطوفة على المادة /13/ من المرسوم الاشتراعي رقم 7/77. فيما تقدم المستأنف عليه بدعوى مقابلة بهدف فسخ الاجارة القائمة فيما بين الفريقين لهلاك العين المؤجرة وذلك سندا للمادة /562/ م.ع.
وحيث ان الحكم المستأنف انتهى الى فسخ الاجارة المعقودة بين الفريقين دون اي تعويض بالاستناد الى المادة /562/م.ع.
وحيث ان المستأنفين يطلبون فسخ الحكم المذكور مدلين بمجموعة من الاسباب تتمحور حول خطئه في تطبيق قانون الموجبات والعقود على العلاقة التاجيرية الراهنة عوضا عن تطبيق احكام القانون الاستثنائي رقم 160/92 الذي يرعى، وفق صراحة المادة الاولى منه، كافة العقود الممددة، اضافة الى خطئه في تطبيق المادة /562/م.ع. بحجة هلاك المأجور بفعل قدم العهد في حين انه ثابت ان المأجور كان قابلا للترميم بإقرار المستأنف عليه نفسه ما كان يقتضي معه تطبيق المادة /8/ من القانون رقم 160/92، كما ثابت استطرادا ان البناء حيث المأجور كان متضررا بفعل الاعمال الحربية كونه على خطوط التماس ما اثر على وضع المأجور مما يفترض معه التعويض بالاستناد الى المادة /13/ من المرسوم الاشتراعي رقم 77/7 معطوفة على المادة /26/ من القانون رقم 92/160.
وحيث انه مما لا منازعة حوله ان الاجارة المنعقدة بين الطرفين هي من ضمن تلك الممدة بموجب القوانين الاستثنائية المتعاقبة، الامر الذي يطرح، وفي ضوء ادلاءات المستأنف، مسألة مدى إمكانية تطبيق احكام قانون الموجبات والعقود عليها.
وحيث اذا كان من الراهن ان القوانين الخاصة او الاستثنائية تتقدم على القانون العام بحيث تكون هي الواجبة التطبيق على الحالات التي ترعاها، غير ان احكام القانون العام تبقى هي النافذة بالنسبة الى الحالات التي لا تلحظها تلك القوانين والاوضاع التي لا تنظمها، خاصة انه لا يجوز توسيع نطاق القوانين الاستثنائية كون احكامها تفسر وتطبق بصورة ضيقة وحصرية.
وحيث من هذا المنطلق، فإن العقد الراهن ولئن كان من العقود الممدة، غير انه لا يخضع حكما لقانون الايجارات الاستثنائي وبصورة مطلقة وشاملة وحصرية، وإنما يمسى خاضعا بالنسبة الى الحالات غير الملحوظة في القانون الاخير، لقانون الموجبات والعقود.
وحيث انه يتبين في هذا الاطار من مراجعة كافة احكام القانون رقم 92/160 انه يلحظ ثلاث حالات لفسخ الاجارة.
– الحالة الاولى: هي اسقاط المستأجر من حقه في التمديد القانوني وذلك دون اي تعويض في حال توفر احد اسبابه المحددة حصرا في المادة /10/ .
– الحالة الثانية: هي استرداد المأجور بناء على طلب المالك من اجل الهدم واعادة البناء وذلك لقاء تعويض يدفع للمستأجر، والمنصوص عنه في المادة /8/.
– الحالة الثالثة: هي حالة اعتبار المأجور –المتضرر بسبب الاعمال الحربية – بحكم المسترد للهدم وهي الحالة المنصوص عنها في المادة /26/ التي تحيل الى احكام المرسوم الاشتراعي رقم 77/7.
في ما لم يتطرق القانون المذكور لا من قريب ولا من بعيد الى مسألة تعيب المأجور وهلاكه بفعل عامل القدم والاستهلاك.
