واقع إتحاد المحامين العرب متأزّم جدّاً(1/5)
كتب المحامي عمر زين*:
يمرّ إتحاد المحامين العرب بحالة من التعثّر وعدم الفعاليّة والإنتاجيّة لا على الصعيد المهني فقط، بل على الصعيدين الوطني والقومي، نتيجة التصرّفات والأعمال المخالفة لأنظمته الأساسية والداخلية والمالية، التي هي بحاجة لتطوير وتحديث يؤدّي إلى رفع شأن المحاماة العربية مهنياً، ونقابياً وإلى دور رائد في قضايا وهموم الأمّة.
عند كلّ طلوع شمس، ومع الأسف الشديد، تحصل مخالفات وتصرّفات بدون أيّ رقيب أو مساءلة، أو محاسبة، وتتفاقم الأمور حتّى أصبح الإتحاد موقعاً لإطلاق تسميات(ألقاب) توزّع هنا وهناك (كالتي كان يوزّعها الحاكم التركي في البلاد العربية التي وجد فيها)، بدون تحديد أيّ عمل، أو مهمّة، أو مسؤولية لأيّ عضو من هؤلاء.
وأبرز هذه التجاوزات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، هي:
أوّلاً: إنّ القانون الأساسي والنظامين الداخلي والمالي غير موثّقين لدى أيّة جهة رسمية، وبالتالي يتوفّر فرصة دائمة لتغيير نصوصهما حذفاً وإضافة وتعديلاً وفق مصالح معيّنة شخصية كانت أم نقابية تخصّ نقابة دون غيرها، وهذا ما دعانا عند بدء ولايتنا كأمين عام أن نطلب من سعادة الأمين العام السابق الأستاذ إبراهيم السملالي توقيع ثلاث نسخ منها تمّ حفظها منعاً لأيّ تصرّف في نصوصها، وقد تمّ توزيع هذه الأنظمة الموقّعة من جميع النقابات والأعضاء وكي يرجع إليها دائما وفي كلّ الإجتماعات حتّى لا يصدر كلام مخالف لما هو منصوص عليه، حيث يؤثّر ذلك عند اتخاذ القرارات المهنية والقومية، وهذا ما يحصل حالياً لعدم الرجوع إلى هذه النصوص التي تمّ التوقيع عليها، وبالتالي تغلب وجهة نظر على أخرى بطريقة غير قانونية، وغير صحيحة، وغير نظامية.
ثانياً: حصول دعوات من غير ذي صفة، أي من رئيس الإتحاد الذي لا نصّ على أيّة صلاحية له في أنظمة الاتحاد، يُعترض عليها ولا تسجّل الإعتراضات، ولم يتخذ بشأن ذلك موقف حاسم وصارم تجاه هذا الأمر بحيث تغتصب الصلاحيات، ليس في الإجتماعات الدورية، بل كلّ لحظة.
ثالثاً: من التجاوزات والمخالفات للأنظمة المعمول بها هو زيادة أعضاء منضمّين لنقابة محامي مصر ودون تعديل القانون الأساسي حيث إنّ عدد كلّ نقابة محدّد لها سقف في القانون الأساسي والنظام الداخلي لا يتجاوز(11) عضواً فتمّ زيادة (5) أعضاء جدد دون وجه حقّ، ودون أيّ تعديل للأنظمة بالنسبة لعدد الأعضاء المنضمّين لنقابة مصر، ويعني ذلك خللاً فاضحاً قي أصوات المكتب الدائم، وبالتالي طغيان نقابة لتصبح أصواتها أكثر من أصوات أربع أو خمس نقابات، وهذا أمر مرفوض وغير مقبول، وهنا أصبح من الضروري جدّاً تعديل الأنظمة ليكون تمثيل كلّ النقابات بالتساوي حفظاً للتوازن.
وأكثر من ذلك، فإنّ التساؤل عن هذا الأمر يجابه بوقائع غير صحيحة وغير ثابتة بأنّ هناك تعديلاً إلاّ أنّ الصحيح أنّه لم يحصل أيّ تعديل قانوني ونظامي منذ أكثر من خمس عشر سنة.
رابعاً: ينصّ كلّ من النظامين الأساسي والداخلي على أنّ عدد الأمناء العامين المساعدين هو إثنان فقط، الأمين العام المساعد لدولة المقرّ، والأمين العام المساعد للشؤون المالية، والواقع اليوم تخطّى عدد الأمناء المساعدين العشرين أميناً عاماً مساعداً وأصبح الأمر يثير الإستهجان لدى كلّ الجهات الرسمية والاتحادية والنقابية الإقليمية والدولية إذ لا يوجد في العالم مثل هذا العدد من الأمناء المساعدين لأمين عام أيّة منظّمة.
وهذا الأمر أوجد حالة من الضياع وعدم المسؤولية وعدم الجدّية في العمل.
أليس ما تقدّم يستدعي تحرّكاً إصلاحياً تغييرياً يحافظ على تاريخ الاتحاد ودوره الرائد؟ وهذا التحرّك لا يمكن قيامه ونجاحه إلاّ بعقد مؤتمر تأسيسي من النقابات ممثّلة بنقبائها وممثّلي نقاباتها فقط دون الأعضاء الآخرين لأسباب نفصّلها لاحقاً.
*الأمين العام لاتحاد المحامين العرب(سابقاً).
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 17- أيّار 2017).