أبحاث ودراسات

عدم صلاحية واختصاص قاضي العجلة بإخلاء مستأجر وتحديد مرور التسع سنوات/ أديب زخور

المحامي أديب زخور*:
إنّ القرار الصادر عن قاضي العجلة في المتن شوّه الوقائع والقانون عندما اعتبر أنّ محاكم البداية والاستئناف موحّدة على انطلاق القانون من 2014.
ونذكّر أنه صدرت عن غرفة الرئيس ايمن عويدات في بيروت مؤخراً العديد من القرارات ومنها قرار بتاريخ 2021/6/24 تحت رقم 2021/318، والتي اعتبرت انه لا تطبق المواد المتعارضة مع القانون 2014، وسريان القانون والزيادات وفقاً لقانون الايجارات هو من تاريخ نشر القانون رقم 2017/2 بتاريخ 2017/2/28، بالتالي التمديد للعام 2029 للمستفيدين من الصندوق و9 سنوات لغير المستفيدين اي للعام 2026، وفقاً للمواد 15 و59 و 60 من قانون الايجارات 2017/2 ولشرح مفصل، ونشره حضرة نقيب المحامين في بيروت الاستاذ ناضر كسبار في وقتها،
وقد صدرت احكام مبرمة بهذا الموضوع عن محكمة الاستئناف في جبل لبنان برئاسة القاضية ريما شبارو، بعد ابطال قانون الايجارات بمادتين وفقرة بشبه كلّي من المجلس الدستوري الذي طال 37 مادة تتعلق باللجان، وباتت ثابتة ومستقرة لجهة تطبيق القانون القديم 92/160 وعدم تطبيق القانون الايجارات الجديد 2014 بشكل صريح وواضح في تلك الفترة، بخاصة في دعاوى الاسترداد وبعدم رجعية قانون الايجارات وعدم قابلية القانون للتطبيق والتنفيذ في كل ما يتعلق بالمواد التي ابطلت ومنها امكانية تحديد التعويض وبدل المثل والزيادة على بدلات الايجار، والاهم هو التعليل الذي اعتمدته الرئيسة شبارو ومحكمتها في تلك الفترة من القانون 2014، كما تعليل رئيسة المحكمة القاضية ريما شبارو جاء معللاً ايضاً ومسهباً ونشر في “بحوث ودراسات قانونية لبنانية”، فالبت بالاحكام يجب ان يكون جازما وصارما وحازما لا ان يعلق على انشاء صندوق او حدوث ظرف تشريعي لم تتضح ولم تنضج اسبابه ومعطياته وشروط توافره. كما انه بتاريخ 2016/11/28 صدر قرار نهائي عن محكمة الاستئناف الايجارات في بعبدا غرفة الرئيسة ريما شبارو وحّدت فيه كافة الاحكام الصادرة في جبل لبنان ، بحيث اعتبرت انه لا يمكن باي شكل من الاشكال احلال القاضي مكان اللجنة والصندوق، ولا امكانية لتحديد بدل المثل او الايجاربعد ابطاله من المجلس الدستوري، وعلى ضرورة انتظار التعديل من المجلس النيابي،
وقد توحّدت حول انطلاق القانون ولو نظرياً من 2017/2/28 في اغلبية محاكم الايجارات بداية، ولدى غرف الاستئناف،
وفي مطلق الاحوال يعود البت بالنزاع في هذه المسألة وانطلاق المهل 9 و12 سنة الى محاكم الاساس لوجود نزاع جدّي بأساس الحق ويعود حصراً لمحاكم الاساس امر البت به ولا يعود الاختصاص والصلاحية لمحاكم العجلة، استناداً الى المادة 50 من قانون الايجارات 2017/2 التي اعطت محاكم الاساس صلاحية واختصاص شامل وامر البت بمطلق نزاع ناتج عن هذه العلاقة ، واولها امر البت بالمادة 15 من قانون الايجارات 2017/2، ومسألة تفسيرها بخاصة ان محاكم الاستئناف وبعكس ما اورده قاضي العجلة قررت بدء السنة التمديدية من الـ2017، ويكون قد شوّه الوقائع والقانون وتعرّض لاساس الحق وعرّض قراره للفسخ، والاهم أنه لا يمكن اصلاح الضرر اذا تمّ اخراج المستأجر من المأجور بعكس ما جاء في قرار قاضي العجلة ولو اعطاه صفة مؤقتة ظاهرياً، حيث نصّت المادة 