خاص”محكمة”: فضيحة في لبنان.. أبناء يُسجَلّون على قيود من ليسوا آباءهم/نادين خزعل
كتبت نادين خزعل:
تزوّجت السيّدة م. ع. من ح. ن. وأنجبت طفلاً أسمته محمّداً، وكالكثير من العائلات التي تواجه مشاكل أسرية تفاقمت الخلافات بين الزوجين فكان أن اختارا أبغض الحلال عند الله . تطلّقا. بقي محمّد مع والده، وسافرت الأمّ إلى البحرين حيث تقطن شقيقتها مع زوجها.
في ذلك البلد، تعرّفت م.ع. إلى شخص بحريني وجدت فيه مواصفات الشريك المثاليّ، أغدق عليها الحبّ والوعد بحياة جديدة، فكان أن قرّرت الزواج به.
بعد فترة قصيرة من ارتباطها، إكتشفت م.ع. أنّ زوجها مطلوب للقضاء البحريني بموجب عدّة مذكّرات، وبأنّه مرتكب لعدّة جرائم..ألقت السلطات البحرينية القبض عليه وحكمت عليه بتجريده من الجنسية.
م.ع. أرادت الإبتعاد عن كلّ هذه المشاكل فطلّقته، وعادت إلى لبنان.
هنا إكتشفت أنّها حامل.
حامل بطفل أبوه مجرّد من الجنسية.
وُلد الطفل في لبنان، ولا تملك والدته سوى وثيقة زواج لا تكفي لتسجيل الطفل.
بعد فترة، عاد زوج م.ع. الأوّل عن طلاقه بها وتزوّجها من جديد..عادت إلى كنف زوجها بطفل ليس مسجّلاً ولا يملك أوراقاً ثبوتية.
ح. ن. كان شهماً، أعاد احتضان زوجته وقرّر أن يكون أباً لإبنها من زواجها الثاني وقرّر أن يسجّل الطفل أمجد على اسمه لئلاّ يحمل الطفل وصمة “مكتوم القيد” لجرم لم يقترفه، ولذنب لا يعدو كون والده محكوماً بتجريده من الجنسية.
وبدأ الزوجان رحلة إنجاز المعاملات الرسمية لتسجيل أمجد البالغ من العمر سنتين ونصف.. فكان أن اصطدما بوجوب إجراء فحص الحمض النووي (DNA) في حال لم يتمّ تسجيل المولود خلال فترة سنة من ولادته.
وبين المحاكم المدنية والمحاكم الشرعية ودفع مبالغ مالية وصلت إلى ستّة آلاف دولار لتسريع التسجيل، تتابعت فصول القضيّة.
فما هو الحلّ وأمجد قد بلغ السنتين والنصف من العمر؟ وسريعاً تمّ التوصّل إليه عبر إجراء فحص الحمض النووي (DNA) أجري لمحمّد الإبن الحقيقي لهما عوضاً عن أمجد أخيه من أمّه… إذن نتائج الفحص كانت على الأوراق لأمجد بينما هي في الحقيقة لشقيقه محمّد، وهو الحلّ الأمثل برأي المبتكرين.
هكذا، بكلّ بساطة وبمؤامرة دنيئة تمّ نَسْبُ الطفل إلى شخص ليس أباه وليس من صلبه ومن ذرّيته.
جريمة تزوير نسب مشرّعة بطريقة أو بأخرى من القانون وموعز بها من قبل رجل دين أوحى للأهل بهذه الفكرة.
إنّ هذه القضيّة تفتح الباب على مصراعيه على قضيّة تزوير الأنساب، إذ تبيّن لـ“محكمة” أنّ هناك المئات من الحالات التي شهدت حلولاً مماثلة في أروقة المحاكم لا سيّما في صفوف النازحين السوريين الذين غالباً ما تحمل الزوجة بطفل ويموت الزوج في سوريا، أو يهرب، أو يكون ملاحقاً قضائياً، فتطلّق الزوجة من زوجها، وترتبط بشخص ثانٍ يتمّ تسجيل الطفل على اسمه.
فهل سنشهد مجتمعاً جديداً مختلط الأنساب؟! وهل ينمو جيل غير معروف الأب الحقيقي لأبنائه؟! وأيّ تبعات أخلاقية وثقافية واجتماعية ستترتّب على هذه الفوضى في موضوع بالغ الأهمية كالنَسَب؟
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 27 – آذار 2018 – السنة الثالثة)