وحيث ان قانون الايجار الاستثنائي قد جاء ليمدد عقود الايجار خلافا لمبدأ حرية التعاقد وذلك حماية للمستأجر الذي يعتبره الطرف الاضعف وتأمينا للاستقرار الاجتماعي، الامر الذي يقتضي معه تفسير وتطبيق احكامه دون توسع.
وحيث تبعا لذلك، وطالما لم يأت القانون الاستثنائي على ذكر حالة هلاك المأجور لاسباب طبيعية، فإنه لا يمكن اعتبار تلك الحالة مشمولة ضمن نطاق تطبقه، مما يتعين معه العودة الى ما يلحظه القانون العام اي قانون الموجبات والعقود في هذا المجال، فلا مانع بالتالي من التمسك بالمادة /562/ م.ع. وتطبيقها في حال توفر شروطها، فترد اقوال المستأنفين المخالفة لهذه الوجهة.
وحيث انه بالعودة الى ادلاءات المستأنفين، فإنهم يتمسكون من جهة بتطبيق احكام المادة /8/ من القانون رقم 92/160 التي تنص على ان للمالك ان يطلب استرداد المأجور لاجل هدمه وإقامة بناء جديد مكانه، على ان يدفع للمستأنف تعويضا يعين القانون المذكور (والقانون الجديد من بعده) اسسه.
وحيث انه يتبدى من المادة المذكورة ان طلب الاسترداد للهدم واعادة البناء هو حق اولاه القانون للمالك بغض النظر عن حالة البناء، وبالتالي فإنه يعود له وحده اختيار ممارسته عبر تقديم دعوى بهذا الخصوص ولا يجوز من ثم إلزامه بإقامتها في ما لو رأى ان باستطاعته وضع حد للاجارة بطريقة اخرى تتوافق اكثر مع مصلحته.
وحيث انه طالما ان المستأنف عليه لم يتقدم بأية دعوى ترمي الى استرداد المأجور فإنه لا يعود من مجال لتطبيق المادة /8/ المذكورة إلا اذا ثبت انه استبعد تطبيقها تحايلا على القانون.
وحيث انه يتبين في هذا الاطار ان المالك قد تمسك بموجب دعواه المقابلة بتطبيق المادة /562/م.ع.
وحيث ان المستأنفين يعيبون على الحكم الابتدائي تطبيق المادة المذكورة باعتبار ان المأجور الذي كانوا يشغلونه والكائن في الطابق الارضي لم يكن هالكا بل كان قابلا للترميم وذلك بإقرار المستأنف عليه نفسه القضائي وغير القضائي، بدليل انه تقدم بدعوى امام قاضي الامور المستعجلة طلب بموجبها إخلاء المأجور مؤقتا لاتمام الاصلاحيات فيه وذلك سندا للمادة /3/ من المرسوم رقم 77/7 وانه اجرى مفاوضات مع احد المستأنفين (ع.) تمحورت حول ترميم البناء بكامله وتأجيره منه لمدة عشر سنوات بموجب عقد ايجار حر وقد تم تبادل للعقود بهذا الشأن، اضافة الى ان إبن رئيس المجلس المستأنف عليه في حينه قد اسس مع اثنين من المستأنفين (ر. وع.) شركة مركزها المأجور، وان ما يعزز ذلك استمرارهم في اشغال المأجور مدة ثلاث سنوات بعد صدور حكم الاخلاء ما ينفي كونه على وشك الانهيار، وقيام بلدية بيروت بتوجيه كتاب الى المالك تدعوه فيه الى ترميم واجهات البناء.
كما يدلي المستأنفون على صعيد آخر، بأن الطابق العلوي قد تضرر وتصدع من جراء الاعمال الحربية وليس بفعل قدم عهد البناء، وان وضع هذا الطابق لا يمكن فصله عن وضع الطابق الارضي حيث المأجور ما يقتضي معه تطبيق المادة /26/ معطوفة على المادة /13/ من المرسوم 77/7 وتعويضهم على اساسها.