50 بوضوح أنه ” يبقى قضاء العجلة في نطاق أحكام القانون العام صالحاً للنظر في القضايا الطارئة والمستعجلة التي لا يتصدى الفصل فيها إلى أساس النزاع” وإن الاحكام والاجتهادات ثابتة وتخرج عن اختصاصه وصلاحيته كأمر اثبات العلاقة التأجيرية ضمن شروط التنفيذ، يراجع محكمة استئناف جبل لبنان المدنية، المنشور في كتاب عفيف شمس الدين،مصنف الايجارات 1985 ص، 18 و19، ومجموعة اجتهادات شاهين حاتم جزء 27، ص.3، ويمتنع عليه ان يتصدى الى تفسير العقد او شروطه الخاصة، على سبيل المثال، يراجع محكمة استئناف جبل لبنان الناظرة بقضايا المستعجلة، القرار رقم 1974/201 ، المصنف في قضايا الايجارات 1985، ص 26. الياس ابو عيد الجزء 3، الوسيط النظري والعملي في قانون الايجارات، ص 414.
إنّ ذهاب قاضي العجلة بالقول بعدم تقديم المستأجر طلباً الى اللجان وفقاً للمادتين 8 و16 هو في غير موقعه لعدم انشاء اللجان وتأليفها ومباشرة عملها اصولاً مع الصندوق، ويتوجب ان يكون صدر قرار بالاستفادة من الصندوق وخيّر المستأجر بين ترك المأجور او اخذ تعويضه استناداً الى المادتين 16 و27 وهي غير قابلة للتطبيق، وعامة ان القرارارت الصادرة تطال اغلبها اشخاص كبار في العمر وبلا عمل، ولا يعلمون بوجود اللجان او الصندوق الذي لم ينشأ اصلاً،
بخاصة، انه كان من المفترض أن تنشأ اللجان وتباشر عملها خلال شهرين من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية في 2017/2/28 سنداً للمادة 7 منه، حيث تأخر مرسوم انشائها الى الـ 2019 ولم تؤلف وتبدأ عملها اصولاً حتى تاريخه ولم يتم ابلاغ المواطنين عن تأليفها وعملها، ونصّت المادة 3 على انشاء الحساب خلال 4 أشهر ولم يبصر النور حتى تاريخه ايضاً، وهي مرتبطة باللجان ولا يمكن عمل الواحدة دون الاخرى، واذا ارادت الحكومة واللجان ان تباشر عملها مع الصندوق بعد تمويله جدياً واصولاً مستقبلاً، فعليها اعلام المواطنين بتعديلات المهل والحقوق، ومباشرة عملها في الجريدة الرسمية، كما نصّ عليه القانون، مع التشديد على أن معظم المتقاضين والوكلاء المحامين لم يتم اعلامهم حتى تاريخه عن بدء العمل رسمياً لا باللجان ولا بالصندوق الذي لم يبصر النور يوماً،
اما إثارة مسألة ابطال المجلس الدستوري للجان في العام 2014، وأثرها على القانون 2014 و2017،
فلن نتطرق الى مواد المجلس الدستوري وقرارته التي لا تقبل الاستئناف او التفسير او التأويل ولا اعطاءها مفعولاً تنفيذياً بعد ابطالها للجان الموجودة في اغلبية مواد القانون، وقد توسعنا في شرحها مراراً، وعدم امكانية اعطاء اللجان قوة تنفيذية وهي متصلة بمعظم مواد قانون الايجارات السكنية 37 والصندوق الذي لم ير النور يوماً، ونشير الى رئيسة هيئة التشريع والاستشارات القاضية ماري دنيز معوشي التي أكدت في استشارتها رقم 2014/762 تاريخ 2014/10/15 بناء على طلب وزير العدل اللواء أشرف ريفي واعلم المواطنين بتعليق مواد القانون 2014، بمحتوى الاستشارة أن قانون الايجارت غير قابل للتطبيق في كل ما يتعلق بالمواد التي ابطلت وعلى عدم امكانية احلال المحاكم مكان اللجنة، وارست قاعدة عدم قابلية المواد المتصلة بالمواد التي ابطلها المجلس الدستوري للتطبيق واقلّه في الابنية السكنية من المواد 3 الى 37 ،(يراجع قرار هيئة التشريع والاستشارات في العدل 2014 الجزء 4 ص 1926).
