مستقبل شباب وشابات لبنان: تحديات وآمال/أنطونيو الهاشم
أنطونيو الهاشم (نقيب المحامين سابقاً):
يواجه الشباب اللبناني اليوم تحديات كبيرة تعيق طموحاتهم وتطلعاتهم نحو مستقبل مستقر ومزدهر. فقد أدى الوضع الاقتصادي المتدهور، والاضطرابات السياسية، وارتفاع معدلات البطالة والهجرة، إلى خلق حالة من الإحباط لدى الكثيرين. ومع ذلك، فإن إرادة الشباب اللبناني في التغيير والإبداع تبقى قوة لا يستهان بها، ما يجعل مستقبلهم مفتوحًا على العديد من الاحتمالات.
يعاني لبنان من أزمة اقتصادية غير مسبوقة أدت إلى تراجع قيمة العملة الوطنية، وارتفاع الأسعار، وتآكل القدرة الشرائية. هذه الأزمة أثرت بشدة على فرص العمل، حيث يجد الشباب صعوبة في تأمين وظائف برواتب تكفي لتأمين احتياجاتهم الأساسية.
بسبب قلة الفرص في الداخل، يلجأ العديد من الشباب والشابات إلى الهجرة بحثًا عن مستقبل أفضل، سواء إلى الدول الخليجية أو الأوروبية أو الأمريكية. هذه الظاهرة تؤدي إلى استنزاف الطاقات الشبابية والعقول المبدعة، مما يشكل تحديًا كبيرًا أمام نهضة لبنان.
يؤثر عدم الاستقرار السياسي، وانتشار الفساد، وضعف مؤسسات الدولة، على قدرة الشباب على تحقيق طموحاتهم في بلدهم. فالكثيرون يشعرون بأنهم لا يملكون القوة اللازمة لإحداث تغيير حقيقي في ظل سيطرة الطبقة السياسية التقليدية.
يعاني النظام التعليمي في لبنان من مشاكل عديدة، مثل قلة التمويل، وارتفاع كلفة التعليم، وغياب المواءمة بين متخرجي التعليم وسوق العمل. كما أن فرص التدريب والتطوير المهني محدودة، ما يجعل الشباب غير مستعدين بشكل كافٍ لدخول سوق العمل.
آفاق المستقبل: هل هناك أمل؟
رغم هذه التحديات، هناك بوادر أمل يمكن البناء عليها لخلق مستقبل أفضل لشباب وشابات لبنان:
أصبح العديد من الشباب يتجهون نحو تأسيس مشاريعهم الخاصة، خصوصًا في مجالات التكنولوجيا، والتجارة الإلكترونية، والبيئة، والطاقة المتجددة. المبادرات الشبابية بدأت تشكل فرصة لتجاوز الأزمة الاقتصادية والاعتماد على الذات بدلًا من انتظار الحلول الحكومية.
أثبتت الانتفاضات الشعبية أن الشباب اللبناني لديه وعي سياسي واجتماعي عالٍ، وهو قادر على الضغط من أجل تغيير حقيقي. استمرار هذا الزخم يمكن أن يساهم في إحداث إصلاحات تدعم حقوق الشباب وتفتح لهم آفاقًا جديدة داخل الوطن.
مع تطور التكنولوجيا، أصبح بالإمكان العمل عن بُعد في مجالات مثل البرمجة، والتسويق الرقمي، والتصميم، مما يتيح للشباب البقاء في لبنان والاستفادة من فرص العمل العالمية دون الحاجة للهجرة.
يمكن للبنان الاستفادة من خبرات ودعم المغتربين اللبنانيين الذين نجحوا في الخارج، عبر تعزيز التعاون معهم لإنشاء مشاريع استثمارية داخل البلد، أو تقديم منح وفرص تدريبية للشباب.
مستقبل شباب وشابات لبنان يعتمد على قدرتهم على التكيف مع التحديات والبحث عن حلول مبتكرة لمشاكلهم. وعلى الرغم من العقبات الكبيرة، فإن الإصرار والطموح الذي يتمتع به الشباب اللبناني يشكلان مفتاح الأمل لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا. تحقيق هذا المستقبل يتطلب دعمًا من الحكومة، والمجتمع المدني، والمغتربين، بالإضافة إلى إيمان الشباب أنفسهم بقدرتهم على التغيير.
هذه هي المعجزة اللبنانية (le miracle libanais).
“محكمة” – الأحد في 2025/3/2