حيث ان المادة /562/ م.ع. تنص على انه اذا هلك المأجور او تعيب او تغير او حُرم المستأجر الانتفاع به او ببعضه حتى اصبح غير صالح للاستعمال المعد له، ولم يكن ذلك من خطأ احد المتعاقدين يفسخ عقد الايجار بدون تعويض لاحدهما ولا يجب على المستأجر ان يدفع من البدل الا بقدر انتفاعه وكل بند يخالف ما تقدم يكون لغوا.
وحيث ان المادة /26/ من القانون رقم 92/160 تنص على انه خلافا لما نصت عليه الاحكام التي ترعى عقود الاجارات تبقى العقود الخاضعة لاحكام هذا القانون والعائدة للابنية التي تضررت بسبب الاحداث الحاصلة اعتباراً من 1982/9/9، وتاريخ العمل بهذا القانون قائمة بمفاعيلها كافة بين المؤجرين والمستأجرين بالرغم من هلاك المأجور او تعيبه او حرمان المستأجرين الانتفاع به او ببعضه، وتطبق احكام الباب الاول من المرسوم الاشتراعي رقم 77/7 (المتعلق بالابنية المتضررة) ومنها تلك المتعلقة بالتعويض المترتب للمستأجر في حال اعتبار المأجور بحكم المسترد.
وحيث يتبين مما تقدم ان نطاق تطبيق كل من المادتين المذكورتين اعلاه يختلف بحيث ترعى المادة الاخيرة الحالة التي يحرم فيها المستأجر من الانتفاع بمأجوره بسبب تضرره اثناء الحوادث جراء الاعمال الحربية، فيما تتناول المادة الاولى الحالة التي يحرم فيها من الانتفاع بمأجوره بسبب عامل الوقت والقدم والاستهلاك.
وحيث انه يقتضي تبعا لذلك تحديد وضعية المأجور موضوع النزاع قبل قيام المستأنف عليه بهدمه، تمهيدا لتحديد الالتزامات التي قد تترتب بذمة المالك.
وحيث يتبين بالعودة الى مستندات الملف انه بتاريخ 2002/4/3 تقدم المستأنف عليه بدعوى امام قاضي الامور المستعجلة طلب بموجبها الزام المستأنفين باخلاء المحل موضوع النزاع مؤقتا كونه يريد، صيانة لحقوقه كمالك، اجراء الاصلاحات في البناء حيث المأجور واعادة ترميمه، باعتبار انه مهدد بالانهيار ويشكل خطراً على ىشاغليه وعلى السلامة العامة، فصدر قرار قاضي الامور المستعجلة بتاريخ 2004/2/23 القاضي بالزام المستأنفين بإخلاء المأجور كتدبير مستعجل باعتبار انه غير قابل للترميم ومهدد بالسقوط في اية لحظة وفق ما ورد في تقرير الخبيرين بسام امان الدين وعدنان السيد المعينين من قبله، وبالفعل سلم المستأنفون مفاتيح المأجور الى المستأنف عليه بتاريخ 2007/1/15 وتم هدم البناء، وتبين من الكشف المجري بتاريخ 2013/2/1 من قبل الخبير بهاء مشموشي المعين بداية ان العقار موضوع النزاع عبارة عن حفرية كبيرة ضمن ارض العقار لا توجد فيها اية معدات تفيد بوجود اعمال بناء.