واعلن بوقتها وزير العدل اشرف ريفي للمواطنين عدم قابلية قانون الايجارات للتطبيق اقلّه في الاماكن السكنية.
كما جرى افراغ الصندوق بموجب المرسوم رقم 2022/8836، من العام 2017 الى 2022 من الحكومة، وهذا تأكيد على شرح المادة 15 الصريحة وسريان التمديد من 2017، ومع الغاء اي تمويل للحساب اصبح القانون غير قابل للتطبيق بشكل كلّي، بخاصة ان المادة 58 علّقت عمل اللجان ومعظم احكام القانون لحين انشاء الصندوق ودخوله حيّز التنفيذ اي الدفع الفعلي، واثباتاً على تنفيذ القانون استناداً الى القانون 2017/2، تمويلاً والغاءً، كما نذكّر بقرارات الرئيسة شبارو المذكورة اعلاه،
كما نذكّر على سبيل المثال لا الحصر أنّه بتاريخ 2016/10/27 صدر عن قاضي الايجارات في بيروت الرئيسة عبدالله، حكم قضى بشكل واضح بعدم امكانية تطبيق واحتساب الزيادات المنصوص عليها في قانون الايجارات لأنّ آلية تطبيق الزيادة معطلّة، وقد جاء في الحكم ان” مساهمة الصندوق في حالة تطبيق الزيادات هي مساهمة رئيسية اذ ان آلية تطبيق هذه الزيادات تكون معطلة طالما لم يتم انشاء هذا الصندوق وتنظيم الهيكلية القانونية له وفق الاصول كون الغاية منه هي تأمين الحد الادنى من التقديمات للمستأجرين ذوي الخل المحدود الذين يستفيدون من تقديماته”، كما في قرارات عديدة ردّت طلب الاستفادة من الصندوق كون اللجنة ابطلت في المجلس الدستوري والصندوق لم يتم انشاؤه ولا يوجد له هيكلية مع اللجان وردت طلب الاستفادة من الصندوق لعدم انشائه ويحول دون امكانية البت بمدى استفادة المدعية منه، والحقوق عند قيامها تبقى محمية قانونا ولا داع لتدوين اي شيء، وعدم امكانية تحديد بدل المثل لعدم وجود آلية تطبيق هذه الزيادات وتكون معطلة طالما لم يتم انشاء هذا الصندوق ، اي ان حقوق المستأجرين محمية ومصانة بقوة القانون حتى ولو لم يتم تقديم الطلبات اليها في ظلّ غيابها،
علماً أن قرارات محاكم التمييز واضحة لجهة اعتبار قانون الايجارات وحدة لا تتجزأ حيث اعتبرت محكمة التمييز المدنية الغرفة الاولى برئاسة القاضي حبيب حدثي والمستشارتين تيريز علاّوي وروزين غنطوس بقرارها الصادر بتاريخ 2013/12/30 ،” أن قانون 92/160 يشكل وحدة متكاملة في أحكامه الموضوعية والاجرائية غير قابلة للتجزئة فلا يصح عند خضوع اساس النزاع له ان تطبق عليه الاجراءات العامة”، وصولاً لعدم تطبيق قانون الموجبات والعقود عند الفراغ القانوني،
وبالتالي يتوجب على القضاء أن يتحقق بطريقة اولية وطارئة اولاً من امكانية تقديم الطلبات بعد مرور الزمن على المهل وسقوط الحقوق مع تأخر انشاء اللجان والصندوق واستحالة تمويله دون خطأ المستأجر،
