مقالات

غادة عون أحببناها أم كرهناها!

لا شك ان النائب العام في جبل لبنان الأستاذة غادة عون سوف تترك فراغاً كبيراً. وهي التي ملأت الدنيا وشغلت الناس*.
كانت رفيقة كل مظلوم ومؤرقة كل ظالم على امتداد سنوات غير يسيرة من الزمن ترافقهم في اتراحهم وافراحهم. كانت شاغلة الحكام لا سيما من فئة الطامحين لاسترضاء أصحاب النفوذ وارباب الصيد في المياه وأصحاب المصالح المبنية على معاناة المواطنين.
كانت اسطورة القضاء الجزائي اللبناني وحبيبة المناصرين الذين طالما اصطفوا على جوانب الطرقات هاتفين لها في مشهد لم يعهده بتاتاً القضاء العدلي ولا سيما بزمن طقّ فيه حبل الخجل وفي زمن البعض من الحكام ممن فارقهم الخجل وتخلت عنهم الإنسانية وانبعثت روائحهم الكريهة وملأت طوابير فسادهم من سرقات ودائع الناس وسرقات الدوائر الحكومية بشكل واضح ومفضوح لم تنفع معهم مسرحيات المحاسبة المنتهية بإعادة الموظفين المرتكبين لأماكن عملهم تحت ذرائع وحجج واهية ليس اقلها سد الفراغ واستئناف العمل.
غادة عون من طينة فريدة بحثنا عنها في مختلف المراجع والشخصيات العامة والخاصة لم نجد ولن نجد لها مثيلاً او شبيهاً. أحبّت عملها واندمجت فيه حتى الانصهار، فكانت الحكم وكانت او لعلها سعت في مرات عديدة وبحكم عملها كادعاء عام ان تكون تارة المدعية ليس العامة فحسب، بل الخاصة أيضاً، لا سيما بقضايا شغلت الناس وارهبتهم وسرقت منهم جنى العمر واحلامهم التي باتت بهذه الدولة كوابيس بكل ما في الكلمة من معنى.
وكانت أيضاً، غادة عون الضحية بحكم سعيها الدائم والمستمر لإحقاق الحق والوصول للعدالة ببلد افتقد أو يكاد للعدل.
وللأسف غادة عون لن تجد لها مثيلاً ولا بديلاً. ستبقى هي الرمز سواء أحببناها أم كرهناها. كانت وستظل مثالاً للعدالة والإنسانية.
عون راجعة هذه المرّة، ولكن لكنيسة لم تغادرها ولربّ كان وسيبقى معها بكل مراحل حياتها.
ليحفظك الرب غادة عون.
غادة عون راجعة …. لكنيسة لم تغادرها.
* نشرت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي غادة هذه المقالة على صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي وكتبت تحتها: “رسالة عزيزة جدّاً من قاض زميل عزيز جدّاً”، مع التذكير بأنّ القاضي عون تحال على التقاعد في الأوّل من شهر آذار 2025 لبوغها السنّ.
“محكمة” – الاثنين في 2025/2/24

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!