وحيث انه يتبين من تقريرالخبير بسام امان الدين المنظم في 2003/10/3 ان البناء حيث المأجور موضوع النزاع في حالة متردية جدا خاصة في الطابق الاول منه، وان فيه تصدعات وتشققات كثيرة في الجدران وتخسف في ارض الطابق الاول، وان سبب الاضرار الاساسي قدم العهد والعوامل الطبيعية خاصة ان البناء يعود الى اكثر من تسعين عاما وطريقة البناء القديمة حيث لا توجد اعمدة وجسور هذا فضلا عن نوعية المواد المستعملة من حجر رملي وطين، فيما لا توجد اصابات ناجمة عن الاحداث، واما سبب الاضرار الاضافي والمؤثر فهو طبيعة اشغال المأجور الذي يستعمل كفرن للمعجنات ولشوي “راس النيفا” لاسيما في ضوء وجود بيتين للنار وما ينجم عن ذلك من ارتفاع للحرارة وتسرب للدخان، كما تبين من التقرير ان البناء غير قابل للترميم فنيا وعمليا كونه متصدعا في هيكله الاساسي ومتردياً كليا، ولاستحالة البناء فوق القسم الامامي من الطابق الارضي ولو كان متماسكاً نسبيا قبل تدعيمه وغرس الاعمدة حوله، علما انه يتعذر وضع الاعمدة في الاراضي بشكل ملاصق للجدران من الخارج تفاديا للهدم كون البناء على حدود العقار تماما ومحاط بالطرق من الجهات الثلاث، ولا يمكن استثناء بناء العقد من عملية اعادة البناء كونه جزء اساس من الهيكل ويقع في القسم الاهم من العقار حيث واجهته الاساسية وعمليا لا يمكن الارتكاز عليه لتفسخه، واوضح الخبير بالنتيجة ان اعمال الترميم غير مجدية ويفترض الهدم واعادة البناء على اسس حديثة.
وحيث يتبين بالعودة الى تقرير الخبير عدنان السيد المنظم في 2003/11/18 انه يتضمن الطابقين الارضي والاول من البناء حيث المأجور تشققات وتصدعات كثيرة وكبيرة وان الطابق الارضي (حيث المأجور) ولو كان يبدو احسن حالا من الطابق الاول الا انه يعاني ايضا من مشاكل في الاساسات وفي هيكله الاساسي، وانه بالنظر لطبيعة البناء الانشائية فإنه لا بد من الكلام عن اعادة بناء وليس عن ترميم، وكذلك الامر بالنسبة للاساسات، اي ان البناء الحالي بشكل عام غير قابل للترميم هندسيا ويجب اخلاءه فورا من الشاغلين تقاديا للاضرار التي يمكن ان تحصل في حال سقوطه ويجب هدمه بالكامل بأقصى سرعة ممكنة.
وحيث ان الخبيرين قد اكدا على اقوالهما خلال الجلسة المخصصة لاستيضاحها خلال المحاكمة الابتدائية، حيث افاد الخبير عدنان السيد ان البناء غير قابل للترميم، وانه لم يشاهد اية اضرار ناتجة عن اعمال حربية في المأجور موضوع النزاع، كما اكد الخبير امان الدين ان الاضرار في المأجور ناجمة فقط عن عامل القدم وغير ممكن ان تكون ناتجة عن اعمال حربية سيما وانه لم يتبين له اصابة البناء بأية قذائف، وانه حتى في حال وجود قذائف في محيط البناء فهي لا يمكن ان تؤدي الى الاضرار الموجودة في البناء.
وحيث ان المحكمة ترى الاخذ بتقرير الخبيرين المذكورين كونهما نفذا تقريرهما وفقا للاصول، وعاينا المأجور والبناء بشكل دقيق ووصفاهما بصورة مفصلة وبنيا استنتاجاتهما على اسس علمية وفنية صحيحة، مما يقتضي معه الاخذ بمضمون تقريرهما لاسيما بالنظر لتقارب آرائهما وتطابق استنتاجاتهما، ان لناحية عدم قابلية البناء للترميم او لناحية نشوء الاضرار اللاحقة به سبب عامل الوقت والاستهلاك وليس بفعل الاعمال الحربية.
وحيث ان تحديد وضعية البناء من المسائل الفنية والتقنية والهندسية الصرفة التي يعود لاهل الخبرة دون سواهم القيام بها بعد اجراء الكشوفات والمعاينات اللازمة، لتمكين المحكمة من تحديد النتائج القانونية المترتبة على تلك الوضعية بعد تكييفها ووصفها.