فعندما نصّ القانون على انشاء اللجان والصندوق وأوجدها المشترع في كافة مواد قانون الايجارات السكني 37، فلا يمكن تطبيق القانون بانتقائية ودون التأكد من انشائها وعملها وتمويل الصندوق والحساب، ولا يمكن بأي طريقة انهاء عقود الايجارات سواء من 2014 او 2017، دون ايجاد اللجان والحساب وتمويلها واعادة صياغة المهل والحقوق، بخاصة أنها تدخل ضمن الوحدة المتكاملة في أحكام قانون الايجارات الموضوعية والاجرائية وهي غير قابلة للتجزئة الموضوعة والمتكاملة مع باقي أحكام قانون الايجارات، حيث تتواجد في كافة مواد القانون غير السكني من المادة الاولى الى المادة 37، ولا يمكن استبدالها بقاضي الايجارات، ولا الحكم بمرور السنوات التمديدية دون وجود الحساب واللجان، ويجب على محاكم الاساس لا العجلة التحقق من انشاء اللجان خلال شهرين والحساب خلال 4 أشهر من تاريخ نشر القانون وفقاً للمادتين 3و7 من قانون الايجارات 2017/2 تاريخ 2017/2/28، اي في مهلة اقصاها 2017/4/28 للأولى و 2017/6/28 للثانية، ولا يمكن التأخر يوما واحداً على بدئها والاّ انعدمت معها تطبيق المواد اللاحقة المرتبطة بها، بخاصة إن المهل كما الحقوق المرتبطة بها هي مهل منصوص عليها تحت طائلة اسقاط الحقوق،
ومن هنا يتوجب على قضاة الاساس وقضاة العجلة، معرفة تأثير المواد 3 و7 و8 و16 و27 و58 وما يليها على سريان القانون وتعليقه سواء من العام 2014 او 2017، وبخاصة معرفة طبيعة المهل المسقطة للحقوق وتأثيرها على الحقوق وعلى سريان المهل،
فقد صدرت استناداً الى المادة 58 من القانون 2017/2، وهي مادة مستحدثة، مئات القرارات عن مختلف المحاكم بداية واستئنافاً علّقت معها معظم مواد القانون 37 واجراءات المحاكمة وربطتها بإنشاء الحساب ودخوله حيّز التنفيذ اي التمويل الجدّي وأن يبدأ بالدفع الفعلي، وعلى القضاء ايقاف الاجراءات قبل البحث في الاساس،
واوضحت المادة 15 منه على بدء المهل من تاريخ نشر القانون اي في 2017/2/28 وألغت المادة 59 منه المواد السابقة المخالفة، ويتوجب الالتزام بالشرح الحرفي ولا يمكن التوسع في شرحها، وقد صدرت عشرات القرارات بتعليق الاجراءات استناداً الى المادة 58،
وهذه نصوص صريحة لتكريس عدم عشوائية تنفيذ القانون أو القفز فوق بعض المواد لإنهاء مفعول القانون أو إنهاء مهله بشكل مخالف لمواده الواضحة، ودون تنفيذ أغلبية المواد 17 الجديدة منه والتي تضمن مع باقي مواده للمستأجر حقوقه وتعويضاته، ومنها حق الافضلية بالشراء والتملك، والاستقراض من مصرف ومؤسسة الاسكان والتي لم تنفذ، واخذ التعويضات وممارسة حقه باختيار التعويضات من الصندوق استناداً الى المادة 27 من قانون 2017/2 او الترك طوعاً مع اخذ مجموع المساهمة وحقه في مجموع التعويضات مع الاسترداد للضرورة العائلية وهذه الحقوق كلّها لم تنفّذ، اضافة الى عشرات الحالات والمواد التي لا يمكن ممارستها واستحالة تطبيقها بعد افراغ الصندوق بموجب المرسوم رقم 2022/8836، من العام 2017 الى 2022 من الحكومة.
* رئيس تجمّع الحقوقيين للطعن وتعديل قانون الإيجارات.
“محكمة” – الخميس في 2025/2/6

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!