وحيث انه من هذا المنطلق ليس من شأن المراسلات المتبادلة بين الفريقين والمفاوضات الجارية في ما بينهما او انشاء شركة مع إبن رئيس المجلس المستأنف عليه في حينها والذي لا يمثل هذا المجلس اصلا، او توقيع عقد اتفاق بتاريخ 2007/6/5 يكرس نية الفريقين في المشاركة في عقد الاجارة التي ينوي المستأنف ع. توقيعه والمتناول كامل العقار رقم 655 الصيفي موضوع الدعوى، وان تضمنت اشارة الى امكانية ترميم البناء واعادة تأجيره، ان تغير الواقع الذي استثتبه اهل الخبرة بموجب تقارير مفصلة ودقيقة ومتطابقة والتي رأت المحكمة تبنيها.
هذا وان استمرار المستأنفين في اشغال المأجور لمدة ثلاث سنوات بعد صدور قرار الاخلاء عن قاضي العجلة إنما لا ينفي بحد ذاته توقر خطر الانهيار هذا وان عدم حصول الانهيار لا يجعل البناء قابلا للترميم.
كذلك فإن الكتاب الصادر عن بلدية بيروت عام 2004 المتضمن وجوب ترميم واجهات البناء لا يؤخذ به كونه لم يتضمن تقريرا مفصلا عن واقع الحال ولا يدحض مضمون تقرير الخبيرين المشار اليهما.
وحيث طالما ثبت ان البناء لم يتعرض لاية اضرار ناجمة عن اعمال حربية، تمسى المادة /26/ التي تحيل الى احكام المرسوم الاشتراعي رقم 77/7 غير قابلة للتطبيق على النزاع الراهن.
وحيث انه ثبت بالمقابل ان الاضرار اللاحقة بالبناء موضوع النزاع ناتجة عن العوامل الطبيعية الصرفة المرتبطة بقدم العهد والاستهلاك ونوعية المواد المستعجلة وطريقة البناء، بحيث تكون المادة /562/ م.ع. هي الواجبة التطبيق على النزاع الراهن، مما يقتضي معه فسخ الاجارة دون ترتيب اي تعويض لاي من الطرفين، لعدم ثبوت ان ايا منهما ارتكب خطأ ادى الى هذا الهلاك.
وحيث كذلك فإن حالة المأجور تبين انها تتعلق بهلاكه وليس ترميمه او اصلاحه لعدم القابلية لذلك فلا محل لاعمال ما تضمنته قوانين الايجارات الاستثنائية لجهة احكام الصيانة والاصلاح، لاسيما وان هذه القوانين لم تأت على اي ذكر لحالة هلاك البناء وعدم امكانية ترميمه واصلاحه.
وحيث بثبوت هلاك المأجور فإنه لا يعود جائزا مطالبة المالك بترميمه كما لا يجوز مطالبته بإعادة بنائه، وهي امور تنفي محاولته التهرب من القيام بالاصلاحات كما ينفي تحايله على القانون بغية استرداد المأجور للهدم واعادة البناء دون تعويض، الامر الذي يعززه عدم قيامه بتشييد اي بناء جديد على الموقع بعد مرور خمس سنوات على اخلاء المأجور وفق ما ورد في تقرير الخبير مشموشي.
وحيث ان الحكم الابتدائي بوصوله الى هذه النتيجة يكون مستوجب التصديق للعلل الواردة فيه ولتلك الواردة في القرار الراهن.
وحيث بنتيجة الحل المساق، تغدو سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة مستوجبة الرد، إما لكونها لاقت ردا ضمنيا او لعدم تأثيرها على النزاع.
لذلك
تقرر بالاجماع:
1- قبول الاستئناف شكلا.
2- رد الاستئناف اساسا، وتصديق الحكم المستأنف برمته.
3- رد سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة.
4- مصادرة التأمين الاستئنافي، وتضمين المستأنفين الرسوم والنفقات القانونية.
قرارا صدر وافهم علنا في بيروت بتاريخ 2015/11/9.
“محكمة” – الأربعاء في 2025/2/5